تقريبا، أصبحت فقرة " السيسي " أساسية في معظم الأفراح الشعبية وقاعات الخمس نجوم في مصر، وتتضمن رفع صور الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، والرقص علي أنغام أوبريت (تسلم الأيادي .. تسلم يا جيش بلادي) كلمات وألحان مصطفي كامل وتوزيع أحمد عادل وغناء: إيهاب توفيق وحكيم وغادة رجب (تلميذتي) وهشام عباس وخالد عجاج وسمير الاسكندراني وسوما وبوسي وأحمد عجاج وأحمد كامل.
هذه الأغنية داست في (وجع) المصريين التاريخي، الذي أيقظه (بإقتدار) غباء " الإخوان المسلمين " وأمريكا المتحالفة معهم! .. وربما لا يعرف الكثيرون أن قدرة المصريين الهائلة علي تحمل الصعاب والأزمات (تخور تماما) عندما يشعرون بأن الدولة المركزية تتعرض لخطر (التفكك) أو لإنفصال أجزاء ولو صغيرة منها، حيث تنتفض جيناتهم الحضارية التوحيدية (فجأة) وتستجمع كامل طاقتها في طرد " الهكوس " أو " المغول " القدامي أو المعاصرين! الجيش المصري (منذ الملك مينا موحد القطرين 3300 قبل الميلاد، تقريبا) أصبح (رمزا) و(سندا)، فهو الوحيد القادر علي حماية كيان هذه الدولة المركزية من التفتت، واسترداد سطوتها وهيبتها من الجماعات الإرهابية في الصعيد وسيناء، أو تحريرها من الإمارات الإسلامية (الانفصالية) الصغيرة في كرداسة ودلجا والشيخ زويد ورفح، وهو ما فهمه واستوعبه " عزيز مصر " (الألباني الأصل) " محمد علي باشا " منذ عام 1805 بينما تري القوي المعادية للمصريين (الجيش) العقبة الكأداء و" الخطر الأكبر " في سبيل تحقيق أهدافها الاستعمارية المحطمة للأوطان ووحدتها! اللافت للنظر أن (وضعية) الجيش المصري – علي مر العصور - هي المحدد الأول للبوصلة بإتجاه الشرق الأوسط، سواء في الحرب أو السلام .
.الشرق أو الغرب .. التقدم بإتجاه الحداثة والمستقبل أو التقهقر إلي ظلامية العصور الوسطي، وأذكر هنا عبارة الفريق السيسي قبل ثورة 30 يونيو 2013 (بشهور) حين قال: أن مصر أم الدنيا وحتبقي أد الدنيا .. بمعني أنها سوف تصبح دولة عصرية مثل بقية دول العالم المتحضر، أما لفظ " أم الدنيا " الشائع الصيت فهو يعني من الناحية التاريخية: أن العالم يتعلم دائما من حكمة المصريين وخبرتهم في مجابهة التحديات. القشة التي قسمت ظهر البعير وأنهت حكم الإخوان المسلمين في المنطقة، ليست فقط التفريط في (الأمن القومي المصري) في سيناء أو مثلث حلايب وشلاتين أو الجبهة الغربية بإتجاه ليبيا (أو مياه النيل) أو حتي التخابر مع الدول الأجنبية واطلاق سراح الإرهابيين المعتقلين وقتل جنودنا بدم بادر في رفح، فهذه الكوارث التي لن تغتفر كانت تختزن
الكراهية في الوعي المصري والذاكرة الوطنية، لكن قطع الرئيس المعزول محمد مرسي (العلاقات الدبلوماسية مع سوريا) عجل بالمواجهة بين " جموع المصريين " وجماعة الإخوان المسلمين! وهنا أدرك الحليف الروسي (التاريخي لمصر) – وليس فقط الجغرافي - أن اللحظة قد حانت، لتغيير المعادلة في الشرق الأوسط ومجابهة السياسات الخاطئة للولايات المتحدة في المنطقة، التي أدت إلي تعزيز قوة الإسلاميين ووفرت الأرض الخصبة والأجواء الملائمة لتصاعد وتيرة الإرهاب الدولي في السنوات القادمة، من العراق إلي سوريا ومن ليبيا إلي اليمن مرورا بمصر، السؤال الذي طرح في (الكواليس) هو: كيف نجد لأمريكا مخرجا (معقولا) من (تصاعد) الأزمة السورية المحتدمة أولا؟ حفظا لماء وجه الرئيس أوباما أمام شعبه (ومصداقية) الولايات المتحدة أمام
الحلفاء والأصدقاء؟ المبادرة الروسية (دست) في جيب أوباما في قمة العشرين الخميس 5 سبتمر 2013، وأعلن وقتئذ عن زيارة " المعلم " إلي موسكو الاثنين 9 سبتمر للتباحث مع " لافروف " بشأنها، وهو الوقت الذي طلبه أوباما للتشاور حول آلية تنفيذها وليس قبولها من عدمه، وقد كان، حيث مثلت هذه المبادرة " طوق النجاة " للجميع، النظام السوري ومأزق أوباما سواء في (توجيه) ضربة عسكرية إلي سوريا أو (عدم توجيهها). لكن .. ما الذي يمكن استنتاجه مما دار في (كواليس القمة): أولا .. أن المستفيد الوحيد من سياسات الولايات المتحدة الكارثية في الشرق الأوسط هم ألد أعداء أمريكا (الإرهابيين)!
ثانيا: أن النظام السوري سوف يستخدم السلاح الكيماوي بالفعل في حالة واحدة (وحيدة)، إذا (اضطر) إلي ذلك أو حشرتموه في الزاوية! ثالثا: الحلفاء في الخليج حصلوا علي عائد أكبر (من تمويلهم لهذه الحرب في حال وقوعها) عبر زيادة أسعار النفط بمجرد الإعلان عن الحرب! رابعا: نظام الأسد (برجماتي – مرن) ويمكن الضغط عليه، فما يشغل الأسد (الأب والإبن) هو البقاء في السلطة والحفاظ عليها بأي ثمن، فلا داعي للقلق علي إسرائيل مطلقا ... ولا ننسي أن الجيش السوري انسحب من (لبنان) عام 2005 خامسا: أن تحركات الجيش المصري في (سيناء) قطعت الطريق علي ما يسمي بالثورة السورية
و(هوجة) ما عرف (بالربيع العربي)، وأن الصراع المتنامي (القادم) ليس بين الحكام السنيين الذين تحتضنهم أمريكا في الخليج وتركيا من أجل احتواء (إيران) الشيعية، وإنما بين القوي الإسلامية والعلمانية في الشرق الأوسط، فإلي أي جانب سوف تقف أمريكا عندئذ: هل ستناصر " السلطان " أردوغان (خليفة المسلمين الجديد) الساعي إلي هدم مصالح العالم الحر وحرية التعبير وحقوق الإنسان؟! رد أوباما في قمة العشرين لم يأخذ وقتا طويلا وإنما ظهر علي ملامح وجهه وألفاظه غير اللائقة التي تدل علي احتراق اعصابه .. وهنا وجدت نفسي أغني: " تسلم الأيادي .. تسلم يا جيش بلادي "!
إيلاف
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com