- محاولة لتعريف أقباط
المهجر بأبرز قضايا واحتياجات شعبهم في الداخل:
- (1) ماذا تعرف عن
الحالات الخاصة في مصر ؟
- يظن الكثيرين من أبناء شعبنا في المهجر ، وأحياناً داخل
الوطن ، إن الحالات الخاصة تقتصر فقط على حالات الاهتداء
للمسيح من الخراف الآخر !!! بينما الحقيقة إن تعريف الحالات
الخاصة يشمل الفئات التالية :
1 - المتألمين من أجل الإيمان.
وهؤلاء ينقسمون إلى فريقين :
أ) الذين يستحيل استمرار بقاؤهم داخل مصر .
ب) الذين يمكن استمرار بقاؤهم داخل مصر .
الفريق الأول :
يضم بعض خدام الكنيسة الذين تعرضوا للاعتقال لأسباب تتعلق
بالدفاع عن هويتهم الدينية ، أو الدفاع عن حقوق المظلومين من
شعبهم ، وأصبح لهم ملفات في مباحث أمن الدولة بسبب خدمتهم
الجريئة ، وبعضهم تعرض للتعذيب الوحشي داخل المعتقلات ، واقسام
الشرطة ، سواء بواسطة أفراد الأمن ، أو المعتقلون أنفسهم
بتحريض من الأمن.
وبعضهم الآخر تعرض للفصل التعسفي من العمل.
وفريق منهم تعرض لاعتداءات جسدية ونهب ممتلكاته من قبل
الجماعات الإسلامية والرعاع .
كما تشمل أيضاً بعض الأقباط العاديون من غير الخدام ممن تعرضوا
لاحتكاكات ، ومواجهات مع الجماعات الإسلامية الإرهابية أدت إلى
تعرضهم للاصابات الجسدية ، وحرق ونهب منازلهم ومتلكاتهم ، وقتل
بعض أقاربهم ، وتعرضهم للاعتقال أحياناً ، كما في حالة بائع
الفراخ الشهير ، وكما في حالة القبطي المتهم باطلاق النار في
احداث الزاوية ، بالإضافة إلى الأقباط الذين تعرضوا لاعتداءات
منظمة كما في حالة الكشح ، والحالات المشابهة .
ويضاف عليهم حالات المتنصرين النشطاء ، أي هؤلاء الذين أظهروا
أنفسهم بعد اعتناقهم المسيحية ، وراحوا ينادون بتعاليم
المسيحية ويوضحون الأسباب التي قادتهم للارتداد عن الإسلام ،
وغالبيتهم تعرضوا للاعتقال مرات كثيرة ، وبعضهم تمت تصفيتهم
داخل المعتقلات دون أن يسمع بهم أحد ، وبعضهم مهدد بنزع أطفاله
وزوجته منه بحجة أنه أصبح نصراني كافر ، وجل افراد هذا الفريق
المتألم بشدة يعانون ظروف غاية في القسوة ، إذ ليس لهم محل
إقامة ثابت ، ويعيشون داخل مصر مطاردون من مدينة لاخرى ،
وجميعهم يحتاجون للمساندة العملية لتدبير احتياجاتهم المعيشية
، لحين البحث عن سبل لإخراجهم من مصر سالمين
الفريق الثاني :
وتشمل نفس فئات الفريق الأول ، لكن تتميز عنه بقدرتها البطولية
على مواصلة الحياة داخل مصر ، من خلال تدابير معينة تستلزم
نفقات كثيرة ، كتدبير مأوى آمن ، وتوفير مصدر للعيش ، ومعالجة
مستنداتهم الشخصية .
2 - أقباط متألمون بسبب الإعاقة الجسدية ، ويحتاجون إلى
الرعاية والمحبة العملية .
وهي فئة تجلد الضمير القبطي ، إذ تتعلق بأبناء شعبنا الفقير من
( المعاقين / المكفوفين / الصم والبكم / مرضى المستشفيات /
معهد الأورام / مرضى الجذام / دور العجزة / دور إيواء الأيتام
)
بجانب : طلبة الجامعات / الأسر المستورة / أخوة الرب / تجهيز
البنات الفقيرات للزواج / النازحون من جنوب السودان
وكل هذه الفئات تطلب لرعايتها الكثير جداً من المجهودات
الروحية الشاقة ، والمبالغ الضخمة .
3 – حالات الانحراف الجنائي والاخلاقي
هناك المئات من الآسر القبطية الفقيرة جداً ممن تعيش أوضاع
مزرية تنتج عنها انحرافات شديدة تصل أحياناً الى حد ممارسة
البغاء بالنسبة للفتيات ، وممارسة الإجرام بالنسبة للفتيان،
وقد بزداد الأمر تدهوراً فيصل إلى حد تسجيل بعضهم جنائياً
كخطرين على الأمن العام ، وقد أكتشفت وجود هذه الشريحة أبان
خدمتي في الحالات الخاصة ، وأعانني الرب إلى متابعة عشرة منهم
( 9 رجال ) وامرأة واحدة ، وجميعهم مسجلون خطر على الأمن العام
فئة أ وسبق الحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في جرائم قتل
وسرقة بالإكراه ، وبعضهم اعتقل احترازياً مرات كثيرة .
