ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أستعباد النساء (2)

سامح سليمان | 2013-10-11 20:49:10
بقلم: سامح سليمان
لقد تغزل عباس محمود العقاد بسلبية المرأة فى كتاباته فهو يقول فى كتابه المرأة فى القرأن : المرأة تستعصم بالاحتجاز الجنسى لأن الطبيعة قد جعلتها جائزة للسابق المفضل من الذكور فهى تنتظر حتى يسبقهم إليها من يستحقها فتلبيه تلبيه يتساوى فيها الإكراه والاختيار، كذلك تصنع إناث الدجاج  وهى تنتظر ختام المعركة بين ألديكه أو تنتظر مشيئتها بغير صراع .
 
يحتوى تاريخ الأدب العربى على كثير من الكتاب الذين عرفوا بعدائهم وكراهيتهم للمرأه ومنهم المعرى والعقاد والحكيم وغيرهم .. وقد أشتهر عباس محمود العقاد فى الأدب العربى بأسم ( عدو المرأة ) وأنعكست كراهيته  و عداوته للمرأة  فى كثير من كتاباته بحيث تفوق فى هذا المجال على أستاذه شوبنهور الذى أشاد برأيه فى المرأه فى عدة مناسبات ، من حيث إنها طفله كبيرة الجسم فى كل أدوار حياتها، وفيها من أخلاق الطفل نزقه وقصور عقله ومحاكاته لغيره واعتماده على غيره ، وتقلبه وكذبه وريائه .
 
وتبلغ عداوة العقاد للمرأه أنه لم بعط نفسه وحده حق إيلامها وخيانتها ، ولكنه جعل من نفسه داعية فى هذا المجال وأخذ يحث الرجال على هجرها وخيانتها ويتغنى بذلك فى ديوان أعاصير المغرب قائلاً : أنت الملوم اذا أردت لها ما لم يرده قضاء باريها ، خنها ولا تخلص لها ابدا تخلص الى أغلى غواليها .
ونرى أيضا زكى مبارك يقول فى وصفه للمرأة : المرأه تملك أصول الشهوات وهى باب الدمار والخذلان والجحيم ، هى البلاء يصبه الله على رؤس العباد ، هى الشقاء المعجل والكرب الذى يسبق الموت ، والمرأه فى جميع أحوالها مصدر فساد ولها مداخل الى الفتنه يعجز عنها ابليس .  
 
طه حسين : نراه فى روايته دعاء الكروان مشغول بالمفهوم التقليدى للشرف ، فتتعرض البنت الصغيرة هنادى للذبح بسكين خالها 
وبالتعاون مع أمها تلك المرأة التى صورها الكاتب عاجزة عن الدفاع عن أبنتها بل ومشتركه مع الخال فى القتل ، ويظل الخال حراً طليقاً ولا يعتبر مجرماً كأنما هو أدى واجبه كرجل غيور على شرف أسرته ( العار لا يغسله إلا الدم ) أما الشاب الذى أعتدى على شرف هنادى هو أيضاً لا ينال أى عقاب على يد الكاتب وإنما يحظى فى نهاية القصة بحب أمنه ، ولا تفكر أمنه على ألأطلاق فى عقاب خالها الذى ذبح أختها ، لأن الكاتب يقول فى قصته عن النساء أنهم عوره يجب أن تستر !
 
ويدور الصراع بين أمنه والمهندس بشكل يؤكد أن سلاح المرأة فى الحياه ليس إلا أنوثتها ودلالها وأغرائها وأقبالها وأدبارها .
ويرى طه حسين فى روايته المرأة عاجزه فى سقوطها حين تفقد عذريتها وعاجزة  فى أنتقامها حين تقرر الأنتقام ، وعاجزه فى حبها حين تحب وهى دائماً واقعه فى فلك الرجل لا حيله لها ولا قوه .
 
وعلى خلاف معظم الأدباء العرب لا يميل الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله إلى عقاب المرأه التى سقطت ، والسبب فى ذلك ليس لأن له نظره أخرى لمفهوم الشرف ، إنما لأنه يجرد المرأه من وعيها بهذا الأثم ، وبالتالى فلا يجوز معاقبتها كما لا يجوز معاقبة المجنون أو الغائب العقل ويكتب هذا المعنى فى روايته ( شمس الخريف ) حيث يقول : إن المرأه أثناء السقوط لا تكون فى وعيها    بل تكون مغيبه تحت سحر الفتنه وسحر الشيطان ، لذا يجب أن يغفر لها المجتمع لأنه لا يجوز الحكم على نائم .
 
والمرأه  فى معظم روايات محمد عبد الحليم عبد الله سلبيه ضعيفة لا وجود لها إلا من خلال رجل ، فإذا لم يكن هناك رجل فإن المرأه تموت ، إما بالموت الجسدى الحقيقى ، أو بالموت حزناً على الحبيب ، وقد حكم على جميع بطلاته تقريباً بالموت ، فقد ماتت ليلى فى لقيطه ، وزينب فى شجرة اللبلاب ، والسيدة ( ف ) فى شمس الخريف ، وسميره فى رواية من أجل ولدى ، أما تلك التى لا تموت فهى تذوى بعيداً عن الرجل وتنسحق . 
ويمثل الصراع بين الحب والزواج ماده خصبه وغزيره فى الأدب العربى،وكم ترنم أحمد شوقى فى أشعاره بمجنون ليلى وكيف فضل العرب الحب العذرى عن الزواج الجنسى.
 
