هل من المفترض أن يضحى الأقباط وتضحى المرأة من أجل أن تكتمل مسيرة خارطة المستقبل؟ هذا هو السؤال الملح الذى يطرحه الاثنان على أنفسهما قبل أن يطرحاه على الآخرين، وبالأساس قبل أن يطرحاه على لجنة الخمسين.. مذكرة الأنبا بولا التى رفعها إلى رئيس اللجنة عمرو موسى توضح بشكل لا يُختلف عليه لماذا اعترضت الكنيسة على الإبقاء على المادة 219 سواء بقيت كما هى أم تم دمجها فى ديباجة الدستور وهذه المذكرة توضح بالرجوع إلى تفسيرات المحكمة الدستورية معنى تطبيق الشريعة ما أوضحه الأنبا بولا فى مذكرته من التعامل مع الأقباط كمواطنين من الدرجة الثانية، حيث لا يعتد بشهاداتهم أمام المحاكم، ولا يعاقب المسلم إذا ما قتل قبطيا، والعديد مما يرسخ لمواطنة من الدرجة الثانية للأقباط، فهل فعلا ليس من حق الكنيسة الاعتراض على الإبقاء على المادة أو دمجها إذا ما كان وجودها يطيح بالمواطنة تماما، ويقضى عليها؟ وهل إذا ما كان الدستور يتضمن المادة الثالثة التى تنص على حق الأقباط فى الاحتكام إلى شرائعهم فليس من حقهم التدخل فى وضع مادة الشريعة فى الدستور كما ادعى حزب النور على لسان قياداته، والمادة الثالثة ليست منحة يقبلها الأقباط ليضحوا فى مقابلها بحقهم فى مواطنة متساوية، خاصة أننا سبق أن أوضحنا مرارا أن المادة الثالثة لا تمنح شيئا فى الواقع للأقباط، حيث إن أحكام محكمة النقض قد نصت من قبل على أنه «تطبق عليهم شريعة مِلَتهم فيما يخص الأحوال الشخصية» إذن لا مجال لتصوير الأمر على أن الأقباط قد منحوا ميزة، وعليهم فى مقابل هذه الميزة التضحية بمواطنتهم الكاملة.. لم يتم حتى كتابة هذه الأسطر الاتفاق على الجملة، التى ستتضمن فى الديباجة لتحل محل المادة 219 وتصور أن ضغط حزب النور وتهديده بالانسحاب لا يقابله تهديد بالانسحاب من الكنيسة أو عزوف عن التصويت من الأقباط هو تصور قاصر فليس حزب النور فقط هو من يملك الضغط على لجنة وضع الدستور أو تعديله.
أيضا هناك الموقف من تمثيل المرأة فى المجالس النيابية بشكل كان من المفروض أن يكون «عادلا» فتم تغييره داخل اللجنة إلى مناسب ومتوازن لأن «عادل» تعنى أن تمثل المرأة بالنصف كما هو تمثيلها فى الواقع رغم اقتراح النص على أن تمثل فى المجالس بالثلث، لكن الموقف من المرأة ما زال غير منصف داخل اللجنة، والمتحدثون والمدافعون عن حقوقها قليلون، والاتفاق حتى الآن هو على استبعاد لفظ «عادل»، والجدل يدور حول مناسب ومتوازن، حيث هناك من يقبله، ومن يرفضه، لكننى أستطيع أن أقول بثقة إن من يؤمنون بحق المرأة فى تمثيل حقيقى هم قلة قليلة، بينما هناك من يؤكد أن الباب لن يفتح لأى استثناء.
الصوت الأعلى الآن هو لضرورة الاحتشاد لقول «نعم للدستور»، وهذا بالطبع مهم جدا، ولازم ألا يضحى أحد بحقوقه فى المواطنة الكاملة ولا شىء يفرض على القبطى الاختيار بين دعم خارطة المستقبل وحقه الكامل فى هذا الوطن، ولا شىء يفرض على المرأة الاختيار بين دعم خارطة المستقبل والإطاحة بحقوقها فى تمثيل عادل فى المجالس النيابية القادمة.. لا نريد اختبارات بائسة مرة أخرى كفانا أننا اخترنا ما بين شفيق ومرسى.
نقلاً عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com