لم يكن أحد يتخيل أنه بعد إجراء استفتاء ناجح وبنسبة حضور جيدة جداً ونسبة قبول تعدت ٩٧% أن تقوم مجموعة من المصريين بأعمال إرهابية ينتج عنها مقتل
عشرات من المصريين وإصابة المئات وتدمير المتحف الإسلامى الذى يحوى كنوزاً، وكذلك تدمير درة دار الوثائق المتميزة فى باب الخلق، والتى تحوى تراثاً نادراً وضخماً من المخطوطات.
كل ذلك بتفجير سيارات وقنابل وإطلاق الرصاص والمولوتوف على أبناء وطنهم. وكنت أعتقد أن الإخوان قد تركوا العنف- كما قالوا وقيل لنا فى عهد مبارك- ولكن ثبت أولاً: أن العنف عند الإخوان هو عقيدة عميقة الأثر وجزء لا يتجزأ من تفكيرهم ومسيرتهم.
فى عام ١٩٥٤ كنت تلميذاً فى السنة الثالثة الابتدائية، وكانت مدرستنا فيها طلبة من الابتدائى وحتى الثانوية العامة، وكنا طلبة عمرنا من ١٠- ١٢ سنة فى الابتدائى، وكان طلبة الثانوى، خاصة المخضرمين منهم، قد تعدوا العشرين. وفى هذا العام انقلب جمال عبدالناصر على الإخوان بعد تحالف دام ما يقرب من عامين، واندلعت المظاهرات فى الجامعة وأيضاً فى المدارس الثانوية، وكانت المفاجأة المذهلة بالنسبة لى هى طلبة الإخوان، فكان يبدو على مظهرهم أنهم مسالمون، وكان لهم نشاط اجتماعى ورياضى متميز، فجأة نزل هؤلاء الطلاب إلى حوش المدرسة وفى أياديهم السنج الحديد والسلاسل المعدنية وانقضوا على بقية الطلاب الذين كانوا يؤيدون عبدالناصر بقسوة بالغة وأصابوهم إصابات خطيرة، وكنت وزملائى فى دور الطفولة ولكن كان عندنا وعى وقدرة على التمييز، وأذكر أن الناظر قاد التلاميذ الصغار، وكنت من بينهم، إلى سطح المدرسة، وسيطر الإخوان على المدرسة وحبسوا الناظر والمدرسين فى حجراتهم، وجاءت الشرطة وحاصرت المدرسة، وبدأت معركة هائلة شاهدنا جزءاً منها من على السطح بين خراطيم المياه التى حملتها الشرطة والطوب الذى خلع من كل مكان فى المدرسة وتم إلقاؤه على الشرطة، وبعد حوالى ١٦ ساعة من الحصار استطاعت الشرطة اقتحام المدرسة والقبض على زعماء وبلطجية الإخوان.
كان يوماً لا أنساه وظل عنف الإخوان الرهيب هو الصورة التى ظلت ملتصقة بمخيلتى طوال العمر. وفى أخبار الحادية عشرة فى ذلك المساء أعلن الصاغ (الرائد) كمال الدين حسين، وزير التربية والتعليم، فى الراديو إغلاق مدرستى الإبراهيمية بجاردن سيتى، حيث كنت تلميذاً، والسعيدية بالجيزة إلى أجل غير مسمى، وأعلن رسوب جميع طلبة المدرسة لمدة عام، إلا أن القرار تم إلغاؤه بعد أسبوعين وعدنا إلى المدرسة بعد أن تم تطهيرها من الإخوان.
هذه الحادثة تشير إلى أن العنف جزء لا يتجزأ من فلسفة الإخوان وعقيدتهم.
أما الأمر الثانى فهو العشرات من المنظمات والفصائل الإرهابية الإسلامية التى تصدر بيانات طوال الوقت تعلن فيها مسؤوليتها عن التفجير والقتل فى كل مكان بفخر شديد، وفى نفس الوقت يعلن الإخوان استنكارهم وشجبهم لهذا التفجير وكأننا فى مسرحية سخيفة. عندى قناعة شديدة أن كل الجماعات الإرهابية، ومن ضمنها الجماعة الإسلامية المصرية، خرجت من عباءة الإخوان، وتعتبر الإخوان هى الجماعة الأم، وكلها تمارس الإرهاب، ولا أحد يلقى بالذنب على الإخوان. الموضوع فى ذهنى شديد الوضوح، كلهم أولاد الجماعة، وكلهم يلعبون لصالح الجماعة، وكلهم يمكن أن تشجعهم الجماعة من خلف الستار وتحركهم كما الماريونيت، حتى تبدو فى صورة الجماعة المسالمة. وحين شعر الإخوان بأنهم امتلكوا زمام الحكم فى مصر، وظنوا أن ذلك سوف يستمر إلى الأبد، وقف زعماء هذه الجماعات الإرهابية جميعاً بجوار مرسى فى استاد القاهرة يرفعون أياديهم بما يشير أنهم شىء واحد وعقيدة واحدة. لقد انتهى الخداع، أنتم جميعاً شىء واحد وكلكم ضد الوطن والتقدم والإنسانية وسوف تنتصر مصر.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com