صموئيل بولس


  23 ابريل 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 Samuel_Boulus@deaconsamuel.net

الرقص مع الأفاعي!!!

[ من أرشيف الذكريات في مكتب الرعاية والإرشاد "1 أغسطس 1988 –  8 مايو 1993 " ].

كلمة لابد منها :

نحن أمام واحدة من أخطر حالات أسلمة الفتيات القبطيات في مصر ، لعدة أسباب ، لعل أهمها :

1 - تورط عدة شخصيات أمنية كبيرة ، منهم السيد مأمور قسم شرطة المنطقة ، والسيد رئيس مباحث القطاع ، والذي قام بتهديد الآباء الكهنة ، وأقارب الفتاة القاصر " المراد أسلمتها " وأي مسيحي يحاول نصح الفتاة .. بالأعتقال الفوري في حالة اقترابهم من السكن الذي تقيم فيه الفتاة مع (زوجها المسلم)الذي تزوجت منه قبل انتهاء اجراءات إسلامها .

2- تدخل بعض أعضاء الجماعات الإسلامية في موضوعها ، ومعهم إمام المسجد القريب من محل سكن الشاب المسلم ، بالإضافة إلى أهله ، واصدقائه جيرانه.

3 - لوقوع سكن الشاب المسلم داخل منطقة خطرة شهدت أسوأ مذبحة تعرض لها الأقباط في العصر الحديث.

 

أضف إلى ذلك نشوب مشاجرة عنيفة جداً بين أهالي الشاب المسلم ، وأهالي الفتاة المسيحية حينما حاولوا استعادة ابنتهم

وقد تدخل كهنة المنطقة ، وأعيانها ، وخدامها ، لمحاولة تقديم النصح والإرشاد للفتاة ، والتفاهم مع زوجها المسلم ، لكنهم تعرضوا للإهانات والاعتداءات والشتم والتجريح والتقريع.

وكان ما يضايق المسيحيين ليس إسلام الفتاة ، لأن كل إنسان حر في اختيار الدين الذي يرتاح إليه ، بل لمعرفتهم التامة بسوء الأحوال المعيشية التي قادتها إلى هذا المصير المؤلم ، فضلاً على صغر سنها (17 سنة) . لذلك كان حزنهم عليها شديداً ، وضاعف من حزنهم عجزهم التام في إستعادتها بكل الطرق التقليدية، الأمر الذي اضطررني إلى استخدام أسلوب غير تقليدي عُرف فيما بعد بأسلوب ( الرقص مع الأفاعي ).

ولا أحد يعرف حتى الآن ( لا الكنيسة ، ولا أمن الدولة ، ولا الجماعات ، ولا أهل الشاب المسلم نفسه ) كيف تمكنت (بنعمة المسيح ) من اختراق كل هذا الحصار المضروب حول الفتاة ، وتقديم الإرشاد الروحي لها( بنظرات العين ، وليس بالكلام الذي كان محظوراً علي ) ، وكيف تمكنت من مغافلة المسلمين لأقدم ( لقمة البركة) للفتاة ، وكيف اختطفتها مني وأكلتها بنهم ! وكيف استخدم الرب هذه ( اللقمة المقدسة) لتعود الفتاة إلى رشدها ، وتتحول قصة عودتها إلى معجزة من المعجزات التي تمجد اسم الله ، لأنها عادت ( عذراء) بعد مضي 6 شهور من زواجها !!!!!!!!!

وكيف تمكنتُ من إيقاف إجراءات إسلامها  ، واقناعها ، وأقناع زوجها المسلم ، وأهله ، بعدم حضور جلسات مديرية الأمن ثلاثة جلسات متتالية ، حتى حفظ طلبها إدراياً ؟

وكيف انتهى الأمر برجوعها للمسيح ، وتطليقها من زوجها المسلم ( لقاء مبلغ 3 آلاف جنيه)؟! وكيف أحضرت لها شاب مسيحي ليخطبها ، لكنها لم ترتاح معه ، ففسخت الخطبة ، لتخطب لشاب مسيحي ثان ، أحبته وأرتاحت إليه ، ثم تزوجته ، وانجبت منه البنين والبنات ، وكيف كنت حاضراً معها في كل هذه الخطوات ، وظللت أتابعها خمس سنوات متتتاليه منذ بداية خدمتي في مصر عام 88 ، حتى خروجي النهائي منها عام 93 . وكيف حملتُ أطفالها على  يدي بعد معموديتهم ، وقد أصبحوا الآن ( بعد مضي 18 سنة) في مرحلة الشباب ، وكيف كانت تدعوني (بابا) بعدما كان الشرر يتطاير من عينيها عندما رأتني في المرة الأولى !!! فلقد كانت مغامرة فريدة جداً من نوعها ،  وتمجد الله فيها بشكل عجيب .. شكل فاق كل تصورات البشر .

وكانت أيضاً بمثابة علامة فارقة في مجال مكافحة مؤسلمي الفتيات القبطيات القاصرات الفقيرات ، اللواتي يسهل على المسلمين استغلال ظروفهن المعيشية التعيسة ، لاقتناصهن وأسلمتهن بمغريات العيش الرغد المريح . وأحب التنويه هنا على أمر هام جداً ، وهو تحملي كامل مسؤولية ( الرقص مع الافاعي ) مع كافة  الحالات الصعبة التي لا تنفع معها خدمة الإرشاد التقليدية ، لتواجدها  داخل جحور الأفاعي ، وكنت أقوم بذلك بطريقة  شخصية ومستقلة تماماً عن الكنيسة لرفع الحرج عنها ، ولإبعادها عن المشاكل مع السلطات. وقد ساعدني على ذلك عدم وجود أي صفة رسمية لي داخل الكنيسة ، بل وكانت صفتي القانونية الوحيدة المعترف بها من الدولة هي : ( شيخ مسلم مختفي في ظروف غامضة على إثر عودته من تأدية مناسك العمرة في بيت الله الحرام ، ويحمل بطاقة تحقيق شخصية رقم ..... صادرة من سجل مدني .... باسم : محمد .........) !!!!! فأنا كنت مسيحي الديانة ، لكن مسلم بحسب القانون الذي لا يعترف بأحقية أي مسلم يصير مسيحياً ، لا سيما لو كان رجل دين . وبما إنني كنت مسلماً بحسب القانون ، فكنت لا أجد أي حرج أبداً من التصرف مع الأفاعى كأنني أفعى مثلهم ، لأني لو كنت تصرفت كحمامة أمام الأفاعي لكانت ابتلعتني ، رغم ذلك لم أتصرف معهم بمكر وغدر ، بل بحسب شريعة العدل :

1 - ان حصلت اذيّة تعطي نفسا بنفس. وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل. وكيّا بكي وجرحا بجرح ورضّا برضّ)

2 – ( كسر بكسر وعين بعين وسنّ بسن . كما احدث عيبا في الانسان كذلك يحدث فيه) [ خر 21 : 24 ] & [لا20 : 24 ].

لكن ما يهمني أولاً قبل أن أسرد عليكم تفاصيل هذه المغامرة ، أن ألقي الضوء على الجانب الأهم من ظاهر المشكلة ، إلا وهي جذورها ، لمساعدة الكنيسة على اقتلاعها ، علماً بأن الضرورة قد ألزمتني بالتدخل بالتغيير والحذف لبعض الأحداث والمواقع والأسماء ، حتى لا يتعرف أحد على صاحبة القصة ( حرصاً مني على سمعتها وسلامتها ) دون أدنى المساس بوقائع القصة  الحقيقية ، كما هي مسجلة في أرشيف الحالات الخاصة .

جذور المشكلة

1 –  شق ثعبان

شق التعبان متفرع من العطفة ، والعطفة بدورها متفرعة من الزقاق ، والزقاق متفرع من الحارة ، والحارة متفرعة من الشارع الفرعي ، والشارع الفرعي متفرع من الشارع العمومي .

