أطلقت الهند مسدسا جديد صُمم خصيصًا للنساء، وتم تسميته "نيربيك" باسم طالبة تعرضت لاغتصاب جماعي في دلهي في ديسمبر/كانون الأول 2013، وتوفيت متأثرة بجراحها.
ويقول المسئولون إن المسدس سوف يساعد النساء على الدفاع عن أنفسهن، في حين يرى الخبراء أن إطلاق اسم الضحية عليه يعتبر إهانة لذكراها.
ويقول عبدالحميد، المدير العام لمصنع الذخيرة الهندي الذي تملكه الدولة إن المسدس صغير بحيث يمكن وضعه في الحقائب النسائية. كما أن وزنه لا يزيد عن 500 غرام، وله يد خشبية ذات شكل جميل. وكلمة "نيربيك" محفورة على الاسطوانة.
وأضاف: "المسدس به ست طلقات، ويسهل استعماله. كما يمكنه إصابة الهدف بدقة على بُعد 15 متر."
ورغم أنه بإمكان الرجل شراء المسدس، إلا أنه صُمم خصيصًا ليكون "أول مسدس للنساء". وليكون جذابًا بشكل كافٍ، يتم وضع المسدس في علبة مجوهرات حمراء.
وكلمة "نيربيك" هي إحدة مشتقات "نيربايا"، وهي الاسم المستعار الذي استُخدم للإشارة لضحية حادث الاغتصاب في دلهي، حيث تمنع قوانين النشر في الهند استخدام الاسم الحقيقي للضحية. وكلا الكلمتين تعنيان "عدم الخوف" باللغة الهندية.
ويقول عبد الحميد إن الشركة عادة ما تطلب من العاملين اقتراح أسماء للمنتجات. "وصلتنا الكثير من الاقتراحات لكننا قررنا استخدام اسم "نيربيك".ونعتقد أن حمل النساء لهذه المسدسات سيشعرهن بعدم الخوف."
ورغم أن مشروع المسدس خفيف الوزن كان قائمًا قبل الحادث، إلا أن أول معلومات عنه وردت بعد الحادث الذي أشعل الاحتجاجات في البلاد.
فقد تعرضت الضحية – 23 عامًا – للاغتصاب والضرب وتعذيبها ثم ألقيت وإلقائها من حافلة وهي تسير.
ويقول عبدالحميد إن المسدس سيردع المعتدين بسبب "عنصر المفاجأة". وأضاف أن المنتج استُقبل بشكل جيد، حيث تم بيع عشر قطع ووردت الكثير من الطلبيات. وقد بدأ المصنع في تلقي الطلبيات منذ الخامس من يناير/كانون الثاني رغم سعره الذي يبلغ حوالي 1990 دولار.
"يزيد الإحساس بالثقة"
وقد أثار إطلاق المسدس الكثير من الجدل في الهند حول إن كان حمل السلاح يحمي النساء الهنديات. وترى رام كريشنا شاتورفيدي، رئيسة شرطة كانبور وعدد من الضواحي حولها إنه يحمي النساء.
وقالت: "بالطبع هي فكرة جيدة. فامتلاك سلاح مرخص يزيد من الإحساس بالثقة ويزرع الخوف في قلوب المجرمين."
يد امرأة تحمل المسدس
"السلاح سيكون داعمي وصديقي وقوتي"
وترغب براتيبا غوبتا، طالبة وربة منزل، في شراء السلاح. ورغم أنها تجده باهظ الثمن وعملية ترخيصه معقدة، إلا أنه يمنح الشعور بالقوة.
وتقول: "إذا علم من حولي أن معي سلاح، سيترددون في مهاجمتي. فامتلاك السلاح يعني امكانية استخدامه. السلاح سيكون داعمي وصديقي وقوتي."
جرائم الاغتصاب "في تزايد"
وعقب حادث الاغتصاب الجماعي في دلهي، بدأ عدد كبير من النساء الهنديات بالبحث عن طرق لحماية أنفسهن. كما قامت الحكومة بتغليظ عقوبات الاغتصاب ونشر المزيد من قوات الشرطة في الشوارع. كما فتحت بعض المدن نقاطا للمساعدة.
إلا أن عددًا كبيرًا من النساء لا يثقن بجهاز الشرطة الذي يسوده الفساد. فقررن متابعة دروس في الدفاع عن النفس وحمل علب رذاذ الفلفل. وتشير تقارير إلى ارتفاع عدد النساء اللاتي يرغبن في الحصول على تراخيص امتلاك سلاح.