بجانب المسجونين الجنائيين العاديين ، وحالات الأدمان ، وفي كل
الأحوال نوجه عناية خاصة بأسرهم ، ثم نتوجه لخدمتهم شخصياً
وتحتاج هذه الفئات الى محبة من نوع خاص ، ويتطلب لإعادة
تأهيلها بذل الكثير من المجهودات الروحية والنفسية والمادية
والقانونية .
4 – حالات الارتداد
ويهمنا هنا التأكيد على هذه الحقائق الغائبة عن اذهان الكثيرين
:
حالات الارتداد متشعبة جداً ، وإن كان البعض يختزلها من قبيل
الاستسهال في الذهاب الى الازهر او المديرية !!
رغم إن الأمر أبعد من هذا بكثير ، وقد تمكنت في عام 1988 من
تصنيف حالات الارتداد كالتالي :
( حالات مهيأة للارتداد / حالات الشروع في الارتداد / حالات
االعدول عن الارتداد / حالات ارتداد نصفي / حالات ارتداد كامل
/ حالات ارتداد قهري / حالات ارتداد وهمي/ حالات عودة / حالات
تنصير عن طريق حالات الارتداد العائدة ).
ويضاف على ذلك ( اسر المرتدين والعائدين ) وكل فئة من هذه
الفئات تتطلب شرحا مطولاً مما لا يسع المجال ، وكل فئة تتطلب
تعامل من نوع خاص ، وكل الفئات تحتاج إلى مجهودات روحية ومادية
في غاية الصعوبة .
وبعد ..
فهذه فكرة ملخصة عن الحالات الخاصة ، والتي تباركت بخدمة معظم
فئاتها، منذ انضمامي لأسرة الأنبا ابرام لخدمة الذين ليس لهم
أحد يذكرهم ، والتي يشرف عليها قدس أبونا القمص أنسطاسي
الصموئيلي ، ذلك الأب الراهب الجسور الذي أختار المرور من هذا
الباب الضيق جداً ، وقد استطاع أن يلهب قلوبنا بالحب والحماس
والتضحية لخدمة هذه الفئات المتألمة ، والمنبوذة ، وجعلنا
نتعايش مع مشاكلها وقضاياها واحتياجاتها ، وبأسلوب روحي في
غاية الإتزان .
وقد أدركت إن خدمة الحالات الخاصة هي من أصعب الخدمات الكنسية
على الإطلاق ، وأكثرها احتياجاً للمجهودات الروحية ، والمادية
، وكنت أتعجب كثيراً لعدم معرفة عموم الشعب القبطي بوجود مثل
هذه الفئات، وحتى من يعرف منهم ، نراه يبتعد بعيداً خوفاً من
مشاكلها ، وتهرباً من سداد ضريبتها ، ونتج عن ذلك تزايد أعداد
الحالات الخاصة التي تحتاج لمن يرعاها ولكنها لا تجد ، أو تجد
، ولكن ليس بالشكل المرجو .اعتراضات والرد عليها
يعترض بعض الاٌقباط ، ومنهم آباء أساقفة وكهنة للأسف الشديد ،
على اعطاء هذه الخدمات حجماً أكبر من حجمها بداعي إنها حالات
محدودة كما يتضح من التعريف بها ( حالات خاصة) وليست عامة ،
وإن علينا تركيز اهتمامنا على قضايا الغالبية .
يرد قداسة البابا ، ومعه العديد من أحبار الكنيسة والكهنة
الغيوريون ، إن السيد المسيح اهتم بالفرد نفس اهتمامه بالجماعة
، وإن كل نفس مهمة عنده ، لا سيما النفوس المتألمة ، وإن الأب
يهتم بأبنه المعاق أكثر من السليم ، لأن السليم لا يحتاج لمن
يرعاه بعكس العاجز المسكين .
ثم إن الحالات المتألمة من أجل الإيمان هي فخر الكنيسة ، وهي
وسام فخر لكل قبطي ، لأن هؤلاء ضحوا بأنفسهم من أجل خدمة
الكنيسة والرعية ، وليس من عادة الكنيسة أن تتنكر لتضحيات
أبناؤها ، لذلك نرى تعليمات سيدنا قداسة البابا واضحة جداً في
هذا الصدد ، وهي :
إذا كانت الكنيسة لا تتخلى عن أولادها الذين جحدوها ، فكيف
تتخلى عن أولادها الذين تعبوا وضحوا من أجلها ؟؟؟
وفي مجال الإعاقة الجسدية ، قام قداسته برسامة أول قسيس في
تاريخ الكنيسة لخدمة الصم والبكم ، وقد سمعت مؤخراً إن هناك
قسس أخرين تمت رسامتهم لنفس الغرض .