وبطلة قصتنا ولدت ونشأت في شق الثعبان ، أي في قاع المجتمع ، والمنطقة نفسها ليست منطقة سكنية معترفاً بها ، بل هي مجرد ( حِكر) أي ( وضع يد ) ولوقت قريب جداً ، كان جل سكانها محرومين من الكهرباء ، وكان الميسورون منهم يستخدمون ( الكلوب) ، أما الأشد فقراً منهم ، فكانوا يستخدمون اللمبة الجاز ، حتى تمدنوا أخيراً فأدخلوا الكهرباء .

2 – الطرنش

كما ظلوا سنوات طويلة لا يعرفون شيء أسمه مجاري !!!، بل ( طرنشات ) يتم نزحها كلما امتلأ ت، وحينما كان يحين موعد نزحها تفوح منها الروائح الكريهة بشدة ، وكان الأمر في البداية يبدوا مزعجاً حتى اعتادوا عليه مع مرور الزمن بعدما فقدوا حاسة الشم نهائياً ، ضمن ما افتقدونه من حواس أخرى .

3 – البيت المعلق في الهواء

أما البيت ، أو ما يسمى بالبيت ، فهو ليس بيت بالحقيقة ، بل مجرد أرجوحة معلقة في الهواء من شدة تعرضه للاهتزاز كلما صعد ، أو هبط ، أحدهم دركات السلم ، وهي الأخرى ليست دركات ، بل شيء آخر لا أعرف له أسماً !!! وما يسمى بالبيت مشيد بالطوب النبي وكسر الحجارة ، وأرضية المدخل ترابية ، وأما حجراته فأرضيتها من الأسمنت .

4 – الأوضة

والبييت مكون من ثلاث طوابق ، وكل طابق به أربع غرف ضيقة، أثنان منهما يدخلهما ضوء الشمس ، والأخران مظلمان تماماً ، لأنهما يطلان على (المنور) ، وكل غرفة يعيش بداخلها أسرة مكونة من الزوج والزوجة والأولاد ، وأحياناً يشاركهم الجد أو الجدة ، أو قريب نازح من الريف بحثاً عن عمل ، فحل عليهم كالقضاء المستعجل ، والغرفة أو ( الأوضة) لا يزيد مساحتها عن ثلاثة امتار مربع .

5 – تحت السرير

وغالباً ما تسع الاوضة لسرير حديد "عمدان " مرتفعاً عن الأرض بنحو 80 سم ، وذلك حتى يكون هناك مجالاً للنوم أسفله ، وهو غالباً ما يكون من نصيب الأولاد والبنات ، باسثناء الرضعان منهم ، فهم يشاركون والديهم الفراش.أما  الأولاد الذين ينامون أسفل السرير ، فهم يعانون من عقد نفسية رهيبة ، منها شعورهم بالخوف والهلع من الموت دهساً ، فيما لو سقط عليهم السرير بما يحمله من عمدان حديدية وملل خشبية ، ونائمي الدور العلوي منه !!! فضلاً على حيرتهم من تفسير سر اهتزاز  الطابق العلوي من السرير مساء كل يوم خميس (؟) وتلكم العبارات والتأوهات التي يسمعونها من والديهم في أنصاف الليالي ، ولا يعرفون لها سبباً ؟ وكثيراً ما يحدث أن ينسحب ولد عفريت من تحت السرير ، ليرى بنفسه سر هذه الضوضاءة ، فيصاب بصدمة عصبية تغتال براءة الطفولة ، وقد يحاول تقليد ما رآه مع أخته ، أو مع بنت الجيران ، فيما يعرف بلعبة ( عريس وعروسة ) !!!

6 – الحرمان من حنان الوالدين يقود إلى جحر الثعابين

آباء وأمهات أطفال هذه المناطق ، مشغولون دوماً بتوفير لقمة الخبز لأطفالهم ، وشغف العيش وضغوط العوز ، غالباً ما تضغط على أعصابهما ، مما ينعكس بدوره بالسلب على أطفالهما ، فالأب ينفس عن غضبه من الدنيا من خلال ضرب وشتم الأم ، والأبناء ، والأم بدورها تؤدب الأطفال بعنف ، فينشأ الأطفال على القسوة والحرمان ، ويظلون يحلمون بصدر حنون يحتويهم ، ولو لم يجد الطفل الحنان عند الوالدين فيضطر للبحث عنه بعيداً ، حتى لو ذهب إلى جحر الثعابين

6 - دوره مياه "قطاع عام"!!!!

أما دورة المياه ، أو ما يسمى بدوره المياه ، فهي أشبه بصندوق الاعتقال التأديبي الرهيب الذي كان يستخدمه اليابانيون أبان الحرب العالمية الثانية ، لكسر عزيمة اسراهم من قوات الحلفاء ، ورغم أنهم كانوا يسمونها " بيت الراحة " إلا إنها كانت في الواقع " بيت التعب" بسبب البصبصة ! واللصلصة !

7- البصبصة واللصلصة

وكل ساكن عنده بنت ، بيتخانق مع كل ساكن عنده  ولد !!! والسبب في ذلك هو ( البصبصة )، و ( اللصلصة ) ، وخصوصاً لو كانت البنت مسيحية ، والولد مسلم ، ويزادد الأمر تعقيداً لو كانت البنت  قمر 14 !!!

 8- قمر 14

هي صبية قبطية صغيرة لا يزيد عمرها عن 17 سنة ، تجري في عروقها الدماء الملوكية ، لكن جار عليها الزمن ، كما جار على بقية بني جنسها الأقباط ، الذين سقطت بلادهم تحت الإحتلال العربي الإسلامي ، فتحولت الصبية من صاحبة البلد ، إلى مجرد مواطنة درجة ثالثة فيه ، وزاد على ذلك كونها فقيرة معدمة ، وما زاد وغطى تجاهل الكثيرين من المسيحيين لها ، بسبب جهلهم عن الحب المسيحي العملي ، أو بسبب قسوة وتبلد مشاعرهم ، أو بسبب أنايتهم ، أو بخلهم .. لكنها بالرغم من كل هذه الإحباطات المحيطة بها ، إلا أن الله قد منحها وجهاً جميلاً تحسده عليها صاحبات الملايين ، وكان جمالها يسبب لها الكثير من المشاكل ، فكانت تتعرض للمعاكسة والمضايقة في الرايحة والجاية ، وكان فقرها سبباً إضافياً لطمع الآخرين فيها ، لكن البنت " بسم الصليب عليها " كانت في غاية الحرص على  عفتها ولم يستطيع أي مسلم أن يفقدها عفتها ، بما فيهم زوجها !!!!!!!!!!!!

9-  سنة رابعة ابتدائي

كان الوضع الطبيعي أن تكون تلميذة بالصف الثاني الثانوي ، لكن أبوها أخرجها من المدرسة منذ كانت في الصف الرابع بالرغم ذكاؤها الخارق ، ورغبتها الجارفة في استكمال تعليمها كبقية زميلاتها ، ( لكنها سقطت من قعر القفة) كما يقولون ، بعدما لم تجد أحد يهتم بتعليمها ، مما أنشأ بداخلها شعور بالدونية ، وبالغضب الخفي المبطن تجاه أغنياء المسيحيين من قساة القلوب ، وجعلها ( تبص لفوق) والفوق هذا بالنسبة إليها لا يخرج عن كونه الزواج من شاب صنايعي "كسيب" عنده ( شقة غرفة وصالة) ويلبس ملابس افرنجى ( البنطال والقميص) ويكون ذو قدرات شرائية تتيح لها شراء الملابس من العتبة ، أو من وكالة البلح ! ، ولا يبخل عليها بالذهاب للكوافير عند الأسطى توتو لفرد شعرها  ب 25 قرش ، وتخرج لسانها لزميلاتها المعدمات قائلة لهن : أنا رايحة أكوي شعري عند الكوافير !!

