على
الرغم من الأستاذ أحمد الخميسي صديق عزيز ، ولكن الحق أحق بأن
يقال رداً على ما جاء بمقاله المنشور في موقعي
" الحوار المتمدن - ريزجار –
" الأقباط متحدون " يوم 21 يونيو حيث وجه عدة انتقادات لكتابات
الدكتورة نوال السعداوي وغير ذلك أيضاً وسأرد واحدة ، واحدة
على ما نختلف معه فيه .
قال الأستاذ الخميسي " بالنسبة لنوال السعداوي علينا أن نقرأ
أولا كتابها "- سقوط الامام - .، ليس رواية ، وانها لا تحسب علي
الروائيات المصريات "
ونعقب : ان الدكتورة نوال السعداوي هي أكبر بكثير من مجرد أن
تكون مجرد روائية .. صحيح أنها ليست من الروائيات المعدودات،
ولكننا لا نستطيع أن ننزع عنها صفة الروائية ، وهي كما قلت أكبر
من أن تكون مجرد روائية ، فهي قيمة نسائية مصرية في المحافل
الدولية وليس في مجال حقوق المرأة وحسب.
الخميسي " وعملها المذكور – سقوط الامام – يشتمل علي عبارات
كثيرة جارحة للشعور الديني العام علي حين يثبت تاريخ الأدب
الحقيقي أن كبار الأدباء مثل نجيب محفوظ ويحي حقي ، والحكيم ،
وبهاء طاهر وغيرهم قد تناولوا دائما تلك القضيةبما يكفي لبيان
موقفهم المستنير دون الخوض في تجريح الشعور العام .
= نعقب : ان تعبير الشعور الديني هو تعبير فقهاء الدين ،
المشتغلين به - كسبوبة – ويحتاج الي تفسير وايضاح حيث هناك فرق
بين الفهم – صحيح أو خاطيء - وبين الشعور .. وكون أن الانسان
يفهم أن القمر سراج منير!! – كا يقول الدين ، وعلي سبيل المثال –
وليس مثل الأرض مجرد جسم بارد مظلم يستمد أشعته وحرارته من الشمس
..!! فهذا مالا يوضع تحت تعريف : شعور .. ، وانما يوضع تحت بند
قول مجافي للعلم ويتنافي معه ..
وعندما تكون مستيقظا في بيتك في منتصف الليل اسأل الدين ورجال
الدين : أين هي الشمس الآن ، فسيقولون لك " انها اختفت في عين
حمئة " !! هنا اتصل بي تليفونيا واسألني كيف الحال عندك في
مونتريال بقارة أمريكا الشمالية ، وسأقول لك ان شعاع الشمس يدخل
حتي منتصف غرفتي وباقي أكثر من ساعتين علي المغرب – صيف مونتريال
- ..أي أن الشمس لم تختف في عين حمئة كما يقول الدين ورجاله ،
وانما الأرض دارت فابتعدت مصر والشرق عن الشمس فحل عليها الظلام
، واقترب الغرب بدوران الأرض من مواجهة الشمس فحل عليه النور -
كما يقول العلم ، والعلم أصدق أنباء من الكتب كما قال أو تمام
الشاعر العربي –
ورؤية الدين تلك لغروب الشمس انها تسقط في عين حمئة لا تقع تحت
بند الشعور والمشاعر الرقيقة المرهفة التي يجب مراعاتها وانما
تقع تحت بند الفهم الخاطيء .. وبتعبير أكثر صراحة هي تقع تحت بند
الجهل الصراح المنافي للعلم الذي ندرسه لأولادنا بالمدارس..
