أظهر تقرير صادر عن «مركز بحوث شؤون العمل» في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن معدل الراتب السنوي لمديري البنوك في الولايات المتحدة يبلغ نصف مليون دولار، وهو أكثر من 20 ضعفاً لمعدل راتب موظفي الخطوط الأمامية في البنك، والذي لا يتعدى 24 ألفاً في السنة أو أقل من 12 دولاراً في الساعة، وهو مبلغ زهيد بالمقاييس الأمريكية.
وعلى الرغم من تجاوز أرباح البنوك الأمريكية 41 مليار دولار العام الماضي، إلا أن غالبيتها ترفض أي زيادة في الحد الأدنى للرواتب، مما دفع موظفيها إلى الاستعانة ببرامج الرعاية الاجتماعية للحكومة الفيديرالية، فاضطرت الأخيرة إلى إنفاق ما يقارب 900 مليون دولار العام الماضي من أموال دافعي الضرائب، ما أثار حنق كثير من الأمريكيين.
كذلك يشير التقرير إلى أن عدد موظفي البنوك، ممن يقبعون تحت خط الفقر ويستفيدون من الرعاية الاجتماعية الحكومية، 39 في المائة من إجمالي عدد موظفي القطاع.
والتقرير يأتي في وقت يحتدم النقاش بين العمال وعدد من الشركات الكبرى، مثل مطاعم الوجبات السريعة، التي تعارض أي زيادة في الحد الأدنى للأجور على الرغم من تحقيقها أرباحاً هائلة في حين يبلغ أجر الموظف لديها أقل من 8 دولارات في الساعة. وعلى سبيل المثال، حققت سلسلة مطاعم ماكدونالدز أرباحاً بلغت 5.5 مليار دولار العام الماضي.
يُذكر أن إقرار أي زيادات في الحد الأدنى لا تتحمله الشركة الأم بل أصحاب الامتيازات، مما يجعل من الصعب معرفة مدى تأثير هذه الزيادات على أرباح الفروع والشركة الأم.
لكن على الرغم من اعتراضات ماكدونالدز وبرجر كينج و اباجونز، تحقق شركات كبرى مثل تعاونيات كوسكو أرباحاً، وفي الوقت ذاته تمنح موظفيها رواتب يبلغ حدها الأدنى للساعة أكثر من 13 دولاراً، مما دفع العمال الأمريكيين المعترضين، يؤيدهم الرئيس باراك أوباما في خطابه الأخير الذي خصصه للاقتصاد، إلى المطالبة بمضاعفة الحد الأدنى ليصل إلى 15 دولاراً في الساعة.
وقال أوباما إن هناك هوة خطيرة وتتسع بين الفقراء والأغنياء، وإن الأمريكيين صاروا يفتقدون إلى إمكان الصعود اقتصادياً، وإن ذلك يهدد الطبقة الوسطى ومبدأ نك إذا عملت بجد، تحصل على فرصة للتقدم على الآخرين. وأضاف: أعتقد أن هذا هو التحدي الرئيسى في زمننا هذا، وهو جعل الاقتصاد يعمل لمصلحة الأميركيين الذين يعملون.
أما التظاهرات العمالية، التي بدأت قبل أشهر في بعض سلسلات مطاعم الوجبات السريعة، توسعت اليوم لتشمل عدداً أكبر من الشركات العملاقة. فالأسبوع الماضي، وهو الأسبوع الذي يشهد خصومات ضخمة بمناسبة عيد الشكر، وإقبالاً جماهيرياً ساحقاً، تظاهر عمال سلسلة محلات والمرت أمام 1500 فرع في عموم الولايات المتحدة، مطالبين بزيادة في الأجور وبتحسينات في ظروف العمل وفي التقديمات الطبية والاجتماعية.
الشركات العملاقة بدورها، منقسمة حول الزيادة، فبعضها ممن تعامل موظفيها بشكل مقبول، لا تمانع الزيادات التي لن تكون كبيرة بالنسبة إليهم ولن تؤثر في أدائهم، أما منافساتها ممن تتمسك بالحد الأدنى، فستتأثر بالزيادات التي يمكن أن تؤثر في قدرتها التنافسية في السوق، لذا فهي تعارضها.
وتشير الشركات المعارضة للزيادات أنها، في حال إقرارها، إما ستأتي على حساب المستهلكين، إما ستؤدي إلى خفض في عدد العاملين لديها، ما يزيد نسبة البطالة بين الفقراء.
النقاش حول الحد الأدنى للأجور ما زال مستمراً. التظاهرات العمالية تتسع. وبعض الشركات الكبرى يتمسك بالحد الأدنى الضئيل على رغم أرباحه الهائلة. والرئيس أوباما وحزبه الديموقراطي وكتلتاه في الكونجرس دخلتا في المواجهة لمصلحة العمال الذين يشكلون تقليدياً جزءاً كبيراً من قاعدتهم الناخبة. أما الحزب الجمهوري وممثلوه في الكونجرس وفي مجالس الولايات التشريعية والإعلام المحسوب عليهم، فيشنون هجوماً مضاداً على ما يسمونه اشتراكية أوباما ومحاولته إعادة توزيع الدخل والعبث بقدرة الأسواق على تنظيم نفسها.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com