أحالت السلطات اللبنانية أمس، جريمة اغتيال وزير المالية اللبناني الأسبق محمد شطح إلى المجلس العدلي، في حين قررت الأجهزة الأمنية التحفظ عن الإدلاء بأي تصاريح متعلقة بسير التحقيق «حفاظا على سريتها»، وسط إصرار على «التصدي لكل عمليات الإرهاب التي تشكل الوجه الآخر للعدوان الإسرائيلي المستمر».
وفيما واصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية المكلفة، تحقيقاتها ورفع الأدلة الجنائية من موقع الانفجار، الذي شهدته العاصمة اللبنانية بيروت أول من أمس، ارتفع عدد الضحايا إلى سبعة بعد وفاة الشاب محمد الشعار متأثرا بجراحه. وأعلنت الحكومة اللبنانية الحداد العام، اليوم (الأحد) بالتزامن مع تشييع شطح في ساحة الشهداء، حيث يوارى الثرى إلى جانب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري.
ورفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، أمس، الإدلاء بأي معلومات أولية توصل إليها التحقيق في جريمة اغتيال شطح، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات اللبنانية «اتفقت على الحفاظ على سرية التحقيق، وعدم تسريبه إلى وسائل الإعلام». وإذ لفت إلى أن التحقيقات «متواصلة»، أكد أن مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود «أصدر استنابات قضائية لقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني ليتوليا التحقيق بإشراف القضاء».
وتزامنت مواقف شربل مع تأكيد قيادة الجيش اللبناني أن التحقيق لا يزال سريا، وفي عهدة الأجهزة الأمنية المكلفة به، بناء على إشارة القضاء المختص، نافية في الوقت نفسه «أن تكون وزعت أي معلومات حول سير التحقيق الحالي في جريمة اغتيال شطح».
وتواصلت أمس التحقيقات في حادثة اغتيال شطح بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الذي أصدر قرارا بتسليم جثث الضحايا إلى أصحابها. وتركزت على «معرفة الأشخاص الذين انتقلت إليهم السيارة المفخخة بعدما سرقت من أصحابها»، فضلا عن تحليل كاميرات المراقبة وكل الكاميرات المحيطة بمكان التفجير لجهة السيارة الرباعية الدفع التي حجزت المكان للسيارة المفخخة. وكانت التحقيقات الأولية أشارت إلى أن سيارة مفخخة من نوع «هوندا سي أر في» رباعية الدفع، مفخخة بكمية من المتفجرات تتراوح بين 50 و60 كيلوغراما، انفجرت عن بعد أثناء مرور موكب الوزير شطح. وقالت مصادر أمنية إن السيارة مسروقة من ساحل الشوف (جنوب بيروت) في عام 2012. ونقلت قناة «إل بي سي» معلومات تؤكد أن «التحقيقات مستمرة لمعرفة ما إذا كانت السيارة المستخدمة في تفجير ستاركو بقيت في مخيم عين الحلوة منذ سرقتها عام 2012 أو بيعت وانتقلت إلى جهة أخرى»، بعدما تردد أن هذه السيارة المسروقة دخلت مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (جنوب لبنان).
واتخذت السلطات اللبنانية، أمس، قرارا على أعلى المستويات، لإحالة التفجير، وعدد من التفجيرات الإرهابية التي وقعت أخيرا في لبنان، إلى المجلس العدلي، وهو أعلى سلطة قضائية جنائية في لبنان، يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وينظر في قضايا يحيلها إليه مجلس الوزراء، وتعتبر قراراته مبرمة ولا تقبل الاستئناف والتمييز.
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعد انتهاء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس اللبناني ميشال سليمان «إحالة الجرائم التي وقعت أخيرا إلى المجلس العدلي وبمراسيم استثنائية مني ومن الرئيس سليمان»، مؤكدا أن «عودة الثقة بين الأطراف اللبنانية باتت حاجة ملحة اليوم وعلينا التفتيش عن درب لا يؤدي إلى الهاوية». وأدان المجلس الأعلى للدفاع اغتيال شطح، مؤكدا «ضرورة التصدي لمثل هذه الجرائم قبل حدوثها»، وفق ما أعلنه أمينه العام اللواء محمد خير بعد الاجتماع.
وقال خير إن المجلس «استمع إلى المعلومات عن هذه الجريمة»، داعيا إلى «وجوب التنسيق بين الأجهزة الأمنية لحماية المواطنين ودور العبادة». وشدد المجلس على «المضي قدما من أجل التصدي لكل عمليات الإرهاب التي تشكل الوجه الآخر للعدوان الإسرائيلي المستمر»، مشيرا إلى أن المجتمعين «استمعوا إلى المعلومات المتوفرة بشأن الجريمة واطلعوا من وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شكيب قرطباوي على التحقيقات الأولية. وأعلن المجلس أنه «طلب من قرطباوي اتخاذ الإجراءات الاستثنائية اللازمة لإحالة جريمة اغتيال شطح إلى المجلس العدلي».
بدوره، أوضح قرطباوي أن الجرائم التي ستحال إلى المجلس العدلي هي تفجيرات مسجدي «السلام» و«التقوى» في طرابلس، والرويس وبئر العبد والسفارة الإيرانية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتفجير ستاركو (شطح)، مؤكدا أنها لن تشمل عملية اغتيال القيادي بحزب الله حسان اللقيس.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com