الكاتب : مايكل ماهر عزيز
القيصر الكسندر الاول
فى القرن السابع عشر كانت روسيا تعيش أفضل عصورها الذهبية فقد وهبها الله بملوك أجلاء كانوا يريدون توحيد الدول المسيحية ذات المذهب الارثوذكسي وضمها في دولة واحدة وتكوين إمبراطورية تقوم علي العدل والمساواة فعلي سبيل المثال في عام 1801 تولي عرش روسيا القيصر المحبوب ألكسندر الأول إمبراطور روسيا العظمي . وقد قام هذا القيصر في بداية حكمه بإصلاحات ليبرالية معتدلة. وفي عهده انضم إلى روسيا كل من الدول الأرثوذكسية جورجيا وفنلندا وبيسارابيا وجزء كبير من أذربيجان .
أهتم هذا القيصر بإصلاحات عديدة نفعت بلاده ففي عهده قد أولى اهتماما كبيراً بالتعليم والتنوير. ففي سنوات حكمه جرى افتتاح جامعة قازان ( عام 1803) وجامعة خاركوف (عام 1805) والمعهد العالي للعلوم بياروسلاف ( عام 1803). وكذلك المدرسة الثانوية الشهيرة "لتسييه" في تسارسكويه سيلو (بلدة بوشكين حالياً) التي تخرج منها فيما بعد الكاتب الروسي الكبير الكسندر بوشكين. وفي عهده تمّ السماح باستيراد الكتب من أوروبا وإنشاء مطابع خاصة، كما أُسّس مجلس الشيوخ الذي كان بمثابة هيئة رقابية وقضائية في منظومة إدارة الدولة، كما تم تكليف أحد كبار المسؤولين (نيكولاي نوفوسيلتسيف) بإعداد مسودة الدستور الروسي .
الكسندر الاول : محرر أوروبا وقاهر جيوش نابليون
أراد نابليون بونابرت وهو قائد عسكري وإمبراطور فرنسا أراد أن يتربع علي عرش الأمم وتوهم بأنه قادر أن يغزو الإمبراطورية الروسية فقام في عام 1812 بغزو أراضي الامبراطورية الروسية متحدياً قيصرها الكسندر الاول ،
وففي السابع من يناير/كانون الثاني من عام 1813 أصدر الإمبراطور ألكسندر الأول بيانا أعلن فيه طرد العدو من أراضي الإمبراطورية الروسية ،وعندما دخل نابليون موسكو كان أهلها قد غادروها مدمرين إياها. و كان جيشه جائعا تعبا يعاني من برد الشتاء في روسيا، وتبين بتحليل أسنان جنوده الذين قتلوا هناك وعددهم 25 ألفا أنهم أصيبوا بمرض التيفوس وحمى الخنادق وهي أمراض تنتقل عن طريق القمل. واضطر نابليون بعد مرور عدة اشهر لإقامته في موسكو الى مغادرتها . وقبل عودته الى فرنسا وقعت عدة معارك بين القوات الفرنسية والروسية حيث انهزم نابليون وترك قواته فهرب.
وتعد الحملة التي قام بها نابليون على روسيا عام 1812 بداية النهاية لهذا القائد الكبير، حيث كان لها تأثيرا سلبيا عميقا على الجيش الفرنسي وكفاءته، كما أنها شهدت مقتل وإصابة مئات الآلاف من الجنود والمدنيين على حد سواء .
وفي 19 مارس/آذار عام 1814 دخلت القوات الروسية العاصمة الفرنسية مدينة باريس. وكان على رأس القوات المنتصرة القيصر الروسي الكسندر الاول .
الكسندر الاول : محرر الاقبــاط
أراد قيصر روسيا العظيم الكسندر الأول تحرير الأقباط الأرثوذكس من قبضة الحكم العثماني الطاغي وأراد قيصر روسيا أن يحكم الأقباط وطنهم فقام بإرسال السفير الروسي إلي بطريرك الأقباط الأرثوذكس ، وهو البابا بطرس الجاولي البطريرك رقم 109 ليعرض عليه حماية الإمبراطورية الروسية للأقباط الأرثوذكس وكان ذلك فى عام 1809 ميلادية تقريباً ، فذهب السفير الروسي مع مترجم خاص به إلى الدار البطريركية ظناً منهم أنهم سيرون رئيس أكبر كنيسة مسيحية أرثوذكسية بأفريقيا بحالة تدل على عظمة، وكانت أخبار هذه الزيارة قد وردت إلى البابا من قبل ولكنه لم يأبه لها، ولما وصل السفير الروسي مع مترجمه الخاص ظن السفير أنه لا بد وأن يتم استقباله استقبالا رسمياً ولا بد ان يكون قد وصل للبابا أن زائراً عظيما وممثلاً لدولة كبيرة يريد مقابلته وكانت المفاجأة إنهم رأوه إنسانًا بسيطا يحمل الكتاب المقدس بين يديه يقرا فيه وهو يرتدى زعبوطا خشنا جالساً على دكة خشبية وحوله مقاعد مبعثرة، وهنا تساءل السفير في عقله : " هل هذا الرجل البسيط رئيس الأقباط ورئيس أكبر كنيسة مسيحية بأفريقيا ؟؟؟ " فسأله السفير الروسي في شك: "هل أنت البطريرك"؟!
السفير والبابا القديس
فأجاب البابا القديس بكل محبة وإتضاع : " أنا البطريرك بنعمة المسيح " تفضل وأجلس ودعا الخدام بتقديم واجب الضيافة إليهم ، فأندهش السفير ومترجمه فقاموا بتحية الأب البطريرك كعادتهم في بلادهم ، فبدأ السفير ينظر اليه وهو لا يصدق أنه يجلس مع البطريرك وبدأ السفير يسأله لماذا يعيش بطريرك الأقباط بهذه البساطة ولا يهتم بمركزه في العالم المسيحي ؟ .