10– الأب المعدم المتوفي

أبوها كان رجل على قد حاله ، نزح من أحد قرى الصعيد ، بعدما تملل من العمل كمزارع باليومية عند أصحاب الأراضي ، فيوم فيه ، وعشرة مفيش ، والكنيسة هناك فقيرة ومش بتساعد حد ، فجاء للقاهرة بحثاً عن عمل ثابت ، واستطاع أن يكون من عمال التراحيل، وبالكاد كان يوفر القوت الضروري لزوجته ولأطفاله الثلاثة ،وهم ولد وبنتان ، واستطاع بجهد جهيد أن يزوج البنت الكبيرة من ابن عمها في الصعيد ، ثم ما لبث أن توفى تاركاً زوجته تكمل المسيرة .

11 – الأم البسيطة

كل جيرانها بيقولوا عنها إنها ( هبلة وعبيطة ) ، لكنها في الحقيقة كانت ست ريفية معدمة وغلبانة ومتعرفش حاجة عن أي حاجة ، لكنها رغم ذلك ، صممت على أن يستكمل ابنها تعليمه ، وتعذبت كثير واتبهدلت كثير علشان تجيب اللقمة  للولد والبنت ، وأما الزي المدرسي ، والحقيبة ، والحذاء .. الخ ..  فكانت مشكلة المشاكل بالنسبة لها ، مسكينة فهي تارة تعمل في البيوت ، وتارة أخرة تبيع الخضار على قفص جريد صغير تضعه أسفل البيت .

12 - بين القصرين

رغم كل هذا البؤس الذي تعيشه هذه الأسرة القبطية المعدمة ، داخل هذه المنطقة الصعبة ، التي لا تزيد مساحتها عن 15 كم مربع ، إلا إنها تتوسط كنيستين معروفتين ، لهما اسم أنهما حياتين لكنها في الحقيقة ميتاتين منذ سنة 1966 ، وبالتحديد حينما مات أحد الأقباط المعدمين ، ولم يجد أحد يتكفل بدفنه ، سوى جار مسلم محسن !!!

وكهنة ، وخدام ، وأعضاء مجلسي ، هذين الكنيستين ، يستحقون تقديمهم الى المحاكمة الكنسية الروحية بتهم الإهمال والتقصير والازدراء بالفقراء ، وكما علقت الفتاة بعد رجوعها للمسيح : تصور عاملين مشاريع لخدمة الفيديو والمصايف ، طيب هو إحنا عندنا تليفزيون علشان نجيب فيديو ؟ وهو إحنا عندنا لبس علشان نروح نصيف ؟!

أنهم يخدمون الميسوريين وليس المعدمين .

ومعها كامل الحق فيما تقول ، ولا بأس من فتح الملفات ، وعمل الاحصائيات ، لمعرفة تزايد نسبة حالات الارتداد في هذه المنطقة التعيسة ، وحالات انحرافات الفتيات ، حتى ألقى القبض على خمسة منهن في قضية أداب وتكوين شبكة للدعارة تصدرت أخبارها الجرائد ، وهذه بحد ذاتها صفعة  قوية موجهة لكهنة وخدام وخادمات هذين الكنيستين ، والغريب إذا ذهب فقير من التابعين لسكن الكنيسة الأولى ، يقولون له : أنت مش تبعنا ، روح للكنيسة الثانية ! ودا يرمي على دا.

13 – الصيد في الماء العكر

من المعروف عن إبليس أنه لا يحلو له الصيد إلا في الماء العكر ، وحتى نكون أمناء مع الله ومع أنفسنا ، فلابد من الاعتراف بتحملنا جزء كبير من مسؤولية تعكير هذه المياه ، بسبب قسوة مشاعرنا تجاه الفقير والمحتاج .

14 – برنامج كل يوم

الأم تستيقظ في السابعة صباح كل يوم ، ثم تأخذ صحن في يدها وتنزل تشتري بخمسة صاغ فول وعليهم شوية زيت ! ولا تشتري أرغفة الخبز العادية ، بل العيش الرخيص " السحلة  المرتجع " وتعود لكي توقظ أبنتها ، ثم يتناولان فطورهما سوياً ، وما تبقى من فول تضعه في سندوتش ، ثم ترتدي ملابسها سريعاً حتى لا تتأخر عن عملها في المصنع وتغادر البيت وسط دعوات أمها :

ربنا يسلم طريقك يا بنتي ، ويحميك من أولاد الحرام .

15 – أولاد الحرام

عملت إيه يا سيد مع البنت تريزا ؟ هكذا قال الحاج عبد السميع ، صاحب المصنع ، لأحد عماله .

سيد : البنت دماغها ناشفة قوي يا حاج ، وكل ما أكلمها تهب في وشي زي ما تكون واوبور الجاز !!!

الحاج : يا خيبتك ! دي متعوسة ومقطوعة من شجرة ومش لاقية تأكل ، آمال لو كانت غنية كنت عملت إيه ؟

سيد : البنت شريفة يا حاج ، وبتحب دينها ، ومش سهلة زي ما أنت فاكر .

الحاج :  فتح مخك معاها يا عبيط ، اشتري لها هدية حلوة ، كل بعقلها حلاوة ، أضحك عليها بكام كلمة حلوة ، وبلاش تكلمها في الإسلام مباشرة ، كلمها عن الحب ، وقولها ممكن اتجوزك انت على دينك وأنا على ديني ، وشوية شوية ندخلها في دين الله ، ونكسب فيها ثواب !!!

16 – كل بثمنه يا سيد !!!

سيد : بس أنت عارف ظروفي يا حاج ، أنا على قد الحال ، و" القبضية " يدوب بتكفيني ، فإزاي أشتري لها هدايا ؟

الحاج : ولا يهمك يا أبو السِيد ، أنا متكفل بكل حاجة ، ولو نجحت في ميل عقلها هاجيب لك شقة وأفرشها ، وأنغنغنك على الآخر ( وكمان فيه ناس بتوع ربنا " الجماعات الإسلامية" مستعدين يتبرعوا لكم بخمسة آلاف جنيه تساعدكم في بداية حياتكم بس بشرط تأسلم أسلمة رسمية " مديرية الأمن + الشهر العقاري + دفتر المواليد + السجلات المدنية"

بس اتشطر أنت معاها ، وهاتمشي معاك آخر حلاوة ، قفل كلام أهي جات أهي ، يااللا روح شوف شغلك معاها ،وأدي مية جنيه أهي  علشان تشبرق حالك معاها !!!

17 – أنا مسيحية يا واد !!!

سيد : يا أرض أحفظي ما عليكي ، دول بيقولوا القمر بيطلع بالليل ، وأنا شايفه بيطلع عندنا في الصبح ! يا حلو صبح يا  حلو طل ، نهارنا ابيض ، نهارنا فل ، يا عم عبرنا ، وأسأل فينا ، بلاش كده تجافينا ، دا أنت ليا وأنا ليك واحنا لبعضينا ا.

تريزا : أنت يا واد مش هاتبطل البكش بتاعك دا ؟ عاملي فيها قتديل وعدوية وعابحليم !؟

سيد : والله أنا دايب من قسوة الحبايب ، وقلبي نظيف وقصدي شريف !!!

تريزا: اتصبحنا وصباح الملك لله ، نعم ياروح أمك !!! أنت فاكرني يا واد جايا من الزمالك ، ولا من " جردل ستك" !! لا ( فوق لحالك) يا اخويا شوف أنت بتكلم مين ، لو كانت فاكرني واحدة من اياهن تبقى غلطان يا عينيا ، لا  دا انا اوديك البحر واجيبك عطشان ، ومالكش عتدي غير الشبشب ، أنت فاهم يا عين أمك !

