كشف إريك تراجر المحلل السياسي بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن تورط الرئيس المعزول مرسي في تعذيب وقتل المتظاهرين في أحداث الاتحادية الأولى يوم 5 ديسمبر 2012، موضحا أن مسؤولين كبارا في جماعة الإخوان المحظورة أكدوا له أن الرئيس المعزول شارك في التخطيط لـ "ردة فعل" الجماعة على الاحتجاجات المناهضة لإعلانه الدستوري الذي كان الهدف منه استئثار المحظورة بالسلطة.
وأكد المسئول الكبير بالجماعة لـ"تراجر" أن اجتماعا عُقد في منزل مرسي يوم 4 ديسمبر 2012، وفي اليوم التالي هاجم أعضاء من "الإخوان" المتظاهرين خارج قصر الرئاسة، الأمر الذي تسبب في وقوع اشتباكات أدت إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 748 آخرين بجراح، مشيرًا إلى أن هناك سببا لعدم محاكمة مرسي إلى جانب وزير الداخلية المصري السابق الذي ساعد ضباط وزارته، كما أفادت بعض التقارير، جماعة الإخوان في تعذيب المتظاهرين خلال تلك الاشتباكات القاتلة.
وأضاف تراجر أنه من المحتمل أن تنجح الحكومة المصرية المدعومة من الجيش في معركتها الحالية مع «الجماعة»، لأنها تمتلك قوة كبيرة جدًا وتتمتع بدعم شعبي أكبر وأقوى من جماعة «الإخوان»، قائلًا:" أن مظاهرات «الإخوان» المستمرة - والفوضوية في أغلب الأحيان- التي تطالب بإعادة مرسي إلى منصبه لم تحقق سوى مصلحة الحكومة، ففي الوقت الذي تم فيه تفريق الاحتجاجات بقوة نال ذلك استحسان العديد من المصريين."
وأضاف أنه "في ضوء اعتقال أو هروب جميع قادتها وحظر أنشطتها والاستيلاء على أرصدتها من قبل محكمة مصرية، فإن جماعة «الإخوان» على وشك الانهيار".
ورفض تراجر الدفع بانتهاء دور «الجماعة» التي عادت للظهور مرتين حتى الآن بعد سنين من النسيان، مدللًا على أنه في أعقاب اغتيال مؤسس «الإخوان» حسن البنا عام 1949، عادت «الجماعة» إلى الصدارة السياسية من خلال دعمها للثورة التي تزعمها "الضباط الأحرار" والتي أطاحت بالملك فاروق عام 1952، "وبعد عقود من القمع الشديد الذي مارسه الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1954 والذي أدى إلى إدخال الآلاف من أعضاء «الإخوان» إلى السجن، أطلت «الجماعة» برأسها في سبعينيات القرن الماضي في ظل الحرية النسبية التي أتاحها الرئيس أنور السادات" حسب قول تراجر، وقامت الجماعة بإعادة بناء هيكل القيادة على مستوى الدولة المصرية، وهو ما مكنها من الفوز بسرعة بالسلطة بمجرد سقوط حسني مبارك عام 2011.
وأعطى تراجر ثلاثة احتمالات لعودة الإخوان مرة أخرى في مصر، الأول "أن تقيم جماعة «الإخوان» مقراتها العملياتية في الخارج، وإعادة بناء علاقاتها مع جمهور أفراد أعضاء «الجماعة» داخل مصر من خلال الشبكات الرقمية والتواصل مع الآخرين على حد سواء، ويعني ذلك تمكين كبار قادة «الإخوان» الذين تمكنوا من الهرب إلى خارج البلاد من إدارة التنظيم والحفاظ عليه - ومن بين هؤلاء القادة الأمين العام محمود حسين الذي شوهد في تركيا وقطر، ونائب "المرشد العام" جمعة أمين الموجود في لندن، وتضع جماعة «الإخوان» بالفعل الأساس لهذه الاستراتيجية منذ أن نقلت مركزها الإعلامي إلى لندن واستخدمت هذه المحطة الأجنبية لتشجيع أعضائها بالعودة مرة أخرى إلى القاهرة.
