حدث يوم
الجمعة العظيمة سنة 641 م
+ ( لك القوة والمجد والبركة
والعزة إلى الابد ، آمين ).
( ثوك تي تي جوم نيم بي أوؤو نيم
بي أزمو نيم آما هي شا اينية آمين)
+( عمانوئيل إلهنا وملكنا . لك
القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد ، آمين ).
( أمما نوئيل بين نوتي بين أورو.
توك تي تي جوم نيم بي أوؤو نيم بي إزمو نيم بي آما ها شي إينيه
آمين)
+ ( يا ربي يسوع المسيح ). (
باشويس إيسوس بي أخرستوس )
+ ( يا ربي يسوع المسيح مخلصي
الصالح ). ( باشوييس إيسوس بي أخرستوس باسوتير أن أغاثوس ).
هكذا كان يردد الاقباط ، بلغتهم
الجميلة ، تسبحة البصخة المقدسة من يوم الجمعة العظيمة ، جمعة
الآلام والأوجاع ، حيث عانى سيدهم الكثير من اجل خلاصهم ، وخلاص
كل العالم .
أنه يوم عزيز جداً على نفوس
الأقباط ،من أكبرهم إلى أصغرهم ، من أقواهم إلى اضعفهم ، فجميعهم
يلتقون داخل الكنيسة في هذا اليوم ، وأعمدتها متشحة بالسواد
حزناً على ما تعرض له مخلصهم الصالح من آلام وأهات ، في هذا
اليوم الطويل ، حيث سالت فيه دمائه ، وامتزجت بعرقه ودموعه ...
بينما جاء صوت الحب والغفران ليشق
جدران الصمت ، ليجلد الكراهية ، ليصلب الحقد ، ليوقظ الضمائر
النائمة ، ليرسى أعظم مبادىء عرفها الإنسان ، أي الغفران للمعتدي
، وليس الانتقام منه ، والدعوى عليه:
يا
أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون
[ لو 23 : 34 ].
كانت لهذه العبارة وقعاً خاصاً على
نفوسنا نحن الأقباط في مثل هذا اليوم من 14 قرناً مضت ،
وبالتحديد يوم الجمعة الحزينة الموافق 6 ابريل سنة 641 م حيث
تعرضنا لاعتداء غاشم من العرب الغزاة النازحين من جوف الصحراء ،
بحثاً عن الماء ، والظل الظليل ، والنساء الحسان ، والذهب والفضة
، والسلطة والملك ، فهاجموا بلادنا ليعيثوا فيها فساداً . ورغم
كل الدمار الذي أحدثوه اثناء غزوهم لبلادنا ، ورغم كل الرعب الذي
أوقعوه في نفوس شعبنا ، والمتمثل في ذبح الآلاف من الرجال
والشباب ، وسبي نساؤنا وفتياتنا وغلماننا ، وتدنيس مقدساتنا ،
ونهب كنائسنا وأديرتنا ، وذبح كهنتنتا ورهباننا ، والاعتداء
الإثم على راهباتنا العفيفات ، وسلب ممتلكاتنا
إلا إننا لم نبالي بكل هذا ،
وأصررنا على الذهاب إلى كنائسنا للصلاة كعادتنا دائماً في هذا
اليوم المقدس ، بل أقدس أيام السنة كلها، لأنه اليوم الذي نلنا
فيه الفداء بدم المسيح المسفوك على الصليب ، وهو اليوم الذي
نسميه ( الجمعة العظيمة ) & ( جمعة الآلام ) & ( الجمعة الحزينة
) ..
وجاء الغزو العربي الغاشم ، وما
تبعه من مآسي ليس لها مثيل ، ليضاعف من أحزان هذا اليوم .
