الأقباط وانتصارات القيامة ( 1 )
1 -
افتراس الذئب للحمل لا
يحسب له نصراً
ليست الأسلمة كلها أحزان جيثماني وآلام جلجثة ،
بل وفيها أيضاً أفراح سبت النور، وانتصارات أحد االقيامة المجيد
فما أكثر معارك الأسلمة التي تقودها الحكومة
المصرية بكل نفوذها وأمكانياتها ضد الأقباط العزل، وتنتصر عليهم
فيها نصراً غير مشرف ، لعدم تكافؤ الفرص من ناحية ، ولأن افتراس
الذئب للحمل لا يحسب له نصراً من ناحية أخرى .
بل وقيل ان افتراس الذئب للحمل هو عارُ
وليس نصرُ ،لأن النصر الحقيقي هو أن ينتصر الذئب على ذئبٍ مثله ،
وليس على مجرد حملٍ صغير لا يزال يرضع من ثدي أمه.
2- هذا هو النصر الحقيقي
إن النصر الحقيقي هو أن يتمكن هذا الحمل الوديع ،
من الانتصار على هذا الذئب الشرس، ليس ذلك فحسب ، بل ويأخذ منه
أولاده وبناته ، ليقودهم إلى حياة أفضل ، حياة خالية من التيه
والضلال والعنف والشراسة.
فهذا هو الانتصار الحقيقي وهذه هي أمجاد القيامة
التي أرسى قواعدها السيد المسيح ، وسارت عليها الكنيسة عبر
الأجيال ، متسلحة بصليب الحب والغفران ، في مواجهة سيف الكراهية
والانتقام .
3 – الانتصار المؤقت
وانتصار الشر هو انتصار مؤقت ، كما حدث داخل
بستان جيثماني ، إذ كان في منتصف الجولات وليس في نهايتها، لذلك
فهو لا يحسب نصراً ، إنما النصر الحقيقي هو الذي حققه السيد
المسيح في الجولة الأخيرة من المباراة ، ففاز بها فوزاً ساحقاً ،
فوزاً شل تفكير أعدائه ومقاوميه ، وجعلهم يفقدون صوابهم ، لأنه
كان مفاجئاً ومباغتاً لهم ، لأنه جاء في وقت كانوا لا يزالون
منتشون بخمر انتصارهم المزعوم ، فسقطت الكوؤس من بين أصابعهم ،
وأخفوا وجوههم بأياديهم من عار الهزيمة .
4 –االأقباط منتصرون
والأقباط - رغم ضعفهم ، وقلة عددهم ، وشدة الآلام
التي يقاسونها من ظلم وجبروت الحكام المسلمين- إلا أنهم هم
المنتصرون، بل واستمرارية بقاؤهم حتى اليوم ( رغم كل ما تعرضوا
له من إبادة) يعتبر بحد ذاته نصراً فريداً على كل قوات الظلمة ،
وهذا هو الجانب الآخر من المسألة التي لابد أن يدركها الأقباط
فيطمئنوا ، ولا يرتاعوا ، ولا يسمحوا لمثل هذه الأحداث الحالية
المتعلقة بخطط أسلمة الأقباط من خلال اختطاف فتياتهم ، أو
استغلال ظروفهن الاجتماعية والنفسية للتغرير بهن ، أو من خلال
التضييق العام على سائر فئات الشعب القبطي لدفعهم للهجرة ، أو
إلى الأسلمة ، ونقول عام ، لأنه صادرًُ من الحكومة المصرية
بمختلف أجهزتها ، ومن التنظيمات الإرهابية المتطرفة مثل (
الإخوان ، والجهاد ، والجماعة الإسلامية بالقاهرة ، والإسكندرية
والصعيد ) وهي التنظيمات التي تتلقى تمويلات مادية ولوجستية من
بعض النافذين داخل الحكومة السعودية الوهابية المتطرفة، ومعظم
كبار رجال الأعمال السعوديون ، ومعهم أيضاً بعض أثرياء دول
الخليج، بهدف السعي لإخلاء مصر من الوجود المسيحي المميز جداً ،
والمتمثل في الكنيسة القبطية وشعبها، وهو الوجود الذي يسبب
صداعاً مزمناً لهم ، ولبقية كل قوى التطرف الإسلاموية ، لأن
الأقباط وهذه شهادة من شاهد عيان- هم بمثابة حجر العثرة امام
انطلاق المشروع الإسلامي لإحياء الخلافة الإسلامية انطلاقاً من
الشرق الأوسط ، وإليكم الأدلة من شاهد عيان .