سيد : صحيح إن بعض الظن اثم ! ،  انتي فهمتيني غلط ، دا انا قصدي شريف ، وعاوز اتجوزك في الحلال يا بت .

تريزا : تتجوزني ؟ والله بطولوه دا واسمعوا دا ، تتجوزني ازاي يا واد وانت مسلم وأنا مسيحية ؟؟؟

18 – بيتصلى له ، مش بيتصلى عليه !!!

سيد : وماله ، كله بيعبد ربه ، وموسى نبي ، وعيسى نبي ، ومحمد نبي ، وكل اللى له نبي يصلي عليه ، وكل واحد على دينه يا فراولة ! والنبي بتاعنا كان متجوز نصرانية !!!

تريزا : لا يا حبيبي ، عيسى دا يكون النبي بتاعكم أنتم ، لكن اللي عندنا اسمه المسيح ، ودا عندنا مش نبي ، ولا بيتصلى عليه ، لا يا روحي ، دا ربنا اللي بيتصلى له !!!

سيد : وماله ، طالما انتِ يتصلي له ، أنا كمان أصلي له ، أنا علشانك مستعد أعمل أي حاجة ، أضحي بحياتي نفسها

المهم نتجوز يا فراولة ، ونكون مع بعض ، أرحمي قلبي اللي داب من الشوق ، دا أنا نفسي أستتك يا بت ، واريحك من العذاب من اللي أنتي فيه، واخليك هانم !!!

19 – الارتداد والكباب

تريزا : منين ، وانت يا حسرة ايد ورا ، وايد قدام ، ال  على رأي المثل :

( عاش خفيف ومات خفيف ونزل التربة معهوش حق رغيف )!!!! ما هو الحال من بعضه يا ضنايا !

سيد : لا أنت  أكيد حسباها غلط ، ، هيكون عندنا شقة ، وبها فرش ، وخمسة الاف جنيه نشبرق بيهم .

تريزا : ليه ناوي تسرق سريقة يا واد ؟

سيد : لا سريقة ولا يحزنون ، بس فتحي مخك معايا " وها نقب"  سوا ، وها عيشك أحسن عيشة بدل من الخرابة اللي انت عايشة فيها ، وهالبسك أحسن لبس ، ولو مش مصدقة ، أنا عازمك النهارده بعد الشغل على أكلة كباب معتبرة !!!

تريزا : أنت بتقول كباب يا سيد ؟ !

سيد : أيوة كباب ، وكمان هاقعدك في كازينو على النيل ، إيه رأييك في كازينو الشجرة ؟ وها نروح السينما كما ن ؟

تريزا : أنت بتتكلم جد يا سيد ؟

سيد : أيوه ، وأهي مية جنيه أهي قدامك جنيه ينطح جنيه .

20– دموع الغيرة

باتعة : معلهش يا سمية يا أختي ، هما الرجالة كده عينيهم زايغة ، ( يا  مأمن الرجال ..)

سمية : أنا مش عارفة اللي الي عاجبه فيها ، دي حتى نصرانية نجسة !

باتعة : ما هي علشان نجسة هو ماشي وراها ، أصل أنا سمعت إن النصاري مش بيطهروا بناتهم زيينا ،وعلشان كده الرجالة بتوعنا بيحبوا يمشوا معاهم وكل واحد منهم بتحلى النصرانية في عينيه ، قطيعة الرجالة وعيونهم الزايغة !!!

21- – علقة سخنة يعقبها هروب من المنزل

الأم : كنت فين كل الوقت دا يا بنت ؟

تريزا : كانت عندنا طلبية مستعجلة واتخرنا في الشغل .

الام : وكمان بتكذبي يا فاجرة ، أنا رحت المصنع ولقيته مقفول ، ورحت بيت البت باتعة وهي قالت لي أنك مشيت مع الواد سيد الأحول ، هي حصلت يا بنت ... أنت عاوزه تفضحيني على كبري يا بت ؟ والله لأقتلك ، وأدفنك بيدي ، وأبعث لأخوك ، وأولاد عمك يقطعوك حتت ويرمونك للكلاب قبل ما تفضحينا وتجرسينا وسط اللي يسوى واللي ما يسواش ..

تريزا : يا ما  كفاية ضرب في حرام عليكِ ،  كفاية الذل اللى أنا عايشه فيه .. فيها إيه يعني أروح السينما ؟ وبعدين هو عاوز يتجوزني وكل واحد على دينه ، دا كمان عاوز يتنصر علشان يتجوزني ..

الأم : ابن الكلب قدر يضحك عليكِ وعازوك تصيعي وتكفري ، لكن خلاص مفيش مرواح للمصنع تاني ..

لكن البنت غافلتها ، وجريت مسرعة  قاصدة بيت صاحب المصنع ، الحاج عبد السميع ، فلحقتها أمها .

 22 - بنتك ما بقيتش بنتك!!!

الحاج عبد السميع : مين بيخبط على الباب ؟

تريزا : افتح يا أبويا الحاج ، أنا تريزا .

- مالك يا بنتي !؟

- أنا في عرضك يا حاج ، أمي عاوزة تقتلني ، وقالت هاتبعت لاولاد عمي من الصعيد علشان يقتلوني لانها عرفت أني خرجت مع سيد .

الحاج : - متخافيش ، أنت هنا في أمان ، ومفيش حد يتجرأ ويهوب من هنا .

أم تريزا : انزلي يا بنت لاحسن أطلع لك وأجررك من شعرك ؟

الحاج : جرى إيه يا ولية أنتي ؟ إيه هي بيوت الناس مالهاش حرمة ؟

- أنا عازوه بنتي -

- ما بقتش بنتك –

- أنت بتخرف بتقول إيه ؟ دا أوديك في ستين داهية ، دي البنت قاصر ، أنت فاكرها سايبة ولا إيه –

- امشى يا مرا يا مجنونة يا بنت ....  بنتك ها تدخل في دين الله –!!!

تريزا : أنت بتقول إيه يا حاج ؟

الحاج : ما هو يا أما تأسلمي يا أما أتركك للنصارى علشان يقتلوكِ ؟

فعرفت تريزا إنها دخلت جحر الافاعي ، فلاذت بالصمت .

أم تريزا : كده برضه يا تريزا تبهدليني معاكِ ، وتخلي واحد زي دا يشتمني !؟

23– بهدلة الأم

ظلت الأم تصرخ وتلطم خديها وتهيل التراب على رأسها ، والناس تجمعت من حولها ، وجاءت الشرطة ، وذهبوا كلهم إلى القسم ، ولحقهم سيد ، بعدما عرف بالموضوع ، وفي القسم قالت الفتاة إنها تريد الزواج من سيد وأمها تمنعها ، ثم قال الحاج : تقصد تقول إنها عاوزه تدخل في الإسلام لكن أمها تمنعها !!!

فقال الضابط : الكلام دا صحيح يا تريزا ؟

فنظرت تريزا للحاج ولسيد ، ولأمها ، فقالت : هما عاوزين يقتلوني ، والإسلام ها يحميني ، أيوه صحيح يا بك أنا عاوزة أكون مسلمة .

فصرخت أمها : يا فضيحتي يا فضيحتي !!!

فقال لها الضابط : فضيحة إيه يا ولية يا مجنونة أنتي ، هو الدخول في دين الله فضيحة ؟!

فقالت الأم : حرام عليكم دي البنت صغيرة ، تعالي يا أبنتي أرجعي البيت معايا ، ومحدش ها يكلمك ، أبوس أيديك يا أبنتي بلاش فضايح ، دا إحنا ناس غلابة ، ومش قد الحاجات دي ..