المقوقس يسلم مفتاح حصن بابليون
إلى العرب بقيادة عمرو ابن العاص
ثم جاءهم خبر قيام الحاكم البيزنطي
الدخيل ( المقوقس) بتسليم مفتاح حصن بابليون( مصر القديمة) للعرب
الغزاة ، بقيادة عمرو ابن العاص ( ابن ليلى الزانية " أشهر
عاهرات مكة ، وأرخصهن اجرأً ) ليجعل من يوم الجمعة الحزينة
الموافق 6 ابريل سنة 641 م ، هو بمثابة يوم الحزن الطويل الذي لم
يعقبه فرح ، إذ دخلنا على إثره في داومة من البؤس والذل
والعبودية ، ولم نخرج منها حتى الآن ، وفيما يبدو إننا لن نخرج
منها حتى اليوم الأخير ، يوم يأتي الله ليدين المسكونة بعدل ،
ليجازي كل واحد بحسب عمله ويوم يستجيب لصرخات هؤلاء المظلومين
( رؤ 6 : 10 ) :
"
حتى
متى ايها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم
لدمائنا من الساكنين على الارض"؟
فيأتي الله العادل ، ليقضي بالعدل
، وينتقم لدمائهم التي سفكها القتلة الظالمون .
+ امتزجت صلاة الاٌقباط بدموعهم ،
لأنهم كانوا يعرفون أنهم على موعد مع عصر استشهاد ثان ، يفوق في
وحشيته وضرواته،عشرات المرات ، على عصر الاستشهاد الأول ، الذي
دشنه الإمبراطور الوثني الطاغية دقلديانوس.
وكان الجواب واضح من عنوانه ، فهم
وحوش آدمية نازحة من الصحاري والهضاب والشعاب ، ومدعمة
بالعربان الرعاع والغجر والصعاليك
والمرتزقة والبربر، وكانت هيئاتهم الخارجية تبث الرعب في قلوب
اشجع الفرسان ، فكم وكم في قلوب
الشعب القبطي المدني الأعزل ؟
كانوا يرددون في الكنائس تسبحة
التمجيد لله الخالق :
( لك القوة والمجد والبركة ...)
بقلوب تقترب كل لحظة من الاستشهاد لتلحق بربها.
وكان المشهد مؤثراً جداً ، وأنت
ترى العائلات القبطية ، وهي مجتمعة داخل الكنيسة في هذا اليوم
الطويل ذو الحزن المركب ، عندما كان كل فرد من العائلة ينظر إلى
الآخر نظرات تتنازعها العاطفة الإنسانية بالأمانة للخالق ، وصدى
أقواله ترن في مسامعهم ، مطمئنة ، ومذكرة ، ومحذرة ( مت 10 : 16
– 37):
1- (
لا
تخافوا
من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها.بل
خافوا
بالحري
من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.أليس
عصفوران يباعان بفلس . وواحد منهما لا يسقط على الارض بدون ابيكم.
اما
انتم
فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة.
فلا
تخافوا
. انتم افضل من عصافير كثيرة ).
2 -
فكل
من
يعترف بي قدام الناس اعترف انا ايضا به قدام ابي الذي في السموات.
3 -
ولكن
من
ينكرني قدام الناس انكره انا ايضا قدام ابي الذي في السموات
.
4-من
احب
ابا او اما اكثر مني فلا يستحقني
.
5 -
ومن
احب ابنا او ابنة اكثر مني فلا
يستحقني.
6 -
ومن
لا
ياخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني.
7 -
من
وجد
حياته يضيعها.
ومن
اضاع حياته من
اجلي
يجدها .
تشابكت أياديهم ، وقالوا معاً بصوت واحد ، ما سبق وسمعوه من ربهم
( مت 16 : 24 - 26):
+ (ان
اراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه
ويتبعني.
فإن من اراد ان يخلّص نفسه يهلكها.
ومن يهلك نفسه من
اجلي
يجدها.
لأنه
ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه)
؟؟؟
+ (اقول
لكم يا احبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم
ما يفعلون اكثر)
لو 12
: 4
ثم هتفوا قائلين مع بولس الرسول :(
إن عشنا فاللرب نعيش وإن متنا فاللرب نموت ).رو 14 : 8
انتهت الصلاة ، وافطروا من صيامهم
على شرب الخل المر ، ليبدأ عهدهم بما هو أشد مرارة من المر .