5- وشهد شاهدٌ من أهلها
من الأمور الطبيعية هي أن يخاف الحمل من الذئب ،
لكن من الأمور الغريبة ، بل الأشد غرابة ، والفائقة لكل قوانين
الطبيعة ، هي أن ترى ذئباً يخاف من الحمل ويجري من أمامه مذعوراً
!!!
وهذا الأمر الغريب العجيب ، قد رأيته بعيني في
حياتي الأولى ، حينما كنت ذئباً من جملة الذئاب .
ففي أحدى اجتماعاتنا السرية المنعقدة في عام 1977
داخل بدروم مسجد الشيخ المحلاوي بحي المنشية بالإسكندرية، والذي
حضره لفيف كبير من أشد الذئاب الإسلاموية المصرية افتراساً ،
يمثلون امراء وقيادات الجماعات الإرهابية المرعبة في العديد من
محافظات ومراكز ومدن وقرى وأحياء المحروسة، من اسكندرية لأسوان ،
ورغم إن مناظرهم كانت مرعبة ، وكأنهم شياطين في شكل بشر، إلا
أنهم كانوا منزعجين جداً من قداسة البابا شنودة ، وبقية آباء
الكنيسة ، والشعب القبطي ، وكانوا يتحدثون عن الكنيسة القبطية
بهيبة ، وكأنهم يتحدثون عن أمريكا أو الاتحاد السوفيتي !!!
ماذا يملك هذا البابا ، الراهب ، الناسك ،
الروحاني ، المسالم ، الوديع ، الذي لا يحتمل رؤية دجاجة تذبح
أمامه، وماذا يملك بقية الآباء الأساقفة والكهنة والرهبان الذين
يعطون الوجه الاخر لضاربيهم ؟، وماذا يملك عموم الشعب القبطي
الوديع والقابع تحت نير الاحتلال منذ مئات السنين ؟
ماذا يمتلك كل هؤلاء من أسلحة فتاكة حتى يبثون
الرعب داخل نفوس هؤلاء الوحوش الدمويين الذين يذبحون البشر بدماء
باردة ، ويعتبرون ذلك عملاً روتينياً كذبح الدجاج ؟
لمعرفة الاجابة على هذا السؤال علينا ان نستعيد
قصة داود وجليات
6 – الحجر الصغير مقابل السيف والرمح ، والفتى
الصغير مقابل رجل الحرب العملاق
مفاهيم القوة عند الله تختلف تماما عنها لدى
البشر ، فالبشر احضروا رجلا وثنيا وحشيا عملاق القامة ، ورغم ان
جسمه الضخم لا يجعله يحتاج لاسلحة اضافية الا انهم سلحوه بسيف
ورمح !!!!
لكن الله اعد له فتى صغير، مؤمن ، وقلبه ملتهب
بمحبة ربنا وبالغيرة على اسمه القدوس ، وكان هذا هو سلاحه
االروحي لفتاك . كما امده الله بسلاح مادي رمزي عبارة عن حجر
صغير ومقلاع (نبلة تستخدم في صيد العصافير) ودارت المعركة
الغريبة ،ورأينا الفتى الصغير يتقدم بجسارة وثقة قائلاً مقولته
الشهيرة :
- انت تانتيني بسيف ورمح وانا اتيك بقوة رب
الجنود-
وانتصر الفتى الصغير على العملاق ، وهكذا تغلب
الحجر الصغير على السيف والرمح ! وهذا هو سر قوة الاقباط!!!!
7 سر قوة الاقباط
+ صلب المسيح في وضح النهار وراه الناس وهو يتالم
، ولكنه قام في الفجر ببهاء ومجد عظيم دون ما يراه أحد!!
انه تواضع الاقوياء بابتعادهم عن استعراض القوة.
+ صلبت الكنيسة القبطية ، ومعها شعبها ، نهارا ،
ورأها كل العالم تنزف دماً في عصر الاستشهاد ، لكنها قامت فجرا
حينما هزمت الامبراطورية الرومانية الوثنية وقضت عليها قضاءا
تاماً !!!
