بقلم : محمد عبدالله
الساعة كانت تتجاوز الثالثة صباحا عندما عاد عاصم عبدالماجد إلى غرفته بالفندق الذى يسكنه فى العاصمة القطرية، عاصم كان قد أنهى «وصلته» الفضائية على قناة الجزيرة، وانتظر لبعض الوقت حتى يتقاضى أجره عن أربع حلقات شارك فيها تباعا، فلما طلبوا منه أن يكون ضيفا فى حلقة خامسة صباح اليوم التالى، اشترط أن يحصل على «الدولارات» قبل أن يتفق معه منتجو البرنامج على إرسال سيارة تحضره من الفندق فى السادسة صباحا.
«عاصم» بدا خلال الحلقات الأربع التى ظهر فيها متماسكا، وساعدته «خبرته» فى أن يحتفظ بـ«روح الإرهابى»، برغم الخوف الذى بات يسكنه منذ سقط راعيه الرسمى، محمد مرسى فى أعقاب ثورة ٣٠ يونيه..
رحلة هروب عاصم من مصر، مازالت تكتنفها الأسرار، لكن المرجح حتى الآن أنه تنكر فى ثياب «منتقبة»، تماما مثلما فعل مرشده بديع عند هروبه من إشارة رابعة العدوية، بديع هرب فى سيارة إسعاف، أما عاصم.. فالرويات تقول إنه ذهب إلى السودان، ومنها إلى قطر بالطائرة، وقيل أيضا إنه هرب عن طريق السلوم إلى ليبيا ثم قطر، لكن الرواية الأرجح أنه ذهب إلى محافظة المنيا، وقطع الصحراء المواجهة لها بسيارة دفع رباعى، أوصلته إلى ساحل يطل على البحر، ومنه استقل لانشا حمله إلى خارج الحدود، ثم تسلل «بليل» إلى «الدوحة » التى استقبله حكامها بالأحضان والقبلات.
الدوحة تتحدى القاهرة، لم تعد نكتة، بعد أن كانت تقف احتراما للأستاذ المصرى الذى علم أميرها السابق و«لم يؤدبه»، لماذا نسى القطريون المعروف وتحولت «دوحتهم» إلى مأوى للخارجين على القانون؟
أمر يستحق البحث، لكنى لم أكمل لك قصة «عاصم».. دخل حجرته بالفندق، ووضع الدولارات فى خزينة صغيرة ملحقة بدولاب الغرفة يحتفظ بأرقامها السرية، ثم خلع جلبابه وألقى بنفسه على السرير، بعد أن تناول قرصا- منوما- اعتاد أن يتعاطاه منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما، أقنع نفسه خلالها أنه ليس مدمنا،
نام عاصم.. لكن رنين الهاتف أيقظه قبل أن يشبع نوما، تناول السماعة قائلا:
أيوه- نعم- مين؟
كان سائق السيارة التى سوف تقله إلى استديو الجزيرة قد انتظره لبعض الوقت قبل أن يبادر بالاتصال به من بهو الفندق.
قام عاصم متكاسلا، و«طس» وجهه بـ«شوية» ميه، ثم أكمل ارتداء الجلباب وهو يقف أمام المصعد.. ثم دلف إليه هابطا إلى حيث ينتظره السائق، فلما تعرف عليه، جلس فى المقعد الخلفى، فما إن تحركت السيارة حتى ارتفع صوت شخيره.
لا يعرف عاصم كم من الوقت مر، لكنه شعر بيد ثقيلة توقظه، فلما أفاق وجد رجلا يشبه فى ملامحه الفنان الكبير محمود ياسين.. «دعك»عاصم عينيه، وهب واقفاليكتشف أنه فى الطائرة، قال: ايه ده، احنا فين وانت مين؟
أشار الرجل إلى النافذة الملاصقة للمقعد، وقال له: أنا العقيد «خالد» من المخابرات العامة.. وده الهرم، وده النيل، وهى دى مصر يا عاصم!
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com