ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الوحدات الخاصة داخل جماعة الاخوان المسلمين

مايكل ماهر عزيز | 2013-12-10 17:33:09

الكاتب : مايكل ماهر عزيز

كثيراً ما نسمع في وسائل الاعلام عن ما يسمي بمليشيات الاخوان المسلمين ، فما طبيعة تلك المليشيات ، وهل هذه اشائعات أم إنها حقيقة حتمية وليست مجرد إدعاءات الهدف منها إثارة الرأي العام لزعزعة ثقة رجل الشارع في جماعة الاخوان ، ولإن لكل سؤالاً جواب فإن الاجابة ستأتي من وسط الجماعة نفسها عن طريق أشخاص عاشوا داخل جدرانها  وأشخاص آخرين تعرفوا عليها عن بُعد - كتبوا ملاحظاتهم وتحفظاتهم عن تلك الجماعة ، الجماعة التي ولدت عام 1928 وماتت إكلينيكيا في عام  1948 لتكتب شهادة وفاتها عام 2013 لتعيش أربعة وثمانون عام  فاقدة الوعي داخل جدران واسوار أحاطت نفسها فيه  .
 
تنقسم جماعة الاخوان المسلمين من حيث الهيكل التنظيمي إلي مناطق وأقسام يعمل الاخ في الاخوان من خلال منطقته ، ويعمل كذلك من خلال أي قسم من الاقسام ، وأشهر أقسام الاخوان هي قسم الطلبة وقسم المهنين ، وقسم أساتذة الجامعات وقسم الدعوة وقسم التربية وقسم الاخوات الذي تم تفعيله حديثا ، وظلت بعض الاقسام بعيدة عن عيون أفراد الجماعة أشبه ما تكون بأجهزة المخابرات السرية التابعة للدول لا يعرف أحد عنها شيئاً ، وكان أخطر هذه الاقسام وأكثرها أهمية وخطورة هو قسم " الوحدات الخاصة " وهو قسم خاص بأنشطة الاخوان السرية داخل الجيش والشرطة . ويحكي الاستاذ / ثروت الخرباوي في كتابه " سر المعبد " عن خطورة هذا القسم فيقول بإجتماعه مع صديقه المحامي الاخواني أحمد ربيع الذي ينقل له أقوال المرشد السابق مصطفي مشهور الذي قال لربيع : " في يوم قريب أقرب مما تتوقعون سنعيد قسم الوحدات مرة أخري ، فلا حياة للاخوان بغير هذا القسم ، هل تتصورون دولة بلا أمن وبلا جيش ؟!! نحن دولة بل نحن أكبر من دولة ، نحن أمة الاسلام ، ويجب أن يكون لهذة الامة أمن وجيش ، ويوم أن يعود قسم الوحدات سيكون شعاره " وأعدوا " .
 
ولعلي بداية ظهور هذا القسم السري يرجع إلي عام 1939 فقد تبني حسن البنا مؤسس تلك الجماعة مبدأ العنف لتحقيق غايات وأهداف جماعته الجديدة بشكل مباشر وغير مباشر ، فقد قال  عبد الرحمن السندي رئيس النظام الخاص : " أن حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين قال في اجتماع بجماعته "ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله". وهو ما اعتبره أعضاء في التنظيم بمثابة "ضوء أخضر" لاغتيال الخازندار وكان القاضي أحمد الخازندار هو باكورة ضحايا الاخوان السياسية التي تبنت سياسة القتل لتحقيق أهدافها الخاصة بالسيطرة علي نظام الدولة وإقامة الخلافة الاسلامية علي حسب زعمهم ، فكان الخازندار رجل قانون وقاضي ووكيل استئناف وسجل اسمه في تاريخ الاغتيالات في مصر التي أدين فيها أفراد منتمين لجماعة الإخوان ، وقد أغُتيل القاضي أحمد الخازندار عام 1948 كونه كان ينظر في قضية أدين فيها أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين .. لذا فكان القتل والاغتيال هو الوسيلة الوحيدة لإبعاد هؤلاء الذين يعرقلون عمل تلك الجماعة التي تريد نشر أفكارها بأسرع طريقة ممكنة آنذاك .
 
