ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أسرار تسريب خطاب زعيم القاعدة وانقلاب "الدولة" عليه

ايلاف | 2013-11-10 14:06:44

 كشف تسريب الخطاب الأخير لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حجم الشق الكبير الذي تعرضت له خريطة تنظيم القاعدة على يد دولة الإسلام في الشام والعراق المسماة اختصارا "داعش".

الرياض: يبدو أن خريطة تنظيم القاعدة تعرضت إلى انقسام كبير على يد ما يعرف باسم "داعش" ويمكن أن يقال في هذا الصدد أن هذا الشق الذي بدأ منذ تأسيس مجلس شورى المجاهدين في العراق منتصف العقد الماضي، دون أن يكون واضحاً، اتسع الآن ليشمل كامل خريطتها، وليظهر واضحاً لجميع متابعي حراك القاعدة ومشروعها الذي بدأ منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي.
خطاب الظواهري الذي نشرته قناة الجزيرة صوتياً وتم تصديره للعامة بأنه توجيه من الظواهري للفصيلين الأكبر في معركة الشام، لم يكن جديداً، بل إنه يبلغ من العمر نحو 7 شهور، وكان من دواعي الخطاب آنذاك إعلان زعيم "دولة الإسلام في العراق والشام" أبو بكر البغدادي ضم جبهة النصرة إلى فصيله.
وحينها رفضت جبهة النصرة هذا الإجراء الذي اعتبره زعيمها أبو محمد الجولاني تصرفاً أحادياً من جانب فصيل دون مشورة ولا استئمار، وأحال الجولاني في رسالة صوتية منشورة الأمر إلى الظواهري بعد أن أبدى أسباباً كثيرة لعدم صواب فكرة الانضواء تحت لواء دولة البغدادي.
ومن هناك كان خطاب الظواهري، وحينها نشرت بعض الأخبار عن أمر الظواهري لكنه لم يظهر صوتيا، بل وشكك البعض ومنهم ناشطون مؤيدون لـ"داعش" أن يكون الظواهري قد أمر فعلياً بفصل التنظيمين عن بعضهما وإعادة البغدادي لحدوده "المكانية" في العراق، وسمّى الجولاني أميراً لقاعدة الجهاد في الشام.
ومن المعروف عن تنظيم القاعدة أنه يلتزم تماماً في أموره الكبرى بفتوى مكتوبة مختومة أو صوتية مسجلة من زعيم التنظيم منذ أيام أسامة بن لادن، لكن هذه الفتاوى والتسجيلات تُحفظ ولا تظهر مطلقاً للنور، حتى أتى هذا التسجيل الذي تسرب على غير العادة ودون شعار المؤسسة الشهيرة.
ويؤكد نشر التسجيل للمرة الأولى في تاريخ التنظيم أن هناك بالفعل جمراً تحت رماد الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا، ذلك بأن المتعهد الوحيد لنشر بيانات القاعدة هي مؤسسة السحاب، وكل ما يظهر من بيانات أو عمليات تتولى نشرها هذه المؤسسة التي تُعتبر ختماً رسميا، في حين أن بعض التسجيلات الصوتية أو المصورة لزعيم القاعدة السابق أو الحالي التي ظهرت دون ختم المؤسسة  لا أهمية كبيرة لها لأنها مجرد محاضرات أو دروس في عقيدة التنظيم وأبجدياته الدينية.
تسجيل الظواهري القديم هذا اتضح بعد الشهور السبعة أنه لا قيمة له، وأن "داعش" تجاهلته في أقل الأحوال، وفي أحوال أخرى اقتتلت مع جبهة النصرة إمعاناً في رفضه، فلماذا فعلت "الدولة" ذلك وماهي تخريجاتها الشرعية لذلك "الخروج" على زعيم "الجهاد" أيمن الظواهري ورفض أوامره؟
 
