صموئيل بولس


  07 أكتوبر 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

 Samuel_Boulus@deaconsamuel.net

يا ناس يا هوه ، يا أخواننا في الوطن المسلمين أسمعوني وارحموا بلدنا مصر من هذا الخراب الطائفي الوهابي اللي خرب مصر

عندما تصمت الكنيسة ، يجب على الشعب أن يتكلم

بقلم صموئيل بولس عبد المسيح

الكنيسة :

رجل الدين المسيحي (الحقيقي) له رسالة روحية محددة المعالم ، ولا يجوز له الخروج عنها، وتتمحور في إتمام المصالحة بين الناس والله من خلال الحث على التوبة والإيمان والإتيان بالأعمال الصالحة ، وبذل كل الجهد لإقامة ملكوت سماوي ، ليس له أدنى صلة بممالك الأرض ، بكافة تعرجاتها الانتفاعية ، وألاعيبها السياسية.

والمُرسل يتقيد بتعليمات راسله ، كما يتقيد السفير بتعليمات رئيس بلده . وتعليمات السيد الرئيس (السماوي) في غاية الوضوح :

اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعلموهم بكل ما اوصيتكم به .

فمنهج وهدف الرسالة هي : المنادة بتعاليم المسيح كما دونها الإنجيل المقدس ، وهي – كما يعلم الجميع - تعاليم سماوية تحض الإنسان على الإيمان بالله الواحد ، وعدم الشرك به ، والتعبد له بضمير صالح ، وحسن طاعته ، ومخافته ، ومحبته.كما تحضه على محبة الجميع ، بما فيهم الأعداء ، والعيش بتقوى وصلاح والكرازة من خلال السلوك الشخصي الأدبي :( أنتم نور العالم ، أنتم ملح الأرض .. فيروا أعمالكم الصالحة فيمجدوا اباكم الذي في السموات).

وقد أوضح الراسل ، لرسله طبيعة إرساليتهم إلى العالم ، وأبان لهم كم هي محفوفة بالمخاطر :( هاأنا ارسلكم كغنم في وسط ذئاب ..)

إنها مواجهة غير متكافئة من حيث القوى المادية ، وذلك لان الفريق الاول ( الغنم) وديعة .

بينما الثاني ( الذئاب ) شرسة.

الاول : متسلح بكلمة الله .

الثاني : متسلح بأنيابه ومخالبه .

ورغم ذلك ، فالمطلوب من الاول ، ان يكون شجاع أمام الثاني ، ولا يخافه :( ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ) . لذلك كان الاستشهاد من نصيب كنيستنا ، حتى اطلق عليها : الشاهدة والشهيدة . فرجال الكنيسة يشهدون للحق حتى لو اضطر الأمر إلى استشهادهم .

وعندما ظهر الإمبراطور قسنططين ، وظهرت معه فكرة إقامة الإمبراطورية المسيحية ،أي وجود قوة عسكرية تحمي الكنيسة.

رفضت كنيستنا القبطية قبول هذه الفكرة ، وقاومتها أشد مقاومة ، مستمسكة بجوهر رسالتها الروحية، رافضة مزج الدين المسيحي المقدس – وهو دين تصالحي يهتم بالروحيات وليس الماديات ، الابديات وليس الزمنيات- بالسياسة والحكم . لذلك رفضت الخضوع لحماية الإمبراطورية الرومانية ، ومن بعدها الأمبراطورية البيزنطية .

والذي فعلته قديماً ، كررت فعله في العهد العثماني ، إذ رفضت بأباء ، أن يشملها ( المكرمة السلطانية ) أي التمتع بالامتيازات الاجنبية ، طبقا للمعاهدات المبرمة بين اباطرة ملوك الغرب وبين الخليفة العثماني. وتكرر نفس الموقف في عهود الاستعمارين ( الفرنسي ، والانجليزي ) إذ رفضت قبول حمايتهما ، كما رفضت حماية قيصر روسيا ،  وكان محصلة ذلك تقديم المزيد من شهداؤها. ولا تزال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة وطنية مصرية خالصة ، مستقلة تماماً عن الكنائس الغربية ، بشقيها الاميركي / الاوربي - الروسي / اليوناني . وهذا هومنهجها منذ تأسيسها في الثلث الأخير من القرن الأول الميلادي ، وحتى اليوم .

