بقلم: محمد سلماوي
أختلف مع من يجلسون فى مقاعدهم الوثيرة قائلين إن حكم الإخوان قد ولى بلا رجعة، وإنهم لا يمكن أن يعودوا للسلطة مرة أخرى، فإعادتهم أسهل كثيراً مما نتصور، إذ ما علينا إلا أن نصوت بـ«لا» فى الاستفتاء، فنسقط بذلك دستور ثورة 25 يناير ـ 30 يونيو ونعيد دولة الإخوان مرة أخرى إلى سابق مجدها. لقد مضت ستة أشهر الآن على رحيل الإخوان المأسوف على شبابهم الذين لم يدم حكمهم إلا سنة يتيمة، وقد افتقدنا خلال تلك الفترة الرئيس المعزول بما كان يطلقه من نكات فى خطاباته الرسمية، وما كان يسيله من دماء على أسوار الاتحادية.
فخلال الستة أشهر الأخيرة لم يخرج علينا الرئيس الحالى بنكتة واحدة فى أى من أحاديثه أو خطاباته، بينما ظل الرئيس المعزول طوال عام كامل لا يفتح فمه إلا ويحدثنا عن القرد والقرداتى، أو عن المزنوقين فى الحارة «وبيعملوا حاجات وحشة»، أو عن «الأصابع» التى تعمل داخل مصر، أو عن «الأبلج» و«اللجلج» و«عطيط ونطاط الحيط»!!
لقد حرمنا من كل ذلك وبدا الرئيس الجديد «واخد المسألة جد» ولا يحدثنا إلا كما يتحدث رؤساء الجمهورية للمواطنين فى الدول الأخرى، لكن لمصر خصوصيتها فلا نحن أمريكا ولا ألمانيا، نحن شعب يحب «الفرفشة» يهوى «النكت» وأيضاً «النكد»، وقد أعد الإخوان العدة لكى يحكمونا 500 سنة، فيمتعوننا بكل ما نهوى من «نكت» ومن «نكد». لكن فجأة هبت الجماهير وخرجت عشرات الملايين من جميع الفئات تطالب بإسقاط دولة الإخوان، وكان هذا خروجاً على أصول اللعبة السياسية، صحيح أن فى الولايات المتحدة هناك ما يسمى recall election وهو إمكانية سحب الثقة من أى سياسى منتخب عن طريق جمع نسبة معينة من التوقيعات تطالب بذلك، كما فعلت حركة «تمرد» عندنا، لكننا ـ كما قلت ـ لسنا أمريكا، لذلك كان يجب الخضوع الكامل لتنظيم الإخوان طوال الـ499 سنة الباقية من حكمهم مستمتعين بنكات رئيسهم، وسعداء بـ«النكد» الذى فرض علينا، وشاكرين على «الخير» الذى حملوه لمصر فى شكل التردى الذى أصاب مرافق الدولة ومؤسساتها، من السياحة إلى الاقتصاد إلى الأمن.
لقد جاءتنا الآن الفرصة لكى نصلح من غلطتنا فنعيد تنظيم الإخوان إلى الحكم مرة أخرى، ليكمل ما تبقى له من الـ500 سنة المقررة، وهكذا ترضى عنا «ماما أمريكا» ونعود إلى الاستبداد والاستقواء والمغالبة والإقصاء التى لم نستمتع بها إلا لمدة عام واحد فقط. وكما أن الموافقة على الدستور الجديد هى الخطوة الأولى فى إرساء دعائم الدولة الحديثة القائمة على الحرية والديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التى طالبت بها الثورة، فإن إسقاط الدستور هو وسيلتنا الأكيدة فى العودة لحكم الإخوان «العظيم» الذى افتقدناه كثيراً طوال الستة أشهر الأخيرة.
وفى ذلك فقد بدأ التنظيم ييسر لنا سبل إسقاط الدستور، ويعدد لنا وسائل الهجوم عليه، فهو أولاً دستور الإلحاد الذى سيلغى الإسلام من مصر كما يقولون، لذلك حرص الأزهر الشريف على المشاركة الفاعلة فى كتابته، وهو سيلغى الشريعة الإسلامية رغم أنها المصدر الرئيسى للتشريع، وفق المادة الثانية من الدستور، ويورث المرأة مثل الرجل، واتهامات أخرى كثيرة، كلها صحيحة طبعاً، وعلينا أن نعمل بكل جدية على ترويجها كى نعيد الأمور إلى نصابها فيعود تنظيم الإخوان إلى الحكم، ويعود دستوره المعطل وتحظى البلاد بالظلم والقهر والاستبداد.
اتهام واحد وجدت صعوبة فى ترويجه رغم مساعدة اللجان الإلكترونية للإخوان، وهو وصف دستور الثورة بأنه «دستور فيفى عبده» (!!!) فكلما رددت هذه المقولة لأحد نظر إلى صور أعضاء اللجنة فلم يجد غير الأنبا بولا بعمامته السوداء، وعمنا كمال الهلباوى الجالس دوماً إلى جوارى، والدكتور مجدى يعقوب حاملاً لقب «سير» تحت إبطه، والأخ الدكتور محمد إبراهيم منصور ذى اللحية الكثيفة والذى أعتز بصداقته.
ومع ذلك فواجبنا الوطنى، إن كنا فعلاً نحب تنظيم الإخوان ونشتاق لحكمه الذى نحبه كما يحب القط «خناقه»، أن نصوت بـ«لا» للدستور، فنعود لما كنا فيه، ويا دار ما دخلك خير!!!
نقلا عن: المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com