ويشجع على خدمة بقية فئات المعاقين والتقى بالكثرين منهم .
وبالنسبة لحالات الانحراف ، وحالات الارتداد ، فقداسته كان أول
بطريرك في العصر الحديث يطالب رجال الكنيسة بالبحث عن الخروف
الضال لإعادته ثانية إلى أحضان الكنيسة .
فأين هي المشكلة ؟
المشكلة تكمن فينا نحن لاننا دوما ما نختار الخدمات السهلة
التي لا تطلب تضحيات ونفقات .
أنني أدعو جميع الأقباط ، لا سيما الذين في المهجر ، إلى
المساهمة العملية في خدمة الحالات الخاصة
وأدعو السادة رؤساء واعضاء الهيئات القبطية في المهجر بوضع
قضايا واحتياجات الحالات الخاصة ضمن اجندتهم ، لأنه ليس من
المعقول ولا من المقبول أن تقوم الهيئات الإسلامية في المهجر
بإرسال سيارات الإسعاف المجهزة للمستشفيات الإسلامية ، ومعها
الكثير من كراسي وأجهزة المعاقين ، بينما نحن نتحدث فقط عن
الحقوق السياسية ، كما ليس من المقبول أن تجمع هذه الهيئات
الأموال لدعم الإرهابيين ، بينما نحن نعجز عن جمع تبرعات
لمساعدة المساكين المسالمين ، ودعم المتألمين من أجل البر .
مجاملة السفير أم مساعدة الفقير ؟
والأقباط الذين يحرصون على ترتيب حفلات للسيد السفير ، داخل أي
بلد من بلاد المهجر ، وعلى الفاضية والمليانة ، وينفقون الآلاف
على العزومات والهدايا ، دون الاهتمام بمساعدة الكنيسة ،
وشعبها الفقير والمتألم ، هم خونة ومجرمون لأنهم استبدلوا مجد
الله الذي لا يفنى ، بمجد السلطان الزمني الفاني .
قومية أم إسلامية ؟
إن جميع الهيئات العربية في الخارج ، ومنها الهيئات المصرية ،
تنطلق من رؤية إسلامية بحتة ،وجل عملهم منصباً على تلميع صورة
الاسلام في عيون الغربيين ، ولا يمثلون كل الشعب المصري أقباطه
بمسلميه ، وهناك اتحادات مصرية كثيرة يسيطر عليها متطرفون
ومتعصبون يعملون ضد مواطنيهم الاٌقباط ، ونراهم يتبجحون وينفون
تعرض الاقٌباط للاضطهاد في وطنهم ، ويلمعون صورة النظام الحاكم
بطريقة عفنة مقززة ، والغريب إنك ترى بعض الاٌقباط ينضمون
إليهم !!
ونحن نشترك في أي عمل قومي مصري ، شرط أن يكون قومي ، وليس
إسلامي ، ولكن مصر أصبحت دولة إسلامية خالصة ، حتى فريقها
الرياضي في كرة القدم هو فريق اسلامي وليس قومي ، لانه يخلو من
أي لاعب قبطي ، فكلمة قومي تعني كل مواطني الوطن ، لكن بما إن
كل توجهات وأنشطة هذه الهيئات المصرية تنطلق من مبدأ إسلامي
عنصري ، فنحن لا نشترك فيها حتى تعود مصر وطناً لجميع المصريين
.
لكني لا أخفي إعجابي بهؤلاء المسلمين المصريين لأنهم أكثر
وعياً بقضاياهم الإسلامية ، وهكذا نرى حكمة أهل العالم تتفوق
على حكمة أبناء الله ؟
أننا نريد من الهيئات القبطية في الخارج ، وهي صارت جزء من
ضميرنا القبطي ، أن تدعو لفعل الامران معاً :
1 - تطالب بحقوق الشعب القبطي الدينية والمدنية .
2 - تطالب بسد احتياحات المتألمين منهم.
وبذلك تقتدي بتعاليم المسيح ( افعلوا هذه ولا تتركوا تلك )
فالمسيح كان يقدم الغذاء الروحي للشعب ، وكان يعترض على ظلم
الرؤساء ، دون إغفال إشباع جوع الشعب بالخبز والسمك
وشعبنا الفقير لا يطلب السمك ، بل يطلب الخبز فقط ، فهل يجده ؟
مع تحياتي ومحبتي
الخادم المكرس للحالات الخاصة
صموئيل بولس عبد المسيح
|