.. في العرب
.. في أمريكا .. في أوروبا
بقلم: تماضر جوهر
هكذا بدأ صديقي المسلم وأخى المصري حديثه
معى. نحن مصريون، لماذا يجب أن نتبع أحد هؤلاء. نحن لدينا هويتنا
وحضارتنا التي لا تضاهيها حضارة. قال هذا وقلبه يعتصر ألماً لأحوال
مصر. قلت له أنت محق ولكن ماذا نعرف من حضارتنا المصرية؟ أن تاريخ
مصر الفرعونية يمر عليه مرور الكرام في مناهجنا الدراسية، لم ندرس
غير مينا موحد القطرين وعجلة أحمس الحربية، وبعد ذلك ينتقل تاريخنا
إلى الصحراء العربية حيث العرب قبل الإسلام وعند بزوغ فجر الإسلام
ثم الغزوات، فالفتوحات، فالممالك المتتالية على أرض مصر وكيف كانت
ثروات مصر تنهب وعقول مصر وحرفيها يصدرون إلى الخارج لبناء حضارات
الدول المجاورة وكل هذا يدرس بفخر عظيم بدون أدنى شعور بالألم لما
قد عاناه أهالينا من آلام الفتوحات والبطش والتشريد تحت حكام غير
مصريين. ثم من أين لنا أن نعتز بمصريتنا ولم نعرف منها سوى دروس لا
تتعدى ساعتين من جميع مراحل تعليمنا، حضارة الفراعنة التي أمتدت
لآلاف السنين ومازالت شامخة تتحدى جميع الأزمنة والعصور والحضارات
تغتزل في ساعتين. إن التاريخ المصري في عقلنا الباطن ما هو إلا
تاريخ العرب. ثم ماذا عن تاريخنا القبطي؟ وهنا رفع صديقى حاجبية
بأستغراب!! وأنا أتفهمه.. فكيف له أن يسمع بتاريخ يدعى قبطي إلا
إذا كان مسيحي. فقلت له ما علينا خلينا في الفرعوني.
ثم أسترسل متسائلاً لماذا يجب أن نعتمد على أي من تلك الجهات
لمعيشتنا؟ ألا توجد لدينا كرامة بعد حتى نعيش على إعانات تلك
الدول؟ ألا نستطيع أنتاج أحتياجاتنا؟ أين مصر حينما كانت تعد مخزن
الغلال وكانت تشبع الجميع من وقت عمر بن الخطاب إلى عهد بسيط جداً؟
وهنا تداركته قائلة والأن وقد أصبح العرب أغنياء هل فكروا في رد
دين مصر لهم؟ قال لا.. وأنهم يتمادون في تحقير المصري. ثم عاتب
المصريون الذين إذا ما رجعوا من الخليج يلبسون الجلابية البيضاء
ويرددون بعض الكلمات الخليجية حتى يقف لهم سائق تاكسى وحتى يظهروا
لمن حولهم وضعهم المادي الجديد، ماراً بظاهرة تجديد الحمامات
والمطبخ بالإيشاني ولا مانع من مده في الطرقات و ما بعد الطرقات
لكي ما تكسر الرقاب عند التزحلق عليه.
وهنا تذكرت وضع الجنية المصري وقت حكم الملك ووقت الأنتداب
البريطاني على مصر. لقد كانت قيمته أعلى من قيمة الجنية الأنجليزي
عملة المحتل أنذآك إذ صح التعبير.
ولم أشأ أن أؤلم صديقى أكثر من هذا بتذكيره بالحوار الذى أعطاه
الرئيس إلى قناة الجزيرة في شهر فبراير أو مارس من هذا العام عندما
قال للمذيع رداً على تساؤله إذا كان الرئيس ينوى ترشيح نفسه
للرئاسة فترة أخرى : أن حكم مصر ليس بالشئ الهين وأنه ليس بأستطاعة
أي فرد إدارة مصر إذ أن على الرئيس مهمة إطعام شعبه وهو ليس شيئاً
سهلاً وقال ما معناه أنه يضطر أن يستجدي من الدول حتى يتمكن من
إطعام شعبه.
وهنا أقول لا.. لا يا ريس.. أرجوك لا تستجدى بأسمنا .. نحن قادرون
أن ننهض ببلادنا تحت إدارة رشيدة ونزيهه.. إدارة تؤمن بالأنسان
المصرى الناضج الذي له حقوق كاملة تحت الدستور وليس كطفل معاق يجب
أن تؤخذ القرارات نيابة عنه. فقط أرفعوا عنا الفساد وأعطونا فرصه
لنحيا حياة كريمة داخل وطننا. ولسوف يعود مصطفي وجورج وحسين وعماد
لوطنهم.
تماضر جوهر
|