إصلاح الحكام
أم المثقفين العرب؟ (2)
بقلم : صلاح الدين محسن
في مقالنا السابق بيننا ، استشهادا بأقوال
مفكرين ، و قراء عرب ، نقلا عن أكبر الصحف العربية الالكترونية ،
كيف أن الفساد قد شمل الحكام والمثقفين أيضا، من خلال مواقف أغلب
المثقفين العرب – غير المعقولة – من قضايا بالغة الخطورة ، وكيف أن
هؤلاء – الغالبية مع الدهشة والأسف – قد اتحدوا ( وهم الصفوة !) مع
السوقة والجهلاء ، والحكام الفاسدين المطلوب استئصالهم – أو
إصلاحهم - ، في موقفهم من تلك القضايا ، وفي غير صالح الأمة .. !!
وختمنا مقالنا بالقول " أن المثقفين هم عقل وضمير كل أمة ، وو صول
الفساد حتى العقل والضمير ، هو كارثة يجب أن تدق لها كل أجراس
الخطر " .
وفي هذا المقال نواصل إلقاء الضوء علي تلك الكارثة القومية .. نكبة
أمة في عقلها وضميرها ( مثقفوها ..) .
كنت أظن أن تلك الكارثة تحط وحسب علي رأس مصر وحدها في مثقفيها دون
باقي الدول العربية ، عندما كشف عنها ومنذ النصف الثاني من
التسعينيات من القرن الماضي –10 سنوات تقريبا- بعض الكتاب
والمفكرين ، منهم الكاتب والصحفي الكبير " صلاح عيسي " الذي كتب
سلسلة مقالات – ولعله كان بابا ثابتا في مجلة " أدب ونقد " احدي
إصدارات حزب التجمع الوطني – في مصر – وترأس تحريرها الناقدة
والمناضلة فريدة النقاش ، تحت عنوان " كلام مثقفين " يكشف فيه
أحوال المثقفين – عقل الأمة وضميرها .. –
وتعبير " كلام مثقفين " هو علي وزن " تعبير مصري عام : " كلام
جرايد " الذي يقصد به المصريون أنه كلام يخلو من الصدق والأمانة
ويجب ألا يؤخذ علي محمل الجد ..!
وكذلك كتب الكاتب والصحفي اللامع " ابراهيم عيسي – ولا أدري ان
كانت بينهما صلة قربي أم هو تشابه في الأسماء – تلميذ مدرسة روز
اليوسف والذي حاربته السلطات – وربما لا زالت – مقالا نشره في مجلة
" أخبار الأدب " التي تصدرها مؤسسة أخبار اليوم ، ويرأس تحريرها
الأديب الكبير " جمال الغيطاني "، كشف فيه فساد المثقفين ، وناشدهم
في نهاية مقاله الإسراع بإصلاح أنفسهم ، لكي تنهض الأمة .. .. وقبل
ذلك بسنوات كتب الشاعر الكبير " أحمد فؤاد نجم " قصيدته الشهيرة
التي ينتقد فيها المثقفين ، وكلهم يحفظونها عن ظهر قلب (!) والتي
يقول فيها ( بالعامية المصرية ) :
يعيش المثقف .. علي قهوة رش ( مقهى بوسط القاهرة ، يرتاده المثقفون
)
محفلط ،
مألفط ، كثير الكلام ..
عديم الممارسة ، عدو الزحام ..
بكم كلمة فارغة ، وكم اصطلاح :
يفبرك حلول المشاكل قوام .. (!!) .
وفي عام 1999 – حسبما أذكر - استيقظ الوسط الثقافي في مصر علي دوي
هائل لاحتجاج مروع للمثقفة المصرية " أروي صالح " التي كان
احتجاجها في المقام الأول يأسا من أن يلحق الإصلاح بالمثقفين ،
فضلا علي إحباطها – ضمن العموم – من أن يتحقق الإصلاح السياسي -
إصلاح السادة الحاكمين.. - ، وعبرت عنه في كتابها " المبتسرون "
... ، ولم يكن احتجاجها كاحتجاج سيد القمني باعتزال الكتابة
والتبرؤ من الكتب .. ، بل باعتزال الحياة كلها ، والتبرؤ منها
برمتها : بالانتحار .. بإلقاء نفسها من أعلي المبني الذي تسكنه..(!)
وتركت كتابها ، وثيقة إدانة.
أما الناقد المصري الأستاذ أحمد الخميس ، فقد كتب يوم 27/6/ 2006
في مقال له ، نشر بموقع " الحوار المتمدن " :
" .. وشهدت السنوات الخمس الأخيرة خمس محاولات لتجميع الكتاب -
المصريون طبعا - ، لم يكتب لواحدة منها الاستمرار .." (!!)
عزيزي القاريء : انتبه من فضلك ، الكلام السابق للناقد الخميسي ليس
عن الحكام العرب الذين نضحك من أمورهم وأمور اجتماعاتهم ونقول
القول الذي صار مشهورا : " اتفقوا علي ألا يتفقوا .. "
كلا ، وإنما ما قيل سابقا كان عن ا لمثقفين .. ..
أي أن هؤلاء كأولئك .. ..(!)
أن المعركة التي تخوضها الشعوب العربية وفي طليعتها المثقفون العرب
لأجل الخلاص من الحكام الفاسدين ، رغم وعورتها وشراستها هي مجرد:
جهاد أصغر.. ..
فماذا أعددنا للجهاد الأكبر؟ : الجهاد مع النفس .. ..(!)
ماذا بعد الإصلاح السياسي؟
هذا ما يجب أن تعد له العدة من الآن .. ..
|