لكن الضابط طلب من المخبرين إسكاتها ، ثم هددها ،وأخذ  تعهد عليها بعدم التعرض لأبنتها ، ثم طردها من القسم ..

فهرعت الأـم إلى منزل ابنها وهي حافية القدمين ...

24: بطولة الأخ        

ادوار : مالك يا ما في إيه ؟

الأم : الحق أختك  يا أبني ، أخذوها المسلمين ؟

ادوار : انتي بتقولي إيه ؟

-             ثم شرحت له الموضوع ،ـ فجن جنونه ، وسحب سكينة من المطبخ وهرول خارجاًُ ، لكن زوجته ألقت بنفسها عليه ، وأمه طرحت نفسها تحت قدميه ، بينما وقف طفله الصغير يبكي ويصرخ ..

الأم : أعمل معروف يا ابني ، بلاش تهور ومتدويش نفسك في داهية ، هات السكينة ..

واخذوا منه السكينة ، وأسرعت الزوجة لمناداة أشقاؤها الثلاثة ، وأثنان من أقارب زوجها وبعض أصدقائه ، وتجمع في البيت حوالي حوالي عشرة شبان مسيحيين ، ستة من الأقارب ،ـ وأربعة من الأصدقاء ، فتم اختيار الأقارب للذهاب معه  إلى منزل الحاج ، وصعد إدوار بمفرده تاركاً الباقيين أسفل البيت

25 : أمة محمد

-                      ادوار :  أسمع يا حاج أنا مش عاوز مشاكل ، أنا جاي أخذ أختي وأمشي .

-                                  الحاج :  اسمعني أنت يا شاطر ، إذا ما كنتش هاتمشي من هنا دولوقت هاخليهم يشليوك على نقالة .

ثم هرعت زوجة الحاج إلى البلكون وصرخت قائلة / الحقونا يا أمة محمد النصارى عاوزين يقتلوا الحاج !!!

وانقلب الشارع كله على الشبان ، لكنهم تصرفوا كرجال ، وجاءت الشرطة ، وقبضت عليهم وقادتهم الى القسم .

26 – لا بديل من المواجهة

وبعد تعرضهم للكثير من البهدلة والضرب والشتم افرج عنهم بعد اخذ تعهد عليهم بعدم التعرض لقريبتهم .

لكن الأخ الجرىء لم يتراجع عن المطالبة باستعادة أخته الصغيرة ، وطرق أبواب المسؤولين ، فلما لم يجد انصافاً منهم ، قرر المواجهة ، وخصوصاً بعدما علم بأنهم قاموا بمحو الصليب بماء النار من أيدي أخته ، وأخذوها إلى الأزهر وأشهرت إسلامها هناك ، ثم أخذوها إلى الشهر العقاري وقاموا بعقد قرانها على سيد طبقاً لقانون الزواج المختلط  لأن اشهار الازهر بمفرده لا يعتبر وثيقة تسجيل موثقة ، ثم أخذوها إلى مديرية الأمن ، وتحددت لها جلسة والتقي معها أبونا حزقيال ، وكانت منهارة ومذهولة مما يحدث حولها حتى إنها لم تستطيع أن تجيب على أي سؤال يطرحه عليها أبونا ، الذي تأثر جداً لصغر سنها وطالب بتاجيل الجلسة اسبوع .

27 – حرقة قلوب الآباء الكهنة والخدام

انتقلت تريزا للاقامة في بيت اسرة سيد ، والذي اصبح زوجها بحكم القانون .

فقام أبونا حزقيال بعمل اتصالات بآباء الكنيسة القريبة من مسكن سيد، فذهب أحدهم ومعه خادمين من الكنيسة لتقديم النصح للفتاة ، ومحاولة التفاهم مع سيد ، لكن المسلمين هاجوا عليهم وطردوهم .

فلم يسكت أبونا حزقيال لأن قلبه كان محترقاً جداً على الفتاة ، فأرسل لهم رجل مسيحي معروف في المنطقة ويمتلك  محل لبيع الذهب ، وعرض تقديم مساعدة مادية  لسيد مقابل أن يترك الفتاة تعود إلى أمها ، لكنه رفض ، وتعرض الرجل للشتم والإهانات ، فذهب أب كاهن ثان في محاولة يائسة لأنقاذ البنت ، فرفضوا استقباله.

28 – الصعايدة وصلوا

أما أخوها ، فكان يذهب إليهم يومياً ، وفي آخر مرة أهانوه ، وطلبوا منه عدم الحضور إليهم مرة أخرة وإلا فسوف يمزقوه إرباً ، فقرر تنفيذ ما سبق وخطط له ، وقال لزوجته :

لا مفر أمامي من مواجتهم بالقوة ، فلو قتلت ، سوف أقتل دفاعاً عن ديني وشرفي .

فبكت الزوجة وركعت تحت قدميه متوسلة له عدم المجازفة بحياته ، لكنه لم يستجب ، وقرر السفر إلى الصعيد ، وعاد  بثلاثة سيارات ميكروباص محملين بأقاربه ومعارفه ، وذهبوا الى منزل سيد محاولين استعادة بنتهم ، فلما رفضت عائلة سيد وجيرانه استعادة البنت ، نشبت معركة حامية الوطيس ، اشتركت فيها الجماعات الإسلامية وعائلة سيد ، وجيرانه ، وانضم بعض مسيحيي المنطقة لادوار ، وانقلبت دوائر الأمن وهرعت إلى المكان بسرعة للسيطرة على المشاجرة قبل أن تتسع وتشمل كل المنطقة وتتحول إلى مذبحة شبيهة بالمذبحة السابقة التي حدثت في نفس المنطقة منذ سنوات ، وراح ضحيتها عشرات الاٌقباط .

وقد أظهر الأقباط الصعايدة شجاعة باسلة في الدفاع عن أنفسهم أمام طوفان كاسح من الخصوم ،ولم يكن معهم أي اسلحة سوى العصي فقط ،بينما حمل خصومهم السكاكين والسواطير .

29 : محمود إيه دا يا محمود ؟!

 سعادة الباشا : إيه دا يا محمود اللي  أنا سامعه بيحصل عندك دا؟

محمود بك : أبداً يا سعادة الباشا ، دي مسألة بسيطة خالص ، وتمت السيطرة عليها ، والأمن مستتب في المنطقة ، وسيطرنا على الوضع في أقل من نصف ساعة ، وقبضنا على كل العيال ( وعملنا معاهم الواجب وزيادة ؟) سواء في المنطقة أو في القسم ، وسعادتك تكون مطمئن خالص ، فالموضوع انتهى ، واي واحد نصراني ها يقرب من البنت مرة تانية هاوديه ورا الشمس ، والكلام دا أنا قلته لأهالي البنت ، وللقساوسة بتوعهم .

سعادة الباشا الكبير : هو دا عشمي فيك يا محمود بك ، وأنا قلت لسعادة الباشا الكبير ، إن محمود قدها وقدود .

محمود بك: آمال تلميذك يا باشا .

الباشا : شوف يا محمود أنا عاوز الموضوع يتلم بسرعة ، علشان البنت قاصر ، وعيلتها وإن كانوا فقرا لكن دول باين عليهم ناس مش ساهلين ، وطالما إتجرأوه وجم من الصعيد بثلاث عربيات محملين بأقاربهم ، يبقى لازم تشد عليهم ، لا أحسن غيرهم يقلدهم ويكررها وتبقى مصيبة .

30–  اطمئن يا باشا كله في السليم ، وعلى سُنة الله ورسوله!!!