الشعب القبطي :

يكاد يكون الشعب القبطي ، هو الشعب الوحيد في العالم الذي لم يحكمه رئيساً وطنياً من دينه وعقيدته ، ومن لحمه ودمه ، إذ إن كل الذين حكموا الأقباط وتسلطوا عليهم ، كانوا غرباء عنه ، سواء كانوا من الرومان ، أم من الروم ،أم سواء كانوا من العرب . لذلك لم نعرف – طوال تاريخنا - حاكم عادل واحد، لأن الغريب لا يشفق على الرعية . وطوال تاريخنا ،ونحن نرى هؤلاء الحكام الغرباء ، الدخلاء ، وهم يتعمدون إذلال رجال كنيستنا ، فنتألم ونحزن شأن أي ابن يرى أبوه وهو يتعرض للايذاء والعدوان من الغريب. وكان يضاعف من آلامنا هو عجزنا عن التدخل بالدفاع عنهم، وكان هذا العجز يجعلنا نشعر بالذل والقهر الداخلي ، الامر الذي ولد بداخلنا طاقات من الغضب ، ومع مرور مئات السنين من الذل ، تحول غضبنا إلى  ما يشبه بالبركان النشط والمتأهب للانفجار في أي لحظة.

والوضع الطبيعي لاي شعب من الشعوب أن يكون له دولة ، وجيش ، وشرطة ، وقضاة ..

لكننا شعب رازح تحت نير احتلال عربي اسلامي سادي وأحادي الاتجاه ، اذ يفرض علينا هويته الدينية فرضاً ويفرض علينا تشريعات دينه ( الاسلام المصدر الرئيسي للتشريع) ويتعمد تغييب تشريعاتنا وحضارتنا وثقافتنا فصار الاحتلال العربي الإسلامي لمصر من اسوأ وأطول أنواع الاحتلال في العالم ، لأن هناك العديد من قوى الاحتلال الاخرى التي عاملت الشعوب التي احتلتها معاملة كريمة ، ولم تفرض عليهم دينها ، أو قوانينها ، ولم تتعمد إذلالها لإرغامها على ترك دينها والانضمام لدين المحتل، كما يفعل الحاكم العربي المسلم في مصر.

وبعد قرون طويلة من الظلم والعبودية ، تمكن فريق من شعبنا القبطي من الفرار من ظلم وجبروت الحكام العرب المسلمين، وهاجروا الى الغرب ، فذهلوا حينما شاهدوا بقية البشر ينعمون بالمساواة ، ويعيشون في حرية وكرامة وأمان ، فتعجبوا ، وتضاعف اصرارهم على نقل قضية شعبهم إلى ضمائر هذه الشعوب والامم الحرة .

وحينما نقلنا قضيتنا إلى هذا العالم الحر المتمدن ، فوجئنا به وهو لا يصدقنا من غرابة ما يسمع،وخصوصاً الاعتداءات على كنائسنا وكهنتنا وراهباننا ، وذبح شعبنا بما فيهم من أطفال ونساء ، والسطو المسلح على منازلنا ومحلاتنا التجارية ، وخصوصاً الصيدليات ومحال بيع المشغولات الذهبية ، وضم الأطفال القصر للإسلام بقوة الشرطة بحجة إسلام أحد الوالدين ، واختطاف فتياتنا واغتصابهن لإرغامهن على الدخول في الإسلام ، والتلاعب في تغيير الديانة في السجلات المدنية ودفتر المواليد ، من يبدي اعتراضه يقولون له : هو أنت تطول تبقى مسلم !!

والهجوم السافر على ديننا في وسائل الإعلام ، والمساجد ، والتعنت في السماح ببناء الكنائس ، وغلق بعضها ، إلى آخر الملف القبطي المتضخم .

وكانوا يعلقون قائلين : مش معقول يكونوا بشر .

