صلاح الدين محسن


  5 يوليو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

جميع أمراض الشعوب قابلة للعلاج – حتي المزمنة ، والتاريخية-

شعب مصر لديه قابلية النهوض ، ويحمل بذور التحضر

بقلم صلاح الدين محسن

 لا أختلف مع القائلين بأن الصبر الطويل جدا .. رزيلة من رزائل شعبنا المصري ..  وقد عبر عن ذلك أحد شعراء الشعب – نجم –  قائلا ولائما في كلمات غناها فنان الشعب – المطرب السياسي الراحل – الشيخ امام عيسي

" يا موضر شبابك بسنين العذاب  بين وهم الأماني والصبر اللي شاب صبرك ع  المساوي بيزيد البلاوي   تبقي أنت المصيبة يا ولدي   وتبقي أنت المصاب "

وكذلك ثار الشاعر المصري الكبير الراحل " عزيز أباظة " في وجه أهله  - شعب مصر -  معنفا أشد تعنيف حين قال :

   ليس شعبا .. شعب ينام علي الضيم        ويشفي غليله في نكاته ..!

وأنا ككاتب مصري لا أنكر أيا من رزائلنا كشعب ابتداء من الصبر الطويل للغاية الذي لا  يعطي  سوي     ثمار الحنظل التي تكبر وتتنوع وتتكاثر وتتلون في مرارتها ، وكذلك رزيلة مقاومة الضيم وشفي الغليل بالنكات التي أذا تأملنا  أيا منها سواء كانت نكاتا سياسية أو نكاتا جنسية من النوع الشديدة البذاءة  - وما أكثرها مع الأسف –فأننا سوف ندهش مما تحمله تركيبتها من فلسفة عميقة وفنية عجيبة ، وحكمة فريدة .. مما يجعلني أجزم بأن عبقرية الإنسان المصري القديم في صناعة بناء وهندسة الأهرامات والمعابد والمسلات ،  وعلم الطب الفرعوني وخلافه ، قد وضعت كلها في صناعة النكتة سواء كانت سياسية ساخرة متهكمة لاذعة ، أم جنسية موغلة في البذاءة – مع الأسف - ... ويجعلني ذلك أيضا أوقن بأن تلك العبقرية لو عادت لمجراها الأول : صناعة الحضارة ، بدلا من صناعة النكتة .. لعاد لمصر مجدها الحضاري القديم .. ومن يتابع بعناية تواريخ الأمم والشعوب والحضارات .. صعودها وهبوطها ،ثم صعودها ثانية – أو العكس – فانه سوف يتأكد من أنه لا يوجد شيء اسمه قدر مكتوب معقود علي أمة أو شعب ما ولا فكاك له من قدره هذا ، بل أن أي شعب ميت  لو أراد الحياة فلا بد  من أن يستجيب له القدر  - كما قال " الشابي " شاعر تونس  . 

 ومثلما أرصد كواحد من أبناء مصر الكثير من الأمراض الأخرى لشعبنا بالإضافة لمرض الصبر الطويل الرزيل ، والنوم في سرير الضيم علي مخدة النكات المسكنة للأوجاع !! كذلك أرصد العديد من الشواهد والمواقف التي تؤكد أن هذا الشعب قابل للنهوض ولا يزال يحمل بذور الرقي والتحضر ، الصالحة للإنبات .. ، ويمكنني أن ألخص ذلك في الآتي : أعط  الإنسان المصري عن عمله عائدا مجزيا ومرضيا وحاسبه بحسم وصرامة إذا قصر أو أهمل أو لم يتقن ، ثم انتظر بعد ذلك أروع النتائج .. دقة وانضباط وأمانة لم تكن تتوقعها منه !!

وقد كانت هناك تجارب غير جادة من النظام الحالي – غير الجاد – لإعادة الانضباط لدي الشارع المصري – هكذا أسماه من تسببوا في ضياع كل شيء وليس الانضباط فقط -  ، وذلك علي سبيل المثال ..، وبالرغم من أن التجربة في كل مرة كانت تفتقر بطبيعة  حال النظام القائم والقائمين عليه إلي الرؤية العميقة والبعيدة – والنية الصادقة – للعلاج .. الا أن الشعب في كل مرة كان يستجيب وينضبط .، ولكن ما هي سوي أيام قليلة حتى يري أن القائمين علي ضبط الانضباط لم يسهروا علي عملهم وإنما : " كانت مجرد تهويشة "

    .. فيعود المواطن إلي ما كان عليه.. مادام قد رأي أن أبواب التسيب قد فتحت علي مصراعيها وبعناية رجال النظام ..ّّ!!

