..
فيقول له
:
ما هذه الجروح في يديك؟
فيقول:
هي
التي جرحت بها في
بيت احبائي
) [ زك 13 : 6 ].
الأقباط حكاية شعب جُرح في بيت أحبائه ،فأبتلعه أعدائه !!!
عتابٌ إلى أحباؤنا الذين
جرحونا وأعطوا الفرصة للأعداء لكي يسخروا منا ويبتلعونا .
لا أحد يعرف مدى الألم
النفسي الذي عاناه السيد المسيح من تلميذه " يهوذا الاسخريوطي "
الذي خانه وغدر به ، وباعه لأعدائه بثمن بخس ، ولم يكتف بذلك ،
بل وأرتضى على نفسه ليكون " مرشداً " لهم ليدلهم على مكان سيده
حتى يلقوا القبض عليه ويسلموه للصلب.وأما قمة الأسافي فكان
تظاهره بالمودة ، إذ أسرع نحوه ليقبله:
" فقال
له يسوع: يا صاحب لماذا جئت
؟.... يا يهوذا
أبقبلة تسلم ابن الانسان"؟(
مت 25 : 50 ) & ( لو 22 : 48)
+
ومنذ سنوات شاهدت على إحدى قنوات التليفزيون الهولندي ، موظف
كبير في الحكومة المصرية ، قدم نفسه للمشاهدين على أنه قبطي يحتل
منصب أمني حساس وخطير في الدولة – مما ينفي معه – مزاعم –
الأقباط بوجود اضطهاد حكومي موجهاً ضدهم من خلال حجب الوظائف
الحساسة عنهم ، بدليل أنه قبطي ، وها هو يحتل هذا المنصب الحساس
( الأمن القومي ) !؟
+
وكنت قد التقيت في مصر بثلاثة من الكهنة "المشلوحين " - بسبب
انحرافاتهم - وكان أحدهم رافع قضايا على الكنيسة وعلى قداسة
البابا – بتحريض خفي من مباحث أمن الدولة - واكتشفت أن هؤلاء
الثلاثة ، ومعهم شماس منحرف مطرود من الكنيسة – أصبح قسيس إنجيلي
- وخامس مسجل جنائياً " دعارة وآداب" – وأشهر إسلامه مقابل إسقاط
عنه بعض الأحكام - وقام هؤلاء الخمسة المجرمون بتشكيل
عصابة
فيما بينهم – ووجهوا كل إجرامهم ضد الكنيسة القبطية من خلال
قيامهم بالعديد من عمليات النصب والاحتيال على الأقباط بعد
إيهامهم بأنهم كهنة وشمامسة شرعيون ، واستطاعوا بهذه الصفة عقد
العديد من الزيجات الباطلة ، والقيام بتزوير المستندات الكنسية
المتعلقة بالأحوال الشخصية كوثائق عقود الزواج ، وبطلان الزواج
، والتطليق ، وشهادات عدم الممانعة ، والتصريح بالزواج .. الخ
وكان بعضهم يحرض أصحاب
قضايا الطلاق المنظورة في المحاكم على اشهار إسلامهم للحصول على
طلاق سريع !
وكانوا يحصلون من الناس
على مبالغ ضخمة يتقاسمونها فيما بينهم ، بجانب ما أحدثوه من مآسي
كثيرة لبعض العائلات القبطية ، وكانوا كالعادة (
على علاقات وطيدة جداً مع
السادة المسؤولين الحكوميين، وخصوصاً في أمن مباحث الدولة)
وكالعادة
أيضاً ، فلقد كانوا يعزفون على نغم
( الوحدة الوطنية "إياها"
) كما كانوا يتلقون تأييداً ودعماً خفياً من الحكومة طالما إن
عملهم يصب في النهاية ضد الكنيسة القبطية وشعبها ، وعلى رأي
المثل ( ما هو منه فيه ) ؟
وتكاثرت الشكاوي المقدمة
للكنيسة من ضحايا هذه العصابة – وكان أخطرها شكوى " أسلمة "
تعرضت لها إحدي القبطيات بغرض الحصول على طلاق من زوجها – الشاذ
– وأوهموها بأنه مجرد إجراء شكلي ، حتى نجحوا في إقناعها
بالذهاب إلى لجنة الفتوى بالأزهر وحصلت على وثيقة إشهار إسلامها.
وعندما علمت بأمرها أسرعت بالذهاب إليها وأفهمتها بخطأ عملها ،
فاستجابت للإرشاد ورجعت ثانياً للمسيح ، وأجريت لها إجراءات
العودة الكنسية .
ولكن فيما يبدوا إن زعيم
العصابة أبلغ عنها الشرطة ، فاقتحمت الشرطة منزلها فجراً
واقتادوها بملابس النوم إلى قسم البوليس بتهمة الارتداد عن
الإسلام ، وهناك قاموا بتهديدها بإنزالها إلى غرفة حبس الرجال
المجرمين ليغتصبونها مالم ترجع الى الإسلام وتنطق بالشهادتين
أمامهم ، فأنهارت قواها واستسلمت لإرهاب الشرطة واعلنت ارتدادها
للمرة الثانية وهددها معاون المباحث بالقتل لو فكرت في الرجوع
إلى المسيحية مرة ثانية ، ثم أفرجوا عنها في ظهر اليوم التالي .
