ما الفائدة من أن
يأتي رئيس ديمقراطي ليحكم شعب ديكتاتوري ؟
تعليقاً على مقال
عن
"
مؤتمر أقباط المهجر"
للأستاذ :
عادل حزين
أحب أولاً أن أقدم شكري واحترامي للاستاذ عادل حزين على المقدمة
الرائعة التي استهل بها مقالته النيرة الحكيمة التي تنم عن عقلية
ناضجة تعرف أدق تفاصيل ما يدور تحت السطح ، أو بلهجة أهل البلد (
ما يدور تحت الترابيزة ) .
فهذا العرض السلس لخطط الإسلاميين في تهجير الكفاءات القبطية ،
والضغط على فقراء الأقباط بهدف أسلمتهم ، لا يجرؤ أحد على طرحه
بمثل هذه النزاهة والحيدة والموضوعية والواقعية ، إلا لو كان
انسان يحترم ضميره ، كأستاذنا عادل حزين .
كما أتفق معه في ملاحظاته
الثلاثة القيمة ، فالمشكلة القبطية ليس لها ادنى صلة بشخص
الحاكم، بقدر ما تتعلق بغالبية الشعب المصري نفسه الذي اختطفته
تيارات التطرف والعداء المستحكم لكل ما هو غير مسلم ، حتى وصل
إلى هذه الحالة التي عبر عنها سيادته بدقة ومهارة ، حينما قال :
(
هؤلاء نتاج مشوه لإعلام وتعليم
مؤدلج ساد لمدة عقود حتى أصبحت
النعرات الطائفية سيدة الموقف ونظرة
سريعة على أعداد االمحجبات
والمنقبات والملتحين من أعلى الطبقات تكفي لاستيعاب حجم المشكلة.
وطريق الإصلاح ليس بتغيير رئيس الجمهورية ولكن بتغيير الأسباب
التي شعوذت غالبية الشعب المصري، ولن يتم ذلك بمجرد تغيير رئيس
الجمهورية وإنما عن طريق إعلام رصين وسياسات تعليمية هادفة وهو
ما يلاحظ المراقب إرهاصا له ويبقى الدفع في اتجاه تسريع
وتيرته أفضل وأغنى عائد من هدم
المعبد على من فيه).
وأقول له : معك حق يا سيدي ، لأنه ما الفائدة من أن يأتي رئيس
ديمقراطي ليحكم شعب ديكتاتوري ؟
فالمشكلة ليست في الرئيس
، بل في الشعب نفسه .
كما إن هدم المعبد على من فيه ليس في صالح الأقباط ، وعندنا
نموذج العراق ، ولا نريد تكرار هذا الخطأ القاتل في بلدنا العزيز
مصر >
ونحن الأقباط – رغم كل معاناتنا في ظل الرئيس مبارك – إلا أننا
نحبه ونتمنى له الخير ونصلي من أجله ، وهذه ليست بدعة وهرطقة ،
بل هكذا يأمرنا ديننا ، وهكذا تنصحنا قيادتنا الروحية .
وحتى الأخوة الأقباط الثائرون بسبب شدة الظلم الواقع عليهم ، إلا
أن أغلبهم وطنيون ويحبون رئيسهم ويتمنون الخير لوطنهم .
وأما بالنسبة للملاحظة الثانية ، فأنا أتفق معه من حيث المضمون
لكن اختلف معه في التفاصيل ، فالملف القبطي لابد من إخراجه من
أيدي الأمن ليكون في أماكنه الطبيعية ، باعتباره ملفاً سياسياً
/ حقوقياً ، ولا بأس للاستعانة بالأمن كأداة تنفيذية ، نظراً
لجبروت التيارات الإسلاموية المتطرفة التي قد تعرقل تنفيذ أي
قرارات لصالح الأقباط ، كما هو حادث الآن بشكل واضح ، وهؤلاء لا
ينفع معهم إلا جهاز الأمن – بشرط تنقيته من الشوائب المتطرفة
المتوغلة فيه – وصدق الكاتب في قوله :
(
جهاز الأمن له باع وسلطات وخشية في
نفوس المصريين عموما ..).
أما الملاحظة الثالثة ، فانا أتفق معك فيها تمام الاتفاق ، لأن
القضية القبطية أكبر من مجرد اختطاف فتيات لإجبارهن على الإسلام
، لأن الشعب القبطي كله مختطف وليس فتياته فقط ، لهذا فكلنا نأمل
أن تكون أولى أولويات المؤتمر
هي المطالبة بحقوق
المواطنة –
الكاملة- للأقباط
، ومنها حقهم الكامل في بناء دور عبادتهم
وملحقاتها ، وممارسة طقوس دينهم بدون تشويش من الجوامع التي
تحاصر الكثير من كنائسنا ، وحقنا في الدفاع عن ديننا أمام أي
هجمات تشن ضده ، وحقنا في الدعوة لديننا أسوة بالمسلمين ، و
تخصيص ساعات بث معقولة في الإذاعة والتليفزيون ، اسوة بالمسلمين
.
وهناك مطلب هام لا أعرف كيف غاب عن الكثيرين ، وهو إلغاء تشريع
ضم الأطفال القصر الأقباط للإسلام عنوة ، بحجة إن أحد والديهم
دخل في الإسلام .
وختاماً ، فليت المجتمعون في مؤتمر أقباط المهجر يتذكرون إن كل
قلوب الأقباط معهم ، متمنية لهم بالتوفيق والسداد في عرض قضاياهم
الشائكة والمسكوت عنها ، وفي مكان هام مثل الكونجرس الأميركي ،
ليسمع العالم عن مأساة شعب يرزح تحت نير العبودية منذ 14 قرناً
من الزمان .
والعقبى لأشقائنا النوبيين،
ولك