صلاح الدين محسن


  27 يوليو 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

salah.mohssein@videotron.ca

اتحاد الجهلاء والمثقفين العرب(!)

بقلم صلاح الدين محسن

 بعد أن سقط الطاغية صدام وأسقط وطنه معه مهشما إياه ..

راحت احدي القنوات الفضائية تستطلع الآراء ومن أوائل من سألتهم – لمعرفة رأي الشارع العراقي – سيدة عراقية كان واضحا من هيئتها العامة وطريقتها في الحديث ، أنها سيدة بسيطة ، أمية جاهلة ..

وقد كانت تلك المرأة غاضبة للغاية ، تتكلم بثورة وهي تشيح بذراعها بكامله ..

لم تكن غاضبة بسبب دمار عاصمة بلدها ..

لم تكن غاضبة بسبب المليون إنسان الذين تسبب صدام لهم في القتل ( نصف مليون من إيران وحدها وربع مليون عراقي في حربه مع إيران ، والباقي في حروبه الداخلية ضد الشعوب العراقية من أكراد وشيعة وآشوريين وغيرهم ،  بالإضافة إلي ما قتله من شعب الكويت ، وما قتله من شعب أثيوبيا عندما ساعد الصومال – سياد بري – ضد أثيوبيا – مانجستو هيلا ماريام - ..وكلاهما حكم شيوعي

بزعم أن الصومال بلد عربي ، في حين كان رئيس الصومال نفسه لا يعرف العربية وفي اجتماعات الرؤساء بالجامعة العربية ،  يلقي كلمته   بالفرنسية بعد أن يقول  "بسم الله ( الرهمان الراهيم )"..!! ،  ثم عاد ليقتل من شعب أثيوبيا مرة أخري عندما ساعد الارتريريين  في حربهم ضد أثيوبيا لأجل الانفصال – بنفس الزعم .. عروبة مزعومة لارتيريا - !! ، ومن قتلهم من السوريين بالتفجيرات التي كان يقوم بها في دمشق في نهايات السبعينيات بالتبادل مع الفرع السوري للحزب القائد (!) ...

ولم تكن تلك المرأة غاضبة علي ثروة العراق التي بددها صدام علي بناء قصور تفوق قصور هارون الرشيد .. بالإضافة لما بدده في الحروب ..،  وإنما   غضبها كان محددا في سبب آخر عبرت عنه بكلمات قليلة :

ماااااااا نريد الأجانب  مااااا نريد الأغراب ( وكانت تمد في حرف الألف بعد ميم ما ،  مدا طويلا ..)..

يا ريته  عاش صدام ألف سنة ..ماااا نريد الأجانب ماااااا نريد الأغراب ..

هكذا كانت تتحدث تلك المرأة الجاهلة ، أو غير المدركة لما فعله صدام ، غير الواعية لأن  أي تغيير من أي نوع لعلاج ورم سرطاني في جسد العراق –كصدام - ، هو بالتأكيد أفضل ألف مرة من بقائه ، غير مدركة أن خروج الأجنبي فيما بعد – أو إخراجه – هو أهون بكثير وأسهل من خلاص العراق وشعب العراق من صدام الذي لا أحد من العراقيين يعرف أبدا طريقا للخلاص منه ..

كان ذاك هو رأي تلك المرأة البسيطة الجاهلة – ممثلة لغالبية البسطاء وعامة الجهلاء – عراقيين وعرب ..

فكيف كان رد فعل أغلب المثقفين العرب عامة – عراقيون وغيرهم - ؟!!

نفضل أن نترك   الإجابة للمثقفين العرب أنفسهم -   مفكرون وكتاب –

وقد اخترنا اثنين من الكتاب والمفكرين  ممن تنشر مقالاتهم بالعديد من أكبر الصحف الالكترونية  من إيلاف ، والحوار المتمدن ،  شفاف الشرق الأوسط . 

دعونا نبدأ بالطبيب والمفكر العراقي " دكتور عبد الخالق حسين "  حيث كتب يوم 16/7/2005   بشفاف الشرق الأوسط يقول :

" .. خوفا من أ ن يقولوا صراحة أنهم من أنصار الطاغية صدام ، يتهجمون علي أعداء صدام ، وراحوا يدعمون الإرهاب في العراق ويصفونه بالمقاومة الوطنية الشريفة ، وهي أبعد ما تكون عن الوطنية والشرف ، والمثقفون العرب الذين وقفوا فعلا إلي جانب حق الشعب العراقي في بناء نظامه الديمقراطي قليلون جدا .."

