صلاح الدين محسن


  31 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

salah.mohssein@videotron.ca

الفرعونية ليست أطلال أحجار ومومياوات محنطة..
بقلم صلاح الدين محسن

 

والعروبة" " مصر والعرب ايلاف الالكتروني يوم 27/8/2005 ، وأعيد نشره أيضا بموقع الحوار المتمدن بموقع ردا علي ما نشر

وجاء فيه ".. البعض يتصرف كبندول الساعة يهرب من أقصي اليمين ليندفع الي غياهب اليسار، يفر من العروبة الي أحضان الفرعونية التي لا يكاد يبقي منها غير الأطلال الحجرية والمومياوات المحنطة وبعض العادات والأسماء والكلمات القديمة لا تقيم حياة ولا حضارة ، البعض يتصرف كطفل يتيم يهرب من أب غير شرعي ومزيف ومجرم تطارده العدالة فيلوذ بقبر أبيه الذي مات وشبع موتا ، ولا يدرك أن مصيره برفقة هذا لا يختلف كثيرا عن مصيره في أسر ذاك ، لا يدرك هذا الطفل أن الحياة أمامه ممتده تفتح أحضانها اذا ما واجهها بثقة وقلب وعقل مفتوح ، وأنه ليس بحاجة الي قحطان ولا الي توت عنخ آمون " - كمال غبريال-

نقول للأستاذ كمال غبريال :

حتي أنت يا بروتس ؟!

حتي أنت ياليبرالي يا علماني ؟

هذا كلام ممكن أن يقوله أصولي ، سلفي ممن يصابون بحساسية شديدة ويحكون أجسادهم بشدة في كل مكان كلما سمعوا كلمة " فرعونية " ، ويتبرءون منها بشدة ويعتبرون الكلمة من مرادفات كلمة كفر .. تلك الكلمة البغيضة عندهم أشد البغض ..

أبناء الدول التي تصنع الطائرات وسفن الفضاء اذا زارهم " توت عنخ آمون " يقفوا طوابيرا طويلة للغاية مبهورين مشدوهين وهم يشاهدونه ، وأنت يا مصري تساوي بينه وبين قحطان وتقول انك لست بحاجة الي قحطان ولا توت عنخ آمون ؟(!).

هؤلاء الناس المتحضرون عندما يقفوا طوابير لمشاهدة توت عنخ آمون لا يتفرجون علي مساخيط ( كما يسميا البسطاء الريفيون من المصريين )، وانما أبسط الأشياء انهم يتعجبون كيف أن الألوان علي آثار جدك " توت " – يا حفيد الشوم ..- لا تزال باقية وزاهية كما لو كانت منقوشة منذ ساعات قليلة بينما عمرها 4000 عام !! وكيف أنهم لم يتوصلوا لذلك بعد ؟ وكيف يتوصلوا ؟ ، ويمضون في البحث والبحث لأجل العلم والمعرفة والاستفادة .. – تلك أبسط الأشياء -..

وعندما يذهب أبناء سادة الحضارة الحديثة من أمريكا وألمانيا واليابان وغيرها الي " أبو سمبل " بجنوب مصر ليروا مرتين في العام معجزة انتظام تعامد الشمس علي وجه فرعون مصر رمسيس الثاني في يومي ميلاده واعتلائه العرش ، فهم لم يقطعوا آلاف الأميال بالطائرات لكي يشاهدوا أطلال أحجار وانما ليشاهدوا اعجازا علميا فلكيا فريدا من نوعه وسيعودوا ليبحثوا في كيفيته لأجل العلم والمعرفة والاستفادة .

أو عندما يقول لك أصولي سلفي مصري يطيل لحيته ويلبس جلبابا أفغانيا أن القرآن به معجزة معرفة مراحل تكون الجنين عندما وصفها بمضغة، علقة ، وعظاما .. الخ

وهذا ليس صحيحا بالمرة وليس به أية معجزة ، فانك لو كنت عارفا لمعني كلمة فلاعونية فسوف ترد عليه قائلا له : اذهب الي معبد دندرة - الفرعوني - بالقرب من قنا – جنوب مصر – وسوف تشاهد به تصويرا ..رسما واضحا لمراحل تكون الجنين حتي الولادة بما في ذلك الجنين وهو في رحم الأم قبيل ميلاده .. وهذا رسم ليس مجرد كلام مكتوب .. بل هو صورة حية موجودة بالمعبد قبل أن يعرف أحد القرآن بعدة قرون من الزمان ...

ولو سألت أي عالم من علماء الطب الحديث عن مكانة الطب الفرعوني فسوف يقول لك انه لا يزال مرجعا يرجع اليه ..

ولو بحثت عن أحدث أزياء المرأة في عاصمة النور والفن والجمال باريس فستجد أنها منقولة نقلا عن الفرعونية أو مستوحاة منها

( راجع البرديات والنقوش الفرعونية لتتأكد من ذلك ، أو حتي راجع ما هو منقول علي أتوجرافات تباع في شوارع القاهرة ، البازارات )

ولو قارنت بين الأبجدية الصينية وهي من أشهر الأبجديات القديمة التي لا تزال مستعملة لدي أهلها وبين الأبجدية الهيروغليفية ، أيهما أقل تعقيدا ، وأيهما أجمل؟ فستكون النتيجة في صالح الأبجدية الفرعونية الهيروغليفية ..

ولو قارنت بين غطاء الرأس عند الشعوب الأخري من عقال عربي لطاقية يهودية أو القبعة ، أو غطاء الرأس المغربي، فستجد أن غطاء الرأس الفرعوني هو الأجمل والأكثر أناقة والأكثر جاذبية ..

وأي رئيس أمريكي بعد أن يترك الرئاسة ولو ب 4 أسابيع فقط فاذا سافر للخارج فلن يعزف له السلام .. ورئيس مصر – حسني أفندي –

لو ترك الرئاسة ، وسافر بعد 4 ساعات فقط من تركه الرئاسة لأجل العلاج ، فلن يعزف له السلام في الدولةالتي يذهب اليها ..أما فرعون

مصر رمسيس الثاني .. فانه عندما ذهب للعلاج بالغرب بعد موته ب 4 آلاف سنة - كمومياء - فقد عزف له السلام كأي رئيس حي لا يزال علي رأس السلطة ..انه سلام ليس لمومياء محنطة وانما سلام لحضارة لا تزال خالدة مبهرة ومعلمة وملهمه.

ذات مرة زرت قرية مصرية صعيدية ذات تاريخ اسمها القديم "انصنا " واسمها الحالي " قرية الشيخ عبادة" تتبع ملوي ، قالوا لي أن بعثة أثرية ايطالية تحضر للقرية سنويا للبحث والتنقيب عن الآثار وهي اهتمامها أساسا ليس علي أطلال الأحجار والمومياوات المحنطة كلا ، وانما علي البرديات والمدون عليها ولو قصاصة بردي صغيرة تهمهم ويهمهم كل ما هو مكتوب عليها .. . فلماذا ؟

الجواب هو : بالطبع بحثا عن المعرفة ، العلم ، الفن ، الفلسفة .. لأنها لاتزال حضارة حية وملهمة ويريدون الاستفادة منها .

كنت في زيارة للمتحف المصري بالقاهر ذات مرة فوجدت سائحا غربيا يمسك بقلم وأجندة يدون بها ما هو مكتوب علي بعض التماثيل الفرعونية ، ولأن هناك جوانب من بعض التماثيل يعوق ظل الاضاءة قراءة ما هو مكتوب عليها .. لذا أحضر معه كشافا كهربائيا

ببطاريات حجارة ستخدمه للاضاءة ليتمكن من قراءة وتدوين ما هو مكتوب علي التمثال .. فلماذا؟

لأنه ينقل علم ، فن ، حكمة ... لأن الفرعونية هي حضارة لاتزال زاخرة بكنوز العلم والفن والالهام الحضاري..

يمكنك أن تسأل أي فرنسي تقابله ( بدون أن تقول له انك مصري كي لا تفضح نفسك ) لماذا الفرنسيون مهووسون بحب مصر ؟ .. وهنا سوف تعرف منه أن الحضارة الفرعونية التي هي أثمن ما تحمله مصر ليست مجرد أطلال أحجار ومومياوات محنطة وانما هي قيمة حضارية جديرة بأن يجن بها الفرنسيون كشعب من أرقي شعوب العالم المعاصر ..!

أعتقد أنني رأيتك في مرة من مرتين زرت فيهما صالون : " د . محسن لطفي السيد ، د . وسيم السيسي" في مصر الجديدة

فان كنت من زواره ، وربما عضوا بحزب " مصر الأم " الذي يقودانه .. هنا أقول لك العيب ليس عندك وانما عيبهما لأنهما قد فشلا

- رغم أستاذيتهما في علم الايجبتولوجي - المصريات – في افهامك ماذا تعني كلمة " حضارة فرعونية " ؟!!!

ولو أنك ذهبت كمثقف ، ولو لمرة واحدة الي " جمعية تحوتي " في مدينة نصر بالقاهرة وسمعت ولو محاضرة واحدة من أحد عماليق وعملاقات التاريخ والآثار الفرعوني لخرجت ثملا منتشيا وفخور ببلد وحضارة الفراعنة ، ولما قلت ما قلته من أن الحضارة الفرعونية لا يكاد يبقي منها غير الأطلال الحجرية والمومياوات المحنطة ......(!)

ألا يكفي ما يقوله السلفيون والأصوليون عن الفرعونية بلا علم ..؟(!!)

حتي أنت يا برو... كمال ؟!!!


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون