تعليق على مقالة الأستاذ
جمال اسعد في جريدة العربي
دكتور وحيد حسب الله
الأخ جمال اسعد يقول
المثل شر البلية ما يضحك .
وبليتك يا أخ جمال تكمن
فيما كتبته في مقالك في جريدة العربي بعنوان "أخطاء كنيسة البابا
شنودة" ، وأنا لا أعتقد أن القراء مسلمين كانوا أم مسيحيين سيكنون
راضين عما كتبته .
فأولاً الخطأ في
العنوان في العنوان الذي اخترته وهو "أخطاء كنيسة البابا شنودة" فكان
الأجدر بك أن تكتب "أخطاء البابا شنودة" ولكنك فضلت ذلك العنوان
للإثارة من ناحية ، ومن ناحية أخرى وهو الهدف المنشود انتقامك الشخصي
من الكنيسة وليس من البابا فقط . لماذا لم تصغ لقول الكتاب في سفر
الأمثال "كنوز الشر لا تنفع ، أما البر فينجي من الموت"
. ولكنك فضلت أن يكون فمك مثل قول الحكيم "وقم الأشرار يغشاه ظلم
" . وقد اتبعت أسلوباً ماكراً لتخدع الشعب المسيحي بادعائك أن
قداسة البابا له أبوة روحية . فهل يليق إذن ما كتبته ؟ إلا تعلم ما
يقوله أيضاً الحكيم "البغضة تهيج الخصومات والمحبة تستر كل
الذنوب " على الرغم أن البابا لم يرتكب ذنوباً بموقفه .
الأخ جمال انك تشبه
الأفعى التي لا تخرج من جحرها إلا عندما يزمر لها سيدها ، ولذلك خرجت
من جحرك تبث على كنيسة الله المقدسة سمومك وأنت لا تعلم أن رب هذه
الكنيسة وحامي شعبها لن يتركك تعيث فساداً وسموماً لوقت طويل .
الأخ جمال لا توجد في
المسيحية كنيسة باسم البابا شنودة وقداسة البابا يرفض أن تكون الكنيسة
قد تحولت له واصبح هو المالك لها . فالكنيسة هي كنيسة المسيح له المجد
والبابا هو المسئول عنها أمام مؤسسها الرب يسوع .
ولأنك يا أخ جمال لم تصغ
لقول الحكيم أن "كثرة
الكلام لا تخلو من معصية . أما الضابط شفتيه فعاقل"امثال 10:19
، لذلك فمقالك
ينم عن أنك تعارض نفسك والسطور تظهر انفصام في شخصيتك . لقد حاولت أن
تقنع القارئ أن البابا هو المسئول الأول عما يحدث في مصر من صراعات بين
الأقباط والمسلمين من ناحية ، فتقول "ولكن كان أول اختبار
لأفكاركم الإصلاحية قد أتجه إلي استغلال تلك الشعبية في الحصول على دور
سياسي بجانب دورك الكنسي ، ووضح ذلك في أول مواجهة مع السادات عند
حادثة الخانكة والتي كانت أول المواجع حتى تصاعد الموقف وكانت أحداث
سبتمبر 1981 والتي تم فيها احتجازكم بالدير" ؛ ومن ناحية أخرى
تبرز ضعف الدولة وإهمالها لملف الأقباط "فكان غياب الدولة واضحاً
عن ملف الأقباط ثم هجرة الأقباط إلي الكنيسة مما ساعد على خلق تصور
وهمي لدي الاكليروس بأنهم المسئولون عن الأقباط ليس في المجال الديني
فقط ولكن في كل شئون حياتهم ..." . وهكذا فقدت المصدقية
والأمانة فاتهمت البابا والاكليروس بالعمالة وخاصة من الناحية المالية
باعتمادهم على أقباط المهجر : "فارتفع صوت أقباط المهجر عالياً .
