منذ عام 1952 وحتى الآن لم تتوقف فيروز للحظة واحدة عن الرسم بحنجرتها على أوتار مشاعرنا، تداوي جراحنا تارة، وتعيش قصص حبنا تارة، وتقوي حبنا للوطن أخرى.. بالـتأكيد هذه منحة من السماء لصاحبة صوت يندر تكراره.
فيروز منحها الله في صوتها ما لم يمنحه لبشر، فعندما تغني تشعرك بأن الملائكة يسكنون صوتها، كيف لمطربة تتخطى السبعين من عمرها، وصوتها يبقي كما هو دون زياة أو نقصان، من المؤكد أنها نفحة ربانية اختارات أن تسكن صوت "جارة القمر" ليظل صوتها يتردد بداخلنا إلى ما لانهاية.
فيروز التى أتمت عامها الثامن والسبعين، عرفت المهمة التي اختارها الله لها منذ أن كانت في السادسة من عمرها، وبالتحديد عندما التحقت بالإذاعة اللبنانية لتكون ضمن فريق الكورال الخاص بها، وقتها توقف رئيس الإذاعة أمام صوت الطفلة، وقال لها "هل هذا صوت بشر؟"، لم تدرك الطفلة معنى الكلمة، ولكنها واصلت مشوارها، حتى التقت بنصفها الثاني الموسيقار عاصي الرحباني، الذي بدأ تعاونها معه في بداية عام 1952، ليبهرا العالم معًا بما قدماه من ألحان ممزوجة بأعذب صوت عرفته الأرض، وبعد تعاونهما لثلاث سنوات متواصلة يكتشف الثنائي الفني (عاصي – فيروز) أنهما لا بد من أن يجمعهما وثاق أعمق من الفن، فأعلنا زواجهما مطلع عام 1955 وأنجبوا أربعة أطفال من بينهم زياد الذي يكمل مسيرة والده عاصي الرحباني عقب رحيله ويلحن لوالدته مجموعة من أهم أغانيها.
وظلت فيروز حتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، تغني من كلمات وألحان عاصي ومنصور الرحباني، وبعد وفاة زوجها عام 1986 عملت مع ملحنين عرب كبار، أبرزهم فلمون وهبة وزكي ناصيف، إضافة إلى ابنها زياد الذي قدم لها مجموعة كبيرة من الأغاني المغايرة لكل ما قدمته سابقًا مع "الرحابنية" ليقدم صوتها في شكل جديد حافظ على مكانتها التي ظلت متفردة بها حتى وقتنا هذا.
فيروز رفضت أن تحسب على أي نظام سياسي مهما كان، واتخذت موقفًا واضحًا منذ بداياتها، حيث ترفض دائمًا الحديث في السياسة أو الغناء لحاكم بعينه، ولكنها تحرص على تقديم الأغنيات الوطنية، وربما موقفها هذا كان سبب رئيسي فى غيابها تمامًا عن مصر منذ نحو ربع قرن، على رغم الكثير من المحاولات للتعاقد معها على إحياء حفل غنائي في مصر، ولكن نظام مبارك كان لا يهتم بغناء فيروز بالقاهرة أو حتى تكريمها في أي مناسبة.
وقدمت المطربة الملقبة أيضًا بـ"جارة القمر" و"جارة القدس" على مدار مسيرتها الفنية 15 عملاً مسرحيًا غنائيًا، كان أولها "جسر القمر" عام 1962 وأشهرها "بياع الخواتم" و"هالة والملك" و"يعيش يعيش" و"صح النوم".
كما قدمت 3 أفلام سينمائية هى "بياع الخواتم" إنتاج 1965، و"سفر برلك" إنتاج 1967، و"بنت الحارس" إنتاج 1968، وقدمت برنامجًا تليفزيونيًا غنائيًا بعنوان "الإسوارة" عام 1963.
وكان آخر ألبومات فيروز الغنائية، بعنوان "إيه في أمل" الذي صدر نهاية عام 2010، وضم 12 أغنية بينها "قال قايل" و"الله كبير" و"إيه في أمل" و"كل ما الحكي" و"الأرض لكم" و"قصة صغيرة كتير" و"بكتب اسمهن".
فيروز تحتفل اليوم بمرور 78 عامًا من عمرها، بالـتأكيد لن يستطيع شخص آخر أن يصنع ما صنعته خلال هذه الأعوام، التي منحتنا فيروز خلالها أجمل اللحظات بصوتها الذي يتدفق بمشاعر يصعب وجودها إلا بتوقيع حنجرتها، فيروز تواصل الآن التحضير لألبومها الجديد ليكون نجمة أخرى تضيء سماء الوطن العربي بصوت تسكنه الملائكة.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com