-
اصلاح الحكام أم اصلاح المثقفين
العرب، ؟ أم كلاهما معا؟ 5
- بقلم صلاح الدين محسن
في المقالات السابقة ، أشرنا الي ماكتبه ا لعديد من كبار المثقفين
، ما يفيد أنه ليس الحكام العرب وحدهم الذين هم في حاجة الي
الاصلاح وانما الاصلاح يعوز المثقفين أيضا .. ومن ضمن من كتبوا عن
ذلك : الشاعر ، والكاتب ، والصحفي ، والمفكر .. كلهم أسماء مرموقة
ومحترمة .. بعض هؤلاء من مصر وبعضهم من دول عربية أخري .. وأحدههم
وجه نداء صريحا الي المثقفين ليصححوا أوضاعهم حتي تنهض الأمة ، في
مقال له باحدي المجلات الثقافية الشهيرة بمصر ، - وكذلك قراء أيضا
يتبنون نفس الرأي وكما ذكرنا من قبل - .... وبالاضافة لما قاله
هؤلاء الأفاضل طرحنا وجهة نظرنا في تلك القضية التي نستكملها
اليوم: الشلليةعند الحكام ، والمثقفين العرب : لكل حاكم ديكتاتور ،
شلة أو مجموعة شلل تنضوي تحت كيان يأخذ شكل : حزب سياسي !! ومن
الممكن أن تكون حقيقة ذاك الحزب: مجرد نادي لتجار المخدرات ،
ونقابة للصوص المال العام ، وبورصة لمحترفي النصب والدجل السياسي..
كذلك لا يخفي علي أحد وجود ظاهرة الشللية في الحقل الثقافي سواء
المدموغ بالسياسة ، أو بدون ذلك ومثلما نسمع عن صفقات ،
وانحرافات بين أفراد شلة الحاكم ، كذلك نقرأ عن أشياء شبيهة في
عالم الثقافة مع الفارق في النسبة - ، ولا سيما في موسم منح
جوائز الدولة ، ومنح التفرغ .. التطبيع : عند الحكام والمثقفين
العرب .. مثلما يوجد حكام عرب يقيمون علاقات سرا مع اسرائيل ،
وبساعدون الفلسطينيين في نفس الوقت .. لعبة توازنات - .. كذلك
يوجد مثقفون يقيمون علاقات سرية مع أجهزة أمن الحاكم - ضد الثقافة
والمثقفين - ، ويشتركون مع تلك الأجهزة في خصوماتها وتنكيلاتها
بكاتب أو مفكر ، لا ترضي عنه تلك الأجهزة فينهالوا علي الكاتب طعنا
بالاقلام - مساعدة للأمن ويقبضون الثمن علي الفور " جائزة الدولة
" كما حدث عام 2000 علي سبيل المثال من ناقد ، حصل علي جائزة
الدولة التقديرية متخطيا كثيرين أسمي وأعرق منه بكثير - بدون ذكر
أسماء .. ، وهناك من يحملون لقب الكبير .. ويقومون بذاك الدور
الصغير ونقول الصغير فقط ، تأدبا ..- !! وفي احدي قضايا الرأي ..