 

ورغم ذلك فلم نطالب بكامل حقوقنا ، إنما اكتفينا بالمطالبة بالحد الأدنى من الحقوق الانسانية والدينية والقانونية.

فهاج المسؤولين في بلادنا ضدنا ، وحاولوا تهييج الكنيسة علينا : ( إن ما كنتوش هتلموا العيال دول هانقلب عاليها واطيها)!!!

( لموا عيالكم بتوع بلاد بره ، لا أحسن ودين النبي ، نسلط عليكم االجماعات والإخوان ، ونحرق لكم كام كنيسة ونقتل كام قسيس ، ونخطف كام بنت ، ونخلى أياكم كلها (زاوية) و ( كشح ) !!!

وزادت الضغوط على رجال الكنيسة ، ورغم ذلك بقوا على عهدهم ، موادعين ، لطفاء ، متسامحين .

وكثيراً ما يسألهم الآخرين عن أحوال شعبهم ، فيصمتون، ليس خوفاً – كما يظن البعض – إنما لأسباب أخرى يصعب فهمها على غير الدارسين للدين المسيحي .

فكان لابد للشعب أن يتكلم ، وهذا حقه ، لأنه يتكلم في أمور تخص حقوقه المدنية والسياسية .

والكنيسة ، وان كان دورها هو روحي يسعى لخلاص النفس ، إلا إنها ليست بمعزل عن هموم شعبها ، ولذلك فهي لا تقف عائقاً أمام مطالبهم العادلة والمشروعة ،والتي تتصل بحقوقهم المدنية . ولا يمكن اطلب من ابونا القسيس ان يقود مظاهرة شعبية للاحتجاج على فساد وظلم الحاكم ، لأن هذا يسىء إلى رسالته التصالحية بين البشر (كل البشر) والله . إنما أطلب من الشعب المقهور أن يتظاهر ويحتج ويطالب بحقوقه، مقدراً دوافع صمت رجال الكنيسة ، واعياً بطبيعة رسالتهم .

ولابد في عرض مطالبنا ، أن نراعي ضرورة وحتمية الفصل التام بين ما هو خاص بالملف القبطي، وبين ما هو عام يشمل جميع المصريين أقباط ومسلمين ، لأن ملفنا الخاص يختلف عن الملف المصري العام ، فالمسلم المصري لا يجد أي إشكلات في بناء مساجده ، ولا في بقية الهموم التي يتعرض لها الأقباط دون سواهم .

أما الملف العام ، وهو الفساد الإداري ، والديكتاتورية ، وهمجية وتسلط ووقاحة أجهزة الأمن ، وفساد جهاز القضاة ، وتدهور قطاع الخدمات الصحية والتعلمية والإدارية .. الخ

فهو ملف مشترك بين كافة المواطنين المصريين ، ولا ينبغي الخلط بينهما .

ونحن نتوق لانعقاد مؤتمرنا داخل الكونجرس الأمريكي، لنعرف العالم بقضيتنا ومطالبنا العادلة ، وهي ليست خطوة سياسية بقدر ما هي إنسانية ، لأنها صرخة شعب مظلوم ، واضعين في اعتبارنا المصالح التي تتحكم في سياسات الدول الكبرى على رأسها أميركا ، لكننا سوف نحولها إلى قضية ضمير .. قضية أخلاق ، متوجهون للشعوب وليس للحكومات ، لهيئات حقوق الإنسان ، لكل جهة اخلاقية تأبى الظلم .

ولا أعتقد إن هذا يغضب إخواننا المسلمون، وإلا فهم يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم ، فهم يطالبون بما يعتقدونه حقوقهم في كافة انحاء العالم ، في الصين ، في الشيشان ، في كشمير، في البلقان ، في كل مكان يتواجدون في كل مكان يتواجدون فيه ، يطالبون بإقامة دولة خاصة بهم ، ونحن لا نطالب بدولة ، ولا حتى بحكم ذاتي ، إنما نطالب بحقنا في الحياة، ونطالب بأسلوب راق متحضر من خلال الحوار ، وليس بالقنبلة والبندقية، كما يفعل الآخرون .

مواطن مصري مسلوب منه حقوق المواطنة.

 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون