رحل أمس خطيب الملكة ناريمان الدكتور زكى هاشم عن عمر يناهز 94 عاما ، وهو أشهر شاب كان في مصر قبل الثورة، وبعدها لسنوات طويلة حيث ارتبط بخطوبة رسمية مع فتاة أصبحت ملكة مصر الأخيرة بعد أن تزوجها الملك فاروق الأول.
ناريمان حسين صادق كانت بصحبة الشاب زكى هاشم،وكان يعمل نائبا في مجلس الدولة، وذهبا سويا إلى محل أحمد نجيب باشا الجواهرجى لاختيار الشبكة، فكان أن شاهدها الملك فاروق وطلبها للزواج بعد أن أعجب بها.
ومنذ ذلك اليوم،أصبح اسم زكى هاشم من أشهر الشخصيات التى دخلت تاريخ مصر.
وعلى الرغم من صعوبة اللحظة الإنسانية عليه في ذلك الوقت، إلا أنه تعامل بهدوء مع الموقف، والتزم الصمت ولم يخض على مدى حياته في تفاصيل حول علاقته بالملكة ناريمان.
عاش حياته لعمله وأسرته الجديدة وأحفاده وأصبح صاحب واحد من أشهر مكاتب المحاماة في مصر، كما شغل في عهد الرئيس السادات منصب وزير السياحة.
ولم يتحدث عن القصة الحقيقية وراء ترك ناريمان له وترك الباب مشرعا للروايات، واحتفظ لنفسه بكل التفاصيل والحرص على مكانة الملكة ناريمان.
وراجت قصص كثيرة وروايات نسجت عن ظروف و ملابسات ارتباط الملك فاروق بالفتاة الأرستقراطية الجميلة ناريمان لم تتفق الروايات جميعها على التفاصيل، حيث حفلت كل قصة بسيناريو مختلف، ولكن معظم، بل كل هذه الروايات اتفقت على أن اللقاء الأول بين الملك و ناريمان كان فى محل أحمد باشا نجيب الجواهرجى فى شارع الملكة فريدة المعروف الآن باسم شارع عبد الخالق ثروت.
أحيطت بقصة مقابلة الملك لناريمان الكثير من الأقاويل، فقيل إن الجواهرجى عندما رأى ناريمان وجد أنها العروس المناسبة، وأنه أبلغ الملك بمن وقع اختياره عليها، وأنه اتصل بالملك و حدد ميعاد بعد عدة أيام لتأتى إليه العروس مرة أخرى، وأفهمها أنه سيحضر لها خاتما نادرا، وأن فاروق جلس فى غرفة خلفية من المحل
،و شاهدها وهى تمشى و تتحرك وأبدى موافقته عليها، فما كان من الجواهرجى إلا أنه فتح خزانته وأخرج منها خاتما ماسيا، وقال لوالدها مبروك ابنتك ستصبح ملكة مصر.
وفى قصة أخرى، قيل إن الجواهرجى أخرج خاتما وطلب من ناريمان أن تنظر إليه خارج المحل فى الضوء الطبيعي ليتيح للملك فاروق أن ينظر اليها من شباك إحدى الشقق أمام المحل، وعندما أعجبته، أشار للجواهرجى بالموافقة.
ورغم عدم منطقية القصتين، إلا أن ما قيل هو أن الجواهرجى هو الوسيط أو هو الذى رشح ناريمان للزواج من الملك.
ولكن هناك رواية شاهد عيان ذكرها قبل رحيله منذ أعوام قليلة لى، هو يوسف نجيب ابن شقيق أحمد نجيب باشا
و كان قد سمع من عمه مرارا و تكرارا حسبما قال وأقسم أمامى بأن هذه الرواية هى عين الحقيقة وما سواها مجرد حكايات غير موثقة، ولا تليق بملك مصر ولا بقراراته.
والقصة كما يرويها يوسف نجيب الجواهرجى، والتى شاءت الظروف أن أجلس معه 4 مرات متتالية في مكتبى بالأهرام قبل أن يرحل بأزمة قلبية، ونشر الحوار كاملا في حينه بمجلة نصف الدنيا تقول: إن الملك كان فى هذا اليوم فى زيارة إلى محل المجوهرات الذى يملكه عمى، وعندما حضر الملك كالعادة كان عمى يغلق الباب، ويمنع دخول الزبائن احتراما لمكانة الملك، لأن الصلة بين عمى والملك كانت قوية.
ويواصل: كان فاروق يذهب إلى المحل دون حراسة ويقود سيارته الصغيرة بنفسه وكان يحرس المحل حارسان وفى مدخله السكرتير الخاص لعمى، وعندما دخل الملك ترك الحارسان موقعهما، حيث ذهب أحدهما لإحضار عصير الليمون من جروبى، والآخر لإحضار بعض القطع الذهبية التى كانت تصنع خصيصا للملك من الورشة التابعة للمحل، وفى نفس الوقت ترك السكرتير مكتبه لإحضار أكياس من الجنيهات الذهبية التى كان قد طلبها الملك.
ويكمل ابن شقيق أحمد نجيب باشا: فى هذه اللحظات لعبت المصادفة دورها حيث حضرت الفتاة ناريمان بصحبة خطيبها زكى هاشم، و دخلت من باب المحل دون أن يعترض طريقها أحد، وعندما شعر عمى بصوت أقدامهما طلب منهما فى لهجة صارمة التوقف عن السير للأمام وبسرعة شديدة انتقل الملك إلى حجرة الخزائــن الملحقــة بالمحل، وسمح عمى للشاب زكى هاشم والفتاة ناريمان بالدخول، فقالا له إنهما يريدان شراء حجر من الماس شبكة الخطبة، وجلست ناريمان على كرسى فى مواجهة حجرة الخزائن التى كان يفصلها عن المحل ستارة، فشاهدها الملك وأعجب بها، وأشار إلى عمى وطلب منه أن يعرفهما به لأنه يرغب فى بيع حجر سولتير ويعتقد أنه سيعجبهما، ولهذا أخذ عمى أرقام تليفونات ناريمان، و بعد ذلك اتصل مندوب من القصر الملكى بعائلتها وردت عليه السيدة أصيلة والدتها وأعطته رقم التليفون الخاص بعمل والدها، وعمى على عكس ما يشاع كان معارضا لهذا الزواج، وقال للملك الفتاة صغيرة وغير مؤهلة لتكون ملكة مصر.
تلك كانت رواية أخرى لحكاية كيف تزوج الملك من ناريمان وحتى بافتراض ان الرواية الأخيرة هى الأقرب للحقيقة لأن راويها كان ابن شقيق البطل الرئيسي للقصة فهى فى جوهرها لا تختلف كثيرا عن الروايات الأخرى فالأمر المؤكد هو أن فاروق خطط لذلك .
ناريمان تزوجت الملك يوم 6 مايو عام 1951 وأصبحت أم ولي عهده الوحيد أحمد فؤاد، الذي تولى العرش وهو لم يتجاوز الستة أشهر تحت لجنة وصاية برئاسة الأمير محمد عبد المنعم. وجلست ناريمان على عرش مصر لمدة 14 شهرًا بدأت يوم 6 مايو سنة 1951م ثم انتهت بتنازل الملك فاروق عن العرش بناء على رغبة الشعب الممثل في قيادة ثورته في 26 يوليو سنة 1952 رحلت معه من الإسكندرية على ظهر الباخرة المحروسة يوم 26 يوليو 1952م عند خلعه عن العرش إلى إيطاليا.
في 6 أكتوبر 1952، طلبت الملكة السابقة الطلاق من الملك المخلوع ولم تحصل عليه إلا في فبراير 1954، وبعد أن تنازلت عن حضانة ابنها أحمد فؤاد. تزوجت بعد شهور من الدكتور أدهم النقيب وأنجبت ولدها الثاني أكرم ثم انفصلت عنه وابنها عمره 3أعوام. في آخر أيامها كانت تعيش مع زوجها الثالث الدكتور إسماعيل فهمي؛ لواء طبيب بالقوات المسلحة وأستاذ التحاليل الطبية. توفيت ناريمان يوم الأربعاء فبراير16 فبراير 2005
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com