كان العدو الغازي صريحاً جداً في
عدوانيته وإجرامه ولصوصيته :
1- أما أن تكفر بدينك وتتبع دينه
الجديد الغريب
2 - أما أن تدفع له الجزية (
أتاوة وبلطجة إجرامية) محتقراً ذليلاً
3 أما أن يذبحك ، ويسبي نساؤك
وفتياتك وغلمانك ، ويستولى على دارك ومقتنياتك .
وللإنصاف نقول ، أن هؤلاء الغزاة
ليسوا أول من ارتكب هذه الجرائم الوحشية ضد البشرية، فلقد سبقتهم
أمم وثنية كثيرة ، إلى هذا الظلم والبلطجة والغزو ، بل ومنهم أمم
تدين بالمسيحية ، كالروم ، مثلاً ، لكن كل هذه الأمم لم تبرر
إجرامها بالدين ، بعكس هؤلاء الغزاة الجدد الذين كانوا أول أمة
في التاريخ تصبغ مطامعها بالدين ، فتجعل من الغزو والقتل والنهب
والسبي والبلطجة ، تعاليم ووصايا إلهية ، وتتجرأ على الله أكثر
فتدعي إن يوم يواحد في الرباط ( حصار البلدان والشعوب تمهيداً
لغزوها ) أفضل من عبادة ألف عام !!!
كان هذا الحكم الجائر الذي اصدره
العدو الغازي صعباً جداً على كل الأقباط ، لكنه كان أشد صعوبة
على فقراؤهم ممن لا يملكون سداد قيمة هذه الجزية ، والتي سرعان
ما لحقها مطالب أخرى ، كالخراج مثلاً .. ناهيك عن السخرة . فكان
فقراء الاٌقباط هم أول من نال شرف الاستشهاد ، فتحية وتقدير
لفقراء شعبنا ، الرعيل الأول من شهداؤنا الأبرار .
كان اغنياء الاقباط يسددون الجزية
لإخوانهم الفقراء المتواجدين معهم ، لكن كان هناك فقراء كثيرون
من الفلاحين ، ومن العمال والاجراء ، يعيشون في أماكن بعيدة لا
يوجد بها اغنياء ، أو يوجد بها اغنياء لكن عددهم قليلٌ بالنسبة
لعدد الفقراء الهائل بسبب ظلم ونهب " الروم " الذين لم يقلوا
إجراماً وبطشاً عن الغزاة الجدد والذين ستكون لنا معهم وقفة في
موضع آخر .
+ عرف الأمناء من فقراء شعبنا إن
مصيرهم هو القتل ، لعدم امتلاكهم قيمة الجزية ، وعدم تقبل
ضمائرهم لجريمة الكفر بالخروج عن دين الله الحقيقي ، والانضمام
لدين هؤلاء الغزاة المعتدين . فأوصوا بناتهم ، ونساؤهم ، أن يقمن
بالإعلان عن إيمانهن المسيحي بطريقة صريحة تستفز العدو ،
فيقتلهن بالسيف ، بدلاً من تنجيسهن بالدنس ، الذي أحله لهم دينهم
، تحت تسمية ( ملكات اليمين ) أي نساء الشعوب التي يغزونها
وينتصرون على رجالها ، فيقومون بسبيهن واغتصابهن بغرض التمتع
الحرام ، ثم يتاجرون بهن بعد ذلك في أسواق الرقيق . وكانت
المشكلة تكمن في عدم فهم اللغة ، فالغزاة لا يعرفون اللغة
القبطية ، ولا الأقباط يعرفون لغة الغزاة فكانت المرأة القبطية
الفقيرة " المسبية " تحاول الافلات من الدنس من خلال الإتيان
بحركات وإشارات تحمل إهانة مباشرة للعدو ، حتى يثار ويقتلها ...
