الأخطاء القاتلة
للقادة الأوروبيين
(1)
بقلم: دكتور وحيد حسب الله
كل مرة يقوم فيها
الإرهابيون الإسلاميون بعملية انتحارية تحصد أعداد كبيرة من
الأرواح البريئة من الشعوب الغربية ، يقوم قادة هذه الدول بمقابلة
ما يدعون بأنهم مسئولون عن الجمعيات أو المساجد الإسلامية في هذه
البلاد طالبين مساعدتهم في مكافحة هذه العمليات الإرهابية . وهذا
ما يدعو للسخرية من هؤلاء القادة الذين ما زالوا يعتقدون أن هناك
ما يسمى بالإسلام "المعتدل" مقابل الإسلام "المتشدد" . في الواقع
ليس هناك إلا إسلام واحد (نحن هنا لا نهاجم
الإسلام ، وإنما نعتمد على النصوص الإسلامية ذاتها) التي
يبشر بها هؤلاء الإرهابيون . فليس
هناك إسلام معتدل إلا ما يتاجر به
البعض من المسلمين مؤقتاً طبقاً لمبدأ التقية أو نظراً لضعف موقفهم
الحالي ، فيفضلون أن يتكلموا عن إسلام
معتدل يجب تشجيعه من قبل السلطات وإعطائهم مميزات ، حسب زعمهم ،
لمجابهة الإسلام المتشدد . ولنا في حالة السيد طارق رمضان مثالاً
على هذا النفاق وقد رفض الأزهر والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
دعوته ، بل وطالب البعض بتطبيق حد
الحسبة عليه عندما طلب بإيقاف مؤقت لتطبيق الحدود ومناقشة
مفهوم الجهاد. وهذا دليل على أن المسلمين مصرين على مواصلة الجهاد
بمفهوم القتال في سبيل نشر الإسلام بالقوة في أرجاء
العالم .
لهذا نرى أنه أصبح
من المستحيل أن يعتمد قادة أوروبا أو المسئولين الأمنيين فيها على
أي شخص مسلم مهما ادعى من أنه معتدل أو ما إلي ذلك من كلام فارغ من
معناه . فمن الواضح الآن أن جميع
المسلمين الموجودين في الدول الغربية تجمعها إستراتيجية واحدة وهدف
واحد يقف وراءه الحكم الوهابي السعودي والذي عمل على تعميمه
وتدريسه من خلال المساجد والجمعيات الخيرية أو الدينية الإسلامية
منذ سنوات طويلة وخلق بذلك جبهة تجمع المسلمين حول الإسلام بهدف
السيطرة على أوروبا وتحويلها للإسلام تدريجياً ، ولكنهم قرروا فجأة
معتقدين أنهم أصبحوا يملكون قوة مؤثرة داخل أوروبا من خلال الخلايا
الإرهابية ومنع المسلمين عقائدياً من التعاون مع الغرب المسيحي
الكافر مما يجعل من الصعب على أجهزة الأمن الغربية معرفة ما يدور
في أواسط المسلمين .
لذلك لابد من اعتبار
ما حدث في 11 سبتمبر (رغم بشاعته) نوع من الاختبار لمعرفة مدي رد
الفعل الغربي على مثل هذه العمليات .
بكل أسف لم يكن رد الفعل الغربي على ذلك بنفس مستوى الكارثة التي
حدثت . فكان يجب على الغرب القيام
بعملية تطهير واسعة النطاق لطرد هذه العناصر
السرطانية من أراضيها وكذلك إغلاق جميع المؤسسات التعليمية
الإسلامية التي سمح بها الغرب
للمسلمين والاكتفاء بأن يتلقوا التعليم في المؤسسات التعليمية
العامة أسوة بأقرانهم الغربيين مما يسهل اندماجهم في المجتمعات
الأوروبية وبذلك يقطعون الطريق نسبياً على تغلغل التيار الوهابي
الإرهابي الذي تنشره السعودية في العالم أجمع ضد غير المسلمين .