محمود بك: اطمئن يا باشا ، إحنا في السليم ، فالبنت وإن كان عمرها 17سنة إلا إنها حاصلة على إشهار الأزهر ، ومعاها كمان شهادة من لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بتؤكد إنها راشدة طبقاً للشريعة الإسلامية ، ومتزوجة زواج رسمي في الشهر العقاري (زواج مختلط) لحين إنتهاء الإجراءات الرسمية ، وهي متقدمة بطلب إعتناق إسلام للمديرية ، وحضرت جلسة  السبت اللى فات ، ولها جلسة أخيرة السبت اللي جاي ، يعني ماهياش طفلة ولا مخطوفة ولا حاجة ، وعايشة في منزل زوجها على سنة الله ورسوله ، أما شوية الحناطير بتوع الصعيد ، فأهالي زوج البنت وجيرانه وكل سكان الشارع ومعاهم العيال بتوع جامع التوحيد ، قاموا معاهم بالواجب ، وإحنا كمان لما جينا كملنا عليهم " وسقيناهم حاجة ساقعة " وأخذوا طريحة محترمة ، وكانوا حوالي ثلاثين واحد ، معظمهم جري ، لكن إحنا مسكنا  9 منهم ، وهم بس المهمين ، فبينهم أخوها ، وهو واد شايف نفسه شوية ، وعمره 22 سنة ، وأمها ، واثنين من أعمامها ، وخالها ، وثلاثة من  أولادهم ، وكلهم موجودين هنا ، وها عملهم كرت إرهاب ، وبعد كده أعمل فيهم زي سعادتك ما تأمر .

الباشا : التعليمات اللي عندي بتقول تشد عليهم بس من غير ضرب ، وتفرج عنهم بعد أخذ إقرارات عليهم بعدم الاقتراب من الشارع اللي ساكنة فيه البنت .

31– اللجوء إلى الكنيسة

ذهب ادوار ، ومعه أقاربه ، إلى كنيسة العذراء بمهمشة لمقابلة أبونا حزقيال ، وقال ادوار بدموع :

- يعني أختي راحت خلاص يا أبونا ؟؟؟

أبونا حزقيال : -  لا يا ابني ، فعند ربنا مفيش حاجة أسمها خلاص ، لكن موضوع أختك اتعقد قوي بسبب تدخل رئيس مباحث القطاع ، وواضح ان الحاج صاحب المصنع له واسطة كبيرة في لاظوغلي ، وحتى الجماعات دخلت في الخط ، والبنت تزوجت ، ومعها اشهار الأزهر ، وباقي ثلاثة أيام على الجلسة النهائية وتصير مسلمة بشكل رسمي ، لكن رغم كل هذا الضباب ، إلا أن قلبي يحدثني بأن المسيح سوف يتمجد وينقذ أختك ، إزاي ، أنا مش عارف ، لكن ربنا عنده كتير  وأنا في دماغي فكرة ، لو نجحت ، فستكون معجزة بكل المقاييس ، فهناك خادم جديد تم تكريسه لهذه الخدمة الشهر اللي فات بس ، ولم ينزل إلى أي حالة بعد ، لأنه منشغل الآن بإعادة ترتيب وتنظيم المكتب ، لكن هو الوحيد اللي عنده خبرة بالمسلمين ويعرف يتعامل معاهم بطريقتهم ، لكن مش عارف هل سيسمح له رئيسه الروحي باستلام هذه الحالة الخطرة المعقدة أم لا ؟ عموماً سوف أعرض الأمر عليه ، وأما أنت فمر علي غداً وسوف أبلغك بما تم معه ، حتى إذا وافق فيمكن أن يرتب موعد معاك لمعرفة بعض التفاصيل .

32– الرئيس الروحي

كان للخادم الجديد ثلاث آباء روحيين بمثابة رؤساء له :الرئيس الروحي .الرئيس الإداري .أب الاعتراف .

وكان الرئيس الروحي ، وهو أب راهب قديس ، هو ولي نعمة الخادم الجديد ، لأنه الذي قدمه للخدمة ، والمسؤول الأعلى عن خدمته ، والمسؤول الأعلى عن الخدمة كلها أمام الرئاسة الكنسية ، وهو واحد من الآباء الكبار في الكنيسة ويتولى فيها عدة مسؤوليات ، أب راهب من طراز فريد ، جمع في شخصه المهابة والمحبة ، الحسم واللين ، والقوة والعطف .

ناسك شديد الالتزام في غير تزمت ، جرىء ، شجاع ، لا يهاب الموت . وكان أول درس يلقنه للخادم الجديد هو عدم الاهتمام بجسد هذا الموت .

33 – جسد هذا الموت

اسمع يا أبني ، من يعمل معي لابد أن لا يخاف من الموت ، فهؤلاء الناس ليس لهم شيئاً عندنا غير جسد هذا الموت ، فإن أراده فليأخذوه ، أما أرواحنا فلن يستطيعون أن يأخذونها لأنها ملك للمسيح وحده .

34 – المسيح وحده

أدرك الخادم الجديد إن سر قوة أي خادم تكمن في هذه العبارة ( المسيح وحده ) فلو آمن الخادم بأن المسيح وحده هو الله الذي يحي ويميت ، فسوف يرخص الموت في عينيه ، ولن يعبأ بأي مخاطر ، لإيمانه أنه في حماية الإله القدير وحده ، وهذا هو سر قوة القديسين والشهداء والمعترفين وأبطال الإيمان، وقد أستطاع الرئيس الروحي أن يجعل الخادم الجديد يشتهي الاقتداء بشجاعة القديسين ، لذلك فلقد عُرف عن هذا الخادم بأن قلبه ميت ، بمعنى أنه لا يخاف من الموت .

35 – أول تكليف ميداني للخادم الجديد

أبونا حزقيال  :

أسمع يا أبني ، أنا من ساعة ما شوفتك وأنا حاسس إن عندك حاجات كتير تقدر تعطيها لهذه الخدمة ، وأنا عندي حالة صعبة جداً تخص بنت صغيرة وفقيرة صعبانة علي قوي .

الخادم الجديد : أنا تحت أمرك يا أبونا وخدام للتراب اللي بتمشي عليه ، وحياتي فداء للمسيح والكنيسة والرعية .

أبونا : أنا عارف كل دا كويس علشان كده أنا  فكرت أن أعرض عليك هذا الموضوع لأنه لن يحل بأي طريقة معروفة ، فلقد سلكنا  كل الطرق بدون فائدة ، وتدخلت ناس كتير بدون أي نتيجة ، وإليك تفاصيل الموضوع ....

الخادم الجديد : لكن يا ابونا الموضوع زي ما حضرتك شايف ، هو مقفل من كل ناحية ، وإذا كان كل هؤلاء الكهنة والخدام الكبار قد تدخلوا بدون نتيجة ، فهل تدخلي أنا - السقط - سوف يأتي بنتيجة ؟

أبونا : أسمع يا ابني ، أنا عارف تماماً  إن الموضوع ميت ، لكن أنا عندي إيمان في السيد المسيح اللي ظهر لك في الكعبة وأحياك من بعد موت ، ان يحيي هذه البنت بعدما ماتت ، على الأقل هي لم تنتن بعد ، كما حدث مع اليعازر الذي أحياه المسيح بعدما أنتن .

36 – طوبي للاب الذي يلهب حماس اولاده

الخادم الجديد  : دا مش كلامك أنت يا أبونا ،لا ،  دا كلام ربنا نفسه بيوجهه لي على لسانك ، وأنا جاهز تماماً وتحت أمرك في كل ما تأمرني به .