+ صلبت الكنيسة القبطية ، ومعها شعبها ، نهارا
عندما اتحد ضدها االاباطرة الاريوسيون ، وقيل إن المسيحية التي
دافعت الكنيسة القبطية عنها دفاع الدم ، كادت أن تتلاشى تحت
مطارق الاريوسين ، وبدا الأمر مظلماً للغاية ، فالكثير من
الأساقفة في العالم رضخوا للسيف الأريوسي ، وانكروا الإيمان ، بل
وهاهو أسقف روما ( ليباريوس ) بكل ما يمثله من سلطات في الغرب ،
هاهو لا يحتمل النفي والتعذيب لأكثر من سنتين ، فيعلن استسلامه
لقوى الظلمة ويوقع على مرسوم كفره بالمسيح الإله المتجسد ، ليعاد
مرة ثانية إلى كرسيه !
بينما واصلت الكنيسة القبطية الصمود في شخص ابنها
البار البطل القديس اثناسيوس ، وشعبها ، فقامت في الفجر ومعها (
قانون الإيمان ) ، وثيقة الكرامة والشرف والقوة والانتصار ،
وقدمت انتصارها هذا إلى كل مسيحي العالم ، رغم أنهم يتعمدون الآن
طمس هذا الانتصار العظيم!!!
+ صلبت الكنيسة القبطية ، ومعها شعبها ، نهاراً
عندما اتحد النساطرة واشياعهم ضدها ، ووصل الأمر إلى حد ايداع
القديس كيرلس الكبير في السجن ! لكنها قامت فجراً ومعها مقدمة
قانون الإيمان .
وأعيد صلبها مرة ثانية ، عندما تآمرت ضدها
الإمبراطورية الرومانية بشقيها الروماني والبيزنطي ومعهما خونة
أساقفة المشرق ، وبقية المشايعين لنسطور ، لكنها قامت في الفجر
مدافعة عن استقامة الايمان ، وسقطت روما وسقطت القسطنينية
واندثرت كنيسة المشرق النسطورية ،وبقيت الكنيسة القبطية مزدهرة .
+ صلبت الكنيسة القبطية ومعها شعبها نهاراً حينما
تعرضت للغزو العربي ، ومرت عليها أحداث تاريخية خطيرة كادت أن
تقضي تماماً على الوجود المسيحي في مصر بفعل الإبادة والأسلمة ،
لكنها قامت فجراً بشهادتها للمسيح وحفاظها على شعبها ، ولا تزال
تمثل أكبر تجمع مسيحي في الشرق الأوسط ، ولعل هذا ما يفسر خوف
الذئاب منها
8 – خوف الذئاب من الحملان
في الطابق الثاني من رابطة العالم الإسلامي بمكة
، يوجد مكتب خطير أسمه ( مكتب الرعاية والارشاد ومناهضة الأفكار
الهدامة ) وكان يرأسه في سنة 1987 شيخ إندونيسي داهية يتحدث
العربية بطلاقة ، والمكتب يخضع مباشرة لمعالي الدكتور .....
الأمين العام للرابطة ، والمقصود بعبارة ( مناهضة الأفكار
الهدامة) هو الدين المسيحي ، والذي يحتل حيز كبير من اهتمام
المكتب ، ويليه جهات أخرى ، مثل اليهودية ، والشيوعية ،
والعلمانية ، والشيعية .
والمكتب يتابع ويترصد كل ما يصدر في جميع انحاء
العالم من كتب وابحاث مضادة للاسلام بشكل عام ، والوهابي بشكل
خاص ، وتحتل الكنيسة القبطية مكاناً بارزاً .
ومن أطرف واغرب تعريف لتبرير خطورة الكنيسة
القبطية على هؤلاء ، هو قوة إيمان رجال الكنيسة القبطية وشدة
اصرارهم في الدفاع عن صحة الدين المسيحي واظهاره على أنه الطريق
الوحيد المؤدي للخلاص
وكل الملفات المتعلقة بالكنيسة القبطية تخلو
تماماً من وجود أي خطر مادي ، أو تحالف دولي ، بل خطر روحي
أيماني محلي ، أي منبته مصر ، وليس مستورد من الخارج ، وهذا وسام
شرف للكنيسة القبطية وشعبها .
9 – بالإيمان نرى الذئاب كتاكيت !!!
+ زارني في شهر مارس عام 1987 مندوبٌ عن الجماعات
الإسلامية وطلب مني اعداد بحث يتناول البنية التحتية للكنيسة
القبطية ، لاحتياج الجماعات إليه في صراعهم ضد الكنيسة ، وأبلغني
إن الجماعات قررت اغتيال قداسة البابا شنودة - ولم يكن يعلم هذا
الشيخ إنني أصبحت مسيحياً منذ ثلاث شهور فقط - !!!