ودلل تراجر على أن هناك سوابق لهذه الاستراتيجية بين الجماعات الإسلامية، فقد تبنت حركة "النهضة" هذه الاستراتيجية أثناء تسعينيات القرن الماضي وخلال العقد الأول من القرن الحالي عندما كان مركز قيادتها في لندن، ثم بعد ذلك ظهرت بسرعة كحزب بارز في تونس عقب ثورة 2011، كما نقلت جماعة «الإخوان» السورية ما تبقى من قيادتها إلى الخارج بعد الحملة التي قام بها حافظ الأسد ضد «الجماعة» عام 1982، كما تولت الإنفاق على السكن والتعليم لأعضائها الموجودين في المنفى للحفاظ على التنظيم، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية تتطلب قدرًا كبيرًا من الصبر، فقد استغرق الأمر ما يقرب من عقدين من الزمن لعودة حزب "النهضة" إلى تونس، في حين لا يزال «الإخوان المسلمون» السوريون يتمتعون بوجود محدود في سوريا بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود في المنفى.
وأضاف أن السيناريو الثاني قد يكون بتمكن قيادات قاعدة «الإخوان» من إعادة بناء سلسلة القيادة الهرمية لـ «الجماعة» من القاع إلى القمة- حسبما يرى تراجر- فبعد أن يصدر بحق مرسي وزملاؤه من كبار قادة «الإخوان» أحكام فعلية بالسجن مدى الحياة، فإنه من الممكن لقادة «الجماعة» المنتشرين بشكل واسع في مقاطعات إدارية - تُعرف بـ "المناطق" - التنسيق لانتخاب قادة جدد على مستوى كل إقليم ثم بعد ذلك انتخاب قادة جدد لـ «الإخوان» على مستوى الدولة المصرية، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب من الصفوف الدنيا لقيادات «الجماعة» التركيز في المدى القصير على الحفاظ على الوحدات الإدارية المحلية لـ «الإخوان» - وهي المهمة التي تكون صعبة للغاية في ضوء الأسلوب الحالي الذي تنتهجه «الجماعة» من التهييج والإثارة لعودة مرسي المستحيلة، حيث تمنعها الإجراءات الصارمة الناتجة عن ذلك من التنظيم والعمل على المستوى المحلي. وعلى غرار الاستراتيجية الأولى، ربما يتطلب هذا أيضًا المزيد من الصبر لأن مسألة تمتع الوحدات المحلية لجماعة «الإخوان» بالحرية الكافية لإعادة تشكيل طبقات هيكلها القيادي ربما تستغرق سنوات.
أما السيناريو الثالث فقد يكون بتمكن قادة «الإخوان» من الصفوف الدنيا من الترشح للانتخابات البرلمانية كمستقلين، وبالتالي الالتفاف على الحظر المفروض على الأحزاب الدينية التي من المرجح أن يتم تعديلها في الدستور الجديد- وفق رؤية تراجر- وإذا اتخذ قادة «الإخوان» هذا القرار الاستراتيجي، فقد يكسبون عددًا كبيرًا من المقاعد، وغالبًا ما يتنافس عشرات المرشحين على كل مقعد في البرلمان بشكل مستقل، وهو ما يعني أن أي مرشح يمكنه غالبًا التقدم للجولة الثانية من التصويت بنسبة قليلة من إجمالي الأصوات، وقد يحصل «الإخوان» مرة أخرى على النفوذ السياسي لبلوغ مصالحهم.
وأشار تراجر إلى أن الجماعة متعطشة للسلطة إلى حد كبير، وأن تلك السيناريوهات هي وجهة نظر قد تضطر قيادة «الإخوان» إلى تبنيها حال إدانة مرسي وزملائه من المسؤولين الرفيعي المستوى بشكل حتمي.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com