أبونا : ربنا يكون معاك يا أبني ، ويشدد قلبك أمامهم ، ويعطيك الحكمة للوصول إلى البنت لمحاولة اقناعها بعدم حضور الجلسة يوم السبت القادم ، أي بعد ثلاثة أيام فقط ، وأنا عارف إن الوقت قصير ، لكن أبذل كل جهدك في الوصول إليها وجعلها تتراجع عن الحضور لهذه الجلسة ، لمنحها فرصة أسبوع إضافي للتفكير لعلها تتراجع عن قرارها ، وأما بالنسبة موضوع زواجها من مسلم فمقدور عليه بالطلاق ، وكذلك اشهار الأزهر فهو ليس قانوني ، بس اللي محيرني هو إزاي هاتقدر تدخل بين الناس دول ؟ وبأي طريقة ؟ وهناك تحذير مشدد من الأمن على أي  شخص قادم من الكنيسة يحاول الاقتراب من البنت ؟

الخادم :  أنا كمان مش عارف يا أبونا ، لكن ساعتمد على الله ، وهو الذي سوف يرشدني ويقودني ، ولكن اسمح لي يا أبونا أن أتصرف بطريقة شخصية بحسب الأوضاع التي أراها على الارض ، دون الرجوع إلى الكنيسة ، إلا فيما يتعلق بضوابط الإرشاد الروحي ، لأنه كما يعلم قدسك فلا توجد أية تعليمات في الكنيسة تبيح للخادم المسيحي المجازفة باختراق حواجز الأفاعي، بل على العكس فإنها تحذرهم من الاقتراب منها .

أبونا : ليعطيك الرب حكمة لكي تتصرف بذكاء لإنقاذ هذه الفتاة من الهلاك الأبدي ، ولو نجحت في إعادتها للمسيح رغم كل هذه المعوقات ، فسوف يصبح لك مستقبل كبير في هذه الخدمة ، وسوف يتأكد الجميع أبعاد حكمة أبوك الروحي في اختيارك لهذه الخدمة ، رغم كل التحذيرات والتحفظات التي كان يسمعها ، وسوف تطيل رقبته وتؤكد صدق المثل القائل :

لا يفل الحديد إلا الحديد .

37 - من هنا نستمد القوة

على باب هيكل كنيسة الأنبا رويس ، ركع الخادم الجديد ، طارحاً نفسه تحت قدم المسيح ، مصلياً بدموع وأنات ، طالباً منه أن يمنحه القوة للقيام بهذه المهمة الصعبة والخطرة :

يا رب أنت تعلم كم أنا ضعيف ، فأرسل لي قوتك لتعين ضعفي ، انفخ في روحي حتى تتقوى ، فليتمجد اسمك مع ضعفي حتى تثبت أقدامي في كنيستك ، أنت تعلم إني فقير ووحيد أنا وليس لي سند سواك ، فلتسندني يداك المعتزة بالقدرة ، قويني يا رب لاستعادة أبنتك إليك ، وإن قتلوني فأقبلني إليك ، ولا تلفظني بسبب شروري وآثامي ، بل ليتمجد اسمك مع عبدك المسكين ، ولتصنع بي عجائبك .

38 – جاتوه لسيد ، ومعسل  لأبوه !!!

انطلق الخادم الجديد يجمع المعلومات عن الفتاة المسيحية ، وزوجها الشاب المسلم ، فذهب لشقيق الفتاة وجلس معه ثلاث ساعات ، وطرح عليه عدة أسئلة تتعلق بأخته ، كان بعضها يبدوا غريباً  مثل الألعاب التي كانت تحبها في طفولتها  ومثل تسريحة شعرها ! وألوان الملابس التي تحب أن ترتديها ! حتى ظن الشقيق إن الخادم مجنون !!!!

ثم ذهب إلى منزل أمها ، وطرح عليها العديد من الأسئلة الأكثر غرابة ، فأيقنت الأم أنه مجنوناً بالفعل !!! ولكن الكل كان أشبه بغريق يتعلق بقشه ، فاحتملوا اسئلة الخادم وأجابوا عليها وسط ضحكاتهم المريرة !!!

ولم تتمالك الأم نفسها من الضحك عندما سألها الخادم عن سيد وأهله :

هو الواد سيد بيشجع الأهلي ولا الزمالك ؟!

وعاد ليسأل أخوها :

هل هذه كل المعلومات التي تعرفها عن سيد وأبوه ؟

فأجاب الأخ ساخراً : نسيت أن أقول لك إن سيد بيحب الجاتوه ، وأبوه بيحب يدخن الشيشه ، والمعسل المفضل عنده ماركة زغلول !!

فهتف الخادم وكأنه عثر على كنز :  برافوا عليك ، هي دي الثغرة التي سأدخل بيها بيتهم !!!!!

39 – الفتح المبين!!!!

وصل الخادم إلى منزل سيد ، وما أن عرف أبوه إنني قادم لفتح موضوع الفتاة ، حتى صاح على زوجته بإحضار السكين! فابتسم الخادم وقال له بثبات : وهي دي برضه أصول الضيافة يا راجل يا طيب ؟! دا أنا جايب لك معايا دستة معسل علشان نقعد مع بعض ونتفاهم على رواقة ، وبين الشاري والبائع افتح الله !!!

فنظر الرجل للخادم باستغراب شديد ، وقال له :

أنت مين ؟ وعاوز إيه ؟ وإيه حكايتك بالضبط ؟

فأجاب الخادم : أنا واسطة خير ، وعاوز مصلحتكم ومصلحتي ، وأما عن حكايتي فستعرفها وإحنا بنشرب الشاي !!!

أبو سيد : أتفضل أدخل لما نشوف أخرتها معاك إيه ، لكن أنت مش خايف من السيد رئيس مباحث القطاع ؟

الخادم : وأخاف منه ليه دا حبيبي !!!

40 – تريزا ! لا دي مش تريزا ، دي فاطمة ! وماله حد يطول يتسمى بالسم الزهراء بنت الرسول !!!!

دخل الخادم جحر الافاعي دخول الفاتحين ، وما أن وقعت عينيه على سيد حتى اسرع نحوه معانقاً إياه ومهنئاً على زواجه السعيد !! ثم قدم له هدية مناسبة وسط تعجب أهل البيت ، وأما عندما وقع بصره على تريزا فتحركت أحشائه بداخله وكاد أن يبكي ، فالبنت صغيرة فعلاً ، وصغر حجم جسدها يخيل للمرء إنها طفلة في الثانية عشرة ، وليست مراهقة في السابعة عشرة ، وكانت يدها اليمنى مربوطة بقطن وشاش لأنها اجريت عملية  محو وشم الصليب من على الجلد بالحرق الكهربائي ، وكانت تنظر للخادم بقلق وتوجس وخوف ، وكاد الخادم أن يبكي حزناً عليها ، لكنه سرعان ما  تذكر مهمته ، فتغلب على دموعه ، وتقدم منها مهنئاً على زواجها قائلاً : ألف مبروك يا تريزا !

فقال حماها : بقى اسمها فاطمة مش تريزا !

الخادم : وماله دا حتى اسم فاطمة كله موسيقى ، وهو في بنت تطول يكون اسمها على اسم الزهراء بنت الرسول ؟!

41 – انت باين عليك داهية وبلوة  مسييحة !!!!

فضحك الجميع ، وقال أبو سيد : اقعد دا أنت باين عليك داهية وبلوة مسييحه !

الخادم : شوفوا بقى ، باختصار شديد ، ومن غير لف ولا دروان ، أنا جاي أعرض عليكم عرض تفكروا فيه براحتكم وما بين البائع والشاري افتح الله ، حلو الكلام !؟ سيد كان يتجوز البنت وأهو اتجوزها ( والحمد لله !) وكان عاوزها تأسلم وهي تأسلمت وشالت الصليب من يدها ، واشهرت اسلامها في الأزهر ، يبقى ليه بقى موضوع المديرية ؟

الأب : ما هي المديرية يا خفيف علشان تغير اسمها رسمي وتقدر تسافر مع زوجها إلى السعودية ؟

الخادم : بس أنا معايا عرض للسفر إلى أمريكا وبضعف الراتب الذي سيأخذه في السعودية ثلاث مرات ، ومش لسيد بس  لا ، دا لأخوه الكبير كمان ، وهو صاحب عيال وأولى بالسفر !!! يعني الاثنين هايسافروا وبعد كام سنة هايرجعوا مليونيرات ويخلوك تقب على وش الدنيا أنت وأم بقية العيال وأمهم ، وحتى تتحسن حالتهم سوف اقدم لكم مساعدة شهرية لمدة سنة تمشوا بيها حالكم ، فكروا وبعدين ردوا علي .