وبدأت ضغوطاتهم تؤتي ثمارها ... والأهم هو الأموال التي لا تحصى ولا
تعد والتي يتم إرسالها للكنيسة . تلك الأموال التي كانت سبباً في فض
العلاقة الكنسية بين الشعب والاكليروس حيث أصبح الاكليروس في غير
احتياج للشعب لآن البديل كانت أموال الخارج..." من يقرأ هذه
الكلمات ومن تابع الأصلاحات المالية التي قام بها البابا في الكنيسة
لابد له أن يستنتج أنك تعيش خارج نطاق الكنيسة ونظامها ، ولا تعي أو
تعرف كيف تعيش الكنيسة وما هي العلاقة بين الكنيسة الأم وأولادها
المهاجرين . فالكنيسة القبطية تعيش من عطايا أبنائها في الداخل أكثر من
الخارج . فالكنائس القبطية في المهجر تكلف الشعب مبالغ طائلة ، ولكن
محبة أبناء الكنيسة الأقباط تجعلهم يرسلون مساعدات للكنيسة الأم أو
لأمهم إذا صح التعبير وهذا شئ طبيعي ، فمن هذه الأم ولدوا وفي أحضانها
نشأوا ونالوا الخلاص . فأن لم يعطوها ، فهم كالأبناء الذين يتنكرون
لأمهم . والأخوة المسلمون يفعلون نفس الشئ مع المؤسسة الإسلامية
المسئولة عن الإسلام . ولا نستطيع أن نقول ما يقوله الأستاذ جمال أسعد
. لكن تعبيره أن الاكليروس أصبح في غير حاجة للشعب ، فهذا مبالغ فيه
ولا يعتمد على شئ من الحقيقة ولا يستند على أية أساس ، إلا أنه يظهر
أنك تبحث عن هدف أخر ووجدت في هذه الظروف العصيبة الفرصة الذهبية
للتنفيس عما بداخلك من حقد تجاه الكنيسة عامة والاكليروس خاصة .
كنت أتمنى أن تجرؤ وتقول
لنا أن قداسة البابا هو الذي يؤجر الجماعات الإسلامية لحرق الكنائس
وخطف البنات وإجبارهم على الإسلام حتى تتسنى له الفرصة ليظهر زعامته
السياسية بجانب زعامته الدينية .
نستطيع أن نضيف أيضاً
أنك لا تقرأ ما كتبه كثير من الكتاب المسلمين بخصوص الأحداث الأخيرة
وخاصة في غياب وضعف دور الدولة ، كذلك الدور السلبي الذي يلعبه أمن
الدولة بخصوص بناء الكنائس أو المشاكل التي تظهر وتركه لتفاقم الأمور
بدلاً من معالجتها في البداية . ولكن كل مرة تحدث فيها احتكاكات ، نرى
أن الشرطة وأمن الدولة المنوط بهما حفظ أمن المواطن والوطن يقفون
يتفرجون على ذبح الأقباط دون أدنى تدخل أو مسئولية إلا بعد أن تتم
المذبحة والعجيب قيامهم بالقبض على المعتدي عليهم بدلاً من القبض على
المعتدي .
لم نسمع عنك عندما يهاجم
الأقباط ويعتدي عليهم ، فتوجه كلامك للمسئولين وللدولة تلومهم على
موقفهم السلبي في حماية المواطنين ؟ أين كنت يا جمال اسعد عندما ألقي
الإسلاميين بتشجيع من الدولة في عهد السادات القنابل الحارقة على
الكنائس في أيام الأعياد ومنهم كنيسة العذراء بمسرة بشبرا؟ أن القائمة
طويلة ومخزية في حق الدولة التي تنهض اليوم لتدافع عنها بمهاجمتك
الكنيسة وقيادتها؟ حقاً لم يعد هناك حياء أو صدق بالمرة . لقد اخترت
طابور الخائنين ، ليس فقط لتخون كنيستك ، ولكن وطنك قبل كل شئ .
فالصراحة والمواجهة هما أساس علاج أمراض المجتمع ، أما الكذب والنفاق
من أجل حفنة ملاليم أو منصب تطمع فيه ، فنتيجته أن يؤدي بمصر إلي
الحضيض عندما يتكاثر أمثالك من المنافقين بين الشعب المصري . أعتقد أنه
قد أتت الساعة أن يستيقظ رئيس الجمهورية والمسئولين لإنقاذ مصر وسمعتها
بدلاً من السعي للمصالحة بين السعودية وليبيا أو الفصائل الفلسطينية !
فمصر بحاجة لحكمة رئيسها لمصالحة شعبها مع سلطتها التي وصلت لحد خطير .
فالقائمين على مصالح الشعب لا يهمهم ما يحدث وكأنهم يؤمنون بالمثل
الشعبي " أن خربت دار أبوك خد منها قالب" لقد سئم الجميع
مسلمين ومسيحيين من سلبية وإهمال القائمين على شئونهم .
