الأستاذ هاني نسيره يهرب من مآسي الأقباط الحالية
وبيسرح
بينا بحكايات خالته أم صليب
بقلم الدكتور صبري فوزي جوهره
نشر الأستاذ هاني نسيره ، الذي قدم نفسه ككاتب وإعلامي مصري ،
مقالاً في جريدة إيلاف الإلكترونية
بتاريخ 23/09/2005 تحت عنوان "التطرف القبطي ومؤتمر الكونجرس
المرتقب!" ولم ينس الكاتب الفاضل أن ينهي عنوان مقالته بعلامة
تعجب (exclamation
mark) .
جاء حديث الأستاذ نسيره سم زعاف مغلف بطبقة رقيقة من السكر يغري
الضحايا بابتلاعه وحاول فيه تغطية ظلمه للأقباط بالادعاء أن بعض
قراءه يعتقدون أنه قبطي من كثرة كتاباته عن الأدب
القبطي . فهو إذن ينوه عن إعجابه
وربما – لا مؤاخذه – حبه للأقباط بينما هو كما سأحاول أن أوضح
يفعل ويقصد العكس تماماً .
كتب الأستاذ هاني موضوع إنشاء لا بأس بأسلوبه وأن جاء لا يعبر
مطلقاً عن الواقع الذي يعـلمه الجميع . ومن هنا كان التشبيه
بمواضيع الإنشاء التي كنا نكتبها في المدارس الإعدادية والثانوية
عن انتصارات ثورة 1952 والضباط الأحرار وكيف أننا سنقضي على
إسرائيل في كام ساعة لو سابونا
عليها (وكأن كان حد ماسكنا) إلي آخر هذا الهرج الذي كان ومازال
مضحكة العالم . كلام فارغ ناتج عن جماجم مفرغه تماماً من كل
محتوياتها .
بدأ الأستاذ هاني مقاله الرصين بالهجوم على أقباط المهجر في شخص
المهندس عدلي ابادير ، لأنهم سيعقدون مؤتمراً في واشنطن ادعى
أنهم سيطلبون فيه "الحماية الدولية" . ثم تمادى بعد ذلك بالإيحاء
بأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان عند النظر لأحوال الأقباط في
مصر . بل أنهم – أي الأقباط – تصوروا – هم الذين أفتروا وتجبروا
وتطاولوا على الإسلام والوجود الإسلامي في مصر ويريدون لها أن
تتخلص منه تماماً . وهنا يذكرني
الأستاذ هاني بالنكتة القديمة التي تقال عن شخص
غلبان تشاجر مع فتوة ، وبعد أن
أنقذه أهل الخير وقف وقال : "لو ما كانوش
شالوه من فوقي كنت موته"!
ادعى كاتبنا الموقر أنه يرفض التطرف من المسلمين والأقباط على
السواء . وهذا أمر نبيل لا غبار عليه ولا يؤاخذه عليه منصف .
ولكنه استطرد الحديث بما يشير إلي أن المطالبة بالمساواة بين
أبناء الوطن الواحد هي تطرف وأن قبول الظلم والمهانة هي الوطنية
بعينيها .
جاءت مهاترات غريبة في المقال وحديث عن شيخ يدعى محمد منصور تحول
من الإسلام إلي المسيحية عام 1918 وماحدش
قتله ، وعن شعبية مكرم عبيد باشا وكيف أن ناخبي دائرته فضلوه عن
منافسه المسلم في انتخابات جرت منذ أكثر من ستين عاماً . كلها
أحداث عظام وقعت في الأيام الخوالي .
ولكن كاتبنا الرصين لم يستطع ولم يجرؤ أن يتحفنا برقم واحد أو
حقيقة مفردة في أيامنا المهببه
دي يطمئن فيها نفسه ويطمئننا جميعاً
أن أحوال الأقباط ما زالت على ما يرام في أرضهم وأرض أجدادهم .
وبهذا يكون الأستاذ هاني قد ارتكب نقيصة الخداع ، والخداع كذب ،
والكذب معصية . كل هذا علشان إيه ؟
لأنه يريد للأحوال أن تستمر على ما هي عليه ويستمر الاضطهاد
للأقباط ومعاناتهم في وطنهم بدون سبب
مقبول . الأستاذ هاني يدافع عن جريمة لا مبرر لها . فلا عجب أن
يكون دفاعه مبنياً على الخداع والكذب
والنفاق . لم يفطن الأستاذ هاني إن إتباعه لأسلوب الخداع
أنما هو أثبات قوي لعكس ما يحاول إثباته . فتش في دفاتره القديمة
وطلع بحكاية ولكن فشل تماماً أن يسوق لنا مثلاً واحداً عما يدعيه
حدث في زماننا هذا .
الأستاذ هاني يتهم الأقباط بالتطرف ويبني حجته على الكذب والخداع
. يحدثنا عن محبته واحترامه للمرحومة خالته أم صليب صديقة
المغفور لها جدته ولا ينبس ببنت شفه عن مأساة الكشح (2) .
ويهجص عن انتخاب مكرم عبيد باشا في
الأربعينات من القرن الماضي وكيفية حصوله على مقعد في مجلس
النواب وما يقولش حرف واحد على
مأساة طرد النائب المسيحي المنتخب أخيراً رامي لكح وطرده وهو
يمثل 3/1 الأعضاء المسيحيين في المجلس الموقر . وكيف أن أخوانه
في المجلس إياه فضلوا وراه لغاية ما
طفشوه مش بس من المجلس بل من مصر
بحالها ! وغير ذلك من الكلام الفارغ والمنطق المعوج السقيم .