حتى عرف الاقباط اسم نبي هؤلاء
الاعداء الغزاة ، فكانوا يشتمونه أمامهم ، ليس بغرض الشتم بحد
ذاته ، بل كوسيلة وحيدة لاستفزاز العدو فينشغل بالقتل انتقاماً
لنبيه ، ويصرف النظر عن الدنس والاغتصاب . وكان القتل بالنسبة
إليهن أشرف من التدنيس . حتى فطن الغزاة للمسألة ، فكانوا لا
يهتمون بمسألة الشتم هذه ، فيواصلون اغتصابهن للنساء القبطيات ،
ثم يحتجزونهن عندهم بالإكراه ، كسراري ، وملكات يمين ، وكانوا
يستعبدوهن بقسوة ووحشية بهدف كسر نفوسهن ، وتحطيم عزيمتهن ،
وبعدما كن يحبلن من " الحرام " كان العدو يتعمد : ( استعمالهن
على خلاف الطبيعة ) بهدف إذلالهن اكثر ، وكانوا يأخذون ( أولادهن
من الحرام ) ليضموهم إلى دينهم الجديد ، علماً بأن قائد الغزو
نفسه ، عمرو ابن العاص ، كان ابن حرام ، فأمه : ليلى النابغة ،
أشهر عاهرات مكة ، وأرخصهن أجرة ، وحدث إنها كانت تعاشر 6 رجال
في وقت واحد ، فلما ولدت عمرو نسبته إلى أقربهم شبهاً بالمولود ،
وكان ابن العاص . ( أنظر المراجع الإسلامية الأتية :
العقد
الفريد
&
بلاغات
النساء
& الروض
الأنف
&
المناظر&
ثمرات
الاوراق..)
وتشكل من هؤلاء الأولاد المولودين
من الحرام ، نسبة كبيرة من المسلمين المصريين ، فالمسلم المصري
هو من أم قبطية ، تم اختطافها واغتصابها ، ومن أب عرباني / غجري
، مختطف ومغتصب . ويضاف إليهم الأقباط الذين خانوا ربهم وأسلموا
تحت ضغط الاستعباد والجزية ، ثم تزوجوا من قبطيات مرتدات مثلهم
، أو من النسل المختلط السابق الإشارة إليه . ومن هذين النسلين :
1 - (الأقباط المرتدون).
2- ( نسل الحرام) .
تكوّن في مصر فيما يعرف الآن
بالمسلمين المصريين. وهم ( بشهادة التاريخ القديم والمعاصر) من
أكثر الشعوب الإسلامية في العالم عداوة وكراهية للمسيحيبن
والدليل على ذلك هو الوضع المزري للأقباط حيث يعاملون كمواطنين
من الدرجة الثانية في بلدهم بعكس المسيحيين الشرقيين الآخرين
داخل الأنظمة الإسلامية ، كسوريا والعراق والأردن وفلسطين ، أما
في لبنان فالمسيحي هناك مواطن من الدرجة الأولى
وقد التقيت بأربعة مطارنة من
السريان السوريين ، والكثيرين من القسس والرهبان ، وجميعهم
أشادوا بالمعاملة الطيبة التي تعاملهم بها الحكومة السورية ،
ومنهم مطران قال لي أن الحكومة السورية تدخلت في استيراد مواد
بناء لصالح الكنيسة ! بينما في بلدنا يمنعون بناء الكنائس من
الأساس .
وفي حوار جمعني في بروكسل مع فريق
تبشيري دولي من امريكا وكندا والمانيا وبلجيكا وسويسرا وفرنسا ،
قلت لهم :
ان الغزو العربي لمصر ليس له مثيل
في العنف والوحشية ، وأن مسلمي مصر من أكثر الشعوب الإسلامية في
العالم تطرفاً وعنفاً وكراهية للمسيحيين ، وأنهم منبت الحركات
الإرهابية الإسلامية ، فكل الجماعات الإرهابية خرجت من عباءتهم ،
من تنظيم حسن البنا إلى تنظيم أيمن الظواهري .
فقالوا : نحن نعرف ذلك بشكل جيد ،
وبعضنا زار مصر ورأى ذلك بوضوح تام .
وأما عن تفاصيل كيفية تسليم
المقوقس مفتاح حصن بابليون لعمرو بن العاص ، فنأمل أن نتناوله في
مقال قادم ، إن شاء الرب وعشنا .