عندما تروج سلعة فى الأسواق، تظهر على الفور نسخة مزورة منها، يحدث ذلك فى السلع الاستهلاكية وفى الدواء وفى الكتب وفى الفلوس المزيفة، كما يحدث ذلك أيضا فى سوق السياسة، هناك دائما القضية الحقيقية، وهناك أيضا نفس القضية بكل ملامحها من إنتاج مصانع تحت بير السلم. هناك، أو كانت هناك مقاومة فلسطينية، وعلى الفور ظهرت عبوات مزيفة منها، لعل أشهرها جبهة الصمود والتصدى والممانعة التى انتهت بتدمير الشعب السورى. غير أن السلعة الحقيقية صمدت فى سوق السياسة، أقصد منظمة التحرير الفلسطينية التى تتفاوض الآن على إقامة الدولة. أما آخر هذه السلع الفلسطينية المزيفة والمزورة والمضروبة، فهى جماعة أنصار بيت المقدس التى تقتل المصريين هذه الأيام، ربما لكى تضمهم إلى صفوفها كأنصار جدد لبيت المقدس.
ليس من يقول أنا مقاومة هو مقاومة حقيقية، لقد عرفت منطقتنا مئات المنظمات الفلسطينية التى يمكن إدراجها باطمئنان فى جدول النصابين المسجلين خطراً. وهى ظاهرة قديمة قِدم القضية الفلسطينية ذاتها، غير أننا جميعا نعرف أنهم كانوا يمارسون مقاومتهم ضد العواصم العربية والشعوب العربية والمصالح العربية. وحتى قبل سبتمبر ١٩٧٠، كانت هناك فى الأردن عشرات المنظمات المضروبة، تصول وتجول فى العاصمة الأردنية، لاغية دور الدولة، لها سجونها الخاصة وشرطتها الخاصة وعرباتها التى تسير بغير لوحات أرقام. وشاعت فى ذلك الوقت أن تحرير القدس يمر بعمان، وانتقلت هذه التنظيمات إلى لبنان لتقوم بتنفيذ النسخة اللبنانية أيضا تحت شعار الطريق إلى تحرير القدس يمر ببيروت، وعندما احتل صدام الكويت ساندته بقوة وإخلاص نفس المنظمات التى كان أفرادها من الفلسطينيين يعملون هناك. كان من الواضح أنهم اكتشفوا أن كل الطرق المؤدية لتحرير القدس ليست سالكة، وأن الطريق الوحيد لتحريرها لابد أن يبدأ من الكويت.
والآن تلعب معنا جماعة أنصار بيت المقدس نفس اللعبة الشيطانية، وكأنهم يحاولون مرة أخرى إقناع الناس وإقناع التعساء من أعضائها أن الطريق لنصرة بيت المقدس لابد أن يمر بالمنصورة دقهلية، وأن عودة فلسطين لابد أن تكون على جثث المصريين. حماس، جماعة الإخوان المصرية، أنصار بيت المقدس، كلهم عازفون فى ذلك الأوركسترا الشرير الذى لا يجيد سوى عزف مقطوعات الدم والدمار. جاء الوقت الذى نفهم فيه ذلك، ونفهم أيضا أنه لابد من إعادة الاعتبار إلى السلام والدور الذى قام به الرئيس السادات رحمه الله.
ما يهمنى الآن، بالرغم من كل أحزانى وأحزانك، هو أن الإعلام فى مصر لابد أن يتنبه إلى حتمية توعية المصريين بالتمسك بحقوق الإنسان فى مواجهة جماعة الإخوان المصرية. ليس من حق مواطن أن يأخذ القانون بيديه. وبالرغم من الإحساس بالغضب والألم والفجيعة التى نشعر بها جميعا، علينا أن نترك أعضاء جماعة الإخوان للقانون ومنفذى القانون ومؤسسات الدولة العدلية. إن العدوان عليهم وعلى ممتلكاتهم وبيوتهم يحول مصر إلى غابة، وليس فى صالحنا أن تتحول بلادنا إلى غابة. حتى لو كان عدوك وحشاً، فهذا لا يعطيك الحق فى أن تتحول إلى وحش أنت الآخر.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com