ومهمة الأديب هي توجيه المجتمع وليس هدهدة الجهالات ولا تمسيد
البلاهات والتخاريف باعتبارها مشاعر وأحاسيس ينبغي مراعاتها
والرفق بها ..!! ومن واجب الأديب أو الكاتب أو المفكر المحب
لأمته التي يسعي لخيرها وتقدمها تبديد ظلام الجهل بكل أساليب
الكتابة وبكافة طرقها وسواء بالرفق أو بالقسوة اذا اقتضي الأمر
ذلك ، أو تارة بهذه الوسيلة وتارة بتلك ، حتي لا يترك أمته وأهله
يتـأخرون عن ركب الحضارة التي لحقت به أمم وشعوب هبت من رقدة
العدم - علي حد تعبير الشاعر أحمد شوقي - بينما لاتزال شعوبنا
تغط في جهل عميق ... وليس مطلوبا من صاحب القلم أن يترك أمته
يعلو شخيرها ويعلو والدنيا كلها تقدم للأمام ..
وعن قول الأستاذ الخميسي ، أن أدباءنا الكبارمن نجيب محفوظ وغيره
قد تناولوا تلك القضية – الدين – بما يكفي لتبيان موقفهم ..
نقول : ان المسألة ليست تسجيل مواقف والسلام .. بل ان الشعوب
النائمة في حاجة الي أدب يوقظها من غفوتها ، ينهضها ، يدفعها
للحاق بالعالم الذي سبقها بمئات السنين .. وكتابات أدبائنا
العظماء هؤلاء الجميلة الرقيقة التي تراعي الشعور الديني المرهف
ولا تمسه الا كما النسيم العليل يمس الزهور ، كذلك تمس الجهالات
والبلاهات الخرافية لعقيدة الرعاة البدو وتقاليدهم القديمة
المورثة للتخلف .. كتاباتهم تلك لم تغير شيئا .. لا أصلحت القادة
لأجل دمقرطة الحكم في بلدهم والنهوض به .. كما هي كتابات أدباء
وشعراء ومفكرين بالدول التي تقدمت هي التي أشعلت فيها الثورات
وقدموا أرواحهم قرابين علي مذبح الثورة ونهضت بلادهم وأصبحت دول
عظمي ، ولا ثورت كتابات كتابنا هؤلاء الشعب - لا أصلحت الحكام
ولا المحكومين - ..
ويقول صديقنا الأستاذ الخميسي " ثالثا .. ان كان الأديب والكاتب
يهتما حقا بايصال رسالةالي القراء فأية رسالة يمكن توصيلها اذا
كنا نبصق في وجوه الناس ، في تصوراتهم عن العالم والحياة ؟ "
ونعقب : كلا بل الأديب والكاتب الذي يصارحهم بأن القمر ليس سراجا
ولا منيرا .. مثلما يقول لهم الدين - جهلا - ولا الشمس تتواري
عند الغروب في عين حمئة - كما تقول عقيدة البدو , وغير ذلك من
الكثير جدا علي نفس الشاكلة من مثل ذاك الكلام .. بل يواجههم
ويقنعهم بحقائق العلم حتي ولو صدمهم وتحمل ما قد يلقاه من الأذي
انما هو الذي يمسح بصاق الجهل .. من فوق وجوههم
.. أما الأديب أو الكاتب الذي يداهنهم ولا يصارحهم بزعم أن الجهل
والبلاهة البدوية التي تلطخ عقولهم هي مشاعر عقائدية يجب
احترامها ومراعاتها ..! فهذا هو الذي فعلا ليس وحسب يبصق في وجوه
الناس وانما بداخل أفواههم ..
ويقول الأستاذ الخميسي " رابعا : هل يمثل موضوع الدين حقا حجر
الأساس في أن أوضاعنا الراهنة أصبحت بالصورة التي هي عليها الآن
؟ أم أن هناك أسبابا أشمل ، سياسية واجتماعية واقتصادية ؟ "
ونجيب : نعم ، ، بل نعمين ، بل وأكثر من نعمين .. فالدين -
البدوي بالتحديد - ضد نظام البنوك الذي هو نظام الاقتصاد العصري
الحديث .. وهو ضد كل ما هو حديث ,.. بنصوص مؤكدة ويعتبر كل شيء
حديث هو بدعة وضلالة ومآله جهنم .. ( يعني السيارة التي تمتلكها
والموبايل الذي في يدك والتليفزيون الذي بمنزلك ، و , .. الخ
كلها ضلالات ومحرمة عليك ..