ولما عرفتُ بما حدث لها ،
أسرعت لزيارتها ، فوجدتها مرتعبة ومنهارة ، وطالبتني بالابتعاد
عنها ( لأنا غلبانة ومش قد الحكومة ) ولكن بتدخل الرب أمكن
اقناعها بالرجوع من جديد ، فرجعت ، وانتقلت من محل سكنها هرباً
من الشرطة ، وواصلت توبتها حتى حصلت على شهادة عودة للمسيحية .
وكان لابد لي من البحث عن زعيم هذه العصابة الفاسدة لإيقافه عن
جرائمه ، ورغم الاحتياطات التي كان يتخذها ، إلا إنني تمكنت من
الوصول إليه ، وواجهته بكل المستندات التي في حوزتي ، فماذا فعل
؟ طلب من زوجته استدعاء شرطة بوليس النجدة للقبض علي بأشرف تهمة
(التبشير) ثم أضاف عليها تهمة أخرى في غاية الخطورة ، حينما قال
لزوجته : اتصلي بحاتم بك – من ضباط أمن الدولة- وبلغيه بأن خادم
الكنيسة القبطية ، ما هو في الحقيقة إلا ( شيخ الجامع ) المرتد
عن الإسلام وصار مبشر عند الأٌقباط (؟؟؟)
وكان يظن أني من هؤلاء
الناس الذين يخافون ، لكنه فوجىء بي أمسك في خناقه واضربه !
قائلاً له :
أنا لي الشرف أن أسجن من
أجل أني مسيحي ، لكن أنت سوف تسجن لكونك نصاب ومزور ، وانا عندي
المستندات اللي توديك في ستين داهية .
فتراجع كالأرنب ، وقال :
نتفاهم أحسن . فقلت له ، لا يوجد أي تفاهم معك ، إلا بعد وقف
إجرام عصابتك في حق الأقباط ؟ فتظاهر بالموافقة . ولكنه عاد
للممارسة جرائمه بمساعدة خفية من مباحث أمن الدولة ، ولمحته ذات
يوما وهو يحوم داخل البطريركية لاصطياد ضحاياه ، فأبلغت عنه آباء
المجلس الإكليريكي ، وأتصلوا بدورهم بالشرطة ، فجاءت للقبض عليه
، وبتفتيشه عثر معه على مستندات وأختام كنسية مزورة ، وتحقيق
شخصية مزور يفيد أنه رئيس شماسة قبطي! ، وقامت الشرطة بعرضه على
النيابة بمذكرة من المجلس الاكليريكي تتهمه فيها بالتزوير ،
وتدخل أعوانه الخفيين ، وأمكنهم الإفراج عنه من مكتب وكيل
النيابة ( بعدما أشهر إسلامه ) وكان الله بالسر عليم .
+
ثم بدأت أقرأ كتب ومقالات أناس من عينة ( رفيق حبيب) فاقت في
شرورها وقبائحها ما يكتبه الإسلاميون المتشددون.
وتوالت كتابات اليهوذات
من أمثال : جمال
اسعد ، ونبيل
لوقا
، وكمال
زاخر .. الخ ).
ثم كانت الصدمة الكبرى من
المواقف المخزية لبعض الشخصيات القبطية الكبيرة ، ولا داع لذكر
أسمائهم لأنهم يعرفون أنفسهم بشكل جيد .
كان الموجع في الأمر ، هو
تهليل وترحيب وتشجيع وتصفيق أعداء الأقباط الطبيعيين لهم ، بعدما
استخدموا هؤلاء الخونة كمخلب لتمزيق قلوبنا ، وتقطيع أوصالنا .
كل هذه الأمور ، وغيرها ،
مما واجهته وعشته وعايشته أبان خدمتي في الحالات الخاصة بمكتب
الرعاية والإرشاد الروحي ( 1988 - 1993 ) جعلتني أبحث عن جذور
المشكلة القبطية ، فعدت إلى الفي سنة مضت ، لأستمع إلى حديث رب
الأقباط ، والذي بالرغم أنه كان في الأصل موجهاً إلى تلاميذه ،
إلى إن أثبتت وقائع التاريخ أنه كان موجهاً لهم أيضاً:
(
ها
انا ارسلكم
كغنم في وسط ذئاب.
فكونوا حكماء
كالحيّات وبسطاء كالحمام.
ولكن
احذروا من
الناس.
لانهم سيسلمونكم الى
مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم.
وتساقون
امام ولاة
وملوك من اجلي شهادة لهم وللامم.
فمتى
اسلموكم فلا
تهتموا كيف او بما تتكلمون.لانكم
تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون
به.
لان
لستم انتم
المتكلمين بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم.
وسيسلم
الاخ اخاه الى
الموت والاب ولده.
ويقوم الاولاد
على والديهم ويقتلونهم.
وتكونون
مبغضين من
الجميع من اجل اسمي.
