وتحقق
الحلم وكنت أحسبنا من فرط ما عانينا فى زمن لا تتحقق فيه الأحلام، بل يمتنع علينا حق الحلم، أنه لا يتحقق. أتانا دستور مضىء بأمل مستقبل أفضل ويتوهج بعمق حضارى وتقدمى. على أننا مكتوب لنا ألا تكتمل الفرحة. فبعض من أعضاء الخمسين تملكته نزعه طبقية، وبعض تملكته نزعه طائفية وحتى رجعية، فأخذته الجلالة وعارض التمييز الإيجابى للعمال والفلاحين والنساء والأقباط والمعاقين، زاعماً أننا نريد دستوراً للوطن وليس لفئات، ناسيا أن الدستور يأتى لمواطنين محققاً طموحاتهم أو محبطاً لها. ولأن للعناد سببا خبيئا فقد ظلت العبارات الصحيحة تضل طريقها وتتعثر ليطاح بها إلى الحكومة،
وكأن الخمسين غير معنية بالأمر. ويتهددنا برلمان طبقى، فكيف لعامل أو فلاح خوض معركة سلاحها عشرات الملايين، وأيضاً طائفى، فكيف لمسيحى فى ظل مناخ مظلم يقتل فيه المسيحى لأنه مسيحى، وتحرق الكنائس لأنها دار عبادته- أن يتجاسر فيترشح وكيف للمرأة أن تأتى فى مناخ يغرسون فيه تخلفاً داسته مصر منذ زمن، ثم عاد به المتأسلمون. ويكون الغضب من الدستور مشروعاً، ولكن حذار من تحول الغضب المشروع إلى موقف غير مشروع فيقول الغاضب «لا» للدستور. وأتوجه إلى إخوتى العمال والفلاحين والمسيحيين والنساء حذار من «لا» بل «نعم» لأنها تعنى وبالدقة لا لحكم الإخوان، ولا للتأسلم ولا للإرهاب. وتعالوا جميعاً لنتناسى الغضب ولنعلن فى بهجة «نعم» لأنها ستؤسس لمصر ديمقراطية حرة عادلة غير متأسلمة. وأتذكر أن سعد زغلول عارض لجنة الدستور (١٩٢٣) وسماها لجنة الأشقياء بدلاً من لجنة الثلاثين، لكن دستورها إذ أتى تحول سلاحاً ديمقراطياً تمسك به الوفد دوماً. تعالوا نقل «نعم» وتخيلوا ماذا سيكون مصير الوطن لو انتصرت «لا». وماذا سيترتب عليها.
أما الآخرون من القوى التى ادعت الثورية، ورفعت أكثر الشعارات ثورية وسخونة، واتخذوا مسميات لا هى منهم ولا هم منها، كمن سموا أنفسهم «الاشتراكيين الثوريين» وهم لا يستحقون أى حرف من هاتين الكلمتين فلا هم اشتراكيون ولا ثوريون، فكيف لاشتراكى حقا أو نصف ثورى أن يعمل فى خدمة المخطط الإخوانى، وأذكرهم بأن قديسهم تروتسكى قد فعلها إذ تحالف مع هتلر بينما جيوش النازى تغزو وطنه «الاتحاد السوفيتى» لأنه كان ضد حكم ستالين (وكانت به أخطاء كثيرة) والحجة هى هدم النظام الستالينى، ثم يبدأ تحرير الوطن من النازى. وينتصر الوطن ويهزم النازى ويبقى العار الأبدى فى عنق التروتسكيين.
وهكذا سيكون الأمر عندما سيهزم المخطط الاخوانى- الأمريكى- التركى- القطرى الإسرائيلى وستنتصر مصر، وسيبقى العار فى عنق من تحول إلى خادم لمخطط الإخوان. وثمة فريق آخر يسمى نفسه «الأناركيين» وهى كلمة يرفض أصحابها أن يترجموها لأنها تعنى بالعربية «الفوضوية» وهؤلاء يقولون بهدم النظام كل النظام.. وهم وسابقوهم يستمتعون بميزة التشظى أى التفتت إلى شظايا ونقرأ مسميات عديدة قد تبدو لغير المطلع منظمات عديدة، لكن بعضها لا يزيد على بضعة أفراد، وهم جميعاً فى مجموعهم لا يزيدون على بضع مئات.
فإذا تلفت أحدهم ليجد أنهم مجرد مئات من بين تسعين مليوناً فإن كان عاقلاً عاد إلى شعبه رافضاً جنون تحالفاته، ولكن العقل لا يأتى، فيبقى معزولاً عن الجماهير. ومنكراً لخروج ثلاثين مليوناً لتأسيس منظومة جديدة لمسيرة الوطن. وأتمنى أن يستمروا على قول «لا» ليدركوا حجمهم هم وكل خوارج اليسار وخوارج الفكر الاشتراكى والثورى وفى حواشى ذلك يتدخل البعض ممن كانوا يرفعون رايات الحرية فى وقت مضى ثم تغيرت ألوان الرايات بعد زيارات عدة لأوروبا وأمريكا، ومع تغير ألوان الرايات تمتلئ الجيوب بمال سحت يبعثره العدو الأجنبى ليجتذب من يعرض نفسه طوعاً فى سوق النخاسة والمشترى العالمى جاهز والمشترى المحلى الإخوانى جاهز أيضاً. ويا أيها المصريون.. هذا هو كل معسكر «لا».. الإخوان والمتأخونون وخوارج اليسار والقوى الثورية وعارضو أنفسهم فى سوق النخاسة، فاخرجوا جميعاً لتقولوا نعم.. وتقولوا فى نفس الوقت للإخوان وأتباعهم لا.. وألف لا. ومرة أخرى نتذكر معاً ٨٠ – ٨٠ فهى تعنى ٨٠% حضور و٨٠% نعم.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com