ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

نداء بنداء

بقلم : علي سالم | 2013-12-26 07:41:25

 في مؤتمر صحافي، سألت صحافية السيد عمرو موسى: وإذا لم يوافق الفريق عبد الفتاح السيسي على ترشيح نفسه للرئاسة..

 
فأجاب على الفور: «نخلّيه يرشح نفسه».
 
جاءت إجابته سريعة ومفاجئة وتتسم بالغرابة. غير أنها تعبر ببلاغة عن الحس الشعبي داخل مصر هذه الأيام. الواقع أن السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر الأسبق وأمين الجامعة العربية السابق والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، هو أكثر الوجوه على الساحة الشعبية ملامسة للحس الشعبي. كما أنه أثبت في المرحلة الأخيرة أنه قادر بنجاح على إدارة فريق عمل غير متجانس بل ومتصارع، فبدا وكأنه قبطان قادر على الوصول بسفينته وسط العواصف والأنواء إلى شاطئ آمن.
 
وكلمة (نخلّيه) التي لا تعرفها الدبلوماسية ولا السياسة، على الرغم من صدقها الشديد في هذا السياق، تعني في العامية المصرية ندفعه أو نجبره أو نرغمه. وبذلك يكون قد عبر بصدق عما يريده الحس الشعبي أو بمعنى أدق اللاوعي الجمعي للمصريين. لا مفر من الاعتراف بأن المصريين بوجه عام يريدون السيسي رئيسا. وأنا كما تعلم أعزك الله، لا صلة لي بأي تجمع سياسي أو حزبي أو معلوماتي، أنا فقط أنظر من شرفة بيتي إلى ما يحدث في مصر والعالم بوصفها أحداثا تدور على مسرح الدنيا وأن عليّ أن أفهم هذه الأحداث كمسرحجي دارس للتراجيديا وكاتب أحيانا للكوميديا. منطلقا من ذلك أستطيع القول إن ترشيح الفريق السيسي للرئاسة في مصر هو قدره وقدر المصريين، ولا أحد على الأرض قادر على الهروب من قدره. دعني أشرح لك ما يحدث بأكبر قدر من البساطة والتبسيط، في أسواق البيع والشراء هناك صيغة إعلانية شهيرة ترقى إلى درجة القاعدة تقول: «لماذا تدفع أكثر إذا كنت تستطيع أن تدفع أقل؟». إذا طبقنا نفس القاعدة في سوبر ماركت السياسة سنقول: «لماذا تختار الأضعف إذا كنت تستطيع اختيار الأقوى؟»، والأقوى على الساحة السياسية في مصر الآن هو الفريق السيسي. الشعب المصري يشعر بالتعب والإجهاد عقب انتهاء حكم جماعة الإخوان. هو الآن في مرحلة ترميم الكسور وعلاج الجراح ، ولم يعد قابلا لتسليم نفسه ومصيره إلى مغامرين سياسيين جدد لا أنصار لهم بشكل مقنع في الشارع ولا أحد يعرف لهم خبرة سابقة في إدارة المجتمعات أو في أصول الحكم.
 
آليات التفكير في اللاوعي الجمعي، تستطيع التعرف عليها في عالم الطفولة. الطفل لا يعرف المنطق ولا المحاذير السياسية ولا ماذا سيقول عنا الآخرون، هو يعرف شيئا واحدا وهو أنه في حاجة إلى دفء الأم وقوة الأب. لا مفر من الاعتراف بأن المصريين جميعا يرون أن قواتهم المسلحة هي المصدر الوحيد للحماية والقوة. ولا مفر من الاعتراف بأن الفريق السيسي أصبح رمزا لهذه القوات المسلحة.
 
وحتى لو لجأنا لمنطق السياسة الواعية، سنكتشف أن الفريق السيسي مدين للمصريين بنداء؛ لقد ناداهم ذات يوم ليس ببعيد بأن ينزلوا إلى الشارع ليعطوه تفويضا ويصدروا له أمرا، فلبوا النداء، وهم ينادونه الآن وعليه أن يلبي النداء.. نداء بنداء.
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com