ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

اللعب مع الكبار: بندر في مواجهة القيصر

بقلم: نضال نعيسة | 2013-08-07 13:17:16
في الوقت الذي يلملم فيه كثيرون، من أطراف الصراع، أوراقهم، ويعلنون الانسحاب الواحد تلو الآخر، ونفض اليد، بما يشبه التبرؤ، أحياناً، من النزاع في سوريا، ويعلن صقور آخرون عن رفض التسليح، وتتهاوى رؤوس كبيرة، وتتلكأ الولايات المتحدة في تبني قرارات علنية، وتحدث انعطافات حادة، وتسقط الهوية الإيديولوجية لمشروع تدمير الشرق الأوسط، إثر مشاركة التنظيم الدولي “إياه” بفعالية واندفاع في نشر الخراب والفوضى الخلاقة التي “تكابدها” دول “الربيع” المزعوم، في هذه الأثناء يتقدم السعوديون، في محاولة انتحارية، لترميم انكسارات المشروع الأطلسي، وإعادة الروح إليه.
 
وإذا كان بندر قد أُحـْبــِط تماماً، وعاد بخفي حنين، بعد زياراته لأصدقائه وحلفائه الغربيين والأطلسيين، حول ملف التسليح، وسمع كلاماً لم يرضـِه وأتباعه على الأرض، فماذا عساه أن يسمع من الصديق والحليف الأوثق لسوريا، ونعني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ لاشك لقد كان الفشل هو العنوان الأعرض لزيارة بندر إلى روسيا، في توقيت هو الأسوأ بالنسبة للسعوديين، فيما اعتبر أفشل زيارة دبلوماسية في التاريخ.
 
التصعيد العسكري الأخير، في سوريا، وفي الساحل، تحديداً، فيما أطلق عليه عملية “تحرير الساحل”، هو، في الحقيقة، أحد مؤشرات الفشل الكبير الذي يعيشه الأمير، وسماعه ما لا يـُسر، ربما، من القيصر الروسي، الذي سـُرّبت أنباء عن تشبثه بمواقفه المعلنة من الأزمة السورية. فلو كان هناك ثمة تفاهم بسيط، أو أرضيات مشتركة سعودية – روسية، حيال الملف السوري، لانعكس ذلك تهدئة على الأرض، ولأحجم السعوديون عن هذا التصعيد، على الأقل، في الأيام التالية للزيارة، في وجه الروس الذين لا يبدو أنهم في وارد أي تراجع عن مواقفهم السورية.
 
يـُعتبر شرق المتوسط، كواحدة من المناطق الحيوية والإستراتيجية الهامة، والقليلة المتبقية لروسيا، فيما يتعلق بأمنها القومي، وعملياً، إن أي تفريط فيها أو خسارتها، والخروج منها، يعني انكفاء، أو لنقل “سجناً” وعزلة إستراتيجية لوقت مجهول، ستعيشه روسيا، لو حدث هذا الأمر بأي شكل من الأشكال، وتحت أي ظرف من الظروف. ومن هنا، يـُقرأ التصعيد السعودي، استراتيجياً، في إطار مغامرة التقدم نحو منطقة نفوذ حيوي لدولة عظمى، وتحدٍ كبير لم يحسب له الأمير السعودي جيداً، فيما يعتبر تعويل السعوديين على الورقة الطائفية، وتحريكها، في هذا التصعيد المفاجئ، ورقة خاسرة، وقد تم الرهان طويلاً عليها سابقاً لكن لم يكتب له النجاح.
 
تضع السعودية نفسها، اليوم، بهذا، ورمزياً، على الأقل، في مواجهة مباشرة مع الروس، قبل مواجهتها مع السوريين، وذلك عبر تحدي الروس في مناطق نفوذهم الحيوية والإستراتيجية ومحاولة سلبهم إياها، ومنازعتهم عليها، وهذه خطيئة استراتيجيه كبرى لا تغتفر وليس لها كفارات سياسية في روسيا، وانتحار حقيقي لن يتسامح معه قياصرة الكرملين، فيما شهدت المرحلة الماضية، نهوضاً روسياً غير مسبوق، وصعوداً وطنياً وقومياً وضعت روسيا نفسها مرة ثانية على سكة القوى العظمى، استردت به هيبتها، وعادت لتمسك بقوة بالقرار الدولي، وتفرض شروطها ورؤيتها على الأمريكيين، بالذات، أي رعاة السعوديين وحماتهم الكبار. من هنا يبدو السعوديون، كفأر يحاول أن يدغدغ ويتحرش بفيل ضخم في رهان يبدو خاسراً، وسلفاً، وبكل المقاييس.
 
السعودية في مأزق حقيقي، وورطة، لا تملك حيالها أي شيء، وليس كما تبدو إعلامياً بأنها تمسك بالملف السوري، بل إن الملف السوري هو من يمسك بخناقها، وهو الذي اسقط رؤوساً كبيرة، وغيـّر موازين قوى كبرى في العالم، وبدّل خرائط جيو- سياسية على المسرح العالمي لا تقوى السعودية على إحداث أي اختراق، أو تأثير فيه، أو على تحمل أي من تبعاته.
 
لم يعد الصراع في سوريا، سورياً – سورياً، وحسب، وقد بات، وفق كثيرين، لعبة أمم كثيرة، وقوى إقليمية، ودولية متعددة، والتصعيد السعودي هذا، يصب في هذه الطواحين، وفي هذه الجزئية، ويقع ضمن هذا المنظور، تحديداً، وقد لا يمس السوريين كثيراً، ها هنا، قدر ما يعني ويهم الروس على نحو خطير، لاسيما بعد زيارة الأمير السعودي الفاشلة لموسكو، ويضع بندر، تماماً، في مواجهة، مباشرة، مع القيصر.
 
- المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها

نقلا عن الحوار المتمدن
 
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com