باسنت موسى


26 أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

 

نوال السعداوى فى حوار الأقباط متحدون

 

  الأحزاب تصنعها الديمقراطية وليس قصور الرئاسة
  شركاء الوطن لا يعيش أحدهم فى كنف الآخر

 

المجتمعات التى يغلب عليها الثقافة القبلية لا يرهق أفرادها عقولهم بعناء التفكير ، فعندما يخرج أحد أفراد القبيلة ليقول شيئاً ما يتجه الجميع خلفه ليقولوا آمين دون فهم ، ونوال السداوى إنعكاساً واضحاً لتغلغل تلك الثقافة المريضة فى مجتمعاتنا العربية ، فربما لا يعرف كثيرين منا ما هى الأعمال الفكرية والأدبية لنوال السعداوى ولكنهم يجمعون على إتهامها بالجنون والإباحية ، ونحن اليوم بصدد حوار معها لا يهدف إلى الترويج لفكر بعينه أو الإثارة بلا محتوى بل محوره النقاش الهادئ المنطقى.

 

ˇ   ما رأيك فى الدعوات المنادية بإسقاط المواد الدينية بالدستور المصرى، خاصة وأنها مواد ضد تحقيق مفهوم المواطنة الكاملة فى المجتمع المصرى؟

o   أنا مع الدعوى لإسقاط البند المتعلق بالدين من الدستور المصرى (الإسلام هو الدين الرسمى لمصر) .. وذلك لأن بيننا أقباط، كما أن الدين مسألة شديدة الخصوصية بين العبد وربه وليس من حق أحد أن يفرض دينه وطريقة عبادته وربه على الناس، كما أن الدين لا دخل له ولا يجب أن يكون له دخل بالسياسة وشئون الدولة ، ومن يقول أن الأقباط عاشوا فى كنف الإسلام سعداء أقول لهم أن أبناء الوطن هم شركاء فى صناعته وتقدمه وليس من المفروض أن يعيش أحد فى كنف الآخر فكل منهم متساوى فى حقوقه وواجباته.

 

ˇ   كيف تنظرين إلى جماعات الإسلام السياسى ودعواتها المختلفة سواء الخاصة بالمرأة أو التى تطالب بعودة مصر إلى الإسلام كشريعة تسير بها الدولة (النظام السعودى)؟

o   تلك الجماعات متطرفة ورجعية، كما أنهم سفاحون ومجرمون لا يعرفون سوى شيئاً واحداً القتل والتدمير لكل ما هو مخالف لأفكارهم ، فهم وضعوا إسمى وغيرى كثيرين من المفكرين الشرفاء على قوائم موتهم السوداء، فهل إذا كان رأيى مخالفاُ لرأيك يكون ذلك دافعاً لقتلى؟! حاربنى بالتجاهل أو بالرد علىّ ولكن ليس بتكفيرى وسفك دمائى كما تفعل تلك الجماعات، فالله يجب أن نبعده عن السياسة لأننى لا أستطيع أن أناقش أو أعارض الله خاصة وأن تلك الجماعات تدعى أن أفكارها من الله .. أما فيما يخص الدعوة بعودة مصر للإسلام كشريعة تسير بها (النظام السعودى) أقول لهم مصر دولة دينية ولا تحتاج لدعوتكم المريضة والأجدى بها أن تحذف المواد الدينية العالقة بدستورها إذا أرادت مستقبل قائم على المواطنة الحقيقية لأبنائها.

 

o  طه حسين ، قاسم أمين ، هدى شعراوى ... أسماء لرواد مصريين أثروا الحياة الثقافية المصرية وأحدثوا تغييراً إجتماعياُ كبيراً .. لماذا لم نعد نسمع عن رواد مثلهم ، هل توقفت مصر عن إنجاب النابغين؟

ˇ   المجتمعات لا تتوقف مطلقاً عن إنجاب رواد حقيقيين وصانعى تغيير.. لكن المبدعين اليوم فى مجتمعاتنا العربية يعانون من التعتيم والحظر، وتلك سنّة إبتدعتها ثورة يوليو، فأصبح لكل عهد نجومه من الكتّاب، وهؤلاء بالطبع ليسو نجوماً بسبب عطائهم الفكرى والثقافى بل نجوم برضى السلطة عنهم .

 

o      إذن هل ترى سيادتك أن العلاقة بين المثقف والسلطة دائماً متنافرة؟

ˇ   نعم العلاقة متنافرة .. ولا سبيل لإخراجنا من تلك الحدية فى ظل حكام يملكون قدراً كبيراُ من الدكتاتورية ليحاربون شعوبهم ويقتلون بداخلهم كل إبداع حقيقى ، فالإبداع والتمرد وجهان لصناعة مثقف، إن شعوبنا عادةً لا تكون موافقة موافقة دون أن تبدى إعتراضاً.