ومازالت حوادث الاغتصاب تتصدر عناوين الصحف، مثل مهاجمة مجموعة من الرجال لسائحة دنماركية مطلع هذا الأسبوع. وفي كالكتا، تعرضت فتاة للاغتصاب الجماعي مرتين وأُضرمت النار في جسدها.
وتشير إحصائيات المكتب الوطني لتسجيل الجريمة بالهند إن أن عدد جرائم الاغتصاب في تزايد، حيث يتم ارتكاب جريمة واحدة كل 22 دقيقة.
"أكثر عرضة للخطر"
ورغم قناعة مصنعي المسدس بما يقدمه لحماية النساء الهنديات، يعارض النشطاء المناهضون لاستخدام الأسلحة الفكرة.
وتقول بينالاكشمي نيبرام، مؤسسة شبكة النساء الناجيات من السلاح في ولاية مانيبو، إنها "خائفة ومصدومة وغاضبة". كما قالت إن ضمان أمن المواطنين مسئولية الحكومة.
وأضافت: "من السخيف أن تسعى الدولة إلى تسليح النساء. فكأن السلطات تقول للنساء "هناك مسدس جديد صُمم لجعلكن أكثر أمانًا." فهو اعتراف بفشلهم في أداء هذا الدور."
وتقول نيبرام، التي تبحث في مجال العنف المسلح في ثمان ولايات هندية لسنوات عدة إن امتلاك مسدس "لا يحميك، بل يجعلك أكثر عرضة للخطر. فالدراسات تشير إلى أن الفرد المسلح أكثر عرضة 12 مرة للقنص عند مهاجمته."
كما تقول إن استخدام اسم نيربيك يعتبر إهانة لذكرى الضحية نبربايا التي لم تكن لتتحمل تكلفة شراء هذا السلاح. "فالدخل السنوي لمعظم الناس في الهند أقل من ثمن المسدس. وافتراض أن هذا السلاح سيحمي النساء يعتبر مغالطة."
الهنديات لا يحملن السلاح
الناشطة أنيتا دووا ومعها مراسلة بي بي سي
لم تستخدم دووا (يسار) السلاح قط منذ اشترته
ووفقاً لمجموعة gunpolicy.org لمنع إصابات الأسلحة، يوجد بالهند 40 مليون قطعة سلاح كملكية خاصة، حيث تأتي في المركز الثاني بعد الولايات المتحدة. إلا أن 6.3 مليون قطعة (حوالي 15 في المئة) منها فقط قانونية. ولا توجد تقديرات دقيقة لعدد النساء المسلحات.
ويقول مانجيت سينغ، الذي تمتلك عائلته خمسة متاجر لبيع السلاح في كانبور إنه "لا توجد امرأة في الهند تحمل السلاح. لم أر امرأة مسلحة في حياتي". وإن امتلكن سلاحًا، فقد ورثنه عن أب أو زوج.
وأضاف: "في السنوات العشرة الأخيرة، أتت لمتجرنا امرأة أو اثنتين فقط لشراء سلاح. ويحصلن النساء على تراخيص، ففي بلدتي هناك ست سيدات يمتلكن أسلحة مرخصة، إلا أن الرجال كانوا هم من اشتروها."
ويحظر حمل السلاح في معظم الأماكن العامة في الهند. كما توجد أجهزة كشف أسلحة في الكثير من المكاتب والمراكز التجارية وقاعات السينما والمسرح.
ويقول سينغ إن امتلاك ضحية دلهي للسلاح لم يكن ليساعدها، بما أنها كانت عائدة إلى المنزل بعد مشاهدة فيلم في قاعة سينما داخل أحد المراكز التجارية. وحتى لوكانت مسلحة وأصابت أي من مهاجميها، كانت ستقضي باقي حياتها في السجن بتهمة القتل.
وتقول أنيتا دووا، ناشطة بمجال حقوق المرأة في كانبور إنها تمتلك مسدسا منذ حوالي ثمانية أعوام، إلا أنها لم تجد الفرصة لاستخدامه. "فقد كونت عداوات كثيرة لأنني ساهمت في سجن العديد من الناس. وقد اشتريت هذه المسدس للحماية الشخصية، إلا أن حمله غير مسموح في معظم الأماكن. لذلك، يبقى المسدس في المنزل ليملأه التراب."
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com