كان أغلب المثقفين صحفيين وشعراء وكتاب ونقاد ، كبار وصغار
يطعنون الكاتب وهو خلف القضبان ويلطخونه ، أو يخذلونه ويبخسونه
لعدم انضوائه تحت لوء شلة أو حزب ولم يخل الأمر طبعا من أصلاء
شرفاء دافعو عنه ، ولكننا نتكلم عن الغالبية ، مع الأسف - .. وكانت
أغلب الصحف تنشر أخبار محاكمة كاتب في قضية رأي في صفحات الحوادث
.. مع اللصوص ، وتجار المخدرات ، وناهبي المال العام والقوادين
والنصابين .. في صفحة واحدة .. (!) ولم يخلو الحال من وجود صحف
أخري كانت تنشر الخبر بصدر صفحتها الأولي ، مدافعة عن حرية الرأي
وحرية التعبير وحرية العقيدة - - مثل " جريدة الأهالي " ، لسان حال
حزب التجمع ، التي يرأس مجلس ادارتها دكتور رفعت السعيد - ولكنها
ربما كانت الوحيدة في ذلك .. ومثلما يوجد حكام بعد أن هزمتهم
وأهانتهم اسرائيل عقدوا معها صلحا .. كذلك يوجد مثقفون بعد أن
ضربهم وأهانهم جهازأمن الحاكم تصالحوا معه فأصبح لهم برامج
تليفزيونية خاصة بهم ومقالات أسبوعية بأكبر الصحف ، وتنشر مؤلفاتهم
الغثة بمؤسسا الدولة للنشر بمكافآت خيالية ، ويلمعهم التليفزيون
والاذاعة تؤلقهم بدون مناسبةأو بمناسبة أحيانا..، وللأمانة هناك
أيضا مثقفون ضربوا وأهينوا من جهاز أمن الحاكم ، فأضحوا أكثر
اصرارا وأشد عزما .. كعبد الحليم قنديل ، وأيمن نور - .. الاتفاق
التام .. أو الموت الزؤام .. عند الحكام والمثقفين العرب : من
يختلف مع الحكام العرب يكون جزاؤه اما القتل بدنيا ، أو القتل
معيشيا بسد كل أبواب الرزق في وجهه ، أو بالقتل المعنوي وذلك
بتسليط الاعلاميين من أذناب الحكومه الاعلام الأمني أو الأمن
الاعلامي ..! - لمسخ صورته تماما أمام الرأي العام .. بطرق باتت
معروفة عميل ، يأخذ تمويل من الخارج ، ولاؤه ليس للوطن وانما
للأجانب .. أشياء من تلك التي تكون محبوكة أكثر علي الحاكم و علي
أعوانه .. وكذلك يفعل المثقفون بأنفسهم عند الاختلاف .. اذ لا
يكتفي المثقف بهدم حجة المثقف الآخر التي يختلف معه فيها .. كلا
وانما يسعي لهدمه كله .. قتله.. انه نهج شائع مع الأسف .. فعلي
سبيل المثال الحي : عندما أعلن سيد القمني اعتزال الكتابة والتبرؤ
من مؤلفاته .. قام المفكر الكتور شاكر النابلسبي وهو مفكر أحترمه
وأحرص علي قراءته بنقد سيد القمني كله كمفكر ليبرالي ومقارنته
بليبراليين آخرين ،وأشباه ليبراليين ، حتي يبدو لنا كما لو لم يكن
هناك من قبل مفكر ليبرالي اسمه سيد القمني ..! مات الرجل .. ،
بينما الخلاف هو حول موضوع واحد معين الاعتزال والتبرؤ - كذلك
فعل من قبل الناقد فاروق عبد القادر وهو ناقد محترم ، وأحرص علي
قراءته مع علي سالم ، بعد الزيارة المعروفة ، اذ أمسك بتاريخ
الرجل وجغرافيته ككل ، بحيث نخلص في النهاية الي أنه لا يوجد كاتب
مسرحي بهذا الاسم ، بل كان كله كلام في كلام... بينما الخلاف كان
حول واقعة واحدة معينة ، وبالامكان القول عنها ما نشاء ... من حق
أي مثقف - ناقد أو كاتب - أن يناقش وينقد الأعمال الكاملة لمثقف
آخر .. ولكن اما قبل الخلاف .. ، أو بعد انتهاء الأزمة تماما ..
أما وقت الخلاف والأزمة فما يناقش هو موضوع الأزمة وحسب .. ولكن
مثلما يفعل جهاز أمن الحاكم بالمثقف عند الخلاف معه ، يمسك به
وينزع عنه ملابسه كما ولدته أمه ويرمي به ليلا بالصحراء ، كما حدث
ل عبد الحليم قنديل " مدير تحرير جريدة العربي الناصري - المصرية -
.. كذلك يمسك المثقف بالمثقف عند الخلاف معه ، ويجرده تماما من
ثيابه الفنية أو الفكرية ويلقي به عاريا أمام القراء .. (!) فتري :
اصلاح الحكام ، أم المثقفين العرب ؟ أيهما أولا ؟ أم كلاهما معا ؟
وماذا بعد الاصلاح السياسي ؟
ألا يجب أن يعد لذلك من الآن ؟ .
|