لم تكتفي جماعة الاخوان المسلمين بهذا وحسب بل نفذت الوحدات الخاصة لجماعة الاخوان المسلمين جرائم قتل راح ضحيتها العشرات منذ سنوات عملها السياسي بمصر ، وليس القاضي أحمد الخازندرا وحده التي قامت الجماعة بإغتياله بل تمادت الامور وتسارعت بإغتيال رئيس الوزارء المصري محمود فهمي النقراشي من نفس العام الذي أغتيل فيه القاضي الخزندار ، ولعلي جاء هذا الاغتيال ليعلن عن وفاة ذلك التنظيم الذي أستخدم فيه العنف ليفرض أفكاره وسيطرته علي المجتمع المصري الذي كان يتمتع وقتها بالوسطية والاعتدال ، والذي لم يتفشي فيه موجة الاسلمة التي تجتاح بلادنا مثل الان ، الامر الذي مثل تحدي للدولة المصرية حينها ، والتي رأت  ان مظاهر العنف المسلح الذي تقوم به تلك الجماعة هو أمراً خارج عن القوانين والاعراف المتبعة ، ولذلك قامت الحكومة المصرية بكل جرأة بكتابة شهادة وفاة تلك الجماعة المغمورة التي أعتبرها شهادة وفاة إكلينيكية ، حدث ذلك في عهد رئيس الوزاء المصري محمود فهمي النقراشي عام  1948 الامر الذي واجهته جماعة الاخوان برد فعلاً عكسي وقامت بإغتيال رئيس الوزراء النقراشي بصورة إجرامية ، وتبين أن وراء الجريمة نظام الوحدات الخاص لجماعة الإخوان المسلمين حيث اعتقل القاتل الرئيسي وهو "عبد المجيد أحمد حسن" والذي اعترف بقتل رئيس الوزراء كون النقراشي أصدر قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين، كما تبين من التحقيقات وجود شركاء له في الجريمة من الجماعة ، وقد أصدر حسن البنا عقب هذا الحدث بيانا استنكر فيها الحادث و"تبرأ" من فاعليه تحت عنوان "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين" . ليحُكم علي المتهم الرئيسي بالإعدام شنقاً وعلى شركائه بالسجن مدى الحياة.
 
وكشاهد عيان عن الماضي يقول الاستاذ الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه " مبارك وزمانه " في حوار خاص بينه وبين الاستاذ مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة المصري اليوم سابقا قال : " لقد قلت لكثيرين من الاخوان انني قابلت حسن البنا وتحدثت معه كثيراً ، لا فيكم عرفه والتقاه ، ودائما أقول لإقطاب الاخوان : أنا أعرف حسن البنا وأنتم لم تشاهدوه أبداً ، وهو كان رجلاً صاحب تنظيم ، لكن فكرة الدعوة عنده لم تكن واضحة ، لانهم نشئوا بعد إنهيار الخلافة الاسلامية ، طالبين إعادتها ، والتأثير السعودي كان موجوداً ، ودور الملك عبد العزيز كان معروفاً في مساعدته وفي توجيهه في بعض الاحيان وهذا بعد العهد الملكي والذي كانت توجد خلفات حينها بين عبد الناصر والنظام السعودي .
 
وأضاف هيكل : أن حسن البنا كان لديه تنظيم ودعوة ولكن ليست هناك فكرة مستقبلية يسترشد بها أتباع ذلك التنظيم وكل ما لدي الاخوان كتاب واحد من حسن البنا أسمه " رسائل الدعوة والداعية " وحين تقرأها لا تجد فيها شيئاً . ويستكمل هيكل حواره عن بداية الاخوان وكيف ولدت هذه الجماعة ميتة عندما أتخذت من العنف مبدأً ً لها وقال : " أنا كنت موجوداً عندما جاء حسن البنا يقدم بيانه الشهير " ليسو إخواناً وليسوا مسلمين " للسيد عبد الرحمن عمارة وكيل وزارة الداخلية وقتها ، ومعه كريم ثابت المستشار الصحفي للملك فاروق في دار أخبار اليوم ، بعد أغتيال النقراشي باشا ، لانهم كانوا يريدون التنصل من المسئولية ، وحسن البنا أدرك أنه سوف يواجه إنتقامـــاً حقيقياً وهذا ما حدث بالفعل بقرار من الملك فاروق " والذي تم إصدار قرار التخلص من البنا واغتياله فيما بعد  ، ويضيف هيكل : " يومها دخل البنا مكتبي منتظراً عمار بك ، وكيل الداخلية وقتها ، وكريم ثابت ، وجدته رجلاً صانع تنظيم بلا جدال وعنده كفاءات هائلة ، قريبة جدا من مشايخ الطرق الصوفية ، لكن الفكر ناقص ! .. لان هناك في الفكر الاسلامي الحديث للشيخ محمد عبده الذي خلق فكراً إسلامياً حقيقياً ، والشيخ حسن البنا الذي أنشأ تنظيماً إسلامياً ، لكن الاثنين لم يلتقيا مع الاسف الشديد ، لا الفكر التقي مع التنظيم ، ولا التنظيم التقي مع الفكر " .
 
