بقلم : الشيخ مصطفي راشد
لقد كان أبلغ رد على الفتوى ، الصادرة من بعض الجهلة مُدعى الدين، أصحاب النفوس المريضة ، وهم غير مؤهلين للفتوى ، حيث حرموا تهنئة أو مشاركة المسيحيين أعيادهم ، فكان رد فعل المسلمين فى التهنئة هذا العام غير مسبوق ، بداية من أكبر رأس إسلامية فى العالم وهو الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ، وفضيلة المفتى د شوقى علام ، ووزير الأوقاف المصرية د محمد جمعة - حيثُ ذهبوا للمقر البابوى ، لتقديم التهنئة لقداسة البابا تواضروس، ولإخوتنا المسيحيين، للرد على الأفكار والدعاوى المتطرفة الجاهلة المريضة .
لآن تهنئة المسيحيين وغير المسلمين بأعيادهم هى واجب على كل مسلم لأن الله لم ينهنا عن ذلك ، بل على العكس طلب منا أن نقول لكل الناس الكلام الحسن ،كقوله تعالى فى سورة البقرة آية 83 (( وقولوا للناس حسناً ))ص ق
كما خص إخوتنا المسيحيين بالثناء عليهم بقوله تعالى فى سورة المائدة الآية 82 ((وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ )) ص ق-- ولأن المسيح عليه السلام أتى برسالة كلها محبة وسلام وخيروخلاص وفداء لكل البشر .
كما أن الله أُمرنا أن نردَ التحية بأحسن منها فى قوله تعالى فى سورة النساء آية 86 (( إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) ص ق -- وأخوتنا
المسيحيين يعايدونا ، وسباقين فى التحية والمحبة والكلام الطيب ، فكان واجب علينا ، ولزاماً شرعياً برد التحية بأحسن منها أو مثلها على الأقل .
ايضا قد أمرنا الله أن نعامل الناس بالعدل والأحسان فى قوله تعالى من سورة النحل الآية 90 (( إن الله يأمر بالعدل والإحسان) ص ق )
كما أن الله قد أمرنا أن نعامل غير المسلمين بالبر والعدل طالما لم يقاتلونا كما ورد فى قوله تعالى فى سورة الممتحنة الآية 8 (( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )) ص ق -- وقوله تقسطوا إليهم ، أى تعدلوا إليهم ومعهم وتحسنوا معاملتهم بالعدل .
كما أن الرسول (ع) لم ينهِ عن معايدة غير المسلمين والتعامل معهم وتبادل الهدايا حيث ورد عن على بن ابى طالب أنه قال (( أهدى كسرى لرسول الله (ع) فقبل منه الرسول، وأهدى له قيصر فقبل منه ، وأهدت له الملوك فقبل منها )) وهم غير مسلمين
ايضا الرسول (ع) كان يعايد ويشارك اليهود أعيادهم ولذلك كان يصوم هو والصحابة يوم كيبور أى يوم الغفران عند اليهود الذى يصومه المسلمون الأن بأسم يوم عاشوراء كما ورد فى حديث عبد اللَّه بن عباس (ض)عنهما قال: " قدم رسول اللَّه (ص) المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح --، نجّى اللَّه فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم ،فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه -- أخرجه البخاري (4/244 ) ومسلم ( 1130 )
وكما ورد فى سيرة ابن كثير وابن إسحاق فى حديث مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر عن وفد نجران المسيحى المكون من 60 فرد الذى زار الرسول(ع) فى المسجد النبوى حيث أكرم وفادتهم وضيافتهم --، فقد قاموا بأداء صلاتهم المسيحية داخل المسجد فى حضور النبى ، ثم قدم لهم بعدها الطعام، وايضا ناموا ليلتهم بالمسجد النبوى قبل أن يرحلوا بمحبة وسلام .
كما أن الإسلام لم يمنع زواج المسلم أو المسلمة من أهل الكتاب ، فكيف لزوج مسلم أو زوجة مسلمة ، لا يقول لشريكه فى الحياة كل عام وانتم بخير ،على سبيل التهنئة بالعيد ------، لذا نحن نفتى بقلبٍ مُطمئن بأن التهنئة بالعيد لإخوتنا المسيحيين وغير المسلمين هى واجبة على كل مسلم ، وعلى من يفتى بجهل وبدون علم ، وليس له صلاحيات الفتوى وقلبه ملىء بالسواد والكراهية ، أن يتوقف عن الإساءة لنفسه ولصورة الإسلام ويصيرُ عدوً للسماء.
والله من وراء القصد والابتغاء—والله المستعان
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com