الأب : بس الحداية ما بترميش كتاكيت ، يعني لو كان المقابل إن فاطمة ترجع نصرانية أو الواد يطلقها يبقى افتح الله.

الخادم : محدش طلب انها ترجع ، ولا تطلق ، كل المطلوب هو عدم الذهاب لجلسات المديرية .

الأب : طيب وما هي الضمانات ؟

الخادم : مجرد أن تتخلف عن الذهاب للديرية ثلاث جلسات متتالين ، سوف أنفذ الاتفاق ، ولو لم أنفذ فالمديرية موجودة ومش ها تطير ،وفكر كويس في مستقبل أولادك ، وبعدين يبقى اعطيني رد.

 

قال الخادم ذلك ثم غادر جحر الافاعي ، شاعراً بأنهم ابتلعوا الطعم بسب مطامعهم ، وكان يهدف من مهلة الثلاث أسابيع اقتناص فرصة للتحدث مع الفتاة لحثها على التوبة والرجوع لله ، ونجحت خطته نجاح مذهل ، وكان يقترض النقود لشراء الهدايا لهم ، وجعلهم يظنون أنهم وقعوا على كنز ، وظل يتردد عليهم يومياً ، وكان محظور عليه التحدث إلىالفتاة فكان ينتهز الفرصة لينظر إليها نظرات توسل صامت للرجوع للمسيح ، وبدأت الفتاة تتجاوب مع هذه النظرات ، وذات مرة نظرت إليه وهي مبتسمة ابتسامة ذات مغزى ، وهي إنها تعرف يقيناً بأنني ألعب عليهم لكي أرجعها للمسيح !!! و جاء السبت الأول ، وشعر الخادم بقلق لئلا يتراجعوا عن الاتفاق ويذهبون بالبنت الى المديرية ، لكن ذهب أبونا حزقيال ولم يجد البنت ، وتكرر الامر نفسه في السبت التالي ، حتى حفظ الطلب إدارياً . وسط تعجب أبونا حزقيال ، وأهل الفتاة ، وكل الذين سبق لهم التدخل في الموضوع ، ثم حانت الفرصة الذهبية :

أخذ الخادم قربانة من الكنيسة ووضعها داخل حقيبته ، ثم ذهب لجحر الافاعي ، وكان سيد خارج المنزل ، بينما كان أبوه يصلي العصر داخل صالة الشقة التي تطل على غرفة الجلوس ، فقام الخادم وأعطى ظهره لابو سيد حتى لا يراه ، ثم فتح حقيبته وقدم القربانة للفتاة قائلاً :

هل تريدين قربان ؟

فلم تجيب ، بل نظرت حولها ، ثم اختطفت قطعة من القربانة وأكلتها بنهم شديد !!!

فتشجع الخادم وهمس قائلاً :( المسيح بيحبك يا تريزا )

فردت هامسة : رغم كل اللي عملته ؟!

الخادم : نعم لأنك  بنته ، ولأن الظروف السودا هي وصلتك لكده ، لكن كله يهون في سبيل الرجوع .

تريزا مبتسمة : أنا لسة عذراء !!!

الخادم : برافوا عليك ، حافظي على نفسك وسوف أقولك متى تهربين .

42 – حرماً يا حاج !!!

هكذا بادر الخادم أبو سيد بمجرد أن راه مقبلاً عليه في حجرة الجلوس بعد أن أنهى صلاته سريعاً حتى لا يترك له مجال للحديث مع الفتاة ، لكن لم يكن يدري بأنه قد تحدث معها بالفعل ، ورغم قلة الكلام الذي تحدث به إلا أن الرب استخدمه بقوة ليلين قلب الفتاة ويحرك بداخله الشوق والحنين للرجوع للمسيح .

43 – الهروب 

ظل الخادم يتردد عليهم لمدة ست شهور متتالية ، حتى اطمأنوا إليه ، وظن المسيحيون إن مهمة الخادم انتهت عند حد التدخل بوقف اجراءات إسلامها الرسمي ، مع استمرار زواجها من مسلم ، وأسلمتها الدينية عن طريق اشهار الأزهر ، ولكن الخادم كان يؤكد للجميع إن البنت ليست متزوجة بالفعل ، بل لا تزال ( عذراء ) وإنها عادت للمسيح بقلبها وتنتظر الفرصة المواتية للهرب ، لكن لم يجد أحد يصدقه ، حتى أم الفتاة نفسها ! التي ظنت إن الخادم مجنون !!!

44 الطلاق مقابل ثلاثة آلاف جنيه

وتمجد اسم الرب وهربت الفتاة ولجأت إلى أخوها والذي كان الخادم ينسق معه كل الخطوات ، ثم أخذها وهرب بها إلى الصعيد ، وثار سيد ، وابوه ، وعرف الجميع إنني رديت لهم الملعوب ، وحاولوا البحث عني لقتلي ، لكني كنت اخنفيت عن الأنظار ، واخيراً وافق سيد على تطليقها بعدما عرف إنها لا تحبه ولا تريد ترك دينها ، لكنه اشترط دفع عشرة آلاف جنيه مقابل الطلاق ، مما جعله يرخص في نظر الفتاة ، وجرت المساومات حتى تم ايصال المبلغ الى ثلاثة آلاف جنيه .

45 – عودة تريزا للمسيح ، وزواجها من مرقص

عادت تريزا مرة أخرى للمسيح ،وقام الخادم بعمل اجراءات عودتها الرسمية للكنيسة وسط فرحة أبونا حزقيال وأهل الفتاة ، ومنذ هذه الحادث وصار أبونا حزقيال يلقب الخادم الجديد برجل المهمات الصعبة!!

وظل الخادم يتابع تريزا التي أصبحت تدعوه ب ( بابا) فأحضر لها شاب مسيحي لتخطب له ، وحضر خطبتها ، لكنها لم ترتاح معه ، ففسخ خطبتها ، حتى تعرفت على مسيحي آخر ، أحبته ، وخطبت له ، وحضرت حفل الخطبة بصفتي صديق أخوها ، ثم حضرت حفل الزواج ، ورأيتها مع زوجها وهي حامل ، وبعد ولادتها ، وحملت وليدها على يدي ، وظللت أتابعها خمس سنوات متتالية ( كعادتي مع كل الحالات ) فالمتابعة الدقيقة والمنتظمة هي  أساس نجاح أي خدمة .

 

وفيما يبدوا إن الله أراد أن تكون بدايتي في هذه الخدمة ساخنة جداً ، إذ بعد مضي شهور قليلة على حالة هذه الفتاة فوجئت بتكليفي بحالة أخرى أشد صعوبة وتتعلق بارتداد أسرة بأكملها مكونة الأب والأم وخمسة من الابناء والبنات وبعد النجاح في إعادتهم للمسيح فوجئت بهرب البنت الكبرى ( 16 سنة) وزواجها من جزار مسلم مقيم داخل مدافن الإمام الشافعي ، فذهبت إليها داخل المدافن ليلاً مردداً قول المرنم :

:( ... اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي).مز 23 : 4 .

فإلي اللقاء في المقال القادم مع تفاصيل قصة ( البطة العجيبة ) !!!


 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون