فى عام 1990 قدم المخرج على عبد الخالق رائعته «البيضة والحجر»، وفى واحد من أجمل مشاهد الفيلم يقف أحمد زكى، مدرس الفلسفة الذى تحول إلى دجال، يقنع عجوزاً بإعادته شاباً مرة أخرى من خلال رقصة «زار» ليبدأ حياته مع زوجة جديدة.
ينتهى المشهد ولا تنتهى مأساة الجهل. فى 2013 تقف فتاة حديثة التخرج وأمامها العشرات من كبار السن فى مركز بيع وتسويق أحد أجهزة التدليك الكورية، لتقنعهم بأن جهاز شركتها يمكنه علاج السكر والضغط والبواسير والدوالى وأمور أخرى.
يصطف كبار السن فى مركز لبيع وتسويق أجهزة المساج، منذ الثامنة صباحًا، العشرات منهم يجلسون فى صفوف متوازية على كراسىٍ بلاستيكية داخل جراج أسفل إحدى البنايات. يستمعون بصبر شديد، يتحول أحيانا إلى تململ واضح، إلى فتاة عشرينية تلقى عليهم محاضرة ترويجية تمتد إلى 45 دقيقة عن طريقة عمل جهاز المساج الذى تبيعه الشركة صاحبة المكان، فيما تتم الإشارة بأكثر من وسيلة إلى قدرة الجهاز «السحرى» على علاج معظم الأمراض المزمنة.
تبدو المحاضرة الترويجية أمراً مقدساً لا يجوز الإفلات منه. الفتاة العشرينية تمسك «ميكروفون» وتخبر جميع الحضور بصوت لا يخلو من الزجر: «علشان تبقوا فاهمين محدش هاياخد الجلسة الأوتوماتيك إلا بعد المحاضرة». والمقصود جلسة على جهاز المساج الذى تروج له شركة «سيراجيم» فى العشرات من فروعها فى القاهرة والإسكندرية والمحافظات. تبدو الجلسة أمراً مهماً للحاضرين فى القاعة ولا يجوز تفويته، فيستجيب الجميع للزجر ويستمعون إلى ما تبقى من المحاضرة.
تتضمن المحاضرات التى يلقيها العاملون فى مراكز «سيراجيم» بشكل يومى على زبائنهم المحتملين شرحاً سريعاً لمميزات الجهاز، مع بعض التمرينات الخفيفة، ثم الحديث بشكل واضح عن إمكانية استخدام الجهاز للعلاج من أمراض السكر والضغط والقولون العصبى والبواسير وغيرها من الأمراض المزمنة، وعادة ما يصادف ذلك حديث أحد المتواجدين فى القاعة- مريض سكر أو ضغط - عن تجربته «الناجحة» مع الجهاز التى أدت لنتائج أذهلت طبيبه المعالج، وجعلته تدريجياً يقلل من كميات العلاج التى يتناولها. وإذا لم تتوافر تلك الحالات فإن الفتاة خلف الميكروفون تحكى لعملاء الشركة المحتملين عن تجربة «شخص ما» نجح جهاز «سيراجيم» فى «تظبيط السكر والضغط بتوعه»
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com