بداية التصدع،واعتباراته
بحسب وثائق وفتاوى تخص تنظيم "داعش"، فإن مؤشرات الخلاف بدأت منذ تعيين الأمير الأول لـ"دولة العرق الإسلامية" آنذاك أبو عمر البغدادي في أكتوبر من العام 2006، وحينها وقع التنظيم في مأزق البيعتين، البيعة الأولى هي التي أطلقت "الجهاد" في العراق بعد فتوى ودعم أسامة بن لادن، ومن ثم خليفته أيمن الظواهري، وهذ يقتضي مبايعة "الشيخين" على السمع والطاعة في المنشط والمكره، أما البيعة الثانية فهي تعيين "أمير المؤمنين" في المناطق المحررة من الاحتلال الأميركي والقوات العراقية "المرتدة" كما يسمونها.
وهذا يقتضي شرعياً، أن تتمحص البيعتين ويظهر أيهما أمير على الآخر، لكن حرج المرحلة وكثير من الاعتبارات المعلومة والمجهولة أجلت هذه المشكلة حتى ظهرت جلياً في الصراع المحموم الآن في سوريا.
ولعل من أهم تلك الاعتبارات المعلومة أن زعيم تنظيم القاعدة في تلك الفترة كان مؤسس "الجهاد العالمي" أسامة بن لادن، الذي يحظى بشعبية مطلقة داخل صفوف التيار الجهادي، بعكس خليفته الظواهري الذي لا يحظى بنفس المقومات، حتى أن أنباء دارت بأنه واجه معارضة "وإن كانت محدودة" في تسلم زعامة التنظيم بعد مقتل بن لادن.
وهذا يعني بأن "الدولة الإسلامية في العراق" لم تكن لتستطيع إعلان نيتها بأن بن لادن عليه  مبايعتها باعتبارها صارت دولة تملك أرضاً وشعباً، ولأنها حققت شروط الدولة الإسلامية التي فقدها بن لادن بعد سقوط إمارة طالبان على يد الجيش الأميركي في العام 2001، وبالتالي فإن بن لادن وغيره من رموز الجهاد يجب أن يتعاملوا مع "الدولة" كما تعاملوا مع طالبان تماما، إذ عليهم مبايعتها ومبايعة زعيمها كما فعلت القاعدة مع طالبان وكما بايع بن لادن الزعيم الأفغاني الملا محمد عمر.
أما الاعتبار الثاني المهم وهو أساسي في أبجديات فكر السلفية الجهادية، فهو أن زعيمي التنظيم لا يملكان مقوماً أساسياً ليكونا أميرين، ذلك لأن أجسادهما لا تجري فيها الدماء القرشية، وهذا أحد الشروط المهمة التي يرجحونها في شخصية "أمير المؤمنين"، وهي دماء توفرت في أبوعمر البغدادي الذي قتل في العام 2010 وخليفته أبو بكر "الحسني" البغدادي.
لكن مقولات أخرى تعارض هذه النظرية "رغم أنها بحسب الفكر السلفي الجهادي مشهورة وعليها رأي جمهور أهل العلم"،  وهذه المقولات المخالفة طبقها بن لادن حينما بايع الملا محمد عمر رغم أنه من قبيلة البشتون الأعجمية.
الاعتبار الثالث يتلخص في تمدد "الدولة"، إذ أنها وبعد سيطرتها شبه المطلقة على مناطق واسعة من شمال سوريا، صارت شوكتها أقوى في إعلان منهجها، و هي تحاول الآن إعادة التاريخ لنفس النقطة التي التقى تشاور فيها أبو مصعب الزرقاوي منتصف العقد الماضي مع مجموعة من قادة الفصائل الاسلامية المسلحة في العراق وأسسوا حلفاً أسموه بحلف "المطيبيبن"، وهو حلف  انتهى إلى تشكيل مجلس شورى ومن ثم أعلان "الدولة"، بحسب كتاب (تنبيه الأنام بميلاد دولة الإسلام) الصادر عن وزارة إعلام دولة العراق الإسلامية.
وتعمل "داعش" الآن على تكرار تلك التجربة ولكن بنسخة سورية، إذ تلتقي العشائر السنية وتستميلهم لمبايعتها، وتتهم من يخالفهم بأنهم "صحوات"، في إشارة للمجاميع السنية التي واجهت "الدولة"  في مرحلتها الأولى في العراق ورفضت حكمها.
وكذلك فإنها ترمي مخالفيها من الفصائل المقاتلة بالكفر إن كان مشروعها داخليا وإن كان إسلامياً،  والتخذيل والخطأ إن كان مشروعها موافق لها ولكنها لا ترى شرعية الدولة مكاناً أو توقيتاً، فضلا عن  "ردّة" أي فصيل يقاتل من أجل دولة علمانية أو إخوانية أو أي نظام لا يتخذ المنهج السلفي الجهادي الذي تعتقد أنها تمثله هي وحدها.
بقي أن يُشار هنا، إلى أن تسريب التسجيل بصوت الظواهري قد يصعّد الأمور بين الفصيلين الأقوى في سوريا الآن، "داعش" و"جبهة النصرة"، لأن تسريبه يعني ضمنياً بدء المعركة في الهواء المفتوح بعد أن كانت عبر الفتاوى وفوهة كواتم الصوت.
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com