لم يستحي قادة الاخوان من أخطاء ماضيهم فعلي العكس تفاخر بعضهم بسلسلة الاغتيالات التي قاموا بها في بداية إنشاء تنظيمهم السري ، ويقول المرشد العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين مأمون الهضيبي في حديث صحفي له في معرض الكتاب تعقيباً علي عصر الاغتيالات التي قام بها الاخوان قائلاً: " نحن كنا نتعبد الي الله باعمال النطام الخاص " قاصدا ًقبل ثورة يونيو 54  " واستطرد الهضيبي تبريرة لكلماته فقال : " كنا نجاهد ، والمجاهد يباح له ما لا يباح للاخرين . وضرب مثلا بالاغتيالات التي ارتكبها الحزب الشيوعي اليوناني في أربعينيات القرن العشرين ، قال : لماذا تعيبون الحزب الشيوعي اليوناني علي ارتكابه جرائم اغتيالات لمدنيين من بني وطنهم ؟! أيباح لهم هذا ولا يباح لنا ؟! أحرام علي بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس ؟! .. ويعقب علي ذلك الاستاذ ثروث الخرباوي في كتابه " سر المعبد " بقوله : "لقد تخيلت الهضيبي بعد تصريحاته تلك يخرج لسانه لمصر كلها وكأن لسان حاله يقول  : موتوا بغيظكم يا أهل مصر ، قتلناكم لاننا أهل الحق وأنتم أهل الباطل ، نحن أمة الاسلام وأنتم أمة الكفر والطغيان . لقد وجد الهضيبي للاغتيالات التي قام بها الاخوان قبل ثورة 54 غطاءاً سياسيا شيوعيا " .
 
وهنا ندرك أن الهدف الحقيقي من إنشاء قسم " الوحدات الخاصة " لجماعة الاخوان هو تحقيق غاية واحدة ألا وهو ( التمكين ) وردع أي شخص تراه الجماعة عائقا حقيقيا يواجه تقدمها نحو السلطة وممكن يكون من بين هؤلاء أحداً من المنتمين إلي هذا التنظيم نفسه ، فيقول الاستاذ ثروت الخرباوي في كتابه عن الوحدات الخاصة التي أسسها حسن البنا عام 1939 : "تباً لهذا النظام الخاص وأيامه ، ليتك لم تنشئه يا بنــا أسسته عام 1939 بعيداً عن أعين الجماعة المدنية وجعلته سرياً ووضعت علي قيادته رجالا لا يفقهون فوضعوا السيف في موضع الندي ، قتلوا وفجروا واغتالوا ، كله بإسم الاسلام ، حتي إنهم قتلوا أحد أفراد الجماعة دون أن يكون لديهم ذرة من دين أن خلق ، قتلوا سيد فايز وابنته ، إذ فرض وكان سيد فايز أجرم في حقهم جدلاً ، وإذا فرض ان جرمه يوجب قتله ، فما ذنب تلك الطفلة الصغيرة التي غلفوا لها الموت ووضعوه في علبة حلوي وأعطوها الهدية المفخخة ، وما إن فتح فايز الهدية حتي انفجرت فيه وفي ابنته فماتا وهما يشتكيان تلك القلوب الفاجرة .
 
ويستكمل الاستاذ الخرباوي ويقول : ولكن هل فعل " النظام الخاص " هذا  يعد شيئا غريبا عليه عندما اغتال تلك الطفلة ؟ لقد كان يعبر عن نفسه ، الموت المغلف داخل علبة حلوي ، مظهر العلبة من الخارج جميل ومبهر ، سيحب الشعب هذه الهدية ، سيقولون : "فاقع لونها تسر الناظرين " سيأخذون الهدية في أحضانهم ولكنهم لا يدرون أنهم يحتضنون الموت ، هدية النظام الخاص والوحدات الخاصة أو ما يسمي مليشيات الاخوان في مصر مثل العلبة القاتلة ، انها هدية مغلفة بالدين وأيات القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام ولكن الموت يسكن داخلها ".
 