قل لي لماذا لم تطالب
أنت يا أخ جمال الدولة بتطبيق قانون الوحدة الوطنية على من ارتكبوا
مذابح الأقباط أو اعتدوا على كنائسهم وبيوتهم وممتلكاتهم ؟ وذلك من
منطلق أن هذا شأن سياسي ! أم أنك خائف لئلا تعاقب وتفقد طموحاتك ؟ هل
أنت غاضب على البابا لأنه لم يرشحك لمنصب وزاري ؟ ولذلك وأنت الانتهازي
، تنتهز هذه الفرصة لخرج مخالبك وتهاجم البابا والكنيسة ؟ أن كنت تريد
تصفية حسابات خاصة مع القيادة الكنسية ، فلماذا لا تذهب بنفسك لتصفية
الحسابات ؟
مهما كان موقف الكنيسة
من قضية السيدة وفاء قسطنطين ، فالكل يلوم الدولة وأجهزتها التنفيذية
والتشريعية في سلبيتهم في معالجة القضية القبطية وإعطاء الأقباط حقوقهم
والفرصة في ممارسة دورهم في الساحة السياسية والاجتماعية كمواطنين .
والكل قدر موقف الأقباط من اللجوء للكنيسة لطلب المساعدة في حل مشاكلهم
مع السلطات عندما ترفض هذه حل المشاكل وإعطاء المواطن المسيحي حقه
عندما يكون له حق وليس سلب هذا الحق لأن الطرف المخطئ مسلم . إلي من
يذهب يا أخ جمال المسيحي ليأخذ حقه إذا كانت السلطات ترفض إعطاءه حقه
طبقاً للدستور والقانون ؟ أننا في دولة غاب عنها تطبيق القانون
واحترامه اللهم إلا إذا دفعت مبلغاً من المال أو كان لك واسطة ؟ ألم
تسمع ما يقال في مصرنا أن أجدادنا بنوا الأهرامات لندفن فيها القوانين
التي تشرعها المجالس النيابية ؟
الأخ جمال
أليس من الأفضل أن تقرأ
ما كتب بخصوص المشكلة القبطية ودور الكنيسة والعلاقة بين السادات
والكنيسة من ناحية ، والعلاقة بين السادات والجماعات الإسلامية من
ناحية أخري حتى تستطيع عندما تكتب أن تكون واعياً وصادقاً أمام نفسك
والتاريخ ؟ لماذا النفاق والكذب ؟ إلا تعلم أن هناك الملايين الذين
تصفحوا الكتب التي كتبت بخصوص هذا الموضوع وهي مدعمة بالوثائق ؟ ألم
تقرأ تقرير الدكتور جمال العطيفي ؟ لماذا لا تطالب الدولة والسلطة
التشريعية بعمل التشريعات الضرورية لتلافي مثل هذه الحوادث ؟ أن كنت
فعلاً تبحث عن سلامة مصر كما يبحث عنها المواطنون الصادقين المسلمين
قبل المسيحيين ، فلماذا لا تطالب بتطبيق قانون الوحدة الوطنية على
الذين يعبثون بها من أفراد أمن الدولة أو المسئولين في مختلف أنحاء مصر
؟ لماذا لم يعاقب حتى الآن شخص واحد من الذين اعتدوا على أرواح الأقباط
في ربوع مصر من الجماعات الإسلامية الإرهابية حتى الآن ؟ لأن السبب
واحد فقط أنه لا يجوز أن يعاقب مسلم على فعل أرتكبه في حق غير المسلم ؟
لا تسمح الشريعة الإسلامية بمعاقبة المسلم الذي يقتل غير مسلم ! لماذا
لم يقيل الرئيس أي مسئول لم ينفذ قرارته بخصوص بناء الكنائس ؟ أليس هو
الحاكم المسئول؟
أنني أتعجب من الذين
يقولون لنا لو هناك تقصير من السلطات ، فلماذا لا نلتجئ للقضاء لأخذ
حقوقنا ؟ لقد نسوا هؤلاء أن لنا تجربة مع هذا القضاء ومن النادر أن
يعطينا حقوقنا المشروعة طبقاً للدستور والقانون . إلي من نلجئ يا سيد
جمال اسعد؟ أنا واثق من أنك تعرف الأوضاع وتعرف أيضاً الظلم الذي يقع
على الأقباط في شتى المجالات والمضايقات والإرهاب النقسي الذي يمارس
ضدهم ، ولكن السؤال الذي يحيرني لماذا أنت وبعض الأقباط تهاجمون
الكنيسة بضراوة وكذب واضح أكثر من الكتاب المسلمين . أود أن أعرف ماذا
تنتظر من مكافأة لما كتبته من مهاجمتك للبابا ؟ ما سوف تأخذه من مكافأة
هو احتقار المسلمين قبل المسيحيين لك ! هذه هي المكافأة التي تنتظرك ،
لأن المسلمين لا يحبون المنافقين مثلك .
