بقلم: مؤمن سلام
بداخل كل منا إخواني وان لم يدرك ذلك. بداخل كل منا إخواني يخرج منه دون أن يشعر. بداخل كل منا إخواني يظهر في مواقفه السياسية وتعاملاته الاقتصادية وعلاقاته الاجتماعية. وإذا أردنا حقا إحداث ثورة ثقافية في الأمة المصرية والوصول إلى الدولة الديمقراطية الحديثة فعلى كل منا أن يقتل هذا الإخواني بداخلة ويعود ليصبح إنسان مصري.
في مواقفنا السياسية على كل منا أن يتخلص من فكرة الزعيم الملهم الذي لا يخطأ، علينا أن نتوقف عن تبرير وتأييد كل ما يفعل ويقول الزعيم القائد رغم عدم اقتناعنا بما يقول أو يفعل ودائما يظل هناك التبرير الأخير "ربما مضغوط علية" "دة كلام سياسة وبس". لنتذكر جميعا أن الإخوان حصلوا على لقب الخرفان بجدارة بسبب هذا الإتباع الأعمى لقيادتهم في مكتب الإرشاد، وتأييد وتبرير كل ما يأتي به هذا المكتب دون تفكير أو اقتناع. يجب أن نتخلص من فكرة الزعيم الملهم فكل قائد يمكن أن يخطئ ويمكن أن لا يحسن التصرف، ويبقى التقييم العام هو الحكم. إذا كان صوابه أكثر من خطأه، وإنجازاته أكثر من إخفاقاته فمرحبا به، أما غير ذلك فليرحل ويأتي من يستطيع قيادة سفينة الوطن أو الحزب أو الحركة.
وعندما تأتى الانتخابات إذا ذهبت لتنتخب من هو من دينك أو طائفتك أو الأكثر تدينا، بدلا من الأكثر كفاءة والأقدر على خدمة الوطن والمواطنين، فأعلم انك إخواني أصولي تخلط الدين بالسياسة حتى وان ادعيت عكس ذلك. وانك لا تؤمن بالوطن ولا المواطنة مثل أي إخواني أصولي.
في حالة كنت صاحب عمل وتأخذ قرار التوظيف لديك على أساس ديانة المتقدم للوظيفة أو مدى تدينه إن كان من دينك أو ملابسها إذا كانت إمرأة، وليس على أساس كفاءة ومهارة وخبرة وشهادات المتقدم أو المتقدمة للوظيفة، فاعلم أن بداخلك إخواني. فأنت لست رجل مال وأعمال تسعى للربح والتوسع في نشاطك، ولكن شخص طائفي متعصب تفضل الخسارة مع من ينتمي لدينك أو طائفتك على الربح مع من ينتمي لوطنك أو لإنسانيتك.
عندما تذهب للتسوق فتبحث عن البائع الذي ينتمي لدينك أو طائفتك أو الأكثر تدينا بغض النظر عن جودة بضاعته ومستوى أسعاره. فأعلم أن بداخلك إخواني طائفي متعصب، وانك لم تعد إنسان طبيعي يسعى لشراء أجود الأنواع بأرخص الأسعار بغض النظر عن ديانة وطائفة من يبيع السلعة. وكذلك عندما تبحث عن من يقدم لك خدمة مثل الطبيب أو المهندس أو الفني، فإذا وجدت انك تبحث عن من هو من دينك أو طائفتك أو الأكثر تدينا، بدلا من أن تبحث عن الأمهر والأكثر خبرة والأقل سعرا، فاعلم أن بداخلك إخواني يجب أن تتخلص منه لكي تعود إنسان سوي.
إذا سمعت بوقوع كارثة لمن هم على غير دينك أو طائفتك أو من تعتبرهم أقل تدينا، ففرحت بذلك وقلت "أحسن" فاعلم أنك قد تخليت عن إنسانيتك وأصبحت إخواني بلا قلب أو رحمة.
إذا كنت ترفض مصادقة إلا من هم على دينك أو طائفتك أو من ترى أنهم متدينون، لمجرد أنهم ينتمون لنفس معتقدك، فاعلم انك أصبحت إخواني عنصري تؤمن بأنك من شعب الله المختار وأن الأخر إنما هم من الحثالة الذين لا يستحقون صداقة إنسان سامي مثلك.
ويتجلى الإخواني في داخل كل منا عندما يعتقد أن رأيه هو الحق المطلق وأن المخالفين له هم إما من الكفار المخلدون في النار أو الخونة الذين يستحقون القتل. هذه هي الأصولية في أوضح صورها وهي الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة. هنا على الإنسان أن يسارع بعلاج نفسه ثقافيا فقد وصل إلى مرحلة متأخرة من المرض الأصولي، وقد يجد نفسه عضو في أحد هذه التنظيمات المتطرفة.
وأخيرا، على كل منا أن يبحث عن الإخواني بداخلة ويسعى للتخلص منه قبل أن يطلب من الإخواني أن يتخلص من إخوانيته المتطرفة المتعصبة، على كل منا أن يأخذ قراراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أسس موضوعية وليس على أسس عقائدية طائفية. هذا هو الطريق للتخلص من التعصب والتطرف والعودة إلى الشخصية المصرية التى تؤمن أن الدين لله والوطن للجميع.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com