بقلم شريف منصور
مهما حاولنا فهم ما يفعله النظام الأمريكي و بالتحديد الإدارة الاوبامية، لن نجد إجابة واضحة.
منطقة الشرق الأوسط أصبحت مستهدفة استهداف غير مسبوق من الإدارة الأمريكية. و كأنها تصعد الأمور تصعيد يهدف ليس لتدمير دول الشرق الأوسط بل تهدف إلي تعقيد و تدمير اقتصاديات العالم الهشة.
تكلمنا في مقال سابق عن ما هو معروف باسم New World Order او بمعني "النظام العالمي الجديد"
الموضوع المتعارف عليه في هذه المؤامرة المسماة النظام العالمي الجديد أن مجموعة سرية من النخبة التي تتحكم في العالم لديهم مخطط عالمي يهدف إلي حكم العالم عن طريق حكومة واحدة استبدادية تستبدل كل حكومات العالم المستقلة. وفي سبيل تحقيق هذه الأجندة تقوم بالدعاية عن أن العولمة هي سمة التقدم الطبيعي للعالم. بحيث تتحكم هذه ألنخبه في تسيير الاقتصاد حسب أهواء هذه المجموعة او النخبة. و عن طريق الدعاية و ماكينة الأعلام يصدرون عن توقعات و تكهنات اقتصادية معينة تستهدف أموال صغار المستثمرين في البورصات العالمية، وبالتالي تؤثر في اقتصاديات العالم حسبما يتراي لها. وبهذه الوسيلة المستحدثة تحاصر و تخنق الدول التي ستمتنع عن الخضوع لهذا النظام العالمي الجديد.
محض الصدفة تعلم هؤلاء من الثلاثينات التي لم يفتعلوها ولكن نتائجها أخرجت لنا بذور أجداد هذه النخبة . و جاءت الحرب العالمية الثانية لتخلق ارضية جديدة تمتع فيها الغرب بأذدهار اقتصادي لم يدم طويلا حتى بدأت الولايات المتحدة حرب فيتنام و كوريا و بعض الحروب الداخلية في بلدان لها علاقة بالاتحاد السوفيتي .
قد يقول البعض أن هذه النظرية نظرية وهمية وليس لها وجود في حين ان من يتبني هذه الرؤيا يعرف تماما أن وسائل الدعاية التي يمتلكها هذه النخبة هي التي تقول و تشيع أن هذه النظرية مجرد نظرية وهمية ليس لها وجود في الواقع . كنت من الناس الذين يضحكون عندما اسمع بض المحللين السياسيين الغربيين يتكلمون بكل جدية عن النظام العالمي الجديد مع نهاية الثمانيات. وفي مطلع التسعينات كان العالم مازال متقطع الأوصال لم يعرف وقتها انتشار الانترنيت و كان يستقي معلوماته من شبكات الأخبار العالمية. مثل السي أن أن و ألبي بي سي و غيرهم من الشبكات الإخبارية. و كانت الدول تستطيع ان تتحكم فيما يبث في الهواء داخل نطاق حدودها. وبعد انتشار الأقمار الصناعية تخطت هذه الشبكات العالمية حدود كل دول العالم. وبدأت تبث ما يتفق مع سياسة النظام العالمي الجديد. و بسرعة وجدنا تغيير في أمزجة شعوب العالم أدت إلي تفاعل شديد الحدة بين تلك الدول و و اشتعلت حروب بين بعض الدول دون مبررات حقيقية. حرب الهند وباكستان حرب العراق وإيران حرب الكويت و العراق دخول سوريا إلي لبنان هجوم إسرائيل علي الفلسطينيين و لبنان سواء كرد فعل علي مناوشات صبيانية ممن يطلقون علي أنفسهم المناضلين الفلسطينيين و دخل معهم حزب الله و تطورت الأمور بصورة أشبهه بأن تكون منظمة إلي حد ما.
بعد أن وضعت ووقعت اتفاقية السلام وإسرائيل حدت من خطورة الجيش المصري تجاه إسرائيل. و تبقت سوريا و بالطبع الموضوع ذاد تعقيدا لان إيران تساند سوريا لان سوريا يحكمها العلويين الشيعة. في الوقت ذاته ظل الشعب الأمريكي في غفلة مما يقوم به الساسة الأمريكان في العالم. و جاءت المفاجأة ألكبري للشعب الأمريكي أن أمريكا العظيمة هوجمت في قلبها من مجموعة من الإرهابيين المنشقين علي النظام العالمي الجديد. ولا ننسي أن القاعدة هي من نتاج خطة تدمير الاتحاد السوفيتي التي وضعها نخبة النظام العالمي الجديد. و انهار الاتحاد السوفيتي و انفصلت روسيا الاتحادية إلي دول منفصلة. ولم ينسي نخبة النظام العالمي الجديد أن يتركوا ما يكفي من منغصات الحياة لروسيا الدولة من بعض الإمراض السرطانية المستعصية مثل الشيشان مستخدمين نفس الأسلوب الذي انشاؤا به القاعدة في أفغانستان. و ألان جاء دور الشرق الأوسط ويا له من تربه خصبة لنشر الانقسام بين شعوب تلك الدول. فجاءت النخبة تحاول تنفيذ ما فشلت فيه في الماضي. فحلم تقسيم الهلال الخصيب لدويلات مازال هدفهم لم يكن منسي ولكنه هدف مؤجل.
آليات تنفيذ هذه المخططات تغيرت مع تغير البيئة، في الأول كانت الفصائل اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة هي المركبة التي ركبها النخبة. ولكن سرعان ما اكتشفوا ان اليمين المسيحي ليس دمويا بالطبيعة او المرجعية الدينية . فاستبدلوه باليمين الإسلامي المتطرف. وهذه المركبة أثبتت نجاحا في مدي تطرفها في 11 سبتمبر لدرجة أنهم تأكدوا من أن رعونة هذا اليمين تعطيهم فرصة للتحكم فيهم و مساحة اكبر من الساتر أمام شعوبهم للتخفي خلفهم. فاستخدموهم لتنفيذ المخطط لتفتيت دول الشرق الأوسط بعد أن فتتوا الشرق الآسيوي المسلم.
و الدليل واضح وضوح نور الشمس في هذا التو و اللحظة. تدعم الولايات المتحدة الإرهاب اليميني المتطرف في سوريا ومصر وليبيا. و يصر اوباما ان يضرب سوريا ضربه يقول أنها ضريه خفيفة لكي يعدل من ميزان القوة .
ما هو ميزان القوة في نظرهم .
الدول المتبقية يجب تدمير أسلحتهم الحربية و يتركوهم بالأسلحة الخفيفة التي تضمن استمرارية الحروب الداخلية حتى تتفتت تلك الدول. ولا يتبقي لهذه الدويلات الا الأسلحة الخفيفة التي يضربون بعضهم البعض بها ولكن لا تسمح لهم بمهاجمة أصدقاء الغرب في المنطقة . أن كان تسليح اليمين المتطرف خطر داهم علي أصدقاء وحلفاء أمريكا و أصبح شبه مستحيل في ظل ظروف تدفق المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية فلن تستطيع هذه الدول الغربية بشحن الأسلحة دون معرفة شعوبهم . فقرروا أن يشحنوا أسلحة خفيفة لا تستدعي اخذ أذن الشعوب و ضرب الجيوش العربية حتى لا تستطيع أنظمة تلك الدول الوقوف أمام المخطط الذي ينفذه اليمين الإسلامي المتطرف.
الي هنا و الي حد كبير بعض هذه التحليلات قد تكون علي صواب ولكنها تفتقد الدليل المادي و بالتأكيد بالطبع أن السبب هو أن من يقوم بهذه العمليات هي أجهزة تلك الدول المخابراتية . فلا يستطيع أحد مثلي أن يضع يده علي أدلة دامغة ولكن لا يوجد دخان بلا نار.
المشكلة الحقيقية هنا ان من يقوم بتنفيذ هذه المخططات لا يقوم بها بواعز من الضمير الإنساني العالمي بالبكاء علي مدنيين يقال ان الجيوش تستعمل ضدها الأسلحة الحربية في مصر أو في وضع سوريا الأسلحة الكيماوية. أنما الو اعز الحقيقي هو فرض النفوذ و السيطرة علي المنطقة لحساب تلك النخبة بعيدا عن النظام الروسي و الصيني. فهذا أيضا جزء من مخطط النخبة لكي تحد من النفوذ الاقتصادي للصين والنفوذ الأيديولوجي لروسيا.
سيناريو الإدارة الأمريكية الحالية بكل تأكيد هو خطاء حسابي فادح و مريع و فظيع . يظن اوباما أنه سيقدم ما طلب منه لهذه النخبة ثمن نجاحه للمرة الثانية في انتخابات الرئاسة الأمريكية بضربه خفيفة لسوريا.
و ما أتوقع من جراء هذه الضربة هو اندلاع حروب أهلية و إقليمية في و بين دول المنطقة ممن يدعمون سوريا و ممن يحرضون عليها.
فثمن ضرب سوريا و تحدي إرادة الشعب المصري هو ثمن فادح لن يستطيع أن يتحمله اقتصاد العالم الهش . و عليكم أن تعلموا كلامي لأنه سيحدث و سيندم العالم اجمع لأنه لم يتصدى لهذه الرعونة الأمريكية سياسيا بما يكفي لتجنيب العالم دمار ما بعده دمار.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com