والدين - البدوي الصحراوي - ضد المرأة التي هي نصف المجتمع -!!
تصور يا صديقي لو أنني - عفوا – قلت لك ان أمك كان عقلها في
فرجها ..!! وانها كانت عليها الرحمة ناقصة عقل .. !! وان مامتك
لم تكن تستحق من ميراث والدها الا نصف ما يستحقه خالك فقط ..!!
فتري أية اساءة وأي ظلم تشعر بأنه وجه لأمك التي تحبها من مثل
تلك الصفاقات .. ؟! هذا يا سيدي ما قاله الدين - دين الرعاة - عن
أمك وأمي وكل النساء !!
هذا عن الفساد الذي يتسبب فيه الدين اجتماعيا واقتصاديا ، أما
علي المستوي السياسي .. فلا يخفي علي مثقف مثلك أن كل الحكام
الطغاة والديكتاتوريين اللصوص لا يجدون مطية يركبونها للوصول الي
أهدافهم بأمان أفضل من الدين ورجاله ..
وعن الصحة وضرر الدين عليها فقد نبذ الدين - في السيرة - الطب
والأطباء ونحا الطبيب وأعاده لبلاده وأبقي علي الجارية لنكاحها !
، وحصر كل الأمراض في المعدة والصحة والمرض في الجوع والشبع ،
وطب الأعشاب المعروف قبل الدين من آلاف السنين بينما الأمراض
التي لا صلة لها بالمعدة ولا بالجوع والشبع ولا علاقة لعلاجها
بطب الأعشاب هي كثيرة جدا
وما أقوله الآن هو مجرد شذرات سريعة وعجولة شديدة الاختصار بما
يناسب مقال صحفي ...
ذاك هو تأثير الدين علي الاقتصاد والاجتماع والسياسة والصحة ,..
ان شئت أقول لك تأثيره الضار علي الزراعة والتجارة أيضا فاطلب
فقط .. لأنشر لك مقالا حول ذلك وعلي الفور ..
أوليس هو فعلا هو حجر الأساس في أن أوضاعنا الراهنة هي بالصورة
التي هي عليها الآن ؟!1
وجاء بمقال صديقي الأستاذ الخميسي " وحقيقة الأمر أن الكتاب
أمثال نوال السعداوي المغرمين باختزال الوضع العام الذي نعيشه في
اطار القضايا الدينية والجنسية والذاتية كتاب بلا مستقبل .. "
الرد : يا صديقي ان حياة البشر كلها تدور فوق ثلاثة ركائز -
الدين والجنس والسياسة – وهذا الثلاثي هو الذي يتحكم ويسير كافة
أمور البشر .. و " ستك " ، و " ستي أنا أيضا " الدكتورة " ماما
نوال " - لأنها بصراحة أكبر سنا من أمي طاب مثواها ، وأنا
وأنت جيل واحد ليست اهتماماتها واسهاماتها قاصرة علي الدين
والجنس فقط وانما هي مناضلة سياسيبة معروفة ذاقت مرارة السجون
وكل كتاباتها الدينيةأو الجنسية أو في السيرة الذاتية أو أدب
السجون ، ليست بمعزل عن السياسة أو الاجتماع ولا التقدم الانساني
بشكل عام ..
وماماتنا الدكتورة نوال .. ربما تكون قد نسيت أن أكثر الأقلام
وأكثر الكتب توزيعا في بلادالله المتحضرة ليست هي قلم وكتب عمنا
نجيب محفوظ صاحب نوبل ولا أجعص شاعر عربي ولا أفحل مفكر عربي ،
وانما الأكثر انتشارا وتوزيعا في بلاد الله المتحضرة هو : قلم
وكتب ماما نوال السعداوي ..!