وإذا قال قائل أن السعودية تعاني أيضاً من الإرهاب وأنها تحاربه ،
فهذا لا يعنينا كمواطنين نعيش في الدول الغربية . وذلك لسبب بسيط
أن ما يحدث في السعودية هي عملية تصفية حسابات بين بعض الجماعات
الإرهابية التي ولدت وترعرعت بفضل الدولارات الوهابية وطمع هذه
الجماعات في الاستيلاء على كل الثروة والحكم حتى تكون لهم القوة
ليعيثوا في الأرض فساداً .
بعد هذا العرض
السريع تعليقاً على ما حدث في نيويورك ومدريد ولندن والتهديدات
التي أعلن عنها تنظيم القاعدة بالقيام
بإعمال إرهابية ضد الدول التي لها جنود في العراق ، يحق لنا أن
نقول أن السعودية بتبنيها ورعايتها لتنظيم القاعدة ونشر ثقافة
الكراهية والقتل لغير المسلمين فجر ليس حرب الحضارات ولكن حرب
الأديان . لقد أعلنت السعودية منذ 11 سبتمبر حرب الجهاد طبقاً
للعقيدة الوهابية ضد العالم غير المسلم .
أما بالنسبة للعالم
الغربي ، فنقول أنه لا فائدة من
الاستعانة بالمسلمين المقيمين في أوروبا ، لأن غالبيتهم صاروا
بالثقافة الوهابية أعداء للحضارة الغربية والديمقراطية والسلام .
ولنا أن نسرد ما جاء في صحيفة الشرق الأوسط في 29 يونيو 2005 على
لسان العقيد محمد الغــنـام اللاجئ في سويسرا:
«كان
طبيعياً ان ارفض رفضاً قاطعاً أن
اكون عميلاً لأجهزة الأمن السويسرية،
فالمسلم الحقيقي لا يمكن أن يكون خائناً او
عميلاً لأعداء الإسلام».
ووصف ما حدث معه بأنه فشل ذريع لجهاز
المخابرات السويسري، فقد فشلوا في تجنيدي لأكون عميلا لهم داخل
تنظيم «القاعدة»، كما فشلوا في منعي من الكشف عن ذلك وفضحهم، ناهيك
من انهم لم ينجحوا ـ حتى الآن ـ في
تلفيق اي تقرير نفسي لي، ثم
انهم باعتقالهم لي وبالمخالفات
القانونية الصارخة التى ارتكبوها في
حقي قدموا بانفسهم دليل
ادانتهم ودليل انتهاك سويسرا
لالتزاماتها الدولية المتعلقة باحترام حقوق
الانسان وحق اللجوء السياسي. ومضى في قوله: «نظراً لعملي
السابق في وزارة الداخلية المصرية وتخصصي في مجال دراسة مكافحة
الإرهاب، ونظراً لأن هذا الموضوع هو شغل العالم الشاغل، لذلك لم
يعتد السويسريون على رفضي، حيث صور لهم خيالهم المريض أنه يمكنهم
أن يقهروا ارادتي، وأن يخضعوني
لسيطرتهم، فحاولوا اغرائي بالمال
والنساء وإرهابي من خلال التهديدات، ولكني رفضت مالهم ولفظت
نساءهم، وسخرت من تهديداتهم».
بعد
هذا التصريح لنا أن نتساءل كيف نثق في أناس يعطون كل انتمائهم
لزعماء الإرهاب الديني على حساب انتمائهم للدول التي فتحت لهم حياة
جديدة أفضل من بلادهم العربية والإسلامية ؟
كيف نقبل وجود مثل هؤلاء الناس بيننا وهم على استعداد أن
يقوم بقتلنا في أي لحظة عندما تأتيهم الأوامر من زعمائهم
الإرهابيين؟ هل الإرهابيين هم فئة ضالة
كما تزعم السعودية ؟ هل سيتوقف
الإرهابيين عن إرهابهم حتى لو استجابت الدول الغربية لمطالبهم
الحالية؟ سنجاوب على هذه الأسئلة في المقال التالي .
|