أما جهلك بما قام به
قداسة البابا من إصلاحات داخل الكنيسة خلال قترة رئاسته فهذه مسئوليتك
الشخصية . لا أحد يجهل ما قام به البابا من إصلاحات سواء في الكنيسة في
مصر أو خارج مصر ومتابعته لكل ما يدور وما تحتاجه الكنائس من رعاية
وإصلاح . فالمشكلة مشكلتك وليست مشكلتنا .
لو كانت الدولة عاملت
الأقباط كمواطنين لما كانت هناك الحاجة أن يلجئ الأقباط للكنيسة لطلب
المساعدة . ربما تعلم أيضاً أن المسلمين يلجئون أيضاً لهيئات مشابهة
للمساعدة في الحصول على حقوقهم المهضومة من أجهزة الدولة . فلماذا هذا
التعسف تجاه الأقباط عندما يلجئون للكنيسة للحصول على حقوقهم مثلهم مثل
المسلمين ؟ هل ما هو مسموح للمسلمين محرم على الأقباط ؟ كفاية ظلم يا
أستاذ جمال اسعد ، أليس لديك ذرة من الضمير والوعي لما يحدث فعلاً في
مصر ؟ هل أنت جاهل أم تدعي الجهل بالواقع ؟
قل لي يا أخ جمال ما
رأيك فيما قرأته أن طارق وعبود الزمر قرروا رفع شكوي ضد مصر في محكمة
العدل الأوربية للافراج عنهم ؟ إلا يحق في نظرك أن يلجأ الأقباط
للمنظمات الدولية أو الأمم المتحدة لرفع الظلم عنهم بما أن دولتهم ترفض
ذلك ، بل تتمادى في ظلمهم ؟ إلا تعلم أن هناك قرار لمجلس الأمن بعدم
ترك أية حكومة في الاستبداد بشعوبها ؟ لماذا لما يثور المسلمين ضد
التدخل الأمريكي والأوربي لرفع الظلم عن المسلمين في يوغسلافيا وغيرها
من الدول بينما وقفت الدول العربية والإسلامية موقف المتفرج ؟ لماذا
تستمرون في مزدواجية المواقف والموازيين؟ ألم يحن الوقت حتى يشعر
الأقباط أنهم في وطنهم ؟ أن لدي من قصاصات الجرائد المصرية وما كتبه
البعض عن الأقباط ومنهم من قال أن لم يقبل الأقباط بالإسلام والشريعة
الإسلامية ، فما عليهم إلا أن يرحلوا ! كيف سمحت الدولة بأن يكتب هذا
في جريدة عريقة كالأهرام مثلاً ؟ هل قدمت الدولة هذا الشخص للمحاكمة
طبقاً لقانون الوحدة الوطنية ؟ لم يحدث هذا ولن يحدث وأنت يا أخ جمال
تعرف ذلك جيداً ، ولكنك تبوق في المؤتمرات بأن كله تمام والأقباط عال
العال ولا ينقصهم شئ سوى ... كفي نفاق وكذب وخداع ! تبيع ضميرك أولا ثم
وطنك ثانياً وأيمانك ثالثاً من أجل أن تحصل على مقعد في مجلس الشعب أو
تنابلة السلطان الذي لم يستطيع أن يدافع حتى رجال الصناعة والأعمال ضد
اتفاقية تعصف بالاقتصاد المصري ؟ أختشي شوية واتقي الله في وطنك .
ليس لي إلا أن أنصحك
بقراءة الكتابان التاليين لعلك تستيقظ من غفلتك وترى الأمور بعين العدل
:
1.
الأقباط :
الكنيسة أم الوطن ، البابا شنودة في مواجهة الكنيسة ، للكاتب عبد
اللطيف المناوي وتقديم فهمي هويدي ، العجوزة ، دار الشباب ، مكتبة غزال
، 1992
الأقباط في وطن متغير ، د. غالي شكري ، القاهرة ، دار الشروق ، 1991 .
http://www.al-araby.com/articles/941/050102-941-fct02.htm
|