ولكن الذي
يصبر الى المنتهى فهذا يخلص.
ليس
التلميذ افضل
من المعلم ولا العبد افضل من سيده.يكفي
التلميذ ان
يكون كمعلمه والعبد كسيده.ان
كانوا قد لقبوا رب البيت بعلزبول فكم
بالحري اهل
بيته.فلا
تخافوهم . لان
ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف
.الذي
اقوله لكم في
الظلمة قولوه في النور.
والذي تسمعونه
في الاذن نادوا به على
السطوح.
ولا
تخافوا من
الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها.بل
خافوا
بالحري من
الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.أليس
عصفوران
يباعان بفلس . وواحد منهما لا يسقط على الارض بدون ابيكم.
اما
انتم فحتى
شعور رؤوسكم جميعها محصاة.فلا
تخافوا . انتم
افضل من عصافير كثيرة.
فكل
من يعترف بي
قدام الناس اعترف انا ايضا به قدام ابي الذي في السموات.
ولكن
من ينكرني
قدام الناس انكره انا ايضا قدام ابي الذي في
السموات
.
لا
تظنوا اني جئت
لألقي سلاما على الارض.ما
جئت لألقي سلاما بل سيفا.
فاني
جئت لأفرّق
الانسان ضد ابيه والابنة ضد امها والكنة ضد حماتها.
واعداء
الانسان اهل
بيته.
من
احب ابا او
اما اكثر مني فلا يستحقني.
ومن احب ابنا
او ابنة اكثر مني فلا
يستحقني.
ومن
لا ياخذ صليبه
ويتبعني فلا يستحقني.
من
وجد حياته
يضيعها.
ومن اضاع
حياته من اجلي يجدها
..)
وتذكرت البداية ، حينما
جاءنا القديس مار مرقص الرسول ، ونقل إلينا بشارة الخلاص بالمسيح
، وكيف قبلناها بفرح وحماس ، ولم تمضي عدة سنوات حتى انتشرت
المسيحية في كل ربوع القطر المصري .. وتذكرت رد الفعل العنيف من
المحتل الروماني الوثني ، وكيف وصل الأمر بالإمبراطور دقيلديانوس
إلى الحضور بنفسه إلى مصر لقمع الشعب القبطي الباسل الشجاع ،
وكيف تغنى العالم ببطولات آبائنا ، حتى إن يوسابيوس أب التاريخ
الكنسي خصص عدة فصول من تاريخه الأشهر ليعرض فيها نماذج من
بطولات الاٌقباط وشجاعتهم التي اربكت أعظم قوة عسكرية عرفها
العالم القديم ..
كنا نقول : هؤلاء وثنيون
، ولا عتب عليهم.
لكنهم اعتنقوا المسيحية ،
أو هكذا قالوا ، لكنهم أبقوا على احتلالهم لأراضينا !!
وهنا بدأ عهد جراح
الأحباء :
فبعد الانتصار الذي حققه
الأقباط في نيقية ( 325 م ) أمام أريوس الجاحد ، متمثلاً في شخص
القديس اثناسيوس ، انقلب العديد من الأباطرة المسيحيين ضدنا بعد
تشييعهم لأريوس ، ونفوا بطريركنا ، وضاعفوا من إذلال شعبنا .
ثم ظهر نسطور ، وتشيع له
الملك مرقيان ، زوج الإمبراطورة بلوخاريا ، وتأمر معهم الأسقف
لاون ، وبعد الانتصار الذي حققناه في أفسس الأول 431 م ، بقيادة
القديس كيرلس الكبير ، اتحد الرومان والبيزنطيون ضدنا في مجمع
خليقدونية ، ونفوا بطريركنا البابا ديسقورس بعد تعذيبه .. وثقل
علينا حمل الصليب ، بعما ضاعفوا من احتلال أرضينا ، ونهب كنائسنا
، وإذلال آبائنا ، وكسر شوكتنا ، حتى أضعفونا تماماً .
بينما كان الذئب العربي
يتابع ما يجري عن كثب ، عيناه على ثرواتنا ، وحضارتنا ، وخبراتنا
.. وسقطت مصر في أيدي العرب ، ودخل الأقباط في عهد مرير منذ 14
قرناً وحتى اليوم . فلولا محاربة وظلم الروم لنا ما كنا أنكسرنا
أمام العرب الغزاة . ولولا ألاعيب الفرنجة وتفريقهم بين شعبنا
بعد توزيع بعضهم الى طوائف ومذاهب ، ما كان طمع فينا الغريب
.فنحن شعب قاسى من الأخ ، ومن الغريب . من الصديق ومن العدو .
ولذلك كان جرحنا عميق .
لكننا بنعمة الرب لا
زلنا قادرين على مواصلة المسير .. لا سيما وإن كل الذين خرجوا
منا وانضموا للغرباء، لا يزال عددهم محدوداً ، فلا يزال جل مسيحي
مصر أقباط شحماً ولحماً وحتى النخاع . فنحن الأقباط روح مصر ،
وضميرها ، بل نحن مصر ، نعم مصر التي يعرفها العالم كبلد القبط
: EGYPT