ومحمد حسين هيكل فى قصة زينب يصف الصراع بين الوفاء للحبيب والأخلاص للزوج،وتموت زينب من الحزن على حبها الضائع ، وقد كان الفصل بين الحب والزواج ،إحدى نتائج الفكره القديمه التى تمجد الحب العذرى أو الروحى ، أما الزواج يتضمن الجنس فهو نوع من الأثم ، وقد أدى كل ذلك إلى أن تصبح النساء نوعين ( الأنثى ) أو ذات الجاذبية أو الشهوة الجنسية ، و ( الأم ) الطاهره العذراء الخالية من أى جنس أو شهوه ، ويزخر الأدب العربى بنماذج متعددة لهذين النوعين النقيضين من النساء ، وترمز ( الأم ) إلى الحب السامى المقدس ، وترمز الأنثى إلى الحب الأدنى المدنس . 
 
يظهر تقديس الرجل العربى لحب أمه فى الثقافة والأغانى والشعر وفى روايات الأدباء  ومنهم المازنى الذى قال لأمه :
( أنت سيدتى ، اننى احبك وأجلك واننى مدين لك بكل ما جعلنى أنا ) " قصة حياة المازنى "
ولكن يرى المازنى أن النساء ( غير أمه ) محيرات مستعصيات على الفهم ( هؤلاء النساء أمرهن عجيب والذى يستطيع أن يعرفهن على حقيقتهن لم يخلق بعد )  " إبراهيم الثانى "، ويتخبط المازنى فى وصفه للمرأه ، تاره يجدها مجرد أداه للولاده وحفظ النوع وجمالها وجاذبيتها نوع من الكفر بالله ( هى أداه لحفظ النوع وجمالها أن تفنى فى الجماعة ) لكنه يناقض نفسه ويعترف أن المرأة هى كل شئ فى الحياه ، بل هى الحياه مختزله .
 
" إبراهيم الكاتب " 
ويتغزل المازنى فى الفتاه الغربية التى تحب الرجل بحريتها وأختيارها ويذم الفتاه المصريه التى لا تستطيع أن تحب بحريتها و أختيارها ، إلا أن أعجابه بهذا النموذج من المرأة المتحررة يتكشف عن أن أعجاب غير حقيقى ، لأنه سرعان ما يزدرى ليلى المتحرره لأنه دفعت شرفها وعفافها ثمناً لتحررها  ويصرح بأن التحرر دنسها .
 
ويقف أبطال المازنى حائرين سلبيين أمام النماذج المختلفة، فالمرأه الأنثى المتحررة مرفوضة وتصدم عقلية الرجل العربى المحافظ على مفهوم شرف الفتاه وعذريتها ، والمرأة العاملة المكافحة خشنه فقيره لا ترضيه لأنه تعود على نساء منعمات عاطلات فى البيت، أما الفتاه الطاهرة التى ترضيه فهى فتاه تقليديه بالطبع وتحول بينها وبينه التقاليد .
 
وأقصى ما تتمناه البطلات فى أدب المازنى على أختلاف أنواعهن أن يحققن وجودهن بالزواج ، أن عالم المرأه عنده ليس إلا الرجال وأحلام العثور على الزواج، وبعد الزواج لا تنشغل المرأه إلا بفنون الأحتفاظ بالزوج، وتدربها أمها على هذه الفنون قائله :
ينبغى أن تكونى له كل يوم أمرأه جديده تتصدى له وتغريه وتفتنيه . " أبراهيم الثانى " 
وتتدرب المرأه على فتنة الرجل على يد أمها أو خالتها كما تدربت نساء ألف ليله وليله على الكيد والفتنه والسحر .
ويظهر مثل الكتاب العرب المعاصرين كراهيتهم للمرأة الجريئة المتحررة ، فيتقزز بطل ( عبد الحميد جوده السحار ) حين يرى كوثر حبيبته بالمايوه أو لباس البحر، فثار دمه فى عروقه وشعر بتقزز و ضيق فبدت لعينيه بغيضة تافهة . " قافلة الزمان ".
 
وكان من الطبيعى أن يشعر البطل بإنجذاب أشد نحو المرأه التى يحبها خاصةً و أنها كانت جميلة الجسد ، ولا بد أن هذا التقزز الذى أعتراه لم يكن لقبحها و إنما هو شعور دفاعى يلجأ اليه الرجل المحافظ على التقاليد ، وهو بدلاً من أن يعترف أنه غير طبيعى يتهمها بأنها بغيضة وغير طبيعيه .
ويظهر مثل هذا الرجل المحافظ فى معظم القصص والروايات ونراه شديد النفور من تلك المرأه المتعلمة التى تخالط الرجال وتراقصهم ، وهو أيضاً شديد النفور من المرأه المحجبة و من المرأه الفقيره التى كثيراً ما تسقط بسبب فقرها ، أما الفتاه المتحرره فهى تزداد سقوطاً و انحطاطا بسبب تحررها ، ويصبح الرجل حائراً منهاراً ( فإنهار وراح يضرب فى الطريق وهو حيران يحس فى أعماقه أحساس من يعيش غريباً فى الحياه ) " النقاب "
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com