 

o   نوال السعداوى كتبت فى الدين والثقافة والإبداع والسياسة ، ألا ترى أن ذلك يفقدك المصداقية فى زمن التخصص؟

ˇ   غير صحيح .. العالم الآن يقفز قفزاً نحو الإبداع والإبتكار متخطياً حاجز التخصص، فكليات الطب فى أمريكا تدرس الأدب والتاريخ والموسيقى، فمتعلم الطب لابد أن يكون مثقفاً فى كافة نواحى الحياة، دعنى أضرب لك مثالاً يوضح فكرتى: هناك من تخصص فى جراحة وعلاج القلب، عليه أيضاً أن يدرس الموسيقى، عليه أن يفهم كيف يمرض القلب، فالقلب كامن فى جسد كامن فى مجتمع، يؤثر المجتمع على الجسم الذى يؤثر على القلب، وبالتالى إن لم يفهم المجتمع فلن يفهم الجسم ولن يستطيع علاج القلب .. وأرى أيضاً أن التخصص فى بعض فروع الدين غير صحيح، فممن الممكن أن أكون أنا أفقه من الشيخ الشعراوى وأعلم فى القرآن أكثر مما يعلمه هو رحمه الله، لقد درست الأديان وقارنت بين القرآن والتوراه والإنجيل وهو لم يفعل ذلك بل كان متخصصاً فى القرآن الذى لا يمكن أن يفهمه دون أن يقارنه بالكتب الأخرى، فالعلم يبدأ بالمقارنة والتجربة.   

 

o   د. نوال تمجدين فى عهد عبد الناصر ومع ذلك تهاجمين عصر السادات بصورة كبيرة فى حين أنه كما يرى البعض أن السادات هو أول من وضع بذور الديمقراطية فى مصر من خلال سماحه بالتعدد الحزبى؟

ˇ   أرفض حدية الأبيض والأسود لذلك أرفض أيضاً مبدأ التقسيم هل كان عبد الناصر ملاك أم شيطان ، عبد الناصر كان وطنياً حاول أن يرتقى ببلاده ولكن عيبه أنه كان ديكتاتورياً ، عبد الناصر حرص على محاربة التيارات الإسلامية أما السادات ففتح لها الباب على مصراعيه، بذور الديمقراطية وإنشاء الأحزاب أكذوبة كبيرة صنعها السادات فالأحزاب لا يصنعها قرار جمهورى ولكن تنجبها الديمقراطية من رحم المجتمع وليس من قصر الرئاسة، ومن يروج إلى أن هناك مسألة شخصية بينى وبين السادات نتيجة إضطهادى فى عصره أقول لهم أننى إضطهدت فى كل العصور ولكن السادات كان متمسحاً فى الدين يخلط الأوراق بين الدين والسياسة لذلك إنتقادى له كان أكثر حدة.

 

o   عفة المرأة فى عقلها، الإعتراف بالأبناء غير الشرعيين ضرورة، الحجاب للجوارى فقط ... آراء لسيادتك فسرها رجل الشارع إلى أنها دعوة لإباحية المرأة، إذا كان المقصود بها غير ذلك فما هو المقصود؟

ˇ   أنا ضد الحجاب المرأة وضد أيضاً تعريتها، أنا مع إحترام المرأة ككائن عقلانى لا يحجب ولا يعرى ، الرجل لا يحجب ولا يعرى لأنه يعتبر نفسه عقل ولكن المرأة تعتبر نفسها جسد والمجتمع رسخ لها تلك الفكرة، كما أن الحجاب ليس مدعاة للفضيلة فالفضيلة أن أتحدث إلى رجل وعينى فى عينه واثقة فى شخصيتى وذكائى ولكن الحجاب يضعف المرأة ويجعلها تنكمش وتخاف الرجل.. أما فيما يخص عفة المرأة فأتساءل كيف يمكن أن نحصر عفة الفتاه فى عضو بيولوجى قد تولد به وقد لا تولد وأنا طبيبة وأدرك ذلك، كما أن حصر عفة الفتاة فى سلامة أعضائها البيولوجية يعكس رؤيتنا للمرأة كجسد، ثم إذا كان مقياس العفة عندنا مرتبط بأعضائنا البيولوجية وسلامتها فما هو مقياس عفة الرجل؟! .. الإعتراف بالأبناء غير الشرعيين ضرورة، فما ذنب الإبن أو الإبنة عندما يأتى إلى الدنيا ليجد نفسه أمام مسجد أو فى قالب قمامة وعلى أفضل الأحوال داخل ملجأ لرعاية اللقطاء يقاسى الأمرين من نظرة المجتمع له وهروب والديه من مسئولية تحمل خطأ إرتكباه معاً، فالرجل هنا عادةً ينظر له المجتمع على أنه الضحية وتتحمل المرأة بمفردها عبئ ذلك الخطأ، علينا أن نواجه أخطاءنا مهما كانت صعبة حتى لا نترك الأبرياء الحقيقيين يتحملونها.

   

o       كيف تتعاملين مع قرارات مصادرة كتبك من قبل الأزهر؟

ˇ   ليس للأزهر علاقة بالإبداع، الأزهر يفتى فى المسائل الدينية فقط، ولكنه أصبح يفتى فى المسائل الإبداعية والطبية فى أحيان كثيرة، فمثلاً أنا دارسة للطب لذلك أفتى فيه وعندما أتحدث عن مشاكل ختان الإناث أجد مشايخ الأزهر يقولون لا يجوز شرعاً لذلك أقول لهم من الأجدى أن تنظروا للكتب التى تباع على الأرصفة فى الشوارع وتسئ للإسلام والمسلمين بل وتدعوهم للتطرف وتصور الإسلام على أنه دين الكراهية والبغض للآخر، لماذا لم يتخذوا قراراً تجاه تلك الكتب المدمرة ويهاجمون كتبى الإبداعية التى لا تسئ إلى ثوابت الدين؟!

 

o   أخذتى موقف معارض فى مسألة جمع الرجل بين أكثر من زوجة مع أن هذا ذكر فى القرآن أن من حق الرجل أربعة زوجات ؟

ˇ   الرجال إستندوا إلى بعض النصوص القرآنية وفهموها بشكل خاطئ ليبرروا فسقهم، كيف يتزوج الرجل من أربعة؟! هذا فساد أخلاقى وإساءة للقرآن والإسلام، كيف ينتقل الرجل من فراش إمرأة إلى أخرى؟! هل يرضى الرجل أن تنتقل إمرأته بين فراش الرجال؟! بالطبع لا ،  أنا أيضاً كإمرأة تملى علىّ كرامتى الإنسانية نفس الفعل .. تونس منعت تعدد الزوجات وغيرها من الدول الإسلامية، فهل تلك الدول لا تفهم القرآن أم دول كافرة كما ترى التيارات النتطرفة؟!

 

o    إسمحى لى أن أقول لسيادتك أن النبى محمد تزوج بتسع سيدات ، ما المشكلة إذا إتخذه الرجل المسلم مقياساً له؟

ˇ   هذا خطأ كبير .. والنبى محمد بشر، إذاً من الممكن أن يرتكب أخطاء، وهذا لا يدعونى أن أرتكب نفس أخطاؤه، كما أننى كطبيبة أدرك جيداً أن قدرة الرجل البيولوجية لا تحتمل أكثر من إمرأة واحدة، وأود أن أشير أن المرأة التى ترضى أن يجمع زوجها بين أكثر من واحدة هى جارية ولا تستحق أن تكون إمرأة.

 

o   بغض النظر عما آلت إليه تعديلات المادة 76 ، لماذا أقدمتى على ترشيح نفسك للرئاسة كمستقلة وأنت تدركى جيداً رؤية الكثير من أفراد المجتمع لأفكارك كما تدركى أيضاً عدم إمكانية أن تصبح المرأة رئيسة لدولة إسلامية كمصر؟

ˇ   أقدمت على ترشيح ذاتى للرئاسة لأوضح شيئاً ما أن مازالت كلمة طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل ثابتة فى عقولنا، ولا أفهم ما المقصود بطبيعة المرأة؟ أليست إنسان يفكر وقادر على إتخاذ قرارات حكيمة مثل الرجل، هل المرأة مفتقدة للقدرات العقلية أم النقسية أم ماذا؟! نحن فى مجتمعاتنا من أفقد المرأة كل شئ قدراتها طموحاتها وأيضاً إنسانيتها من خلال ما فرضناه عليها من قهر من جانب سلطة الرجل أب كان أم زوج، وأسأل أيضاً أين كانت طبيعة المرأة عندما حكمت مارجريت تاتشر بريطانيا عدداً من السنين؟! فالرجال والملوك والرؤساء العرب كانوا يسيرون خلفها منكسى الرؤوس أو بظهور محنية مستسلمين لقراراتها الشديدة الصعوبة، ثم هى أين أيضاً طبيعة المرأة مع السيدة كونداليزا رايس أم هيلارى كلينتون؟!

 


 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون