ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الأزهر والفاتيكان‏..‏ عودة للحوار أم اســتمرار القطيعــــة ؟‏!‏

| 2013-07-06 12:19:03

رغم سنوات من القطيعة احتجاجا علي ما اعتبره الأزهر تدخلا من بابا الفاتيكان في الشأن الداخلي المصري‏,‏ أبدي الأزهر استعداده لعودة الحوار مع الفاتيكان وفق ضوابط وشروط عدة‏.

وذلك فور اختيار البابا الجديد, واستعداده لإعادة الحوار مع الفاتيكان وجميع الراغبين في الحوار داخل الوطن وخارجه, مشترطا لذلك سلما قائما علي الاحترام المتبادل مع التزام آدابه و قواعده.

وأكد الأزهر أن الإسلام يدعو إلي الحوار وسماع ما لدي الآخر المخالف للعقيدة والفكر والثقافة والأنظمة انطلاقا من أنه رسالة سماوية جاءت لخير البشرية جميعا ودعوة إلي العالمية بقوله تعالي: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين, وعلي هذا يكون حوار الإسلام مع الأديان الأخري دعوة للخير والعمران وتصحيح العقائد والنظم والمؤسسات لتحقيق الصالح العام.

وأوضح الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار, أن الأزهر يتحاور مع المسيحيين في العالم كله, و في مقدمتهم الكاثوليك في كل بلاد الغرب, أما الكاثوليك المصريون, فهم عضو أساسي في بيت العائلة المصرية وفي حوار عملي بناء علي أرض الواقع في وطننا العزيز ولا علاقة لهم بموضوع الخلاف مع الفاتيكان, وأنه بعد اعتزال البابا السابق أبدي الأزهر استعداده لفتح صفحة جديدة والعودة إلي الحوار منتظرا دائما علامة إيجابية من الفاتيكان, فنحن في انتظار تحسين أجواء الحوار من جانب الفاتيكان, وقد تم تقديم كثير من الاقتراحات الوسطية المعتدلة, ولم يعر الفاتيكان للأمر اهتماما وكأنه ليست هناك أدني مشكلة, بالإضافة إلي أن الأزهر رصد بعض مواقف الفاتيكان تجاه الإسلام منذ محاضرة البابا بينديكتوس في راتيسبون في ألمانيا و ما تلاها حتي موقفه بعد حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية, والتي تتميز بروح أقرب إلي الخصومة ومجافاة الحقائق التاريخية منها إلي الوئام و روح التقارب المنتظرة من الحوار, ولذا فقد علق الأزهر الحوار منذ فبراير2011 وحتي الآن.

وأضاف الدكتور عزب أنه بعد انتخاب البابا الجديد فرنسيس الثاني علق مركز الحوار لوسائل الإعلام الغربية معلنا تفاؤله بإمكانية خلق آفاق للحوار يشير إليها الفاتيكان, كما أرسل شيخ الأزهر بنفسه برقية تهنئة للبابا, والحقيقة أن البابا الجديد حتي الآن لم يوجه بنفسه أي رد ولا شكر للإمام, وليس من شأن أي طرف غيره أن يكتب للأزهر ولإمامه في هذا الأمر, وقد وضحنا للوسطاء وللأب رفيق جريش ولأحد المقربين من البابا التقيناه مؤخرا في مؤتمر حوار في فيينا هذه الحقيقة, وهي أن الإمام الأكبر هو شيخ الإسلام والمسلمين في العالم كله, كما أن البابا أعلي سلطة كاثوليكية في العالم كله, ومن اللائق أن يتوجه البابا بنفسه إلي الإمام الأكبر للرد علي التهنئة, و قد وضحنا ذلك للسيد جون بول جوبل السفير الجديد للفاتيكان في القاهرة في أثناء احتفال دير الدومنيكان بعيده الستين في القاهرة أمس الأول, وقال إنه سينقل هذه الرسالة إلي روما, ويؤكد أن الأزهر لا يتوقف عن الحوار سواء في الداخل أو في الخارج ومع كل كنائس العالم, بما فيهم الكاثوليك بالطبع, إذن فنحن الذين ننتظر من الفاتيكان علامات التحسن حتي نعود إلي الحوار.

الحوار بين المؤسسات
ولكن كيف يصبح الأزهر فاعلا في هذا الحوار وما شروط وضمانات عودته ؟ يجيب الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن من يتأمل نصوص القرآن الكريم يجد أنه قد صاغ دستوره في الدعوة علي أساس الحوار, وجعله منهجا لأتباعه وسبيلا للدعوة إليه, كما في قوله تعالي: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون, وعلي وفق هذا المنهج ينفتح الإسلام الإنساني في حواره مع أصحاب العقائد والأديان الأخري لإشاعة السلام والإستقرار خاصة بين أتباع الأديان السماوية المسيحية واليهودية, وهو ما جاء في قوله تعالي: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا, ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله وهذا ما طبقه صاحب رسالة في حواره مع نصاري نجران ودعوته لهم في مسجده بالمدينة, حتي أنهم أدوا صلواتهم في المسجد النبوي, ومن ثم فإن الإلتقاء بين قادة الأديان الإسلام والمسيحية واليهودية متمثلا في الأزهر والكنيسة الكاثوليكية وغيرها, وكذا الحوار بين المؤسسات الدينية هو أمر جائز شرعا طالما أنه يحقق المصلحة المشتركة.

ضمانات نجاح الحوار
غاية الأمر أن هذا الحوار ينبغي أن يتوفر له ضمانات بغرض إنجاحه وتحقيقه لمصالح أتباع الأديان جميعا, ومن بين هذه الضمانات أن يتم الحوار في إطار الإحترام المتبادل, وعدم الإستعلاء من جانب طرف علي الآخر, وألا يتضمن المساس أو التعدي علي ثوابت الدين وخصوصياته العقائدية والتشريعية, ودون الإساءة إلي المقدسات والرموز, يستوي في ذلك الحفاظ علي قدسية القرآن الكريم وشخص الرسول صلي الله عليه وسلم, وغيره من الرموز والمقدسات الإسلامية, وأيضا في المقابل عدم المساس بالإنجيل والمسيح عليه السلام, وعلي غراره التوراة وموسي عليه السلام, ذلك لأن الأديان السماوية تلتقي جميعا علي أصول واحدة تتمثل في التوحيد والعبودية لله تعالي وحرية البشر في اختيار معتقداتهم وفي التعبير عن آرائهم وتحقيق الكرامة لكل إنسان, دون تمييز بسبب اختلاف العقيدة أو اللون أو الجنس إلي آخره, وأن يكون هذا الحوار علي أساس قبول الآخر والتعايش معه في أمن وسلام, والتعاون علي ما فيه صالح الأطراف المتحاورة, ومنع التظالم أو الهيمنة أو الإقصاء.

وهناك خصوصية قد تبرر الحوار بين الأزهر والفاتيكان هي, تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين, وإزالة الظلم والهيمنة من جانب القوي الغربية علي بلاد الإسلام والمسلمين والتخلي عن سياسة الهيمنة الغربية علي المقدرات الإسلامية, وكذلك تصحيح الصورة المشوهة عن أن الإسلام دين يعتنق أصحابه فكر الإرهاب ضد المخالف, ويقوم علي التمييز ضد الآخر المخالف للعقيدة وأن الإسلام يكره الحضارة الغربية ويرغب في إزالتها من الوجود وتهميش مكانة المرأة إلي غير ذلك من الثقافة السائدة لدي الغربيين والتي تبثها وسائل الإعلام الغربية علي اختلاف صورها وقوتها الجبارة في التأثير علي عقول الناس وتشكيل ثقافتهم نحو كراهية الإسلام والمسلمين.

ويري الدكتور الأحمدي أبوالنور عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أنه متي تحققت الشروط الواجبة لعودة الحوار مع الفاتيكان والتي حددها الأزهر الشريف فإننا نرحب بهذا الحوار لأنه يمكن استثماره في قضايا هامة تخص المسيحيين والمسلمين في مصر, بالإضافة إلي أنه ممكن أن يقوي العلاقة بين أبناء الوطن الواحد وبالتالي فنحن نرحب بهذا الحوار مادام يأتي في إطار تلك الشروط.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com