سليمان شفيق
منذ 1978 اتابع احداث العنف الديني ،تارة كصحفي .. واخري كباحث ، كذلك من خلال عملي في مركز ابن خلدون من مطلع التسعينيات وحتي الان ..يمكن الوصول الي قناعة "علمية" ، ان محافظة المنيا هي العاصمة البؤرية للعنف الديني ، ومن واقع دراسات واحصائيات المركز.. تحتل المنيا مركز الصدارة ، الغريب ان المنيا من المحافظات التي تحتل مكانة متقدمة في العمل المدني ، حيث يتواجد في مدينة المنيا ..اكثر من مقرات لمنظمات دولية ، وجمعيات
ومؤسسات اهلية كبري مثل كريتاس ،والهيئة القبطية الانجيلية ، والجيزويت ، وجمعية الصعيد، وحوالي عشرة منظمات حقوقية ،وغيرهم ،لكن باقي مراكز ومدن المحافظة لا تحظي بالتواجد الاهلي او المدني مثل عاصمة المحافظة، والمثال الجارح مدينة ديرمواس التي شهدت احداث البدرمان ودلجا ، لا تتواجد فيها اي منظمات تنموية او حقوقية تعمل بشكل حقيقي ،واذا نظرنا للثلاثة قري التي تكررت بها احداث عنف ديني طوال الاربعين عاما الماضية،سنجد ان قرية دلجا(120ألف نسمة 10% مسيحيين) بها 54مقهي و16صالة بلياردو، و83مسجد وزاوية ،و6كنائس ، ولا يوجد بها احزاب او جمعيات اهلية مدنية ، كذلك البدرمان (45الف 40% مسيحيين) 4كنائس ، 20 مسجد وزاوية ، 17 قهوة ، ولا توجد احزاب ولا جمعيات اهلية مدنية ، نزلة عبيد (40 ألف نسمة ) ، 7كنائس ، لايوجد بها مساجد لان كل سكانها اقباط ارثوذكس ، 45 مقهي ،لايوجد بها احزاب (الوطني والتجمع سابقا) وهناك مشاريع لبعض الجمعيات المسيحية كلها لانشطة دينية ،اما قرية الحوارتة (15) الف نسمة ايضا كلهم مسلمين ، بها 15 قهوة ، 10 مساجد وزوايا ، لاتوجد احزاب ولا جمعيات مدنية
من واقع الدراسات والرصد فأن المسيحيين هم الاكثر ثراء وتعليما ،علي سبيل المثال نشأت "الحوارتة" من (حرث الارض) للعمل في نزلة عبيد ،منذ اللائحة السعيدية وظهور ال صاروفيم (منهم صاروفيم بك ومينا بك صاروفيم) من اوائل من خدموا عند محمد علي باشا في بناء الدولة، ومعهم محمد شعراوي باشا والد هدي هانم شعراوي ، وهؤلاء انفردوا من مطلع القرن التاسع عشر وحتي منتصف القرن العشرين بالسيادة، ال صاروفيم شمال شرق النيل ، وال شعراوي ، في الزاوية جنوب شرق النيل ، وبعد ثورة يوليو امتطي ابناء واحفاد هؤلاء الاتحاد الاشتراكي ، وفي زمن السادات ومبارك انتقلوا الي الحزب الوطني ، لكن بعد
ظهور الاسلام السياسي ، وجد المهمشون والفقراء ضالتهم ، فعوضوا عدم وجودهم في اعلي السلم الاجتماعي او الحكومي ، بخلق مكانة بالانضواء في الحركات الاسلامية السياسية ، وكذلك الامر في البدرمان ودلجا ،اضافة لحوالي(15)قرية وتجمع سكاني من شمال غرب سمالوط ، ومركز المنيا ، وحي جنوب المنيا ، وابوقرقاص والفكرية ، وملوي ، وديرمواس ، مثل قري طرفا ، ونزلة الفلاحين ، وطحا العمودين بسمالوط ، ونزلة عبيد والحوارتة ونزلة حسين والدوادية، وحي جنوب المنيا ، واسمنت ونزلة رومان والفكرية بابوقرقاص، ودير البرشا ، بملوي ، ودلجا والبدرمان بديرمواس ، شهدت هذة البؤر تواجد جماهيري
للجماعة الاسلامية وتنظيمات العنف الديني ،ومن هؤلاء القادة عاصم عبد الماجد ،كرم زهدي ، ابو العلا ماضي ، فؤاد الدواليبي ، ال الاسلامبولي (خالد وشوقي) ال عقرب وكدواني وغيرهم ، بحيث بلغت نسبة المحكوم عليهم من المنيا في قضايا الارهاب 45% من اجمالي الذين تلقوا احكام.
كل ذلك لم يرع انتباة لا الحكومة ولا المجتمع المدني ، والملاحظ ان الطبيعة الدينية المحافظة للمنيا .. جعلتها لاتشارك بأي قدر يذكر في ثورة 25 يناير ، والطريف ان شباب الثوار من المنيا شاركوا في الثورة بالتحرير بالقاهرة ، وفي انتخابات مجلسي الشعب والشوري بلغت نسبة اصوات الاسلاميين اعلي من 85%، وانتخابات الرئاسة قفزت اصوات مرسي الي 87%،علي الرغم من ان المنيا تحوز علي اكثر من 50% من التمويلات الخارجية المخصصة للصعيد ،لذلك تعكس احداث العنف الديني كراهية الاقباط ، واعتداءات مفرطة القوة ضد ممتلكاتهم واشخاصهم وكنائسهم ، وعدم تدخل الدولة ، وغياب تطبيق القانون
الامر الذي دفع الاقباط في الاحداث الاخيرة للدفاع عن انفسهم بالسلاح ، هذا اخطر المؤشرات ، كون الاقباط لاحظوا تقاس جزء من الامن وتواطئ جزء اخر ، وضياع حقوقهم (حتي الان لم تبني كنائسهم التي حرقها وهدمها الاسلاميين) اضافة الي ان النخب المنياوية القبطية في القاهرة تطالب بمطالب خاصة ، كل ذلك خفض من سقف توقعات الاقباط بعد مشاركتهم في طليعة ثورتي 25يناير و30يونيو ، ماحدث في نزلة غبيد والبدرمان ليس جديدا ولكن الجديد ان المؤاشرات تؤكد ان الاقباط قرروا اخذ حقهم بأيديهم ، فهل نتدخل قبل فوات الاوان ، اقول قولي هذا واستغفر اللة لي ولكم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com