 مثال آخر لقد كان  - ولا يزال إلي حد كبير – من الصعب   أن تقنع مواطنا مصريا بعدم التدخين في المواصلات أو الأماكن العامة ، وقد تعرض نفسك لما لا ترضاه إذا أصريت علي حقك في منع  مدخن .. وقد لا تجد من ينصفك أو يؤازرك حتى لو وصل الأمر للشرطة التي ستعبر لك عن دهشتها الشديدة – أي الشرطة!!  وغالبا سوف  تحثك علي التعاطف مع المدخن وتقدير ظروفه – أن كنت سعيد الحظ ، أن لم تزجر  ولم يذكر الضابط أو الشرطي والدتك  بالسوء !  ورغم وجود قانون في صفك ..!!

ولكن : عندما طبق القانون بحزم وصرامة وجدية في مترو الأنفاق بالقاهرة – وقت الإدارة الفرنسية  المرحلية – كانت الاستجابة من المواطن  لعدم التدخين :  لا مثيل لها ..!

وعرفت وأعرف شركات ومصانع في مصر  - كانت ، أو لا تزال توجد – إذا دخلتها لوجدت فيها دقة وانضباط وحسن خدمة للعميل وحسن إنتاج أيضا يجعلك يخيل إليك أنك في أمريكا أو اليابان ، بينما الجميع – من المالك أو المدير إلي العامل والخفير – كلهم مصريون ...! وكل ما في الأمر أن توفر لهم المناخ الذي  يكونوا به هكذا : فكانوا ...وليس شعب مصر هو الشعب الوحيد الذي يصبر 50 سنة ويقول أنها فكة .. فالشعب الصيني ربمل أكثر صبرا .. ومما يؤكد لي  ثراء ونقاء  بذرة الإنسان المصري : ( من الأقدم إلي الأحدث ) :

 أن الشعوب المحبوسة في قفص العروبة والتي لم تتفق قط علي ثمة قضية ، استطاعت امرأة مصرية أن تجمعهم في محراب الفن الراقي – سيدة الغناء العربي .. أم كلثوم - .

    ولم يردد معظم أبناء تلك الشعوب الناطقة بالعربية الآذان الشوفيني العربي مثلما رددوه وراء ديك مصري هو : ( عبد الناصر) .  وأن عبد الحليم الشعوب الناطقة بالعربية – ذاك الحاضر الغائب – هو : مصري ، وعادل امامهم ، وأحمد زكيهم – السينمائي - ، وكذلك عبد الوهابهم ، ومحفوظهم النجيب و ،  ،   و (  شعبان عبد الرحيم .. التحفة الفنية المصرية في عصر مبارك  ، والذي لم تنجب مثله كل شعوب الأرض  مذ   عرف الانسان الغناء  سوف يذكره التاريخ كأصدق وأوضح شاهد علي عصر مبارك) وحتي نصل الي  نانسي عجرم  .. التي لم  تتعجرم ولم تكن لها ثمة شهرة تذكر.. حتى جاءت مصر، والشعب المصري هو الذي عجرمها (!!)                       

 وربما  يكون المصريون هم الشعب الوحيد في الشرق الذي حصل اثنان من أبنائه علي جائزة نوبل في بحر 10 سنوات تقريبا  - محفوظ  ،  زويل - ، وناهيك عن نصف جائزة نوبلية أخري حصل عليها الحاج أنور  - الرئيس المؤمن – رحمنا الله واياه- …اذ حصل علي جائزة نوبل في السلام مناصفة مع صديقه "   مناحيم بيجن "

 : ومن أبرز علماء وكالة الفضاء الأمريكية  مصري معروف " فاروق الباز " ومن أشهر من عالجوا قلوب أطفال العالم

المصري " مجدي يعقوب " جراح القلب العالمي.. وكلما شاهدت صورة في الصحف أو التليفزيون لذاك الرجل الأسمر الأجعد الشعر الذي أعلنت الدول التي غزت الفضاء أنه " اينشتاين   القرن الواحد والعشرين "  ..    من قبل أن يبدأ هذا القرن ،  وبعدها حصل علي جائزة نوبل (( في العلوم )) ، ويوم    تسلمه للجائزة قال للجنة بثقة العلماء " انتظروني مرة أخري مع الجائزة " ...                  

ذاك  المصري الشكل والمضمون " أحمد زويل" كلما رأيته  فان أملي وثقتي في نهوض مصر وشعبها يتجدد ويبقي كما هو كبير..                                                

 

 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون