ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البابا تواضروس: يوحنا المعمدان كان مثالا قويا فى التلميذ الأمين الزاهد للسلطة

نعيم يوسف | 2014-01-23 08:53:45
نعيم يوسف
 
ألقى قداسة البابا تواضروس الثانى عظته الأسبوعية الأمس ، الأربعاء، بمقر الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية وكانت بعنوان " يوحنا المعمدان " وتناول فيها :
 
أولاً : الأدوار التى قام بها يوحنا المعمدان فى حياته 
1- إعداد الشعب لاستقبال السيد المسيح : 
"ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكى الذى يهيئ طريقك قدامك " وهذه نبوة جاءت في سفر ملاخي ...فاول دور قام به يوحنا هو تهيئة شعب لاستقبال السيد المسيح و هذا يوضح أن أى شئ يحتاج لإعداد ، حتى مجئ المسيح يحتاج لإعداد يحتاج لمقدمة وتهيئة للعقول والنفوس .
 
2- الشاهد الاساسي على مجئ السيد المسيح : 
"هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم" ، فضلاً عن شهادته فى وقت عماد السيد المسيح "أنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه ، وأنا لم أكن أعرفه ولكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء ذاك قال لى الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله"
 
3- قدم مثالاً قوياً فى التلميذ الأمين الزاهد للسلطة : 
يقول عن نفسه " أنا مجرد صوت ... أما السيد المسيح هو الله"، ويتضح لحضراتكم الفرق بين الصوت وبين الكلمة حتى فى مفهومنا البشرى . فظهر أمامنا انه التلميذ الأمين الزاهد للسلطة رغم أنه كان إنساناً مهوباً فى المجتمع اليهودى ( شكله لبسه كلامه أفعاله) كانت تجعله شخصية مهوبة جداً فى هذا المجتمع لها كل الوقار لها كل الاحترام لكن زاهد فى السلطة ، ولما أشار على السيد المسيح قال العبارة الشهيرة "ينبغى أن هذا يزيد وأنى أنا أنقص " لا تنسوا يا أخوتى الأحباء انه فى كل انسان توجد ذات وهذه الذات قد تمنعه من انه يعمل (ممكن ذات الإنسان تمنعه انه يعتذر وحتى إن كان الخطأ واضح ...) أحيانا نسمى الذات بالكرامة وأحياناً نسميها الكبرياء وأحياناً الحساسية ولها تسميات كثيرة . لكن هذا الرجل العظيم يوحنا المعمدان انتصرعلى ذاته فزهد فى السلطة وكأن لسان حاله كان يقول "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه " كان ينظر لذاته بهذه الصورة . لذلك قال عبارته الجميلة "هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم هذا الذى قلت فيه يأتى بعدى رجل قد تقدمنى لانه كان من قبلى" ما هى هذه الروح الجميلة فالناس كانت تعرفه قبل أن تعرف المسيح ، لكن فى تكوينه الشخصى نجد ان البرية أعطته هذا المعنى معنى الزهد ... وربما نسمع ونقرأ فى التاريخ ماذا تصنع السلطة فى الإنسان ، ولكن يوحنا المعمدان كان يعرف دوره تماماً أو ما نسميه بالحدود أحيانا يسمونها فضيلة الإلتزام ، لكن هو إنسان فى داخله ذاته لا تحاربه وذاته ليست عدواً له ، نحن فى المفهوم المسيحى والأبائى لنا فى الأعداء (الشيطان وإغراءات العالم وذات الإنسان) هذه هى أعداء الانسان الثلاثة. الذات يمكن أن تتحكم فى الإنسان صغيراً أو كبيراً فى منصب أو فى غير منصب ، حتى فى الحياة الرهبانية عندما يترك الإنسان كل ماله بحسب الوصية الرهبانية ويعيش فى الفقر يترك كل ماله ولكنه قد لا يستطيع أن يترك ميوله ، فتتحكم فيه ذاته وتضيع منه أكاليل ونعم كثيرة ، أما يوحنا فكان منتبهاً كثيراً.
 
4- إ يوحنا شهد له السيد المسيح انه أعظم مواليد النساء : 
جاء بالصلاة وجاء بعد وقت طويل وكان إستجابة الصلاة ، وعندما مارس حياته كان يعرف وظيفته بالتحديد ويقول "من له العروس فهو العريس وأما صديق العريس الذى يقف ويسمعه فيفرح فرحاً من أجل صوت العريس إذاً فرحى قد كمل" وهذه فيها تخليه عن الذات تماماً ، كان يعرف دوره ويقبله و علي الأقل ليس مرغماً أو أن الظروف وضعته فى هذا الدور ولكن يقول فرحى قد كمل فى شخصيته عندما رأى المسيح وعندما رأه فى العماد ، العريس هو المسيح والعروس الكنيسة ويوحنا المعمدان يفرح بالعروس وبالعريس وفرحه أعطاه أكاليل مجد كثيرة .
 
5- التوبة: 
كان يرى أن التوبة هى الأساس أساس دخول الملكوت وكان ينادى " توبوا فانه اقترب ملكوت السموات" فكان موضوع التوبة هو الذى يشغله ....فتصور عظمة هذا الرجل انه يتخلى عن ذاته يزهد فى أى سلطة ....يشغله شئ واحد فقط التوبة ، ولذلك تضع الكنيسة القديس يوحنا المعمدان كأول نموذج فى السنة القبطية . 
 
ثانياً : مصادر القوة فى حياة يوحنا المعمدان 
1- أسرته : 
تربى على يد زكريا الكاهن وأليصابات زوجته ، كان زكريا وأليصابات زوجته بارين ....زكريا الكاهن إنسان يخاف الله وأليصابات انسانه باره أمام الله ، وإذا كان الأب والأم هكذا يكون الابن مثلهما . 
 
بلا شك وجود هذا الأب المصلى والذى يحمل طاقة إيمان فى داخله والخائف الرب وكان مع زوجته يسلكان الاثنين بلا لوم (ضميرهم مستيقظ يستطيع أن يزن نفسه فى كل موقف) فنشأ يوحنا المعمدان فى هذا الجو الجميل بيت ترتفع فيه الصلوات وترتفع فيه قامة الإيمان وليس له إلا أن يعيش لربنا ومع ربنا ، ونتخيل أليصابات وهى تربى يوحنا وتحكى له الدموع والصلوات والسهر والعار الذى تراه فى عيون الناس وفى ألسنتهم لأنها كانت عاقرة وتحكى عن ليالى الألم وكم من ليالى قضتها وهى فى بكاء شديد وكأن السماء صامته والصلوات التى ترتفع لا تجد من مجيب ، وعندما أتت فرحة ميلاده وأسمته يوحنا ( الله يتحنن ) تهيأ لى أن القديسة أليصابات والقديس زكريا الكاهن كانا لا يملوا من أنهم يقدموا لهذا الصبى وصايا الله من صغره 
أحيانا فى التربية المعاصرة نجد إن الأب والأم يتركا ابناءهم للتلفزيون وللانترنت و للاصحاب يربون اولادهم ويغيب دورالأب والأم المسئول عن هذه العطية 
 
بقدر ما تهتموا بتعليم الأبناء فى صغرهم بقدر ما يكون لكم أكاليل فى السماء ويقول أحد الأباء إن إكليل التربية يساوى إكليل نسك راهب ، ما أجمل أن نربى أبناءنا بالنعمة من الإنجيل والصلوات والكنيسة وسير القديسين ، إن هذا القديس الذى عاش فى البرية كان مصدر قوته الأول هو الاسرة لذلك يمكن أن نقول إن الأسرة أيقونة الكنيسة والاسرة صانعة قديسين .
 
2- نذيراً : 
كما قال الملاك "يكون عظيماً أمام الرب وخمراً و مسكراً لا يشرب" نذير يعنى مخصص لله مكرس لله ، وهل كلنا سنكرس! 
 
أريد أن ألفت نظرك لشئ مهم ؛ فى سر الميرون يرشم الطفل المعمد فى جسده 36 رشمة بتشمل الطفل كله وهذه الرشومات هى بمثابة تكريس عام ...وان هذا الطفل صار مكرساً ومخصصاً أو إن شئتم الدقة مفروزاً لله ، و هذا الطفل ينمو وقلبه مكرساً و مخصصاً لله ،
فى يوم المعمودية يتخصص الانسان ويتكرس للمسيح ويدعى الطفل مسيحياً ، أخذ سر المعمودية وأخذ سر الميرون ونال سر الإفخارستيا ويبدأ طريقه نحو الأبدية ، يوحنا المعمدان كان نذيراً للرب ..كان مخصصاً بحياته كلها وكل ما يفكر فيه هو علاقته بالله ، وهذا الفكر هام جداً لذلك نسمع نداء السيد المسيح " يا أبنى أعطنى قلبك " يريد أن يكون قلبك مخصص ومكرس له لا يشغله شئ آخر وهذا مهم لنا ....يجب أن نهرب من أمور تشغل قلوبنا وعقولنا وحياتنا ولا تفيدنا فى الأبدية خليك واعى ونذير للرب ومخصصاً لعمل المسيح وهذا ليس معناه أن تترك دراستك وعملك لكن قلبك هو لله يسكنه المسيح . 
 
3- البرية: 
يقول لنا الكتاب "أما الصبى فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان فى البرارى إلى يوم ظهوره لاسرائيل" ولذلك نجد أديرتنا فى الصحراء وعندما نزور البرية ونزور آبائنا الرهبان ونتمتع بهم وبالحياة الديرية الجميلة تكون البرية أحد مصادر القوة فى حياتك لأن فيها انحلال من كل الرباطات الموجودة فى العالم وتدخل الكنيسة وتقضى وقت سواء فى قداس أو تمجيد أو صلوات خاصة وتستشعر قوة صلوات الآباء الذين عاشوا عبر أجيال وأجيال فى الدير والخشوع وتنال قوة وإن كانت زياراتك للبرية قليلة يمكنك أن تستعيض عن ذلك بأقوال الآباء وسيرهم وجهادهم الروحى الذى عاشوا به والفكر الروحى .

4- الإمتلاء من الروح القدس :
من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس ، نعمة خاصة ، و نوال الروح القدس أعطاه هذه القوة ، و امتلائه من الروح القدس وهو فى بطن أمه من بداية تكوينه وهو عمره شهوراً قليلة صار ممتلئ بعمل الله وبالروح القدس .
 
هذه هى مصادر القوة فى حياة يوحنا والتى جعلت يوحنا فى آواخر أيامه وقبل السجن يشهد الشهادة الحية ويقول لا يحل لك ، ويقولها بصوت حق وبقوة وكان يعلم أن هذه تكلفه حياته ، ولكن الحق كان اسمى من الحياة ، وكانت النتيجة أنه ينال إكليل الاستشهاد وتقطع رأسه ولكن يظل صوته وتظل شخصيته ويظل النموذج الذى يقدمه القديس يوحنا نموذج رائع لنا كلنا فى حياتنا وفى جهادنا.
 

 

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com