فلمن يكون المستقبل اذن ؟!!
الأستاذ الخميسي : " ان ما تكتبه نوال السعداوي يثير في نفسي
الحذر نظرا لعلاقاتها بمؤسسات التمويل الأجنبي ، وهو أمر يجعلني
لا أدري ان كان ما يكتبه الكاتب نابع من عنده أم استجابة
لمستلزمات أخري
بل القاريء الفطن يستطيع أن أن يدري بسهولة ان كان ما يكتبه
الاديب نابع من داخله أم من خارجه ، وأنت كناقد أقدر علي ذلك
بالتأكيد
.. وأضيف : ألا تعرف يا صديقي أن جميع المنظمات غير الحكومية في
مصر التي تخدم في مجال البحث العلمي والاجتماعي وحقوق الانسان
والبيئة لا يمكنها أن تواصل تأدية خدماتها بدون التمويل الأجنبي
..؟! وأن الحومة نفسها لا يمكنها أن تبقي يوما واحدا علي كراسي
السلطة بدون التمويل الأجنبي لأن مسروقاتها وتبديداتها من مال
الشعب وثروات الوطن وحدها لاتكفيهم ..؟!!
أولم تذهب يوما الي احد المجمعات الاستهلاكية لتجد مكتوبا علي
علب الزيت والمسلي باللغة الانجليزية : " هبة من السوق الأوربية
المشتركة الي الشعب المصري "
ولا تمنح للشعب الفقير الذي أرسلت تلك الاعانات من أجله وانما
يسرقها الحكام اللصوص ويبيعونها له ..!! ومع ذلك تحرم الحكومة
وتجرم
علي المنظمات غير الحكومية تلقي تمويل أو اعانات أجنبية لتحتكرها
الحكومة ولصوصها لهم .. وتحرم ذلك علي منظمات حقوق الانسا ن
بالذات لأنها سوف تستخدم في فضح أفاعيل الحكومة السوداء..
لا تبحث عن مصدر التمويل الأجنبي ، يوجد أو لا يوجد وانما عن
الفعل والعمل هو لصالح من ؟ الأجنبي ؟ أم الوطن؟!! ..
وأنا يا سيدي أسكن في غرفة صغيرة وفقيرة في مونتريال ، فان وجدت
لي تمويلا من الشيطان فحوله الي واعاهدك بما أضمنه – أنني لن
أكتب سوي الحق ولن أقول سوي الخير- ولو بتمويل الشيطان ! – ولن
أنسي أن ألعن في كتاباتي الشر والمحرضين عليه – أي الممول ..! -
لأنني أؤمن بمقولة تشرشل في الحرب العالمية الثانية " أنا مستعد
للتعاون مع الشيطان لأجل صالح بلادي "
وأخيرا :
الي السادة القراء أقول ممن قد لا يعرفون من هو الناقد والصديق
الأستاذ أحمد الخميسي ، وان اختلفت معه في الرأي هو :
الابن النجيب للشاعر والأديب والفنان والمناضل السياسي المصري
الراحل " عبد الرحمن الخميسي " الذي كان بالاضافة لمواهبه وعطائه
المتعدد هو أيضا مكتشفا لأكبر نجوم الفن مثل " الفنانة سعاد حسني
، والفنان المطرب محرم فؤاد ، والفنانة المطربة الراحلة مها صبري
، وربما نجوم آخرين غير هؤلاء اكتشفهم ..
والناقد " أحمد الخميسي " كان في مقدمة الذين دافعوا عني وقتما
سجنت في مصر بعد صدور كتابي " ارتعاشات تنويرية "
، وبينما كان هناك نقاد وأدباء وصحفيون - مباحثيون – ينهالون علي
هجوما وأنا خلف القضبان ، وآخرون يصمتون اتقاء غضب جهاز الأمن ،
كان أحمد الخميسي يكتب عن حقي في الحرية ، وحق كل كاتب في حرية
الرأي - وتصريحا لا تلميحا - ....