شرم
الشيخ وتفجير قضية الإرهاب
بقلم: دكتور وحيد حسب الله
منذ
بدأ الإرهاب الإسلامي ممارسة هوايته على الساحة المصرية بتشجيع من
خريجي السجون أنور السادات ضد مسيحي مصر بالهجوم على كنائسهم
وممتلكاتهم وقتلهم العشرات بل المئات منهم ، ولم تتحرك السلطة
لردعهم بل بالعكس قامت بالقبض على الشاكيين من المسيحيين وسجنهم
وتلفيق التهم لهم . وهكذا نما وترعرع الإرهاب تحت مظلة الدولة
الساداتية بتمويل من الوهابية السعودية متحججين بمحاربة الشيوعية
والإلحاد ، بينما في حقيقة الأمر ومن قرأ كتاب السادات الطبعة
الأولي والتي يحكي فيها قصة حياته يستطيع أن يستنتج بلا جهد مدى
كراهيته للمسيحيين . وقد شاركته في هذه العواطف حرمه السيدة جيهان
وهو ما نستطيع أن نقرأه أيضاً في مذكراتها .
وهكذا أتفق الزوجان مع من حولهم
لمحاربة المسيحية والمسيحيين بلا هوادة . فأفرج السادات عن الأخوان
ليحققوا حلمه بالقضاء على مسيحي مصر من ناحية والقضاء على أعداءه
الليبراليين من ناحية أخرى . فأستخدم وسائل الإعلام المختلفة لبث
سموم التفرقة الدينية وسمح لبعض المشايخ صغيري النفوس باستخدام
التلفاز كوسيلة لذلك . ثم تكوين الجماعات الإسلامية وتمويلها
وتسليحها بل وتدريبها بواسطة كوادر الدولة . وسرعان ما استخدمت هذه
الجماعات ما تلقته ما تقنيات عسكرية في ضرب الأقباط والهجوم على
الكنائس والممتلكات الخاصة بهم ووصل الحد إلي الاستيلاء على أملاك
بعضهم دون أن يستطيعوا استردادها حتى الآن من يد هؤلاء الغوغاء
والتي تساندهم الدولة في ذلك . وقد حذر الشرفاء من المسلمين وكذلك
المسئولين في الكنيسة أن هذا الإرهاب الذي يمارس ضد المواطنين
المسيحيين والذي لا تقوم الدولة بردعه ، سيكون نقمة وخراب على مصر
كلها في المستقبل ، وهو ما حدث في 6 أكتوبر 1981 ودفع السادات نفسه
ثمن فعله وأكل من الثمرة التي زرعها .
لم يستوعب حسني مبارك درس السادات
بالقدر الكافي وقرر أن يبقى في براثين المذهب الوهابي وانتهج نفس
الطريق فأفرج عن الجميع ما عدا القادة المسيحيين وعلى رأسهم البابا
شنودة ، حالماً أنه بذلك يؤمن نفسه من هؤلاء الإرهابيين مقابل
إعطاءهم الحرية . ولكن خابت ظنونه أيضاً وتوالت التفجيرات في ربوع
المحروسة وبصورة خاصة ضد الأقباط ، وكالعادة لم تقم الدولة بردع
هؤلاء إلا عندما شعرت القيادة العليا بالخطر الزاحف عليها وكذلك
فقدان ملايين الدولارات من السياحة والذين يستفيدون منها شخصياً
وتحركوا بردع كوادر هذه الجماعات والقبض عليها .
المتابع لما حدث منذ أن تولى حسني
مبارك هو أنه ترك الحبل على الغارب كما يقول المثل المصري ،
لصفوت غير الشريف يعيث في أجهزة الإعلام فساداً بتغذية التيارات
الدينية المتعصبة والمتشددة بالمال وكذلك بتشجيع البرامج
التليفزيونية المحرضة على الكراهية والتي تحض على قتل الآخر والتي
لم تتردد أن تتفوه بتعبيرات فيها إهانة وازدراء بالمسيحية
والمسيحيين . نفس الشيء حدث في مجال التعليم بتغذية المناهج
بالتعاليم الوهابية التي تحض على كراهية غير المسلمين وتنادي علناً
وجهاراً بلا حياء بسلب ونهب وقتل ومقاطعة النصارى الكفار وعادت
لهجة العصور البدوية تنتشر في ربوع مصر من خلال أبواق المساجد
والإذاعة والتلفاز والجرائد المكتوبة . وبدون استحياء كتب أحدهم في
جريدة الأهرام في عصر السادات أن لم يقبل أحد بالشريعة الإسلامية
(قاصداً المسيحيين) فليترك مصر ! هكذا بكل بساطة يطردنا من بلدنا
لأننا لا نقبل بتطبيق الشريعة الإسلامية علينا . يا للوقاحة ! كل
ذلك حدث ومازال يحدث دون أن تفكر السلطة المصرية أن ما يحدث
للأقباط اليوم سيطولهم غداً بل أبشع منه . أنهم من السذاجة وضيق
الأفق نتيجة التعصب الأعمى أنهم لا يعلمون أن ما يفعله هؤلاء اليوم
ضد الأقباط بدون عقاب سوف يفتح شهيتهم للاستيلاء على السلطة وكلنا
يعلم ما حدث في التاريخ الإسلامي من حروب داخلية بسبب السعي وراء
السلطة ليس مجاله أن نتوسع فيه الآن . ولكن أردنا أن نلفت نظر
السلطة أنهم إذا نجحوا في رفع العدوان الإرهابي عن الأقباط وحكموا
بالعدل ، فأن المحروسة ستخرج من هذه الأزمة بسلام . وأن لم يعدلوا
فحربهم ضد الإرهابيين ستكون ضارية .
كما كتب الكثيرين أن المواجهة الأمنية
للإرهاب لابد منها ، ولكن الأهم من ذلك هو أن يضرب بيد من حديد
وبلا هوادة الإرهاب الذي يمارس بمساعدة الشرطة وأمن الدولة
والمسئولين المدينين ضد الأقباط ، لأن عدم محاسبة المسئولين عن
الجرائم الإرهابية التي ارتكبت وترتكب باسم الإسلام كما حدث في
الكشح وما يحدث في قري عديدة على أرض مصر ، سيكون له عاقبة وخيمة
وخراب ودمار يحصد الكل مسلمين ومسيحيين . يجب إلا يفرح المسلمين
بهجوم يتم هنا أو هناك على أخوانهم المسيحيين من قبل الإرهابيين ،
فما حدث في شرم الشيخ هو جرس إنذار ، فأما أن نستيقظ ونقف جميعاً
ضد من يبثون سموم الكراهية بيننا ، ورغبتهم النهائية هو أن نهلك
جميعاً في الفقر والمرض والتأخر والتخلف . ليحمينا الله وليحمي مصر
من هؤلاء الخونة ، ولتعود إلي نفوسنا انتمائنا لمصر بالكامل ،
وليعبد كل واحد منا الله الذي سيحاسب الجميع في الآخرة وهو وحده
الديان .
|