نكون أمما شرقية قديمة تم تعريبها ؟
من صموئيل بولس عبد المسيح .. من
المملكة الهولندية ، تعليقاً على مقال :
إذا لم نكن عرباً فماذا نكون؟!
بقلم الأستاذة الوزيرة في الحكومة
السورية د . بثينة شعبان، والمنشور بصفحة الرأي ، بجريدة الشرق
الأوسط بتاريخ 26 – 6 – 2004 ، وقد تم نشر تعليق صموئيل بصفحة
الرأي ، بالصحيفة اليكترونية ، في نفس يوم صدور المقال.
التعليق
نكون أمما شرقية قديمة تم تعريبها . فهذا هو الجواب المنطقي والمعقول
لسؤال الكاتبة ، لأني كيف أطالب أرمني العرق أن يكون عربياً ؟ وكيف
أطالب الأكراد والآشوريين والسريان ، والكلدان ، والأقباط ،
والموارنة والأمازيغ ..أن يتنكروا لعرقيتهم ويكونوا عرباً ؟ وحتى
لو قبلوا بذلك تحت تأثير الضغوط ، فهل هذا يكفي ليكونوا من الجنس
العربي ؟إن أكثر 85 % من القاطنون فيما يعرف الآن بالأمة العربية ،
هم ليسوا من الجنس العربي بالحقيقة ، بل شعوب وأمم قديمة تم
تعريبها منذ 1400 سنة .أما العرب الحقيقيون ، فهم في السعودية
واليمن وبقية ما يعرف بجزيرة العرب . بل وحتى هؤلاء ليسوا عرب
خلص،لأن العرب الخلص قد أبيدوا ولم يعد لهم وجود ، مثل 'طسم' و'جديس'
وقوم 'عاد' و'هود' و'صالح' و'أميم ' و' جرهم ' وهؤلاء كانوا قبل
الخليل عليه السلام وفي زمانه أيضاً . وموطنهم كان جنوب الجزيرة
(اليمن ) .وهم من نسل قحطان بن عابر وينتهي نسبه إلى نوح عليه
السلام .أما العرب الباقون الآن ، فهم العرب "المستعربة" ويعود
نسبهم إلى عدنان من نسل إسماعيل ابن إبراهيم ، وكلاهما ليسا من
الجنس العربي ، فإبراهيم من الجنس الكلداني الآرامي !، وولده
إسماعيل من أم مصرية من العرق الفرعوني!!وسموا بالعرب المستعربة
لحداثتهم بالعروبة وتعلمهم اللغة العربية من العرب العاربة .والذين
يتخصصون في دراسة أصل الجنس العربي ، يتعجبون جداً لكل هذا المزج
العرقي ، فالعربي هو خليط من الحضارات الشرقية القديمة الذي يحاول
البعض التنصل منها.وكثيرون من العرب المسلمون لا يعرفون ولا يريدون
ان يعرفون ان الكثير من اجدادهم العرب الاقحاح كانوا في الحقيقة
مسيحيين شرقيين دخلوا ضمن شريحة العرب المستعربة ، فالعربي الحق هو
خليط من العرقيات والحضارات المتنوعة التي تم مزجها عبر القرون ،
وضيق المساحة الجغرافية ، مع تنوع سكانها العرقي ما بين آرامي
وآشوري وكلداني وسرياني وكردي ،سهل هذا التنوع في إتمام الاختلاط
والامتزاج . والحل المعقول والمنطقي ، هو احترام هذا التنوع مع
الحفاظ على وحدة الكيان السياسي .فعلى سبيل المثال أنا قبطي العرق
، لكني مرتبط بمصير ومستقبل الأمة العربية ، ككيان سياسي قائم ،
باعتباري مستعرب ، أفكر بالعربي ، وأعيش في وطن يخضع لسلطان وإدارة
الحاكم العربي ، ويقتضي الأمر أن أنتمي له سياسياً، وأن أخضع له
قانونياً طبقاً لأحكام الإنجيل التي تأمر المسيحيين بالانتماء لله
، والخضوع السياسي للحاكم .
لكن البعض لا يكتفي بذلك ، ويطالبنا نحن المسيحيون الشرقيون المستعربون
، بالخضوع الديني والعرقي للحاكم العربي المسلم ، وهذا أمر غير
معقول وغير مقبول ولا يمكن أن يحدث ، وليس للحاكم القدرة على حدوثه
، لأنه ببساطة شديدة من اختصاص الله وحده الذي خلقني غير عربياً ،
وغير مسلماً ، بل خلقني قبطياً من العرق الفرعوني ، ومسيحياً
شرقياً تم استعرابه .ورغم أن القرآن يحترم هذه الخصوصية الأممية (
ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) إلا أننا نرى بعض أهل القرآن
يحاولون مخالفة الله في سننه ويضغطون على أبناء الأمم غير العربية
ليكونوا عرباً بالعافية ! أي يريدون منهم أن يخرجون من جلودهم !
ليس جلودهم فقط ، بل ويطالبون بتغير ما هو داخل القلوب والضمائر
!!!ومارسوا كل أساليب الاستقصاء والتغييب لكل من ليس من عرقيتهم
ولا من دينهم ، حتى لو كان خاضعاً سياسياً لهم ويحارب معهم !!!
والغريب أنهم عندما يرحلون إلى الغرب نراهم يطالبون الغربيين باحترام
دينهم وعرقهم ، فكيف يطالبون لأنفسهم ما يحرمونه على الآخرين ؟؟؟
ألا يدل هذا على عدم العدل والإنصاف ؟ألا يشيرهذا إلى عنصرية عرقية
ودينية سبق للإسلام وانهى عنهما ، وإلا فما معنى أن يقول :لا فرق
عربي على عجمي إلا بالتقوى ؟ كل ما نطالب به هو احترام خصوصياتنا
الدينية والعرقية ، والاكتفاء بانتماؤنا السياسي للأمة العربية ،
فهذا من حق ( القيصر ) ونحن نعطيه إياه برضا واقتناع من خلال
مشاركتنا في الدفاع عن الوطن ، ومساهمتنا في البناء والتنمية ،
وحملنا الهم العربي العام المشترك ، أما هويتنا العرقية والدينية
التي خلقنا الله عليها فليس من سلطانكم تغييرها ، وإلا فالقيصر لم
يكتفي بما له ،ويريد الاستيلاء على ما لله ، رغم أن المسيح عيسى
ابن مريم كلمة الله ، يقول :
أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ؟؟؟؟؟
|