كل تلك تري الامور لا تعني شيئ لتلك الجماعة التي وقعت أسيرة في أفكارها عاملين بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وكل ذلك من أجل التمكين الذي من خلاله سيستطيع الاخوان السيطرة علي أجهزة الدولة بما فيها ، فيقول الاستاذ / ثروت الخرباوي أن الاخوان استطاعوا طيلة السنوات الاخيرة بمصر في زرع وتجنيد رجالاً كثيرين يتبعونهم داخل المؤسسة العسكرية والشرطية، وكانت خطة التمكين تلك تعتمد بالاساس السيطرة علي الجيش والاعلام والقضاء وهذه المؤسسات بنظرهم لو إستطاعوا السيطرة عليها فان طريق وصولهم للحكم سيكون ميسراً إلي حداً بعيد ، وعلي ضوء ذلك صرح المرشد العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين الحاج مصطفي مشهور في حديث صحفي لجريدة الشرق الاوسط عام 1999 قائلاً : " إن الاخوان سيصلون إلي الحكم بعد عشرين عاماً ، أي عام 2018 وقال أيضا إن الاخوان لديهم خطة سيصلون إلي الحكم من خلالها  " .
 
والوحدات الخاصة هذه أشبه في عملها بأجهزة الاستخبارات السرية التي تمتلكها الدول لحماية أمنها القومي فتلك الوحدات عبر عنها المستشار الهضيبي : " إنه لولا قسم الوحدات الخاصة والجهاز الخاص بجماعة الاخوان لفنيت تلك الجماعة ولم تقم لها قائمة بعد اليوم " . وقسم الوحدات هذا ينقسم إلي عدة أقسام :
1- إخوان الخارج : الذين يقدمون الدعم اللوجيستي لإخوان الداخل .
2- المليشيات الالكترونية : وهي تدار من قبل شباب الجماعة .
3- فرع العمليات الخاصة : ومهمتها تنفيذ عمليات قتالية وأهمها الاغتيالات .
4- الاخوان المتخفيين : وهم الاخوان الذين يسايرون أصحاب الافكار والتوجهات المعادية لجماعة الاخوان وقيامهم بالتجسس عليهم ومحاولة جعلهم حياديين بأي شكلا من الاشكال .
5- الاخوان العاملين بالاجهزة الامنية الحساسة مثل الجيش والشرطة .
 
أخيراً وليس أخراً لقد أنشأ حسن البنا بشكل سري الوحدات الخاصة التي تُعرف إعلامياً بمليشيات الاخوان عام 1939 حتي أن أفراد التنظيم المدني للجماعة لم يعلموا شيئا عن هذا النظام الخاص بشكل سري .. لقد عاش البنا بين الفكرة والقوة والدولة ، الفكرة تحميها قوة ، والقوة هنا تنشئ بها الدولة ، القوة ووسائلها أصبحت فكر أصيل في أدبيات تلك الجماعة فعلي سبيل المثال نري أن حسن البنا رأي بعينه الجزيرة العربية وما حدث لها من تغييرات وشاهد الحلم الذي تحول الي واقع ، حلم دولة آل سعود ، وكيف فكر رجل من أهل مصر في استنساخ هذا الحلم ، ليكون هو الخليفة المنتظر وإمام المسلمين ، وأعتقد أنه لو كان حسن البنا  اعتمد في بداية طريقة لإنشاء الجماعة علي الافكار الاصلاحية لرجال الازهر الشريف لكان رحم مصر والاجيال اللاحقة من تصرفات الاخوان المريبة وأفعال مريديها ، ولكن كما ذكرنا سابقا كان اعتماد حسن البنا علي الفكر السلفي الوهابي وإتخاذها كمرجعية فكرية له عندما اتته فكرة إنشاء تنظيمه الاسلامي ، وهنا تكمن المعضلة التي نحن فيها فتفشي الافكار السلفية القادمة من شبة الجزيرة العربية قد غزي الدولة المصرية وقد تم أسلمة المجتمع المصري نتيجة تلك الامور من جهة وبسبب عدة عوامل من جهه أخري ، فقد تشبعت الثقافة المصرية بالثقافة البدوية الصحراوية القادمة من الخليج وتخلف المصريين وتراجعو إلي الوراء لعشرات السنين بدلاً من التقدم إلي الامام ومن المفارقات العجيبة إنه مع تراجع المصريين وتخلفهم ، أعتمد أهل الخليج علي خبرات الاجانب والخبراء في بناء دولهم بصورة عصرية حديثة .. فتقدم العرب وتخلفت مصر
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com