أسمعتم ؟!! من هم القليلون جدا ؟!! وعرفتم من هم   الكثيرون جدا .. ؟(!) ..أنها لمأساة ..!

أما الآخر فهو المفكر " دكتور شاكر النابلسي " والذي كتب يوم 14/7/2002 بجريدة " إيلاف "  حيث قال :

" .. لأول مرة في تاريخ الثقافة العربية الحديثة يتماهي هذا العدد الهائل من المثقفين العرب مع السلطة الحاكمة ويتبنون رأيها في الأحداث الجارية من 11 سبتمبر 2001 حتى الآن ، فنظرة سريعة وقراءة عاجلة لما ينشر في الصحافة العربية وما يقال في الفضائيات العربية منذ ذاك التاريخ حتى الآن تثبت لنا أن غالبية المثقفين العرب المشاركين في الشأن العربي العام مازالوا يؤمنون – مثالا  لا حصرا – بأن كارثة 11 سبتمبر هي من تدبير المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي رغم اعتراف بن لادن نفسه بمسئوليته عن تلك الكارثة وافتخاره بالقيام بها ودعائه بأن يدخل الله مرتكبيها الجنة .."

يلاحظ القارئ الكريم أننا أمام قضيتين كبيرتين خطيرتين – لا واحدة -  وقد اتفق فيهما أغلب المثقفين العرب ( بشهادة اثنين من كبار المثقفين العرب ..) ، .. اتفقوا علي السلب وليس الإيجاب (!!)  ففي الحالة الأولي وكما رأينا وقال لنا   المفكر العراقي عبد الخالق حسين كيف وقفوا  في صف الديكتاتور ، وكانوا هم والسيدة البسيطة من تلك القضية في خندق واحد مع الطاغية !  .. ضد مصلحة شعب العراق – غالبيتهم-  ..!!

وفي القضية الثانية بين لنا المفكر المعروف د . شاكر النابلسي كيف  أن  أغلب المثقفين العرب وقفوا ولا يزالوا في خندق من يبرئ الإرهاب والإرهابيين مما  يقرونه  ،هم أنفسه  بل و يعتزون به ويفتخرون (!!!)

 لماذا لا نسمع  رأي اثنين من القراء ؟ ..:

1  -    "  نحن بحاجة إلي فتح دورات لتوعية المثقفين العرب ، وتغييرهم لا التفكير فقط في تغيير الحكام العرب ، لأنهم لا ينظرون بأعينهم ما يجري من قتل وتدمير .. الخ )   = القارئ : جابر الخاقاني  ، في تعليق له يوم 15/7  الجاري في إيلاف ، علي مقال النابلسي .

 

2-  " .. أن البعض من مثقفينا في حالة تيه ولكن أؤكد أنه تيه خياري ... ففيهم الكثير ممن سموا أنفسهم مثقفين ، وهم بواقع الأمر مرتزقة "  = القارئة وفاء الرشيد ، في تعليق لها   يوم 14 /7 ا لجاري بإيلاف أيضا علي نفس المقال السابق.

              

 ولعلنا لا ننسي   بل يجب إضافة أن :

قضية اعتزال سيد القمني ، التي  فضحت  النظام   في مصر ، لما يعنيه اعتزال القمني من عدم ثقته في قدرة مثل ذاك النظام علي حمايته  - و تأكد  بتفجيرات شرم الشيخ  - ، - التي فضحت النظام أسؤ فضيحة .. ولم يكن اعتزال القمني قاصرا  علي فضح النظام العسكري المخابراتي في مصر فقط   وإنما فضح معه في نفس الوقت المثقفين العرب .. الذين انقسموا علي أنفسهم بشكل لا يليق   بمثقفين وكانوا مثلهم مثل الحكام العرب الذين يتندر بهم الجميع ، وبمشاجراتهم وشتائمهم :  أمراء ورؤساء وملوك ،   لبعضهم البعض داخل ما يسمي بمؤتمرات قمة ، وتبادلهم للاتهامات بالعمالة والخيانة.. كذلك فعل المثقفون العرب وتساووا مع تلك النوعية من الحكام الذين طالما وصفوها بالجهل ، ويطالبوا ليل نهار بالإصلاح السياسي لأجل الخلاص منهم أوعلي الأقل  :  لإصلاحهم ..!!

أن المثقفين هم عقل وضمير كل أمة .. فإذا وصل الفساد حتى العقل والضمير فتلك كارثة كبري يجب أن تدق لها كل نواقيس الخطر.

فتري :

إصلاح ا لحكام أم المثقفين العرب ؟! أيهما أولا؟!!أم كلاهما معا ؟!



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون