صلاح الدين محسن


  27 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

salah.mohssein@videotron.ca

لا ديمقراطية مع : ريا وسكينة..!

بقلم : صلاح الدين محسن

 

الديمقراطية هي الطريق  التي لا بديل لها لنهوض الشعوب الكسيحة ، وتقدم الأمم المتأخرة .. أنها أحدث نظام للحكم .. النظام الذي توصل إنسان الحضارة الحديثة إليه بعد رحلة الإنسانية الطويلة ومعاناتها مع   أشكال وأ لوان  من نظم الحكم المختلفة عبر التاريخ , فكانت الديمقراطية هي خلاصة كل تلك التجارب ، حيث تحدد حقوق الشعوب طرف حكامها وتضمن لها الحرية والعدل والمساواة والحياة الكريمة ، كما تضع أيضا حدودا لسلطات الحاكم ، فلا يتدكتر ، ولا يتأله ، ولا يتصرف في شئون البلاد ومصائر ومصالح العباد كما يتصرف في ضيعة ورثها  عن الهانم والدته أو الباشا المرحوم والده ..

وبالإضافة إلي تلك المزايا الجليلة والنعمة الكبيرة للديمقراطية فأنها تحقن الدماء وتحفظ السلام عند الاختلاف علي الحاكم أو النظام ...

وعلي سبيل المثال :

لو أن الأصوات علت وكثرت في بريطانيا أو اسبانيا حول المطالبة بإلغاء النظام الملكي ، واختلف الشعب وانقسم علي نفسه ، فهل تقوم حرب أهلية  بين أنصار الملكية ، وبين  المطالبي بإلغائها وتدمر فيها البلاد وتقع الويلات علي رؤوس العباد ؟

كلا..وإنما يحتكموا إلي الديمقراطية التي تنص علي إجراء استفتاء وعلي الأقلية الانحناء لرأي الأغلبية ولو بزيادة صوت واحد .. وعليه يجري الاستفتاء ولتكن النتيجة كما تكون ولو كان الفارق صوت واحد فالفريق الآخر يلتزم و: أخوة وحبايب .. تلك هي الديمقراطية . وهذا بعكس ما حدث باليمن قبل ذلك ، وممكن أن يحدث بأي بلد من نفس العينة " العروبسلامية" .. فعندما اختلفوا في اليمن علي إنهاء النظام الملكي ( الإمامة ) لم يلجأوا للاستفتاء والأخذ برأي الأغلبية كما تقضي الديمقراطية .. وإنما قامت حرب أهلية بين اليمنيين ، دخلت فيها السعودية فأصبحت الحرب أكثر سعيرا واستعارا ، ودخلت فيها مصر ( عبد الناصر ) وبقت مصيبة كبيرة ( دولية ..) وخراب ليس علي  شعب واحد وإنما عدة شعوب ..

فلماذا لم تأخذ تلك الشعوب بالديمقراطية لتجنب نفسها شر القتال؟

لأن عقيدتها الدينية لا تعرف سوي شيء اسمه الشورى .... والشورى تختلف تماما عن الديمقراطية ..ففي الشورى ذاك النظام البدائي القبلي الذي يصلح بشكل جيد لقعدات الخيمة أو الديوان ( والمصطبة أيضا في الريف المصري)    حيث يمكن فض المنازعات بين الأهل والأصدقاء ، وحسب الاجتهادات ، ممكن تحسم بعدل أو بدون ، وحسب الشخص القوي الشخصية وصاحب القدرة الأكبر علي التأثير والحسم في المجلس ..! وهذا ما حدث في سقيفة بني ساعدة عندما اختلف أنصار محمد عمن يتولي الحكم من بعده .. فما كان أن تقدم رجل قوي ( عمر ) وحسم الموضوع منه لنفسه هكذا.. قائلا لأبي بكر أعطني يدك لأبايعك .فألجم الكل بقوته الشخصية ومرت في هذه المرة – وان تركت أشياء في النفوس - ، ولكن في مرة أخري عندما حدث الخلاف علي السلطة بين كاتب الوحي(!) ، وأبا الحسنين ، من كرم الله وجهه(!) قامت الحرب والمذابح وكان حصادها عشرة آلاف قتيل ، كانوا ثمارا للاحتكام إلي الشورى ..

وحتى الآن لا يزال بتلك المنطقة من يصرون علي الاحتكام للشورى ويرون أن الديمقراطية كفرا .. وفي نفس الوقت يتظاهرون باعتناقها لأجل الوصول للسلطة عن طريقها .. فان قلنا لهم ولكن مبادئكم  التي ستحكمون بها ضد الديمقراطية ولا يمكن أن تقوم ديمقراطية ببلد إسلامي .. قالوا : بل قامت فعلا ونجحت في ماليزيا واندونيسيا والفلبين .. وراحوا يعددوا دولا بعيدة عن منطقتنا تماما وهي بلاد تختلف عن بلادنا لأنها بلاد ليست عربية ، وإنما هي واقعة تحت أسر الإسلام وحده ، أي أن العروبة والإسلام لم يجثما معا علي تلك البلاد من حسن حظها وإلا لما أمكن أبدا قيام ديمقراطية بها فالأمازيج في الجزائر الذين يطالبون بعودة الجزائر إلي قوميتها الأما زيجية ويطالبون الحكومة بتصحيح التاريخ " لسنا عربا ، نحن أمازيج " .

ربما لو تمكنوا من الخروج من قفص العروبة والعودة إلي قوميتهم ( مثل ماليزيا و اندونيسيا والفلبين وحتى تركيا التي لفظتها من البداية ) فلعلهم سوف  يتمكنوا من تطبيق الديمقراطية والنهوض واللحاق بالأمم المتقدمة ، وكذلك حزب مصر الأم ( في مصر ) ، الذي يسعي لتحقيق نفس المطلب ، بإعادة مصر إلي قوميتها الحقيقية المصرية ربما لو تمكن من ذلك لكان باستطاعة مصر أن تنهض وتلحق بالعصر الذي نعيشه ولا نعيشه ، وان كنا نعتقد في صعوبة ذلك كثيرا لأن العروبة والإسلام إذا ما جثما فوق صدر أمة واجتمعا عليها فلا يمكن  لتلك الأمة الفكاك منهما ، لماذا؟

لأنهما يشبهان تماما : ريا ، وسكينة .. و"  ريا وسكينة  " كانتا إذا أمسكتا بضحية من ضحاياهما فلا  فكاك .. ، لأن أحداهما تكتف ، والأخرى تخنق ..وأية محاولة للخلاص من " ريا "وحدها ، مستحيلة .. لأن سكينة لا يمكن  أن تسمح بذلك ..  وكذلك أية محاولة للخلاص من " سكينة " وحدها .. مستحيلة  .. ، لأن " ريا "   لا يمكن أن تسمح بذلك ..

ولذلك فان  " ريا  " ، و " سكينة "  لم يتم التخلص منهما إلا بضربة واحدة  .. وتم تخليدهما في الأعمال السينمائية والمسرحية والأمل في ربنا كبير ..  بدخولهما  تاريخ السينما والمسرح ، ونعمل لهما أحسن الأفلام و أمتع المسرحيات.

 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون