ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الثالوث الأقدس

بقلم : المطران كريكور اوغسطينوس كوسا أسقف الإسكندرية للارمن الكاثوليك | 2013-07-08 21:40:26

 " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمَدوهم باسم الآب والابن والوح القدس " ( متى 28 : 20 )

 
ان هذا السر يكشف لنا حياة الله الخاصة. وما كان لنا أن نطمع بالإطلاع على حياة الله، لولا أن السيد المسيح نفسه أراد أن يرفع عنها الحجاب، فنحاول أن نفهم ما يقوى عقلنا البشري القاصر على فهمه من هذه الحياة الزاخرة بالنشاطات والأعمال والهموم ...
 
وقد أظهر السيد المسيح موضحاً أن الله ليس كائناً وحيداً منعزلاً أو مختبئاً في سمائه كما توهمه الفلاسفة القدماء، لكن الله هو عائلة مؤلفة من ثلاثة أشخاص تجمعهم وتسودهم المحبة ويشدَ أحدهم إلى الآخر روابط متينة وثيقة لا تقبل الانقسام والانفصام. 
 
وهؤلاء الأشخاص الثلاثة  ندعوهم في لاهوتنا المسيحي  "أقانيم" وهم الآب والابن والروح القدس. وفي تعليمه، كثيراً ما أشار السيد المسيح إلى حقيقة الثالوث الأقدس، فأوضح أن للابن كالأب سلطاناً على الحياة لذلك قال: "كما أن الآب له سلطان على الحياة فكذلك أولى الإبن سلطاناً على الحياة " ( يوحنا 5:26 ).
 والسيد المسيح لا يعمل ما يعمله إلا بإسم أبيه، فأثبت لليهود أنه هو المسيح بقوله: " والأعمال التي أعملها بإسم أبي تشهد لي" (متى 11 : 27 ).
وبينه وبين الآب معرفة من المحال أن يحلم بها أحد من الناس ما لم يمَنُ عليه بها الآب، فقال : "ما من أحد يعرف الإبن إلاَ الآب، ولا من أحد يعرف الآب إلاَ الإبن ومن شاء الإبن أن يكشف له " ( يوحنا 10 : 25 ) .
وهكذا تتوالى الشواهد التي أثبت فيها السيد المسيح وجود الأقانيم الثلاثة في الثالوث الأقدس ويتميز الواحد عن الآخر.
 
وحدة الطبيعة في الثالوث الأقدس:  
وحدة الطبيعة لا يعني أن هناك ثلاثة آلهة. هم ثلاثة أشخاص لكنهم إله واحد له طبيعة واحدة. وهذا ما عبًر عنه السيد المسيح  عندما قال: " فما يصنعه الآب يصنعه الإبن على مثاله "(يوحنا ١٩:٥).
 
وقد شرح القديس اوغسطينوس هذه العبارة فقال: " إن السيد المسيح لم يقل أن الابن يصنع بعد الأب وعلى مثاله ما يصنعه الأب لكنه يصنعه بعينه". فمهما يعمله ذاك يعمله هذا. فهما متساوين في الجوهر والقدرة ويتساوى معهما الروح القدس أيضاً.
فالإبن ينبثق من الآب، والروح القدس من الآب والإبن. وقد اشار القديس اثناسيوس إلى هذا السر فقال: "الآب هو الله والابن هوالله والروح القدس هو الله، ومع ذلك ليسوا ثلاثة آلهة إنما هم إله واحد. فالآب غير مولود، والإبن مولود غير مخلوق ولا مصنوع، والروح القدس منبثق من كليهما فهو غير مخلوق ولا مصنوع هكذا يجب أن نكرم وحدة الطبيعة في تثليث الأشخاص وتثليث الأشخاص في وحدة الطبيعة".
 
في الكتاب المقدس نرى أن الاقانيم الثلاثة يتدخلون في عمل خلاص البشر، فالآب في البشارة أرسل الملاك ليبشر العذراء  مريم بأن الروح القدس يحل عليها وقوّة العلي تظللها والمولود منها هو ابن الله؛ وفي عماد السيد المسيح حلّ الروح القدس على ابن الله وسُمع صوت الآب من السماء يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت" ( متى ١٧:٣ ) . وختم القديس متى البشير انجيله بدعوة السيد المسيح رسله للتبشير"باسم الآب والابن والروح القدس" .
وعملت الكنيسة بنصيحة معلمها الإلهي، فأوجبت على كل من يتقبل سر العماد ان يبرز وبصورة واضحة فعل إيمانه بالأقانيم
الثلاثة عند تلاوته  "قانون الايمان"، ومنحت هذا السر باسم الثالوث الاقدس، وحثت المؤمنين على مباشرة أعمالهم واختتامها بإسم الاقانيم الثلاثة والتي يذكرون أسماءها عندما يرسمون علامة الصليب المقدس علو وجوههم . 
 
وهكذا تعلمنا وتفهمنا الكنيسة أن هذا السر هو أساس جميع الأسرار المقدسة في الدين المسيحي. وقد وضّح البابا لاوون الثالث عشر في تعاليمه حيث قال : " إن سر الثالوث الأقدس هو أكبر جميع الأسرار وينبوعها وأساسها بأجمعها. فالأباء القديسون يدعونه جوهر العهد الجديد. وما وجد الملائكة في السماء والناس على الأرض إلا ليعرفوه ويتأملوه".
 
فلا عجب أن نرى هذا السر صعباً، وقد شعر القديس اوغسطينوس بصعوبة فهم هذا السر وكان يُجهد نفسه لإكتشافه فأرسل الله إليه ملاك في شكل طفل صغير، رآه على شاطىء بحر أوستيا قرب مدينة روما، يحاول هذا الطفل أن ينقل البحر في صدفة ويضعه في حفرة صغيرة حفرها على الشاطىء. ولما أبدى القديس دهشته من محاولة الصبي السخيفة، قال له هذا الطفل:
" سهل عليّ، أن أنقل البحر إلى هذه الحفرة من أن تفهم سر الثالوث الأقدس". 
لنعبد هذا السر بما ينبغي له من الإحترام والوقار، ولنجدد كلما رسمنا إشارة الصليب على وجوهنا فعل إيماننا بالأقانيم الثلاثة 
الآب والإبن والروح القدس. 
 
وطنى
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com