- فأجابه البابا : (ليس الخادم أفضل من سيده، فأنا عبد يسوع المسيح الذي اتى إلى العالم وعاش مع الفقراء ولأجلهم، وكان يجالس الخطاة ولم يكن له ابن يسند رأسه، أما أنا فلي مكان أقيم فيه واحتمى فيه من حر الصيف وبرد الشتاء، لم يكن للمسيح ارض ولو أنه ملك السماء والأرض ولم يكن له مخزن فيه مؤنه، وها أنا آكل وأتمتع فهل هناك أفضل من هذا ) .
فبعد تعجب السفير من كلام البطريرك هذا أبتدأ يعرض على بابا الأقباط حماية قيصر روسيا الكسندر الأول لأقباط مصر .
وبكل بساطة قال البابا له : هل ملككم يحيا إلى الأبد؟
- قال له السفير : لا يا سيدي البابا بل هو إنسان يموت كما يموت سائر البشر.
- فأجابه البابا: "إذن أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت وأما نحن تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله".
حينئذ لم يسع السفير الروسي إلا أن ينطرح تحت قدميه واخذ يقبلها وتركه وهو يشعر بعظمة هذا الرجل البسيط وعندما ذهب السفير لمحمد علي باشا والي مصر آنذاك سأل الوالي السفير الروسي : ما هو الشيء الذي أعجبك في مصر ؟؟ .
- فرد السفير وقال " لم تدهشني عظمة الأهرام ولا ارتفاع المسلات، ولم يهزني كل ما في هذا القطر من العجائب بقدر ما هزني ما رأيته في بطريرك الأقباط . ولما سمع محمد علي بما حدث في هذه المقابلة فرح جدا وذهب إلي البابا بطرس الجاولي ليهنئه على موقفه وما أبداه من الوطنية الحقة، فقاله له البابا : (لا تشكر من قام بواجب عليه نحو بلاده) فقال له محمد علي والدموع في عينيه (لقد رفعت اليوم شأنك وشأن بلادك فليكن لك مقام محمد علي في مصر، ولتكن مركبة معدة لركبك كمركبته).
وبعد تلك الواقعة تيقن محمد علي باشا بأن الأقباط شعب مخلص ووطني فقد أعتمد عليهم في بناء مصر ألحديثه مع أشقائهم في الوطن من المسلمين فقام بإلغاء الجزية التي كان يدفعها الأقباط طيلة 1200 عام وقام بتعيين الأقباط بالدوائر والمصالح الحكومية وبإرسال البعض منهم لبعثات إلي الخارج وأنخرط الأقباط بالجيش المصري الحديث كمواطنين مصريين .
الخلاصـــــة :
بحسب رائيي كانت الإمبراطورية الروسية تنظر إلي شعوب العالم بنظرة مختلفة وسامية فهي كانت لا تغزو الأمم والشعوب المحيطة بها ، لكن علي العكس تلك الأمم أرادت أن تنضم طواعية إلى روسيا لأنها كانت تري في الكيان الروسي الملجأ والحصن الحامي لها من شر تبعية دول استعمارية ، كانت تلك القوي تريد غزوهم من أجل مطامعها الاستعمارية ، ولأجل ذلك انضمت تلك الدول التي تدين بالأرثوذكسية لتتوحد مع الكيان الروسي فتكونت أعظم الإمبراطوريات في العالم آنذاك .
حالياً بات المصريين بوجهً عام والأقباط بوجهًا خاص يعانون من مطامع تلك الدول الاستعمارية المتمثلة في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية التي تري في مصر إنها عبارة عن مستعمرة كبيرة تابعة لها تخدم مصالحها الإستراتيجية ، ولا يعنيهم أوضاع المصريين الاقتصادية والاجتماعية فباتوا يتلاعبون بمصير المصريين عبر مساعداتهم الاقتصادية التي أذلو بها أبناء الفراعنة وتحكمت في مصائرهم وحياتهم .
للأسف أنجر بعض الأقباط خلف تلك القوي الاستعمارية متوهمين بأن أمريكا وغيرها سوف تعطيهم ما يريدون وعاشوا في أوهام كبيرة ناسيين أن التاريخ لا يعرف الشعوب الذين يعتمدون علي الدول الانتهازية من أجل تحقيق مصالحهم ، وحدهم المغفلين هم الذين يفعلون ذلك .
يجب علينا كشعب قبطي له جذور تاريخية ترجع إلي الآلاف السنين ، تلك الجذور التى لها تأثير عميق علي شعوب كثيرين ، يجب علينا أن لا نعتمد كلياً علي أمريكا التي فقدت مصداقيتها وبريقها خصيصاً بعد تآمرها مع جماعة الاخوان المسلمين لأجل إضعاف مصر والتي فوجئت بوعي المصريين وتلقت أقوي ضرباتها السياسية بإسقاط مخططاتها الكاملة بالشرق الأوسط بعد قيام ثورة 30 يونيو ، يجب علينا كأقباط تجاهل تلك القوة الانتهازية الأمريكية وصنع تحالفات قوية مع دول عظمي مثل روسيا التي كانت دائماً فاتحة ذراعيها للأقباط قبل ظهور أمريكا من العدم .
انضمام الاقباط إلى المعسكر الشرقي " معسكر روسيا بوتين " سوف يغير وجه خارطة الشرق الأوسط من جديد . فهل من مجيب ؟؟
" من له إذنان للسمع فليسمع "
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com