كثيراً ما تمر أوقات صعبة على الاقباط ، ولا يخلو أى عصر من الدم القبطى ، فدمهم ملء كل أرض مصر ، انه دم مقدس يصعد إلى الله يحمل تضرعات وصراخ المتعبين ، دم يستحق أن يطلق عليه " دماء الشهداء " لأنهم قدموا حياتهم من أجل الله ، استشهدوا بسبب انهم ينتمون إلى مدرسة المسيح ، تلك المدرسة العريقة التى تأسست ونمت على الدم ، انها كنيسة الشهداء ، فى كل عصر من العصور تقدم الكنيسة شهداء للمسيح وهى راضية وتعرف انهم أحياء فى السماء وفى كل قلوب ابناء الكنيسة .
إن الكنيسة القبطية بكل فئاتها اطفالاً ، شباباً ،شيوخاً ، يرحبون بالاستشهاد على اسم المسيح ، لا يرهبهم سيف أو مدفع أو دبابة أو ارب جى ، كل من يعرف المسيح معرفة حقيقية لا يتمسك بالحياة الارضية التى لا تدوم ، بل مستعد لتقديم ما هو أعظم منها وهو أن يموت على أسم المسيح ، انه التاريخ المشرف للأقباط على مر كل العصور ، كتبوا وحفروا حياتهم الخالدة تحت فأس الاستشهاد فخرجوا بحياة جديدة مع المسيح فى السماء .
إن تاريخ الاقباط سيظل مشرفاً لكل إنسان مسيحى ، سيظل محفور بين قلوب كل المسيحيين ، لا نعرف الخوف ، ولا نخاف من الذين يقدرون أن يقتلوا الجسد ، نحن مع المسيح نستطيع أن نسحق كل جيوش العدو ، لا ترهبنا القوة العددية ، ولا صوت المدافع والمسدسات ، لدينا عزيمة الايمان القوى ، اطفالنا وشبابنا وشيوخنا تعلموا فى مدارس الأحد كيف يقدمون ذواتهم فداء للمسيح ، تعلموا حياة العطاء فى كل شىء ، حتى فى حياتهم .
عزيزى القارىء : عندما تمر أوقات صعبة على الكنيسة ، هى أشبه بالعاصفة التى تصطدم بالاشجاء فتعمل على أسقاط الأوراق الضعيفة ، وتثبت الأوراق القوية . وتزيد من جذور الشجرة فى الأرض ، إن شجرة المسيحية الآن تنمو وتزدهر لتستوعب الجيل القادم ، لتستوعب الموعوظين ، إن كنيستنا الآن فى مرحلة تأهب قصوى لاستيعاب العدد الأكبر من خارج الحظيرة ، الكنيسة تعد ، وعمل الله ينمو فى الخفاء ، ليعلن الله عن السبعة آلاف ركبة التى لم تسجد للبعل ، سنفاجأ بأن الله كان يعمل فى الخفاء ويعد شعب مصر ، لقد عاصرنا عبوراً جديداً للبحر الاحمر وهو يوم 30-6-2013 ، كنا نعيش بالأيمان بانه سيأتى يوماً ما وتنتهى ، لكن يد الله الفائقة القدرة أنهت طغيان المتكبرين وفاعلى الآثم .
نحن لا نخاف ، لأن ما يحدث مع كل قبطى فى كل مكان من حرق للكنائس ، وقتل للمسيحيين ليس جديداً على الكنيسة ، إن المسيحية ديانة متجددة ، تغير جلدها فى كل عصر من العصور ، لا يقهرها حاكم أو أى إنسان أو أى جماعة ، هى ديانة إله وليس ديانة إنسان ، مستندة على الحب الألهى ، هى ديانة القوة ، لا يحكمها السيف ، بل يحكمها دم الصليب ، كل تابعيها محبى للسلام ، لا يوجد بين رسالتها متطرف أو عدو أو حامل سيف أو مدافع عنها ، كل تابعيها يحمل الصليب فى قلبه ، لا يتخرج منها متشدد أو متشبث الرأى ، ليس لديها جماعات مسلحة تريد ديناً جديداً وفكراً جديداً ، لا تدعو إلى العنف ، هى تحب الآخر ، ومع كل تجاوزات الآخر معها من قتل وحرق للكنائس ، هى تحبها طبقاً لرسالة المسيحية ، رسالة المحبة التى قامت عليها المسيحية تستوعب أى أخطاء أو تجاوزات من الآخر ، لذلك أنظروا إلى كلمات مؤسسها المسيح على الصليب الذى غفر لصالبيه ، أرأيت حباً أعظم من هذا ، لقد علمنا المسيح إن الحب هو أقوى قوة للإنسان الروحى ، لم يدعونا فى تعاليمه إلى العنف بل إلى الحب ، لم يدعو تلاميذه فى يوم ما إلى حمل السلاح أو السيف ، بل أرسلهم بلا كيس أو عصى ، لقد غرس فى تلاميذه وتابعبه على مر الازمان بأنه يجب أن يقدم الانسان نفسه ذبيحة حب مرضية امام الله ، لذلك اصحاب السيف يقتلون ويدمرون فى سبيل مبادىء عالمية مستمدة من تعاليم انسانية ، لكن أصحاب الصليب يقدمون حياتهم من أجل ان يعيش الآخرين . إلى هنا اعاننا الرب .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com