نعم ، كانت هناك أيام يعيش الأقباط في مصر فيها تحت ظروف أفضل يا
سيد هاني ولكنها مضت وأنفضت وراحت
عليها . وما يفعله ما تسميه سيادتك بالأقباط المتطرفين الآن هو
محاول لاستعادة الأيام التي تتغنى سيادتك بأمجادها حتى لو كنت مش
واخد بالك .
يؤيد الأستاذ هاني السياسي القبطي جورج أسحق لرفضه الاستبداد .
وهل هناك استبداداً أعظم من أن يمنع القبطي من بناء
كنيسة إلا بعد استيفاء شروط اعجازية
يوافق بعدها رئيس الدولة ثم إذا جاءت مرحلة التنفيذ تتوقف لأن
غفير مسلم قد اعترض لأن الكنيسة – اسم الله عليه - ستؤذي شعوره
المرهف ! استبداد فرد واحد يمكن أن ينفي حقوق الأقباط في وطنهم .
ابقى والنبي تفكر الأستاذ جورج أسحق
أنه يقضي على الاستبداد في بناء الكنائس كمان .
يذكر الأستاذ هاني أن الأقباط يقابلون تكاثر "المعاهد الدينية"
(الإسلامية طبعاً) بالهلع الشديد والمعارضة . ولم يقل لنا لماذا
الهلع بل حاول أن يصور الأمر على أنه تعصب وتجبر من
الأقباط . أما الحقيقة التي يعلمها
الجميع هي أن هذه المعاهد الممولة بضرائب الأقباط كثيراً ما تكون
بؤر تولد الفكر المتطرف وكراهية ضدهم .
فليس اعتراض الأقباط عليها لكونها معاهد محترمة تعلم الإنسان
المسلم الفضيلة وتجعل منه مواطناًً صالحاً ،
وليس داعية للوهابية المقيتة التي أصبحت موضوع خوف وازدراء
العالم بأسره . هذه المعاهد يا مولانا هي التي تقول للمسلم اليوم
أن لا ينتخب أمثال مكرم عبيد باشا لأنهم أقباط وينتخبوا
منافسيهم مهما فسدوا لأنهم مسلمين وهذا يكفي .
مقال الأستاذ هاني إذن هو كما قلت سم زعاف مغلف بكساء رقيق جداً
من السكر ، حاول فيه تبرير الاستمرار في اضطهاد الأقباط بينما
تظاهر بمسلك البطل المدافع عن المساواة بين كل أبناء مصر . وقد
أرتكب الأستاذ هاني خطأين كبيرين فيما كتب . ولقد كشفت الحقيقتين
التاليتين سوء نية الكاتب :
1
. اعتمد في حجته على وقائع قديمة لا وجود لها في عصرنا
هذا . وهذا كذب . والحجة الكاذبة
أنما هي فاشلة وفاسدة لا يلجأ إليها من كان الحق في جانبه .
فللحق وجود فعلي لا يحتاج إلي إثبات بل ربما إلي من يفتح العيون
والعقول إلي وجوده وهذا ما يحاول "الأقباط المتطرفون" فعله ليرى
العالم بأسره الحقيقة ويعقلها- ثم يتركون له حسن التصرف بما
يمليه عليه الضمير – لا استعداء على مصر ولا
ديالو .
2
. لجأ الأستاذ هاني إلي الخداع في حديثه والخداع كذب ، والكذب
خطيئة . فإذا كان الكذب على الآخر خطيئة يمكن للضحايا أن يغفروها
لمرتكبيها ، إلا أن خداع النفس هي الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر
.
وفي ختام المقال "لسن" الأستاذ هاني على المشتركين في مؤتمر
واشنطن القادم واصفاً إياهم بأنهم كالباحثين عن قطعة
تورته من هنا ومن هناك . وأنا أقول
لفضيلته أن التورته يا مولانا
معمولة من الدقيق والدقيق الذي يسد جوع سيادتك مرسل من الفائض في
واشنطن ، فنحن هنا في بلاد العم سام
المبروكه لا نبحث عن قطعة تورته
من هنا أو هناك بل نرسل لكم الزائد عن احتياجنا ولا نبحث عنها في
صفائح الزبالة كما يفعل البعض .
يا
أستاذ هاني نحن – الأقباط الذين تدعي بأنهم متطرفون – نترك أسرنا
وأعمالنا وننفق المال والجهد والوقت ليس بحثاً عن
حتة تورته
كما تدعي ، أنما نفعل ذلك ، ويشترك معنا بعض المسلمين العقلاء
الشرفاء في هذا المؤتمر ومن المشتركين المسلمين من هو محط احترام
العالم بأسره . فهل ما زلت تعتقد أننا نبحث
عن الشهرة ؟ حرام عليك !
ثم
ما هو تعريف فضيلتك للشهره ؟ هل
شهرة فيفي عبده هي الغاية التي تصبو
إليها النفوس وتلهث لها الأنفاس ؟ ابقى
والنبي قل لنا علشان ما
ندورش على شهره
تانية غيرها ما
تكونش على مزاجك أو خارج مفهوم أو
تعريف سيادتك الموسوعي .
يا
أستاذ هاني ، سيادتك تعمدت الخداع وده عيب قوي
هتشد عليه خالتك أم صليب التي تحبها
جدتك ودانك.
أما الأمر الآخر فهو أنك كذبت وللأسف وجدت نفسي مدفوعاً للرد على
كذبك وهذا هو ما سبب لي الكثير من الضيق مش
لكذبك ، بل على الوقت الذي أضعته في الرد عليك .
وكل سنة وأنت طيب
دكتور صبري فوزي جوهره
أستاذ جراحة الصدر المساعد
كلية الطب – جامعة توليدو الطبية