فشعرت بهلع وجريت إلى أبونا المتنيح القس : بولس
شاكر ، لأقص عليه الحديث الذي دار بيني وبين هذا الشيخ ، وطلبت
منه بطريقة طفولية ان يحذر قداسة البابا ليتخذ اجراءات احتياطية
مضاعفة لحمايته !!!
فضحك أبونا بولس ، وقال لي :
انت يا ابني لسة جديد في المسيحية ، ولسة عيل
صغير في الإيمان ، فكنيستنا لا تبدي أي خوفاً أم مجرد اهتمام
لتهديدات هؤلاء الذئاب التي نراها وكأنها شوية كتاكيت ! ، لأن
الكنيسة بحسب وعد المسيح لها لن تقوى عليها كل ابواب الجحيم ،
واسم قداسة البابا كما تعلم ، هو موضوع على قائمة الاغتيالات من
سنوات طويلة ، ولا جديد في الموضوع .
10 – إيمان الأمهات القبطيات
كانت اجابة ابونا بولس الواثقة والمفعمة بالشعور
بالسلام وسط الحروب ، بمثابة الإجابة الشافية لتساؤلي عن سر قوة
الاقباط ، واعطتني دافعاً قوياً في بداية عهدي مع المسيح ،
لاستهين بالمخاطر المنظورة ، ناظراً الى حماية الإله القدير ،
وكنت أتعجب كثيراً من خوف بعض الأقباط ، ومن الهالة الكبيرة التي
يحيطون بها أعداؤهم فيعطونهم حجماً أكبر من حجمهم ، بينما هم في
الحقيقة مجرد فقاقيع هواء ، وعلى رأي أمي رحمها الله ، وهي للعلم
قبطية صعيدية :يا ابني الكلاب النباحة ما بتعضطش ، وحتى لو عضت
ما بتعورش ، ومسيحنا أقوى ، والدليل على كده لما أخذوك مني وأنت
طفل صغير ، افتكروا ساعتها انهم انتصروا على ام مسيحية أرملة
وغلبانة زي ، ولفت الايام ودارت السنين وبقيت شيخ عندهم ، لكن
المسيح جابك واخرجك من بين أنيابهم ، وجابك منين ؟ من داخل
الكعبة نفسها ؟! في اكبر صفعة ليهم ، وجابك مش وحدك ، بل ومعاك
واحدة منهم ، ومش أي واحدة ، لا ، دي بنت نفس الشيخ اللي اخذك
مني وأنت طفل ؟
كل الحاجات دي درس وعبرة لقوة مسيحنا القدوس ،
ومين يصدق أني جالسة أمامك دولوقت على مكتبك جوه البطريركية ،
وانت عمال تجيب الناس للمسيح بعد ما ضلت عن الحظيرة ، ومش كده
وبس ، دا أنت وكمان بتجيب الخراف التانية ؟
11 – المسيح محا عارنا ورد اعتبارنا
قالت هذا ثم بكت من شدة الفرح ، وكامرأة قبطية
بسيطة ، اطلقت زغرودة تعبيراً عن ابتهاجها بقوة عمل الرب، ثم
فوجئت بها تخر ساجدة للمسيح ، قائلة له أشكرك يا رب لأنك محيت
عاري ورديت اعتباري واطلت في عمري حتى ارى ابني وقد عاد إليك
بعدما حولته من شيخ مقاوم الى خادم ملتهب بالغيرة على اسمك .
12 – الإيمان المسلم مرة للقديسين
أمي هذه لم تدرس علم للاهوت ، ولم تسمع شيء أسمه
لاهوت مقارن ، لكنها تسلمت من الكنيسة إيمان راسخ مفاده إن السيد
المسيح هو الله الكلمة المتجسد ، الإله القادر على كل شيء ،
ونظراً لأنها كانت أرملة فقيرة ولديها سبعة أطفال أيتام ، فكانت
تبدأ صلاتها البسيطة بهذه العبارة المؤثرة : يا رب أنت قلت أنا
أبو اليتيم وزوج الأرملة ..
كانت تحفظ الموعظة على الجبل ، ومولعة جداً
بالمزامير ، وبرسائل بولس الرسول ، وبرسالتى يعقوب الرسول .
