ايام قليلة ونستقبل شهر رمضان المبارك, الذي يحل علينا كل عام ضيفا كريما فيه من الخيرات والنفحات الربانية والزاد الايماني مايؤهل المسلم الي المسارعة في الخيرات وترك المنكرات.
امتثالا لرب البريات واتباع سنة المصطفي صلي الله عليه وسلم اشرف وسيد المخلوقات,فماذا اعددنا لاستقبال هذا الشهر المبارك من الاعمال والتأهب الايماني الذي يجعلنا ندخل في معية نفحات ورحمات وتجليات رب الارض والسموات علي عباده في شهر رمضان المبارك؟.
وأكد علماء الدين ان الاستعداد لاستقبال شهر رمضان ضرورة, حتي يتهيأ قلب المسلم في الدخول في جو العبادات من صيام وصلاة وقيام ليل والانفاق في وجوه الخير ومساعدة المحتاجين في الشهر الكريم, وهذه الأعمال تحتاج إلي تدريب مسبق, ولعل الأيام الأخيرة من شهر شعبان تكون فرصة لمن لم يكن قد استعد قبل ذلك لاستقبال الشهر الكريم.
يقول الدكتور عبد الفتاح عاشور استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الازهر,لقد أشرقت أنوارشهر رمضان وهبت نسائمه ندية مفعمة بالرضا والرحمات والبركات,وكل مسلم يعلم ان شهر رمضان شهر كريم يفيض فيه الحنان المنان الحليم الكريم رب العرش العظيم علي عباده الصائمين بألوان من التسديد والتوفيق والاجر الجزيل,موضحا أن الاستعداد الحقيقي لشهر الصيام والرحمات,هو ان يبدأ الانسان المسلم في تدريب نفسه علي كيفية الدخول في تقوي الله عز وجل التي هي في مجملها اتيان ماامر الله تعالي به والنهي عما نهي عنه سبحانه,ولعل تقوي الله تعالي هي المرادة من فرض الصيام علي المؤمنين,إذ قال سبحانه في محكم التنزيلياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
تطهير القلب
واشار الي ان ذلك يستلزم بعض الامور التي يجب الاتيان بها بالتدرج,منها علي سبيل المثال لاالحصر,ان يحاول المسلم بقدر الاستطاعة ان يحافظ علي اداء الصلوات الخمس في جماعة,وان يطهر قلبه من الاحقاد والمكائد والضغائن بكثرة الذكر,وأفضل الذكر هو تلاوة القرآن الكريم اطراف النهار وآناء الليل,ولو قرأ كل يوم جزءا من كتاب الله او نصف جزء,و لابد ان يعلم ان قراءة القرآن لاتكون مجرد نطق بالألفاظ فقط,وانما تكون بتدبر المعاني ومحاولة فهم اسرار الايات ولما جاء في كتاب الله,بل لايتوقف الامر عند الفهم والعلم وانما العمل بما فهم وعلم, حتي إذا مادخل عليه شهر رمضان يكون قد هيأ قلبه ونفسه لتلقي الفيوضات والنفحات الربانية التي يتجلي الله بها علي عباده في هذا الشهر الكريم.
وأوضح ان من الامور التي يجب ان يضعها المسلم في اطار استعداده للشهر الكريم,ان يبادر بتعويد يده علي الانفاق في الخير,ويكف يده عن ايذاء الناس او ان تمتد الي فعل محرم,وكذلك لابد وان يمنع لسانه عن التلفظ بالسباب والشتم للاخرين مهما يصدر عنهم من اذي له,وايضا عليه ان يدرب عينيه علي عدم النظر الي المحرم من شهوات الدنيا الزائلة,وايضا الا تتحرك قدماه لمعصية من معاصي الله او للاضرار بالاخرين,كما يجب عليه ان يمنع اذنيه من التجسس والتنصت والتلصص علي اخبار الناس,وان يكف عن الغيبة والنميمة والكذب والبهتان,مشيرا الي ان عملية التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل التي يحاول ان يركب سفينتها المسلم في رمضان لاتأتي فجأة بل لابد وان يبدأها قبل قدوم الشهر بأشهر او ايام او حتي اسابيع كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم ومن قبلهم سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.
التدريب علي الطاعات
وفي سياق متصل يوضح الدكتور عبد الغفار هلال الاستاذ بجامعة الازهر ان المؤمن البصير الحريص علي الاستفادة من شهر رمضان استفادة كاملة,عليه ان يضع نفسه في بيته او خارجه كأنه جندي في معسكر يتعود بالتدريب المستمر علي الالتزام بتقوي الله تعالي,ويحاول التجربة ساعة بعد ساعة اويوما بعد يوم حتي إذا ما بدأ شهر الصيام وجد الامر سهلا ميسورا,ووجد نفسه قد تخرج جنديا قويا يحمل رسالة هذا الدين ويبدو امام العالمين مشرقا بنور الله مضيئا بمنهج القرآن قويا في بدنه ودينه وافعاله واقواله واحواله,يأخذ الحياة بجد,فيصل الي مايريد من تحقيق السعادة لنفسه ولامته.
وأكد ضرورة الاستفادة ونحن الآن في الايام الاخيرة من شهر شعبان الذي قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح هذا شهر يغفل فيه كثير من الناس بين رجب ورمضان وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام...هذا شهر ترفع فيه الاعمال واحب ان يرفع عملي وانا صائم, وهذه الايام المباركة التي تسبق الشهر الكريم,نستعد من خلالها ونتدرب وننضوي تحت لواء هذا الدين في معسكر قائده نبي الهدي والرحمة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم,ومدربوه اصحابه الكرام ومن سار علي نهجهم من التابعين والسلف الصالح,موضحا ان من الامور التي يجب وضعها في الاعتبار ونحن نستعد لشهر رمضان المبارك ان يتدرب المسلم علي قيام الليل,ولتحقيق ذلك عليه ان يحاول الاستيقاظ قبل اذان الفجر بوقت يستطيع فيه ان يؤدي بعض الركعات مناجيا ربه ان يبلغه رمضان بسلام وامان,ولن يتمكن من ذلك الا اذا عود نفسه علي النوم مبكرا عقب صلاة العشاء بوقت قليل,وبالتزام المسلم لتلك الخطوات وبالحرص علي اداء الصلوات الخمس في جماعة بالمسجد وايضا المداومة علي حضور جلسات العلم ومدارسة القرآن الكريم والتدرب علي صلة الارحام واخراج النفقات في وجوه الخير المتعددة,يكون المسلم قد وجد نفسه علي اهبة الاستعداد لصيام نهارالشهر الكريم وقيام ليله,علي علم ويقين ان رب رمضان هو رب الدهر كله.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com