أمي تسلمت إيمانها المسيحي البسيط من الكنيسة
التي تسلمته بدورها من رسل المسيح نقلاً مباشرة من فمة القدوس،
بهذا الإيمان خاضت أمي مواقف صعبة وخطرة بسبب كونها أمي ، ورغم
ذلك بقى إيمانها قوياً لم يهتز ، حتى انتقلت بسلام ، لترتاح من
زوار الفجر المزعجين ، واستدعاء المباحث الكريه.
وقد رأيت في خدمة الحالات الخاصة نماذج مشرفة
كثيرة للأم القبطية منهن تلكم الأم العجوز ( عمرها 70 سنة
ومنحنية الظهر وتسير على عكاز ) التي هاجم معاون مباحث قسم
الزاوية الحمراء بيتها فجراً ، للقبض على ابنتها وأخذ أطفالها
الأربعة منها بحجة أن زوجها دخل في الاسلام ليتزوج من مسلمة ،
فلما لم يجد ابنتها ، سألها عن مكانها ، فقالت له بشجاعة نادرة :
لن أعيش أكثر مما عشت ولن أخون ربي وأدلك عن مكانها ومكان
أولادها .
فصفعها على وجهها ، واقتادها لقسم الشرطة ، وهناك
دفعها بيده فسقطت أرضاً ، وظلت واقعة على الأرض لصباح اليوم
التالي ، حتى حان موعد عرضها على النيابة ، وافرج عنها وكيل
النيابة ، فجاءت لي في البطريركية تتوكأ على عصاها لتحكي لي بزهو
وفخر عما حدث لها ، فلم أتمالك نفسي من شدة الانفعال ، فبكيت ،
وأمسكت يديها وقبلتهما ، وقبلت رأسها ، وقلت لها : ما أعظم
ايمانك ايتها الأم .
وسر الأقباط يكمن في شجاعتهم وعدم خوفهم من
سلاطين الظلمة .
13- فلماذا تخاف يا أخي ؟ وممن تحاف ؟
فلماذا تخاف يا أخي ؟ وممن ؟
أتخاف من آل سعود ؟
من هم آل سعود ؟
ومن هو السادات ؟
ومن هو مبارك ؟
ومن هو العادلي ؟
ومن هو بتاتوني ، وشقلاوني وحاتموني ؟!
ومن هم الأخوان المسلمين الذين يهددونا بهم الآن
ويقولون أنهم سيمسكون الحكم في مصر ؟
يعني هايكونوا أوسخ ممن سبقوهم ؟ وها يعملوا فينا
إيه أكثر من اللي عملوه أباؤهم ؟
ومن كل هؤلاء المهرجين الذين انزعجت منهم من
أمثال : عبد الحميد كشك ، وعمر عبد الرحمن ، ومتولي الشعرواي ،
والظواهري ، والقرضاوي ، وعمارة ، وعمرو ، وهويدي ، وأبو حمزة ،
وأبو قتادة ، وأبو فصادة ! (ياسرالسري)، والدكتور :زعلول ،
والدكتورة أم الخلول !؟ ( أم الخلول هو اللقب المفضل لدي الذي
اطلقه على الكاتبة الإسلاموية الإخوانجية د.صافي ناز كاظم) أنهم
لا شيء أمام العمالقة الذين هم بالحقيقة عمالقة، ورغم ذلك فلقد
تم سحقهم تحت الصليب ، فين نيرون ؟ فين دقلديانوس ؟ كلهم ماتوا
وألقوا في مزبله التاريخ ؟
14- العبرة بالنهاية
أقول للاقباط ، ولبقية أشقائي المسيحيين الشرقيين
، إنما العبرة بالنهاية ، وحتى فيما يتعلق بالأسلمة ، فكم من مرة
رأيناها لا تختتم بانتصارات التوبة والرجوع للمسيح ، فحسب ، بل
ويتعداها أيضاً انتصارات التنصير ؟
لذلك فما أحوجنا في ظل هذا السيل الجارف من أخبار
الهزائم التي نسمعها في مجال أسلمة الفتيات المسيحيات في مصر ،
أن نستمع إلى الجانب الآخر من المسألة ؟
وأعني اخبار رجوع المتأسلمات والمتأسلمين ثانياً
للمسيحية حاملين في أياديهم باقات من الزهور عبارة عن العديد من
نفوس المسلمين والمسلمات الذين تمكنوا ( أبان فترة ارتدادهم ) من
ربحهم للإيمان المسيحي، فعادوا بها كهدايا مقدمة للمسيح ، وكأنها
بمثابة اعتذار للسيد عن اداؤهم غير الجيد في منتصف جولات
المبارة.
فشاول المجدف والمفتري والمضطهد ، هو ايضا بولس
الكارز المسيحي العملاق.
وذاك الشيخ المسلم الحقود الذي كان يأسلم
المسيحيين ، هو أيضاً ذلك الخادم الملتهب بالغيرة على خلاص
النفوس للمسيح. إن لفي ذلك درساً وعبرة فاعتبروا يا اولى الألباب
!!!
15 – روعة الانتصار
الأقباط يحبون حضور صلاة قداس العيد داخل الكاتدرائية الكبرى ،
ليأخذوا بركة قداسة البابا شنودة الذي يترأس الصلاة ، وليتمتعوا
بمشاهدته ومشاهدة شركائه في الخدمة الرسولية من احبار الكنيسة
وآباؤها الرهبان والكهنة المحبوبين ، ومعهم خورس الكلية
الاكليريكية ، ومشاهدة الضيوف من رجالات الكنائس الأخرى ،
والسفراء الاجانب ورجال الدولة، وكبار الشخصيات، وكان هناك خادم
قبطي بسيط يجلس بين كبار الشخصيات المسيحية لأول وآخر مرة في
حياته ، فلقد حضر عشر قداسات على مدى خمس سنوات هي كل خدمته في
البطريركية ، منهم ست مرات بدعاوى عادية وسط الشعب ، وكان هذا
يعتبر انجازا كبيرا في حد ذاته ، لأن الكل يتنافس من اجل الحصول
على مجرد دعوة عادية بحضور قداس العيد في البطريركية ، ومنهم
مرتين بدعوة كبار الشخصيات فئة ب ، لكنها المرة الاولى التي يحمل
فيها دعوة فئة أ ، وكأنه تكريما من الكنيسة بمناسبة انتهاء خدمته
الرسمية في الحالات الخاصة داخل مصر ، ولقرب مغادرته البلاد
بعدما استحال العيش فيها بسبب وضعيته الصعبة والمعقدة ، فهو
كنسياً خادم مكرس ، لكن رسمياً شيخ في الجامع يحمل اسم محمد !!
وكان كعادته دوماً ، كلما حضر صلاة القداس ،
يتابع الصلاة بانبهار ، وكان قداس عيد القيامة لهذا العام مليء
بالأفراح المضاعفة ، وبقمة الشعور بالانتصار على المستوى الروحي
والشخصي له ، فأيام قليلة وسوف يغادر وطنه بعد سلسلة طويلة من
المعارك التي خرج منها منتصراً ، وشعرة واحدة من رأسه لم تسقط ،
حاولوا اغتياله مرات كثيرة ، لكنهم لم يتمكنوا منه ، هاجموا بيته
وحاصروه وظلوا يطاردوه من مكان لآخر دون أن يتمكنوا منه ، وهاهو
يطلق ضحكة النصر بمن فداه ، ومن الموت أحياه .
نظر إلى كبار رجال الأمن االمندوبين من الحكومة
لحضور القداس ،نظرة ذات مغزى ، وكأنه يقول لهم :
أنا هو الذي تبحثون عنه ، ها أنا جالس أمامكم ولا
ترونني !!!
التفت للوراء تجاه الجزء المخصص لعامة الشعب ، ثم
رفع يديه محيياً لبعض الحالات التي ربحها للمسيح ، والتي أتت
للمشاركة في الصلاة ، كان يتابع الاستعداد لموكب دورة القيامة ،
بقلب خاشع ، وظلت عيناه تترقبان المشهد حيث دخول الهيكل ، وغلق
الباب ، واطفاء النور ، وترديد الشماسان على ثلاث دفعات :
أخرستوس آنستي ( المسيح قام ) . فيرد عليهم قداسة
البابا ’آليثوس آنيستي ( بالحقيقة قام ) ثم يقول الشماس : افتحوا
ايها الملوك أبوابكم ، وارتفعي ايتها الأبواب الدهرية ، ليدخل
ملك المجد .
البابا : من هو ملك المجد .
الشماس : الرب العزيز القوي الجبار القاهر في
الحروب هو ملك المجد ..
ثم يقرعون باب الهيكل ، ويفتح الباب ،وتضاء
الانوار ، ويطوفون حول الهيكل وهم يرتلون :
المسيح قام من الأموات ، بالموت الذي داس الموت ،
والذين في القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية)
16 - الذين في القبور
تذكر الخادم (الشيخ السابق) 14 نفساً من النفوس
الكثيرة التي كانت في القبور ثم انعم المسيح عليها بالحياة
الأبدية ارتسمت على وجهه ابتسامة النصر بذاك الذي بالموت داس
الموت .. فرت دمعة فرح من عينيه وهو يقول :
عجيب أنت يا رب ، وعجيبة هي أعمالك ، فمن كان
يصدق نجاة هذه النفوس ؟
وخصوصاً نفس أخت عضو الجماعات الإرهابية ؟
17 - المحجبة التي احبت المسيح لطهارته
الله وحده يعلم محبة الخادم لهذه الفتاة فهي
ابنته في المسيح ، ويوم معموديتها كان يوم فرح كبير له ، فهي
فتاة محترمة ، جاءت للمسيح عن اقتناع ، وليس عن دنس ، ( أو حبل
في سبيل الله !!!) تنحدر من عائلة مسلمة متدينة واخوها شيخ متزمت
، وعضوٌ في الجماعات المتطرفة ، ورغم انها كانت محجبة وملتزمة
جدا لمحبتها للطهارة منذ طفولتها ، إلا انه كان دائم التصييق
والتشديد عليها ، وكانت لا تتضايق من تشديداته ، انما كان كل ما
يضايقها منه هو عدم امانته فيما يدعو إليه ، فلقد رأته في وضع
مخل ، فسقط من نظرها ، وذات يوم نهضت من نومها مفزوعة لترى اخوها
الشيخ (التقي ) وهو يحاول التحرش بها !!! فصفعته على وجهه.
ومن هذه اللحظة بدات تشعر باشتياق جارف لمعرفة اي
شيء عن شخصية السيد المسيح ..
كانت كالأرض العطشانة لماء الحياة ، التقيت بها
لأول مرة داخل مكتبي وظننتها مسيحية أباً عن جد ، فالبنت وديعة
وملامح الطهر تشع من وجهها الملائكي ، قالت لي بشغف :
من فضلك أريد أن أعرف كل شيء عن سيدنا عيسى ،
وخصوصاً عن طهارته وعفته !!!
لماذا لم يتزوج ؟
لماذا لم يلمس امرأة ؟
لماذا لم يشتهي امرأة ؟
ففتحت فاهي وتكلمت ، بينما كانت الدموع تنهمر من
عينيها ، ظللت تترد على مكتبي ستة شهور بواقع ثلاث جلسات
أسبوعياً ، في كل جلسة نفتح الإنجيل والقرآن ، ونقارن بين
تعاليمهما ، ونقارن بين اخلاقيات مؤسسي الديانتين ..
ذات مرة قالت : كفى ارجوك ، أريد أن أنال
المعمودية لأصير مسيحية !!!
وتعمدت وحملت اسم قديسة قبطية معروفة ، وانضمت
إلى هذا الشعب القبطي المتألم في الجسد ، المنتصر في الروح
18 - سر الحسناء والمرسيدس
إأقدم هذه القصة الى كل الذين يظنون إن عصر
المعجزات قد ولى وانتهى:
كنت جالساً على مكتبي لأعد أحد التقارير ،وإذا بي
أسمع صوت بداخلي يقول لي :
قم أغلق المكتب وقف على باب كنيسة الأنبا رويس
!!!
واحترت ما عسى أن يكون هذا الصوت ، وزادت حيرتي
عندما تكرر سماع هذا الصوت ثلاث مرات متتالية !
فقمت وأغلقت المكتب ووقفت على باب كنيسة الأنبا
رويس الأثرية ، ظللت واقفاً حوالي نصف ساعة دون أن ألاحظ شيئاً
غير عادي ، حتى هممت بالعودة لمكتبي ، لكني تسمرت مكاني حينما
رأيت سيارة مرسيدس بيضاء تقف أمام الكنيسة وتخرج منها سيدة على
جانب كبير من الجمال والإناقة ، ثم تلتفت حولها وكأنها تريد أن
تتأكد من عدم وجود أحد يتتبعها ، ثم أسرعت بدخول الكنيسة ، ووقفت
أنتظرها حوالي ساعة ، وبعدها رأيتها تخرج من الكنيسة وعينيها
متورمتين من شدة البكاء وأنفها صار لونه كالدم ، ثم تتبعتها حتى
وصلت لسيارتها، وبينما كانت تضع المفتاح في باب السيارة ، وجدت
نفسي اقترب منها قائلاً :
عفواً يا أخت ، فأنا قلبي يحدثني إنك تعانين من
مشكلة ما ، ولربما يكون المسيح يريد استخدامي في المساهمة في
علاجها !
ففالت : من أنت وكيف تتجرأ وتتحدث معي دون أن
تعرفني ؟
فقلت لها : أنا خادم هنا في الكنيسة مسؤول عن
الحالات الخاصة ، والرب طلب مني أن أنتظرك هنا ؟
فقالت لي : هل معك ما يثبت شخصيتك ؟
فأخرجت لها كارنيه البطريركية ، ثم سألتني ما هي
الحالات الخاصة ؟!
فقلت لها : يعني أي بنت أخطأت في لحظة ضعف وأسلمت
ثم رغبت في التوبة والرجوع للمسيح و..
فقالت : كفى كفى كفى هات أيديك لأقبلهما !!!
ثم انهارت باكية ، وحكت حكايتها :
كنت متزوجة ولدى ابن ، ولعب الشيطان برأسي ، وزين
لي حياة الشهرة والمجد عن طريق ممثل سينمائي ومسرحي كبير ،
وانتهى بي الأمر إلى إشهار إسلامي ، ودارت بي الأيام والسنون
وحققت كل ما كنت أريد تحقيقه ، شقة في مكان راقي ، وسيارة فاخرة
، و...
ولكن اكتشفت في النهاية أنه سراب في سراب وماذا
ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟
فبدأت أتشوق للمسيح ، وبدأت أتردد على هذه
الكنيسة بطريقة سرية ، لكني شعرت في هذه المرة إن المسيح يريدني
أن أرجع إليه ، لكني لا أعرف كيف ..
فهدأت من روعها ، وأخذتها إلى أبي الروحي ورئيسي
في الخدمة قداسة الأب الموقر القمص أ. ص ( أطال الرب حياته
ليجعله شاهد عيان لصحة هذه المعجزة ) ، وجلس معها نصف ساعة ،
جعلتها عاصفة من الدموع ، وأجرينا لها اجراءات العودة ، وتمكننا
من إخراجها من البيئة المتواجدة فيها ، ونمت في حياة التوبة
والفضيلة ( وتم ربطها بأب اعتراف منطقتها الراقية ، وهو للعلم
نفس أب اعترافي جناب القمص : م . ص . ليكون شاهد ثان لصحة هذه
المعجزة التي يشهد لها اثنان من كبار الآباء القمامصة في مصر ) .
مثلها مثل الكثيرات ممن أسلمن ثم رجعن مرة ثانية
للمسيح ، وإذا كانت الحكومة الكاذبة تتمسك بقوائم الذين أسلموا
فهي تتغافل عن ذكر الذين رجعوا منهم ويحملون شهادات عودة من
الكنيسة ، وإليكم هذه اللعبة :
لو تقدم 10 اشخاص باشهار إسلامهم ، ثم رجعوا مرة
ثانية للمسيحية ، يظلون مسجلين عند الحكومة كمسلمين !!!
ويقدمون هذه السجلات المزورة للجهات المعنية في
السعودية ليؤكدوا لهم نشاط الحكومة المحموم في أسلمة الأقباط
ويخجلون من تقديم السجلات الأخرى التي تحوي عدد المسلمين الذين
اعتنقوا المسيحية !!
ويقدمون هذه السجلات المزورة للجهات المعنية في
السعودية ليؤكدون لهم نشاط الحكومة المحموم في أسلمة الأقباط
ويخجلون من تقديم السجلات الأخرى التي تحوي عدد المسلمين الذين
اعتنقوا المسيحية !!
فظاهر الأمر جلجثة أسلمة .
لكن باطنه قيامة عودة وانضمام .
وهذا هو سر قوة الأقباط .
سر قوتهم يكمن في عدم ميلهم لاستعراض القوة كما
تفعل الحكومة ، بل يفضلون الصلب نهاراً والقيامة فجراً !!!
أنهم يعملون في صمت، وإليكم نموذج آخر يدل على
قوة الأقباط ( التكملة في المقال القادم).